الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

روزاليوسف تكشف بالتفاصيل

الإخوان بين أزمة «المسئول الأول» وسطوة «المرشد السرى» !

مازالت جماعة الإخوان تشهد حالة من الارتباك التنظيمى، عقب القبض على محمود عزت، القائم بأعمال المرشد، والتأرجح فى عملية اختيار إبراهيم منير كبديل له من بين  قيادات التنظيم الدولى، فى ظل قصر منصب المرشد على إخوان مصر، وتحفظها المستمر فى تدويل المنصب خارج القطر المصرى.



إلا أن الساعات الماضية شهدت حالة من التراشق بين الأجنحة المتصارعة داخل الجماعة أو المحسوبة عليها فكريا، لاسيما جبهة الكماليون أو المكتب العام وبين قيادات الجبهة التاريخية المتحكمة فى زمام الأمور، وذلك عقب الإعلان الرسمى عن اختيار إبراهيم منير لاستكمال إدارة المشهد التنظيمى فى الداخل والخارج.

 

(1)  

خلال الساعات الماضية صدر عن قيادة التنظيم الدولى، أول بيان رسمى عقب أزمة الفراغ التنظيمى ، واصفا  إبراهيم منير، بأنه المسئول الأول، وليس القائم بأعمال المرشد العام للجماعة، ما يعنى أن إبراهيم منير مجرد واجهة تدير العلاقات الخارجية للجماعة، فضلا عن وجود شخصية محورية سرية تدير الشئون التنظيمية، ومن المرجحة أن يكون محمد البحيرى، أحد قيادات تنظيم 65. 

تأخر إصدار البيان الأول، فضلا عن توقيع إبراهيم منير بصيغة «نائب المرشد»، وليس قائما بأعمال مكتب الإرشاد، يكشف بوضوح ثمة انشقاقات داخلية وخلافات واتفاقات حول عملية الاختيار بين القيادات التى تدير المشهد، لاسيما قيادات السجون فى الداخل المصرى، وقيادات الإخوان الهاربة فى الخارج، التى ترغب فى استمرار الاحتفاظ بمنصب المرشد والقائم داخل مصر، حتى فى ظل ضعف الجماعة، وفى ظل الأزمات التى تلاحق التنظيم.

(2)  

بيان إبراهيم منير، الممثل الرسمى عن التنظيم الدولى، لم يتطرق نهائيا إلى قيادات مكتب إدارة الأزمة، أو مكتب المصريين فى تركيا، الممثل الشرعى والرسمى للإخوان المصريين فى الخارج، ما ينذر بوجود مشكلة حقيقية، حول عملية الاختيار أوالاتفاق على الوضع القائم حاليا فيما يخص إدارة شؤون الجماعة.

البيان الأول الصادر عن إبراهيم منير، لم يتم نشره عبر المنصات الرسمية للجماعة، مثل موقع إخوان أون لاين، أو الصفحة الرسمية للمركز الإعلامى، أو من خلال صفحات المتحدثين الرسميين، مثل طلعت فهمى، وإيمان محمود، وأحمد عاصم، وحسن صالح، الذين تصدروا المشهد منذ عام 2015، تقريبا،  فى حين تم بثه من خلال صفحة عبر تطبيق التلجيرام، تحمل اسم»الإخوان المسلمين».

(3) 

البيان الأول لإبراهيم منير، كشف حقيقة الخلافات التنظيمية حول عملية تنصيبه على رأس الجماعة وسلطتها، مؤكدا فى بيانه أن الخلافات الداخلية هى الورقة التى تقسم ظهر الجماعة، وتشتت صفوفها، داعيا الصف الإخوانى إلى التماسك والالتزام بالتراتبية التنظيمية، التى أقرتها قيادات التنظيم الدولى.

الجبهات المعارضة  للجبهة التاريخية، التى  يمثلها إبراهيم منير حاليا وتتشكل من قيادات الوسط، رغبت فى تمرير تشكيل «لجنة لإدارة الأزمة»، عبر وسطاء، بهدف تحويل منير لمجرد خيال مآته، مع اختيار ممثليين لها فى القيادة المباشرة للتنظيم، بما يعمل على توحيد الصف الإخوانى مرة أخرى وإعادة الطيور المهاجرة عن التنظيم، فى ظل تحفظاتها على القيادة الحالية، التى تحملها مساويء الأوضاع الراهنة، ما دفعهم لتسريب أخبار حول الغاء منصب الأمين العام للجماعة الذى يحتفط به محمود حسين، وطرح شخصيات تمثل اللجنة المزعم تشكلها، ليخرج المتحدث الرسمى للجماعة، طلعت فهمى، عبر قناة مكملين، وعبر وكالة الأناضول، مؤكدا  اختيار إبراهيم منير،كمسؤل أول للجماعة، فضلا عن نفيه التام لالغاء منصب الأمين العام، أو تشكيل جبهة يتم فيها اختصار سلطة الجماعة، تحت أى مسمى.

(4) 

ممثلى القيادة التاريخية التى يمثلها إبراهيم منير ومحمود حسين، لديهم تعليمات واضحة ومباشرة، من إخوان السجون،(محمود عزت وخيرت الشاطر) بعدم الاستجابة لأى من قيادات جبهة «الكماليون» أو جبهة «المكتب العام»، واعتبارهم دعاة فتنة، وأنهم خارج الصف الإخوانى، وأنه لن يسمح لهم بالانتماء للجماعة مرة أخرى، خشية نشرهم للتمرد الفكرى والتنظيمى، لكونهم خرجوا عبر ساحات السوشيال ميديا، ووجهوا الاتهامات لقيادات الجبهة التاريخية، وكشفوا الكثير من الفضائح المالية والأخلاقية التى تم التكتم عليها عبر تاريخها.

جماعة الإخوان خلال مراحل الاستضعاف السياسى والشعبى، تلجأ فعليا لحالة الكمون التنظيمى، التى تخفى فيها مختلف القيادات الفاعلة والمؤثرة فى التنظيم خشية الملاحقات الأمنية، مع تصدير شخصيات وعناصر للاستهلاك الإعلامى، ومن ثم التردد فى تسمية إبراهيم منير قائما بأعمال المرشد، يكشف وجود شخصية خفية تدير المشهد من خلف الستار، بما يحقق لها التوازن التنظيمى والفكرى خلال تلك المرحلة الحرجة من تاريخها.

(5) 

استقرار الإخوان على اختيار إبراهيم منير  كمسئول أول للجماعة، يشير إلى اختيار شخصية فى الداخل المصرى تدير المشهد التنظيمى، لاسيما أن القواعد التنظيمية للإخوان فى مصر أكبر بكثير من الكتل التنظيمية للرابط العالمية للإخوان المصريين فى الخارج، ما يعنى أن الجماعة استقرت فعليا على شخصية تتمتع بتأييد تنظيمى، ويمكنها استكمال إعادة ترتيب الهيكل الداخلى، ولديها القدرة على التحرك بعيدا عن أعين الأجهزة الأمنية المصرية. 

جماعة الإخوان منذ تسعينات القرن الماضى، وتحديدا عقب تسريب وثيقة «فتح مصر» التى جاءت ضمن أحراز قضية سلسبيل عام 1992،  لديها تحفظ واضحة على مختلف القرارات والخطط المكتوبة، ولا تسمح بها إلا فى أضيق الحدود، وانتهجت ما يعرف تنظيميا بـ»التعليمات الشفقهية»، ما يعنى أن مخلتف البيانات التى تم تدوالها عبر وسائل التواصل الاجتماعى، مفبركة، عدا البيان الأخير المنسوبة لإبراهيم منير، لاسيما أنها لا تحمل المفردات والمدلولات اللغوية التى تستخدمها الجماعة فى مختلف بياناتها عبر تاريخها.