الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تركيا تحت الحصار الاقتصادى

بدأت الحملات الشعبية لمقاطعة المنتجات التركية، التى انطلقت من المملكة العربية السعودية وبعض دول الخليج ومصر، خلال الأيام الماضية، تأخذ شكلًا أكثر تأثيرًا، ويقدر خبراء فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» أن اتساعها المرجح بحسب المعطيات قد يمثل ضربة حقيقية لتركيا.



ويشارك فى هذه الحملة، أكبر المراكز والأسواق التجارية السعودية، إذ أعلنت مؤسسات وشركات عاملة فى القطاعات التجارية والصناعية المختلفة انضمامها إلى مقاطعة المنتجات التركية فى أكبر استجابة من نوعها للحملة.

وامتدت الحملة بسرعة إلى دولٍ عربية أخرى منها الإمارات والمغرب وليبيا، وغيرها، وجميع التفاعلات مع الحملة، تأتى مُذيلة بـ: رفضًا للتدخلات التركية فى الشئون العربية وممارساتها العدوانية».

وأكد رئيس مجلس الغرف التجارية السعودى، عجلان العجلان، مقاطعة المملكة العربية السعودية المنتجات التركية بشكلٍ رسمى، وقال فى تغريدة له: «لا استثمار، لا استيراد، لا سياحة» مع تركيا.

ولم تقف المقاطعة عن الجانب التجارى بل امتدت لتشمل الجانب العسكرى، إذ دعا رئيس وزراء أرمينيا الدول إلى تعليق تصدير التكنولوجيا العسكرية إلى تركيا، كما طالب وزير خارجية اليونان ألمانيا  وإسبانيا بفرض حظر لتصدير الغواصات والفرقاطات والطائرات إلى أنقرة.

قال سليمان العساف، المستشار الاقتصادى السعودى، وعضو جمعية الاقتصاد السعودية، إن حجم التبادل التجارى بين الدول العربية وتركيا كبير جدًا خاصة إذا علمنا أن أنقرة تصدر للعرب مايقرب من 35 مليار دولار سنويًا وتستورد منهم مايقرب من 9 مليارات دولار، وبالتالى فإن هناك خللًا فى الميزان التجارى لصالح تركيا.. وأوضح «العساف» أن 20% من الصادرات التركية موجهة للأسواق العربية، و10% من الاستثمارات التى تضخ فى تركيا عربية، مشيرًا إلى أن هناك أكثر من 2000 شركة تركية متواجدة فى داخل البلدان العربية بينها نحو 900 شركة فى منطقة الخليج، فإذا تمت مقاطعة التجارة مع تركيا فإنها سوف تتكبد خسائر فادحة، خاصة وأن المقاطعين هم المسيطرون بشكل كبير على التجارة معها.

وأشار المستشار الاقتصادى السعودى، إلى أن تركيا أصبحت لديها مشاكل مع أكثر من 7 دول بسبب تدخلاتها فى المنطقة، لذلك نتوقع أن يحدث تأثير كبير جدًا على الاقتصاد التركى والصناعة التركية، سواء صناعة الأسلحة التى تصدرها للكثير من الدول العربية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.

ولفت عضو جمعية الاقتصاد السعودية، أن المميز فى عملية المقاطعة أن المنتجات التركية يمكن استبدالها بسهولة لأن أغلب صناعاتها هى أغذية ومنسوجات وسجاد وأثاث وبعض الألات وهى منتجات تستطيع الدول العربية استبدالها من أماكن كثيرة جدًا سواء فى شرق أوروبا، أو شمال إفريقيا، أو شرق أسيا، لأنها صناعات لها بدائل كثيرة فى دول أخرى بنفس الجودة والأسعار أو ربما تفوقها.

وأكد «العساف»، أنه عندما تتم المقاطعة بشكل كامل من الدول العربية القوية المؤثرة فى الاقتصاد التركى، سيتأثر اقتصادها بشكل كبير خاصة فى ظل انهيار عملتها وحدوث خلل فى نظام المدفوعات وارتفاع الديون لأكثر من 400 مليار وصعوبة خدمة الدين على الاقتصاد التركى وانخفاض التصنيف السيادى لتركيا.

فيما قال الكاتب والمحلل السياسى السعودى، عبدالهادى السلمى، إن السياسة التركية الرعناء التى يتبعها رجب طيب أردوغان وحزبه تجاه العديد من دول المنطقة وتدخلاته السافرة فى شئون تلك البلدان التى وصلت لحد تجاوز كل الحدود والأعراف الدبلوماسية فكان لهذا الأمر ردود فعل دولية وشعبية كالحملة الشعبية التى أطلقتها المملكة العربية التى تدعو لمقاطعة اقتصادية للمنتجات التركية.

وأوضح «السلمى»، أن الحملة لاقت تجاوبًا سريعاً من الشعب ومن الشركات ورجال الأعمال، رغم مضى أيام قليلة منذ بدءها إلا أن نتائجها وأثارها بدأت تظهر بشكل واضح دفعت بالعديد من الاقتصاديين ورجال الأعمال الأتراك لمهاجمة أردوغان وحزبه وتحميله مسئولية الخسائر الكبيرة التى تتعرض لها الصادرات التركية.

كما قال الإعلامى والسعودى، مثيب المطرفى، إن تركيا تسلمت مشروع نشر الفوضى فى الشرق الأوسط الجديد بالكامل وبدأت تسطو على أنهار وثروات العراق وسوريا وبدأت تضرب وتتدخل عسكرياً وتسطو على دول الجوار كما يحدث فى العراق وسوريا واليونان وقبرص وليبيا وحتى أذربيجان بل وصل بها الأمر إلى أن تقوم بتجنيد السوريين اللاجئين إليها وإرسالهم لمناطق الصراع فى ليبيا وأذربيجان فى قضايا ليست لهم، ثم يليها تصريح أردوغان الأخير بقوله إنه ستكون لتركيا راية فى الخليج عبر قطر ولن يكون هناك دول فى المنطقة، كتهديد عنجهى مبطن للدول الخليجية والعربية.

وأوضح «المطرفى»، أن كل هذه الأمور حدثت فى آخر 4 سنوات وأصبحت تراكمات وأدت إلى انفجار الوعى الشعبى للعامة وهو ما كنا نفقده لسنوات بسبب هيمنة تنظيم الإخوان على الإعلام العربى وأصوات المخربين فى الإعلام الواهمين بإعادة الحكم التركى على العرب.

وأشار الإعلامى السعودى، إلى أن، مانشهده الآن هو  ثورة وعى ضد الأطماع الفارسية أو التركية المشتركة، لافتًا إلى أن المقاطعة الاقتصادية الشعبية فى السعودية أدت إلى ضرب الاقتصاد التركى وزيادة رقعة المقاطعة على الصعيد الدولى حتى وصل صداها دولاً بعيدة مثل المغرب التى فسخت عقود الشركات التركية، واليونان وقبرص وأرمينيا الدول المحاذية التى تضررت من نهب التُرك لهم لسنوات حيث بدأوا هم الآخرون بالمقاطعة مما تسبب بخسائر اقتصادية وانهيار للعملة التركية.

وتابع «المطرفى»، نأمل إيقاف تصدير السلاح لتركيا ومنعـه نحن لانتكلم عبثاً فانظروا إلى خريطة العالم العربى والى تدخلات تركيا وسترون أنه من الواجب إذا كان الشرق الأوسط يويد البحث عن السلام والهدوء فعليه إيقاف تصدير الأسلحة ومقاطعة السياحة والبضائع وستقف حينها الحرب الأذرية الأرمينية وسنرى النعيم والهدوء فى ليبيا وسوريا والعراق و اليمن.

ومن جهته قال الصحفى السعودى، محمد الخيبرى  إن الحملات الشعبية التى تواجهها تركيا والموجهة لمقاطعات المنتجات التركية فى منطقة الخليج ضربة موجعة فى خاصرة الاقتصاد التركى، انعكست سلباً على المواطنين الأتراك الذين يعانون من الكساد الاقتصادى وارتفاع الأسعار، لافتًا إلى أن الحكومة التركية مطالبة بتصحيح الأوضاع الاقتصادية وتقديم التنازلات لعودة الحياة الاقتصادية وانتعاش الصادرات لمنتجاتها وأيديها العاملة فى الخليج، حتى لايتفاقم الأمر ويصبح ورمًا فى الرأس التركى صعب الاستأصال.

فيما قال الإعلامى السعودى محمد القرنى، إن الجميع يتابع حملة المقاطعة التجارية للمنتجات التركية والتى تبنتها بعض الشعوب العربية كرد فعل على حماقة وهمجية أردوغان الذى أظهر مشاعر عدائية للشعوب العربية بداية من تدخله فى سوريا ودعم الارهابيين فيها، ثم ليبيا ونقل الإرهاب لها وفى العراق ثم مواقفه العدوانية من مصر والسعودية.

وأكد «القرنى»، أن المقاطعة نجحت بشكل كبير جدا والمتوقع أنه سيمتد تطبيق هذه المقاطعة من دول أخرى غير عربية ضد منتجات تركية بعد أن ضاقوا ذرعا من تصرفات وتدخلات أردوغان فى شئونهم، لافتًا إلى أن  المقاطعة كشفت حقيقة مهمة وهى ضعف أردوغان ومن صفق له من الخونة سواء كانت دولًا مثل قطر أو جماعات مثل جماعة الإخوان.

وقال الدكتور عبدالله عطية الخرمانى، خبير إدارة المشاريع وتطوير الأعمال السعودى، إن المقاطعة الشعبية فى السعودية للمنتجات التركية جاءت من الحس الوطنى الذى يشعر به كل مواطن، بعد الاستياء الكبير من الإساءات التركية المتوالية والمستمرة سواء كانت بطريقة مباشرة أو بأسلوب التلميح من الحكومة التركية تجاه الوطن وقيادته الحكيمة. وأوضح «الخرمانى»، أن هذه المقاطعة سوف يكون لها الأثر السلبى الكبير على الاقتصاد التركى حيث إن المقاطعة من شأنها أن تكبد اقتصاد تركيا خسائر تقترب من ١٧ مليار ريال إذا استمرت لمدة عام وهو حجم الصادرات السنوى من المنتجات التركية للمملكة العربية السعودية، ومن الجانب الآخر ليس لها أى تأثير يذكر على الاقتصاد السعودى والشعب السعودى لأن لدى المملكة صداقات وعلاقات مفتوحة مع كل دول وشعوب العالم والتى يمكن أن تعوض وجود السلع التركية فى السوق المحلية السعودية.

وتابع: «كما هو معلوم أن الاقتصاد التركى يعانى منذ سنوات نتيجة للسياسة التركية، وبالتالى الليرة التركية تعانى تدهور قيمتها فى الأسواق العالمية، وإذا ما أخذنا فى الاعتبار قوة تأثير المقاطعة الشعبية السعودية للمنتجات التركية فى الفترة البسيطة الماضية، نجد أن استمرارها ستكون له آثار سلبية عميقة على الاقتصاد التركى الهش، فهو يتراجع ويتهاوى مؤخرًا».

بينما قال جيلانى الشمرانى، الكاتب الصحفى السعودى، انطلقت الحملة الشعبية السعودية لمقاطعة المنتجات التركية وذلك بسبب سياسات الحكومة التركية تجاه القضايا العربية، والتدخل فى الشئون الداخلية لبعض الدول العربية ولعل آخرها التدخل فى الشأن الليبى، مما أدى لخلق فوضى سياسية داخلية، وقد رأينا وعى الشعب السعودى حيال هذه المقاطعة والقيام بواجبه الوطنى كورقة ضغط شعبية وتعبير عن امتعاض داخلى حيال السياسات التركية.

وأوضح «الشمرانى»، أن الحملة توسعت دولياً حيث دعا رئيس وزراء أرمينيا الدول إلى تعليق تصدير التكنولوجيا العسكرية إلى تركيا كرد فعل دولى تجاه السياسات العبثية لحكومة أردوغان، وما صدر مؤخراً من مطالبة وزير خارجية اليونان لألمانيا وإسبانيا بفرض حظر لتصدير الغواصات والفرقاطات والطائرات إلى تركيا كذلك يعد تصعيداً سياسياً دولياً مما يشكل ضغطاً دولياً على الحكومة التركية لعلها تغيير من سياساتها الخارجية وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول.

ومن جهته قال المحلل السياسى السعودى، مبارك آل عاتى، إن تزايد الدعوات لمقاطعة المنتجات التركية جاء كرد فعل شعبى سعودى موحد صنع موقفًا اقتصاديًا قويًا وملموسًا  ظهرت آثاره جلية على الاقتصاد التركى المتهاوى وجعلت نظام أردوغان فى حالة مواجهة مع شعبه ومع المعارضة.

وأضاف «آل عاتى»، اعتقد ان دعوات المقاطعة كانت نابعة من مواقف وطنية كرد متوقع على المواقف العدائية التى تصدر من حزب العدالة والتنمية ومن رئيسه رجب أردوغان، لافتًا إلى أن المواطن السعودى أراد أن يقول للنظام التركى ان أمن وسمعة وصورة الوطن والقيادة لايمكن المساس أو الاقتراب منها، كما يريد أن يؤكد أنه قريب من قيادته ورهن إشارة الوطن.