السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حلم صناعة المستقبل

شباب يتمردون على كليات القمة ويختارون «الذكاء الاصطناعى» وتكنولوجيا الفضاء

لسنوات ظل مصطلح «كليات القمة» حلمًا يراود أولياء الأمور، فيضغطون على أبنائهم للالتحاق بواحدة من تلك الكليات، وفى حال فشل الطالب فى دخول كليات الطب أو الهندسة  وغيرها مما أطلقوا عليه « كلية قمة»، تسود الدنيا فى وجهه ويظن أن مستقبله ضاع، إلا أن خريطة سوق العمل المحلى والدولى، والتى فرضت تغييرات جديدة على التخصصات المطلوبة لسوق العمل،  نتج عنها ظهور كليات جديدة باتت حلمًا للشباب، ولم يعد الطالب ينظر إلى المجموع «العالي»، بل خرج عن المألوف ورفض كليات القمة، وانطلق نحو المستقبل، ليكتشف مجالات أكثر حداثة كمجالات الجيولوجيا، وتكنولوجيا



 الفضاء، والذكاء الاصطناعى والثروة السمكية، 

والتى تعد من أهم مجالات التى يحتاجها

 سوق العمل.

 

الشناوى «الذكاء الاصطناعى» الطريق للمستقبل

قليل من الشباب من يستطيع قراءة المستقبل، ويملك روح التحدي، ومنهم أحمد الشناوى الطالب بالفرقة الثانية بكلية الذكاء الاصطناعى بجامعة كفر الشيخ، ضمن أول دفعة بالكلية، واقتحم مجال وليد فى مصر والعالم العربى، إيمانًا منه بأنه لا مكان للتعليم التقليدي، فرغم حصوله على 99% بالثانوية العامة، إلا أنه ترك كلية الهندسة بأقسامها، والتحق بكلية الذكاء الاصطناعى، لتبدأ رحلته البحثية نحو المستقبل.

«الشناوى» عقب التحاقه بالكلية، أكد أنه تفاجأ بكلية من طراز عالمى، وتجهيزات فريدة من نوعها، وطرق تدريس تستخدم أنماطًا متطورة عبر تزويد قاعات التدريس بأجهزة تفاعلية وتأثيثها طبقًا لأحدث المعايير العالمية، مضيفًا أن الكلية يتوافر بها ثلاثة روبوتات، ومختبرات متقدمة فى مجال تصميم الروبوتات وتصنيعها وبرمجتها وتحليل البيانات الكثيرة والأمن السيبرانى والتعلم العميق، ومختبرات البرمجة ونظم المعلومات الذكية، وهو ما أهل الطلاب لتدريب على أعلى مستوى على حد وصفه.

وعلى عكس المتوقع، أكد الشناوى، بأن بعض الطلبة كانوا يعتقدون أن الكلية فى جامعة أقليمية، ولذا لن يتم الاهتمام بها،  إلا أن تكلفة تجهيز الكلية وصل 2 مليار جنيه،  وتضم عددًا من المعامل والقاعات، لافتًا إلى أن الدفعة الأولى للكلية كانت 200 طالب، وهذا العام تم قبول 237 طالبًا بمجموع 98%، مما يعنى أن الإقبال على الكلية يزداد من جانب الطلاب.

وعن فرص العمل المرتقبة، أِشار الشناوى، إلى أن هناك العديد من المجالات المنتظرة للعمل، بدءًا من العمل فى مجال علوم البيانات والاتصالات، والمؤسسات البحثية.

 

عبد الرحمن اختار «علوم الأرض»

 لم يتردد عبد الرحمن أحمد، ابن مدينة قنا، فى الالتحاق بأول دفعة بكلية علوم الأرض جامعة بنى سويف، رغم المجموع الكبير الذى حصل عليه فى الثانوية العامة بنسبة 97.6% فى أول دفعة، محققًا حلم والده، المقيم بالسعودية، والذى كان يتمنى أن تهتم مصر بالجيولوجيا، خاصة أن هناك كلية لعلوم الأرض بالسعودية منذ التسعينيات.

عبدالرحمن قال: «فور علمى بقرار جامعة بنى سويف بإنشاء كلية علوم الأرض، قررت الالتحاق بها، بغض النظر عن المجموع، أو كونها فى محافظة أخرى»، مضيفًا: «منذ اللحظة الأولى  لدخولى الكلية، أدركت أننى اقتحمت مجال مختلف، ليس فقط لكونها كلية فريدة على مستوى الجمهورية، لكن مجال الدراسة والتدريب جذبنى للغاية، ففيها بدأت رحلتى فى دراسة الجيولوجيا الهندسية، وجيولوجيا المياه والبيئة، والمعادن التطبيقية، وهى تعد مجالات فريدة وشيقة للدراسة والعمل بالمستقبل».

وحول عدد الطلاب بالكلية، أوضح أن هناك عشرات الفتيات التحقن بالكلية، فكن هن الأكثرية بالدفعة الأولى، لافتًا إلى أن الإقبال على الكلية يتزايد سنويًا، فالدفعة الأولى كانت 60 طالبًا، بينما التحق بالكلية هذا العام 242 طالبًا، وارتفع الحد الأدنى للكلية لـ 94% لعلمى علوم، و91% لعلمى رياضة.

وعن مستقبله العملي، أضاف: «فرص التعيين متنوعة، بدءًا من العمل فى شركات البترول، وهيئة الطاقة النووية، وشركة مصر للتعدين، بجانب كل فرص عمل خريجى أقسام الجيولوجيا فى مصر، وأخيرًا عضوية نقابة العلميين»، مشددًا على أن كلية علوم الأرض ستحتل الصدارة خلال سنوات قليلة، فهى خير بديل لكليات القمة التقليدية التى عفى عليها الزمن.  

مؤمن «الثروة السمكية».. بداية جديدة لسوق العمل

 

«تخصص فى علم الغيب»  بتلك الكلمة بدأ مؤمن طارق حديثه، الذى رفض كلية العلوم أو التربية بعد حصوله على 90%، فى شعبة العلمى علوم، ليبدأ دراسة تخصص جديد، هو الأول من نوعه، عندما التحق بكلية الثروة السمكية جامعة كفر الشيخ، والتى تعد ثانى كلية فى التخصص، بعد جامعة السويس.

مؤمن بدأ قصته فى الالتحاق بالكلية، قائلًا: «خلال الثانوية كنت أخطط للالتحاق بكلية الهندسة، لكننى علمت بقرار جامعة كفر الشيخ بإنشاء كلية للاستزراع السمكى، وفور إعلان النتيجة، توجهت أنا ووالدى للكلية، لنندهش بكثرة تخصصاتها، ومجالاتها المستقبلية، خاصة فى مجال الاستزراع والتصنيع السمكي، وتنظيم آليات الصيد، فآمنت بها والتحقت بها بدون تردد، وبعد سنتين من دخول الكلية أصبحت من أكثر المدافعين عن الكلية، وتخصصاتها المختلفة، خاصة إنى أدركت أهمية هذه التخصصات».

وعن طبيعة الدراسة، لفت طارق، إلى أن الكلية تمنح تدريب ميدانى للطلبة فى الفرق الدراسية الثالثة والرابعة، وذلك فى الميناء، والترسانة، هذا بجانب الفرص التدريبية التى يوفرها الطلاب لأنفسهم.

وعن فرص العمل المتاحة، أشار طارق، إلى أن الدولة خلال السنوات الماضية اهتمت كثيرًا بمجال الثروة السمكية، بدءًا من شرق التفريعة الذى فتح مجالات للعمل كبيرة، وإنشاء المزارع السمكية، ما يضمن فرص عمل واسعة لخريجى الكلية فى مصر والشرق الأوسط.

 

روفيدة «تكنولوجيا السكر».. أمل جديد لتغيير خريطة الصناعة

«روفيدة حمدى»، ضحت بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، تاركة الأوهام المتعلقة بـ «كليات القمة»، وحلمت بصناعة مستقبل مختلف، فرغم حصولها على 89.2% للشعبة العلمى العلوم، وكانت فرصتها كبيرة فى الالتحاق بكلية الإعلام، أو الاقتصاد والعلوم السياسية، إلا أنها فور سماعها بمعهد تكنولوجيا السكر، حتى غيرت طريقها، وتوجهت للمعهد، وسألت عن تخصصاته ومجالاته، وكانت المفاجأة، حول تغيير المسمى، وتحويله لكلية، وبدء قبول طلاب الثانوية العامة، وهو ما اعتبرته رسالة من الله لها.

روفيدة، تؤمن أن النجاح والإيجابية، تتحقق فى أى مجال، بعيدًا عن المسمى والوظيفة، ومن هنا بدأت مشوارها فى الكلية، مستندة بدعم عائلى كبير من الأب المتفهم لاحتياجات المستقبل، وشغف الفتاة، وأم وأسرة تستوعب الطموحات، ولديها استعداد لخوض التجربة.

منذ التحاقها بالكلية، بدأت المشوار من تطوير الذات تعليميًا ونفسيًا، فإيمانها بأهمية المشاركة فى الأنشطة، وتطوير المهارات، جعلها تخوض الانتخابات الطلابية، وتتفوق دراسيًا لتحتل المركز الأول على مدار الثلاث سنوات الدراسية، وتصبح عضوًا نشطًا فى برلمان الشباب، بجانب اجتيازها العديد من دورات التنمية البشرية.

وعن التدريب فى الكلية، أشارت، إلى أن الكلية تتيح التدريب العملى فى مراكز البحوث ومصانع السكر، وشركة المياه بمحافظة الأقصر، وهو ما علقت عليه بقولها « فرص ذهبية للطلبة»، وأمل كبير لمصر حيث إن الكلية تغرد وحيدة فى مصر والشرق الأوسط.  

حسام «علوم الفضاء».. انطلاقة لعالم الأقمار الصناعية

 

« عندنا 100 ألف دكتور ومهندس، والقليل منهم المميزون، لكن هل يوجد لدينا مهندسون للعمل فى مجال الفضاء»، هكذا دافع حسام سعد، عن رفضه  دخول كلية الهندسة رغم حصوله على 97%، واختار الالتحاق بكلية علوم الملاحة وتكنولوجيا الفضاء بجامعة بنى سويف.

«حسام»، قال إن الصدفة هى ما جعلته يغير مصيره،  فقبل امتحانات الثانوية العامة بثلاثة شهور، قرأ بوست عن الكلية فى موقع التواصل الاجتماعى، ليبدأ اهتمامه فى البحث عن الكلية، واستمر هذا الاهتمام يزداد رويدًا رويدًا، حتى ظهور نتيجة الثانوية العامة، ليتخذ قراره بالالتحاق بالكلية ليكتبها كرغبه أولى، مفاجئًا الكثيرين من أصدقائه والجيران الذين توقعوا التحاقه بكلية الهندسة.

مشوار حسام فى كلية علوم الفضاء، بدأ بصدفة وتبعها حب استطلاع وتطور لشغف، خاصة بعد إتاحة التدريب فى أكثر من مكان مثل التدريب الصيفى بوكالة الفضاء المصرية، والهيئة القومية للاستشعار عن بعد. 

وعلى الرغم من طبيعة الكلية، التى يعتقد الكثيرون أنها حصر على الشباب، إلا أن الفتيات ضربن بذكائهن كل التوقعات، فالتحقن بكلية علوم الفضاء، وكانت الأغلبية للفتيات المغتربات، اللائى يتحملن مشقة السفر، وحداثة التخصص، آملات بالمشاركة فى صنع مستقبل مصر.