الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

منذر قفراش رئيس جبهة إنقاذ تونس لـروزاليوسف:

الغنوشى يمهد لحكم الرجل الأوحد وأنانيته وراء تفكيك «الإخوان»

استمرارًا للسقوط المدوى الذى تشهده جماعة الإخوان الإرهابية حول العالم، فشل مجلس شورى حركة النهضة بتونس فى عقد اجتماع لمعاقبة معارضى ترشح رئيسه راشد الغنوشى إلى ولاية ثالثة، وذلك بعد انسحاب ثلث أعضائه احتجاجا على جدول الأعمال الذى يضم فى إحدى نقاطه معاقبة معارضى ترشح الغنوشى لولاية أخرى، وتنديدًا بتجاهل النظر فى مطالبهم، فى سابقة تعكس حجم الخلافات والتصدع داخل الحركة.  



وعجز مجلس الشورى عن تجميع أعضاء الحركة فى دورته 44 عبر تقنية التواصل عن بعد، للنظر فى محاسبة من أدلوا بتصريحات إعلامية من مجموعة الـ 100 القيادى المعارضين للغنوشى والتداول فى عمل اللجان، وذلك بعد رفض الجبهة المعارضة للغنوشى لجدول الأعمال المقترح الذين اعتبروا أنه لا علاقة له بالقضايا والمشكلات التى تشغل معظم قيادات الحركة، واحتجاجهم على تجاهل مطالبهم.

ولم تنف حركة النهضة هذه الانسحابات، فى بيان نشرته مساء الأحد، لكنّها قلّلت من أهميتها، وزعمت أن عدد المنسحبين لم يتجاوز 24 عضوا من جملة 111 سجلوا حضورهم، وأن الاجتماع مستمر حتى وقت متأخر من يوم الأحد.

وكان ثلث أعضاء مجلس الشورى (60 عضوا)، تقدموا بطلب لعقد دورة استثنائية لشورى النهضة، يتمّ فيها التداول فى الشأن الوطنى وكذلك الشأن الداخلى للحركة والانقسام الحاصل حول مسألة ترشح الغنوشى إلى ولاية ثالثة، إلا أنه تم تجاهل طلبهم، رغم أن القانون الداخلى للحزب يسمح بدورة استثنائية إذا تقدم ثلث الأعضاء بطلب.

يأتى هذا، فى وقت يسعى فيه الشق المحسوب على الغنوشى إلى تأجيل انعقاد المؤتمر العام لحركة النهضة الذى سينظر فى مسألة خلافة الغنوشى على رأس الحركة، والذى كان من المبرمج عقده قبل نهاية السنة الحالية.

وللحديث عن كواليس الانشقاقات التى ضربت الحركة الإرهابية وتفاصيلها أجرت «روزاليوسف» هذا الحوار مع منذر قفراش، رئيس جبهة إنقاذ تونس، ورئيس المنتدى الدولى لمقاومة التطرف والإرهاب بفرنسا، والذى أكد خلاله أن حركة النهضة تسير نحو طريقها المحتوم وهو الانفجار الداخلى الذى سيعجل بنهايتها خاصة فى ظل تنامى الفقر والبطالة بتونس عبر سنوات الحكم الكارثى للنهضة التى حكمت تونس لعشر سنوات وأدت لشبه إفلاس للدولة بسبب سرقات الحركة وجماعتها واعتبارهم تونس غنيمة يجوز نهبها، وفى ظل أيضًا وجود رئيس مدعوم شعبيًا يسعى لإنهاء هيمنة الإخوان على الحكم عبر تحويل النظام من برلمانى إلى رئاسى وسط دعم شعبى كبير ما فتح حربًا باردة بينه وبين النهضة الإرهابية ستنتهى بفناء الإخوان من تونس قريبًا.

وإلى نص الحوار..

■ ما هى أسباب الانقسامات التى اندلعت فجأة فى حركة النهضة؟

- قيادات النهضة انقسمت بين من يريد أن يحافظ على ألوهية راشد الغنوشى على رأس الحركة وجعله زعيمًا لا بديل له، وبين الذين يطالبون بمبدأ الديمقراطية والتداول السلمى للسلطة منددين بتواصل ترؤس الغنوشى للحركة فى دورة ثالثة مخترقا بذلك النظام الداخلى للحزب. 

مخالفة قانونية

■ على ماذا ينص قانون الحزب؟ وكيف تحايل عليه أنصار الغنوشى لاختراقه؟

- ينص قانون الحزب فى فصله الـ 31 على أنه «لا يحق لأى عضو أن يتولى رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين»، وتفاديًا لخرق القانون الداخلى للنهضة حاول أنصار راشد الغنوشى إيجاد حل وسط للحفاظ على مكانته داخل الحركة، واقترح القيادى فى الحركة الإخوانية ورئيس مجلس شورى حركة النهضة عبدالكريم الهاروني، ومعه رفيق عبد السلام وزير الخارجية التونسى الأسبق والقيادى فى الحركة مبادرة تحمل عنوان “من أجل مؤتمر توافقى يجدد مشروع النهضة ويحقق التداول القيادي” وقاما بإرسالها لكل قيادات الحركة بتاريخ 16 أكتوبر الماضي، وكانت هذه المبادرة تهدف إلى تفعيل الحوار داخل قيادات الحركة للحفاظ على وحدتها ولتجنب كل أشكال التجاذبات والخصومات الداخلية وتجنب الانفجار الداخلى الوشيك، كما تهدف إلى استحقاق التداول القيادى والجيلى فى إطار من المرونة والتدرج المرحلى.

 ودعا الهارونى وعبد السلام من خلال هذه المبادرة إلى تأجيل إجراء المؤتمر هذه السنة لمدة سنة أو سنتين متعذرين بالحالة الصحية التى تمر بها البلاد فى حين أن الحالة الصحية الحرجة التى تمر بها النهضة من انشقاقات داخلها بسبب رغبة هؤلاء الحفاظ على الغنوشى فى زعامة الحركة هو سبب تأخير المؤتمر. 

ومن الأسباب التى تم ذكرها فى المبادرة لتأجيل المؤتمر الحادى عشر للنهضة لسنة 2023، هي «الحاجة لإدارة حوار معمق واستيفاء الوقت الكافى لصياغة تصور تجديدى للحزب مع ضبط أولوياته فى المرحلة القادمة».

الغنوشى فوق القانون

■ برأيك هل كانت هذه المبادرة كافية لحفاظ الغنوشى على منصبه؟

- الهارونى من خلال هذه المبادرة أراد إيجاد حل جذرى وناعم للحفاظ على دور هام للغنوشى وأطلق عليه اسم «دور الزعيم المؤسس» ودعا إلى الفصل بين رئاسة الحركة والترشح للمناصب العليا فى الدولة بعد انتخابات 2024.

أنصار راشد الغنوشى من خلال هذه المبادرة دعوا إلى الإعلان خلال المؤتمر الحادى عشر أن زعيم الحزب هو المرشح الرسمى للمناصب السيادية فى الدولة وتقنين ذلك على مستوى النظام الأساسى مع الالتزام بإسناد زعيم الحزب ومساعدته للقيام بدوره فى ما تبقى من عهدته النيابية. 

الهارونى وعبد السلام أبناء الغنوشى بهذه المبادرة أرادا استبلاه عقول القياديين بالحركة وأن يثبتا أن زعيم الحركة راشد الغنوشى حجر أساس فى الحزب لا يمكن المساس به وحتى إن تم انتخاب رئيس جديد للحركة الإسلامية فإنه لا يساوى شيئا أمام الغنوشى وزعامته.

هذه المبادرة هى رسالة مضمونة الوصول للمائة قيادى الذين وقعوا على عريضة ضد ترشح الغنوشى لدورة ثالثة، فى حين أن الهارونى يدعى أنها ليست كذلك وأنها لاقت ترحابا من قبل العديد من القيادات داخل الحركة، وفى تصريح إعلامى له كشف الهارونى عن مدى ولائه للغنوشى قائلا: «رئيس الحركة الأستاذ راشد الغنوشى هو شخصية كبيرة فى النهضة وشخصية وطنية كبيرة فى تونس وإقليميًا ودوليا وهذا زعيم كبير لحزب كبير ولا يمكن التعامل معه بمجرد تطبيق قانون حرفى أى بانتهاء مهمته نقول له أن يذهب ليرتاح ويكتب مذكراته».

■ برأيك هل تطبيق قوانين الحركة هو السبب الحقيقى وراء اعتراض قياداتها على استمرار الغنوشى على رأسها؟

- بالطبع لا.. ولكن عبد الكريم الهارونى لم يبال هو ورفيق عبد السلام باستراتيجية الغنوشى الأنانية فى إدارة شؤون الحزب منذ توليه رئاسة الحركة لمدة دورتين، ونسى أن زعيمه ساهم فى تفجر بنيان ووحدة أوصال الحركة الإخوانية الذى ما انفكت تدعى اللحمة والوحدة، وكان تفكك قواعد النهضة تجسد فى تمرد العديد من القيادات على سياسة الغنوشى وتقديمهم لاستقالتهم من النهضة على غرار كل من أمين عام الحركة زياد العذارى، وزبير الشهودى، ولطفى زيتون وكانت أقوى استقالة غير متوقعة هى استقالة القيادى وعضو مجلس شورى حركة النهضة عبد الحميد الجلاصى فى مارس الماضى بعد 40 سنة تجربة فى الحركة الإرهابية النهضة.

الجلاصى بعد استقالته كشف أن قيادات النهضة تعاملوا مع الدولة بمنطق الغنيمة بطريقة سيئة ورديئة، واعتبر أن محاولات الإبقاء على الغنوشى فى رئاسة الحركة هو تكرار لخطأ الحزب الدستورى وبورقيبة والنداء والباجى قائد السبسى، كما أكد أن المؤتمر الحادى عشر هو المؤتمر الانتقالى ولو كان الغنوشى ينوى تمرير السلطة لبدأ فى تفويضها تدريجيا لكنه لا ينوى المغادرة وسيبحثون عن آليات قانونية لتجديد عهدته.

وبالفعل فى شهر سبتمبر الماضى فوجئ الغنوشى بإمضاء 100 قيادى من الحركة على وثيقة بعنوان «مستقبل النهضة بين مخاطر التمديد وفرص التداول»، طالبوا من خلالها بعدم التمديد لراشد الغنوشى لولاية ثالثة واستنكر الموقعون على هذه الوثيقة عدم احترام الغنوشى للقانون الداخلى للنهضة الذى ينص فى فصله 31 على أنه «لا يحق لأى عضو أن يتولى رئاسة الحركة لأكثر من دورتين متتاليتين».

ديكتاتورية الإخوان

■ برأيك هل كانت هناك خلافات داخل الحركة قبل إعلان الغنوشى نيته للترشح لولاية ثالثة؟

- هذه الوثيقة كشفت أن أبناء النهضة نفسهم لا يثقون بالغنوشى أو على الأقل 100 منهم ممن يعتبرون أنه أضر بالحركة فى السنة الأخيرة وخلق حولها وهما بأنها تقدس الزعامات وتشرع للرئاسة مدى الحياة خاصة أن الارهابى الغنوشى بقى رئيسا للحركة لأكثر من أربعين سنة، كما تؤكد هذه الوثيقة أن ترشح راشد الغنوشى فى المؤتمر الخاص بهم أو التمديد له هو ترجمة للاستبداد والديكتاتورية التى تدعى الحركة أنها قاومتها سابقا إبان حكم الرئيس المنقلب عليه زين العابدين بن على.

قياديو الحركة الإخوانية بتونس الموقعون على العريضة يشددون على أنه يوجد تناقض بين ماضى الحركة التى ناضلت ضد الاستبداد وبين حاضرها الذى يمهد للرئيس الأوحد، كما يصرون على أن ترشح الغنوشى أو التمديد له لن يجلب سوى التنازع وإفقاد الثقة وإضعاف الهياكل ويشجع على استهداف المنظومة الحزبية ونسف ما تبقى من ثقة المواطنين فى الأحزاب وكان من أبرز الموقعين على هذه العريضة سمير ديلو، ونورالدين العرباوي، وآمال عزوز، وفتحى العيّادي، وعماد الحمامي، ومنية إبراهيم، ومحمد النوري، وجميلة الكسيكسي، وعبد اللطيف المكي، ومحمد بن سالم، وأسامة الصغير، وحسب ما تسرب إلينا من أخبار فإن الخلاف الجذرى بين هؤلاء والغنوشى سببه إصرار الغنوشى الدخول فى حرب مع رئيس الجمهورية المنتخب قيس سعيد ومحاولة عزله عبر تحالفات مشبوهة ما قد يؤدى لإعادة سيناريو سنة 1987 عندما حاول الغنوشى الانقلاب على الرئيس الراحل بن على وما انجر عن ذلك من حرب قادها النظام حينها ضد الحركة الإرهابية النهضة وتسبب فى نهايتها، خاصة إذا ما علمنا أن رئيس الدولة لم يخف فى خطاباته تهجما مبطنا ضد النهضة وتحميلها مسؤولية تفشى الفقر والإرهاب فى تونس منذ سنوات ورفضه التعامل مع الغنوشى مباشرة ما يطرح وجود حرب خفية بين الرئيس قيس سعيد الأكثر شعبية لدى التونسيين والغنوشى الشخصية الأكثر كرها لدى التونسيين وفق آخر استطلاع آراء أجرته مؤسسة سيجما كونساى بتونس.

مبادرة ولدت ميتة

■ كيف استقبل قيادات الحركة المعترضين مبادرة «الهارونى» و«عبدالسلام»؟

- مبادرة الهارونى ورفيق عبد السلام لاقت رفضًا كبيرًا من أبرز قيادات الحركة الإخوانية على غرار القيادى محمد بن سالم الذى اعتبر أن تلك «المبادرة مضحكة وولدت ميتة» ووصفها «بمبادرة الضحك على الذقون» وأكد أن المبادرة «ليست حل وسط وليست مقبولة أخلاقيا» بل هى مباردة تسعى إلى إعطاء مخرج لرئيس الحركة، كما أن القيادى بالحركة زبير الشهودى والناطق باسم ما يعرف بمجموعة المائة الرافضة لتمديد ترؤس راشد الغنوشى لحركة النهضة، أكد أنه سيعتمد كل الوسائل النضالية والديمقراطية بما فى ذلك التوجه إلى القضاء فى صورة تثبت أنه تحوير القانون الأساسى للحركة بغاية التمديد لراشد الغنوشى على رأسها وبين الشهودى فى تصريحات صحفية له فى وقت سابق أن التيار الرافض لتمديد ترؤس راشد الغنوشى لحركة النهضة يعد وازنا صلب الهياكل الرئيسية للحركة بما فى ذلك مجلس شوراها ومكتبها التنفيذى إضافة إلى كتلة الحزب البرلمانية كما حمل ضمنيًا الغنوشى مسؤولية تراجع نسبة المنتخبين للنهضة التى خسرت أكثر من ثلثى الأصوات التى كانت تتحصل عليها فى الانتخابات ولم تجن أكثر من مائتى ألف صوت فى الانتخابات الأخيرة كما أن آخر استطلاع آراء أجرى مؤخرًا بين أن العدو الخطير للنهضة الحزب الدستورى الحر ورئيسته عبير موسى تصدروا المرتبة الأولى فى نوايا التصويت بفارق شاسع عن النهضة الإخوانية.

نهاية هيمنة الإخوان

■ برأيك كيف ينظر أنصار الغنوشى إلى هذه الانقسامات؟

- ما يسعى إلى تفعيله كل من عبد الكريم الهارونى ورفيق عبد السلام بالمبادرة التى أطلقاها سويا هو حسب تصريحهم : راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة وزعيمها وهو رجل ذو شأن كبير فى الدولة على مستوى وطنى ودولى ولا يمكن أن تتم معاملته كبقية القيادات فى الحركة وإن مسألة عدم ترشحه لرئاسة النهضة فى المؤتمر الحادى عشر حُسمت بتنصيبه زعيما للحركة ولا يحق لغيره أخذ مناصب سيادية فى البلاد .

■ كيف ترى مستقبل الحركة الإخوانية فى ظل هذه الانقسامات؟

- المراقب لما يدور من مؤامرات ودسائس داخل حركة النهضة الإخوانية يتأكد أنها تسير نحو طريقها المحتوم وهو الانفجار الداخلى الذى سيعجل بنهايتها خاصة فى ظل تنامى الفقر والبطالة بتونس عبر الحكم الكارثى للنهضة التى حكمت تونس لعشرة سنوات وأدت لشبه إفلاس للدولة بسبب سرقات الحركة وجماعتها واعتبارهم تونس غنيمة يجوز نهبها، وفى ظل أيضًا وجود رئيس مدعوم شعبيًا يسعى لإنهاء هيمنة الإخوان على الحكم عبر تحويل النظام من برلمانى إلى رئاسى وسط دعم شعبى كبير ما فتح حربًا باردة بينه وبين النهضة الإرهابية ستنتهى بفناء الإخوان من تونس قريبًا.