الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

راعى الراعاة 2

معجزة «المسيح» فى الكنيسة المصرية

 نجح البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية فى أن يترك بصمته الكنسية والدينية فى قلوب الأقباط من خلال عدة قرارات هامة اتخذها البطريرك على مدار 8 سنوات.



طوال السنوات الثمانى، فترة جلوس البابا على كرسى مارمرقس، واجه العديد من التحديات، أظهرت جميعها وطنيته الكبيرة، وشجاعته، وحكمته، فى وقت احتاج الوطن فيه لرجل يحمل هذه الصفات، فتولى جماعة الإخوان الحكم، وتعرض الأقباط لهذا العدد الكبير من العمليات الإرهابية، وغيرهما من «الاختبارات» تطلبت «بابا مصريًا» يجعل من مصلحة الوطن موجهًا لكل قراراته.

 

 لائحة انتخاب البطريرك

وضع البابا تواضروس مهمة تعديل لائحة انتخاب البطريرك، فى الصفوف الأولى من قائمة مهامه، بسبب الأزمات التى أثيرت حولها فى عهد البابا الراحل شنودة الثالث، والذى رفض تعديلها، طيلة فترة رئاسته للكنيسة، حيث اشتكى الشعب القبطى من ضيق دائرة ناخبى البابا، وترشح أساقفة الإيبارشيات للبطريركية، وبناء عليه عدل البابا اللائحة حيث قام بقصرالترشح على منصب البابا للرهبان والأساقفة العموم، الا فى حالات الضرورة القصوى التى يحددها المجمع المقدس، كما منع ترشح راهب أو أسقف مرتين لمنصب البابا، بالإضافة إلى توسيع قاعدة ناخبي البطريرك من خلال زيادة عدد الأراخنة والعلمانيين من إيبارشية، ومشاركة أقباط المهجر فى الانتخاب.

ترميم الكاتدرائية

اتخذ البابا تواضروس الثانى أحد قراراته التى تم تصنيفها بالشارع الكنسى على أنها قرارات «جريئة»، حيث قرر عمل عملية أيقنة داخل الكنيسة الكُبرى بالعباسية بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس بالعباسية، وهى عملية ترميم وتجديد للكنيسة داخليا ورسم الصور والأيقونات بداخلها بشكل احترافى استعدادا لتدشينها مع الاحتفال بمرور 50 عامًا على الإنشاء فى مايو2018.

ولم يأت الأمر بشكل عشوائى ولكن نظمت الكنيسة مسابقة فنية لأبرز المهندسين والفنانين الأكثر احترافية فى الفن القبطي،  وأعلنت الكاتدرائية عن الفائزين، تدخل الكنيسة الكبرى فى 2018 عامها الثانى وهى مُغلقة لا تُفتح إلا فى الأعياد فقط. وهو ما يعتبر مكسبًا كنسيًا للأقباط حيث إن الكنيسة الكبرى ستظهر بشكل عظيم فى احتفالية اليوبيل الذهبى لها.

الميرون المقدس

جدد البابا تواضروس الثاني، بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، طريقة اعداد وصنع الميرون المقدس، لا الطريقة التقليدية التى كانت تستخلص بها تلك الزيوت من أصولها النباتية تقوم على إجراء بعض العمليات الكيميائية، مما يستهلك وقتاً كبيراً ومجهوداً كثيراً، - بحسب تصريحات صحفية للبابا أكدخلالها أن نسبة الفقد كانت تصل إلى 30%، وتتطاير المواد العطرية أثناء التسخين.

وأشار البابا إلى أن استخدام العلم والتكنولوجيا الحديثة فى تطوير عملية إعداد الميرون يوفر تلك الزيوت العطرية النقية المستوردة من عدة شركات عالمية، وذلك دون المساس بالطقس الكنسى من القراءات والألحان والصلوات، وأن تلك الطريقة طبقت للمرة الأولى عام 2014، بعد موافقة أعضاء المجمع المقدس على هذا الأسلوب الجديد، والتى كانت نتائجه تمتاز بالدقة والكفاءة العالية جداً، وبدون أى فاقد وفى وقت مختصر، وأنه من المرجح أن يجرى عمل «الميرون المقدس» كل ثلاث سنوات بالكنيسة وليس على فترات متباعدة طويلة كما كان يحدث فى السابق.

ظهور العذراء واعتبار «البابا كيرلس» قديساً

اعترف المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية رسميًا بظهورات السيدة العذراء مريم فى مصر فى عهدى البطريركين السابقين «كيرلس السادس»، «شنودة الثالث»، وتحديدًا ظهورها فى كنيسة العذراء بالزيتون فى 2 أبريل 1968، وكنيسة الشهيدة دميانة بشبـرا فى 25 مارس لنفس العام، وكنيسة القديس مارمرقس بأسيوط فى 18 أغسطس2000، وكنيسة القديسة العذراء بالوراق فى 11 ديسمبر2009، وإعتبار تلك التواريخ عيد رسمياً للأقباط الأرثوذكس.

كما اعترف أيضًا بقداسة البطريرك الراحل «كيرلس السادس»، والذى عاصر الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وايضًا العالم القبطى «حبيب جرجس» العالم فى العلوم اللاهوتية والكنسية، ومؤسس الكلية الإكليريكية للأكاديميين، ومدارس الأحد للأطفال، مما نتج عنه إمكانية إطلاق أسمائهم على الكنائس والكهنة الجدد، واعتبار تواريخ وفاتهم ضمن أعياد الكنيسة.

الاعتراف بالأديرة

اعترفت الكنيسة برئاسة البابا تواضروس بالنظام الرهبانى لعدد من الأديرة داخل مصر وخارجها، لم تكن قد اعترفت بها قبلًا وهم  دير الأنبا أنطونيوس للرهبان بالنمسا، دير القديسة سارة للراهبات بالمنيا، دير الأنبا متاؤس الفاخورى للرهبان بإسنا، دير البتول للراهبات بملوى، دير مارمرقس والانبا صموئيل المعترف للرهبان بجنوب افريقيا، دير الانبا مكاريوس السكندرى للرهبان بجبل القلالي.

بالإضافة إلى دير القديسة دميانة والأنبا مويسيس للراهبات فى إيبارشية البلينا، ودير السيدة العذراء والشهيدة دميانة بجنوبى الولايات المتحدة، ودير الأنبا موسى القوى بطريق العلمين بجانب الاعتراف بمشروعية الحياة الرهبانية فى دير الأنبا متاؤس الفاخوري، وهو دير يقع فى مزرعة السلام بمنطقة النوبارية بوادى النطرون بمحافظة البحيرة. وتتجه الكنيسة للاعتراف بديرى وادى الريان للرهبان بالفيوم، وشهداء أخميم بسوهاج فى الفترة المقبلة.

الهيكل التنظيمى للكنيسة

إهتم البابا تواضروس الثاني، بتنظيم معاملات الكنيسة الداخلية متمثلة فى الأساقفة والرهبان والكهنة ومجالس الكنائس والخدام، فأقرَّ لوائح دليل الرهبنة القبطية وإدارة الحياة الديرية، تنظيم وخدمة الكهنة، مجالس الكنائس، دليل الأسقف وتنظيم إدارة الإيبارشية، ومن المقرر ان تقر لائحتين أخريتين فى دورة المجمع المقبلة، وهما لائحتى المعاهد الدينية والتى تختص بالكليات الإكليريكية ومعهدى الدراسات القبطية والرعاية والتربية، والتربية الكنيسة التى تختص بالمناهج لتى تدرس للمخدومين فى الكنائس.

المسكونية 

يعد البابا تواضروس الثانى، من أشد المنادين بالتعاون والوحدة بين الكنائس، وهو توجه كان موجودًا فى ظل البابا الراحل شنودة الثالث، الذى كلف الأنبا بيشوى، مُطران دمياط وكفر الشيخ والبرارى، بإقامة عدة جلسات نقاشية مع الكنائس الأخرى فى إطار السعى لوحدتها.

وفى سبتمبر من العام الجارى، احتفل «مجلس كنائس مصر»، بالذكرى الرابعة لتأسيسه، بهدف منح الكنائس الخمس فى مصر أكبر فرصة ممكنة للتقارب والتفاهم، والتنسيق فى الأمور المُشتركة بينهما، خاصة أن الكنائس تشترك فى شئون أخرى غير الشأن العقيدى، منها الشئون الوطنية والاجتماعية.

وخلال جلساته المختلفة، وبمشاركة البابا شخصيًا، ناقش «مجلس كنائس مصر» آليات التنسيق بين الكنائس فى الشئون العقيدية والاجتماعية، وكان من أبرز ملامح التنسيق تنظيم المجلس صلوات خاصة من أجل مصر، ورعاية عدد من الفعاليات الداعية إلى الوحدة الوطنية، فى مواجهة المخاطر، التى تعرضت لها البلاد فى السنوات الأخيرة.

وشهدت علاقته بالكنيسة الكاثوليكية، عددًا من النقاط المضيئة، على رأسها الزيارة الأولى من نوعها إلى الفاتيكان عام ٢٠١٤، بما تضمنته من لقائه البابا فرانسيس الأول، بابا الفاتيكان، وهى الصورة التى اكتملت عند رد الأخير للزيارة، وحضوره إلى مصر، فى أبريل ٢٠١٧. وأثمرت اللقاءات بين رأسى الكنيستين، عن توقيع البروتوكول الشهير، الخاص بتوحيد «سر المعمودية».

وقررت الكنيستان السعى لتوحيد طقوس ذلك السر بينهما، حتى لا تُعاد معمودية المؤمن الكاثوليكى فى الكنيسة الأرثوذكسية، والعكس، نظرًا لأن المعمودية هى الإثبات الحقيقى والرسمى لمسيحية أى شخص، ودونها لا يمكنه استخراج أوراق هويته الدينية.

ومع الكنيسة الإنجيلية، يمكن القول إن العلاقة بين الكنيستين تمر بأفضل حالاتها، فى عصر البابا تواضروس الثانى، ويشهد على ذلك، توجيه الكنيسة الإنجيلية بألمانيا، وهى معقل الإنجيليين فى العالم، دعوة رسمية له، للمشاركة فى الاحتفال بمرور ٥٠٠ عام على ظهور الفكر الإصلاحى، الذى تأسس على يد الراهب الكاثوليكى الألمانى مارتن لوثر، إثر ثورته على ممارسات الكنيسة الكاثوليكية فى العصور المُظلمة، وهو ما أخرج الفكر الإصلاحى إلى النور، وأدى إلى ظهور الكنائس البروتستانتية.

المركز الإعلامى

كان البابا تواضروس أول بطريرك قبطى يفكر فى إنشاء جهة رسمية داخل الكنيسة تهتم بالتعامل مع المؤسسات الصحفية والإعلامية، للتواصل بين الكنيسة والشعب المصري، حيث أسسه فى الذكرى الأولى لجلوسه على الكرسى الأعلى للكنيسة، 18نوفمبر 2013، وأوكل مهمة التحدث باسم الكنيسة للقس بولس حليم، راعى كنيسة مارجرجس بالقللي، وأحد مدرسى معهد الرعاية والتربية.