السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع ..

رحمة الدمى 

الأعمال للفنانة: أسماء أبوبكر النواوى



يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]

 

رحمة الدمى 

 

قصة قصيرة

 

بختى ضيف الله- الجزائر

تقف عند نافذة عيادة طبيب الحى، ترقب حركاته، ومعاملته القاسية  لمرضاه كأنّه رجل حرب، أو ديكتاتور جبّار.

تعجبها الدمية الخشبية الجالسة فى خزانته بين كتب الطب المتراصة، تبتسم لبسمتها المسبقة. كانت جميلة جدا، ترتدى مئزرًا أبيض ونظارة وردية وعلى رقبتها سماعة لقياس النبض، وحذاء يبدو أنه لا يحدث قرعا يطرد سِنَةً أو نوماً عن سقيم.

يزعجه طول وقوفها ومراقبتها لما يفعل وبسمتها لدميته التى تكاد تفقه ما تريد ومما تتألم!

يأمر الممرض بطردها عدة مرات لكنها تعود ككل مرة لتعيد لقطتها بعناية شديدة كأنها خبيرة تمثيل.

يسألها عما تريد لكنها لا تجيبه رغم أن على صفحة وجهها الجميل أسئلة حائرة!

فى غفلة منهما، وبعد خلو العيادة من المرضى تسللت إليها وأخذت الدمية وهربت، لكنهما التحقا بها وطرق بابها ودخلا ليجدا الطفلة وأختها المعاقة وأمهما على حصيرٍ ميتة والدمية عند رأسها وبلباسها الرسمى!

قالت (المعاقة) - وقد أجهشت بالبكاء-:

- أمى ماتت بعد ألم شديد، كانت تعانى من مرض خطير لا نعرفه..يا طبيب الحى..  لماذا لم تأت لتكشف عنها.. لماذا؟ !

حاولت الطفلة إسكاتها بلغة الإشارة، فهى لم تنطق بكلمة منذ أن ولدت وقد  أنفق أبوها الكثير على علاجها قبل موته. 

بكيا بشدة وانصرفا صاغرين، وندما على غفلتهما الإنسانية فى فوضى الحواس والترف. كان مشهدا مهيبا وحزينا  يلفه فقر المكان.

ذيع الخبر فى المدينة الغافلة، تجمع مراسلو ومصورو القنوات التلفزية المستنسخة ليأخذوا مشاهد تكون مادة دسمة لبرامجهم الراكدة.

لكن الصغيرة لم تأبه لحركاتهم وابتساماتهم  الكاذبة. جمعت دمى صديقاتها الخشبية والدمية الطبيبة لتكون جنازة أمها مهيبة! ولتسعفها عند نقطة النهاية!