الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

خفافيش الظلام

100 عام من تشويه الإسلام

المستقبل يصنعه القلم لا السواك، والعمل لا الاعتزال، والعقل لا الدروشة، والمنطق لا الرصاص..



فرج فودة

 

على مدار الـ100عام الأخيرة لم يشوه الإسلام كما شوهته الجماعات التى تصف نفسها بالإسلامية، وهو الوصف الذى تجاوز الدين الى الإرهاب والعنف والتطرف بعد أن قدمت خدمات جليلة لكل خصوم الدين الحنف بدأت من تنظيم الإخوان الإرهابى، ويبدو أنها لن تنتهى بتنظيم داعش الدموى.

 فعلى منهج تاريخى ثابت وسلوك مستمر بدأت جماعة البنا وقطب تشويه الإسلام بمواقف وأفعال لا تمت للإسلام بصلة مع انها تسمى وتصف أعضاءها بالإخوان المسلمين، وعلى قاعدة الجهاد سمت جماعة بن لادن نفسها وقتلت الآلاف من الأبرياء حول العالم، لتأتى بعدها الدولة التى وصفت نفسها بالإسلامية والمعروفة باسم داعش بأبشع ما تفتقت عنها أذهان البشر من عنف وتنكيل وانتهاك للحرمات، كل ذلك باستحضار دينى ليس له علاقة بالدين الحنيف. 

 

 التشويه للإسلام الذى تجسد فى قتل قاضٍ على يد شاب لمجرد أنه أصدر أحكاما على غير إرادة جماعته الإخوانية، التشويه للإسلام بقتل الآلاف من الأبرياء لمجرد أنهم مواطنون فى دولة ينعتها تنظيم بالكفر ويصفها آخرون بالشيطان الأكبر، التشويه للإسلام بسبى المئات من النساء لمجرد أنهم مختلفون بالعقيدة مع أنهم شركاء بنفس الوطن.  

هذا التشويه المتعمد للإسلام هو نتاج لسنوات طويلة تم فيها برمجة عقول  الشباب على أن الإرهاب الدينى هو نتاج قمع اجتماعى وسياسى وأمنى، وأن إرهاب تنظيم الإجرام الإخوانى وتوابعه هو نتاج المجتمعات التى أنتجت هؤلاء بالفقر والجهل والمرض إذا كان هذا حال دول الشرق حسب ادعائهم، فماذا عن عشرات الشباب المسلم فى أوروبا وأمريكا الذى يعيش فى مجتمعات الديمقراطية والانفتاح السياسى وتمتعهم بكامل حقوق المواطنة من جنسية وتأمين وتوظيف وتعليم فى أوربا والدول المتقدمة ثم فجأة بعضا من هؤلاء الشباب يظهر مشهرا سلاحه فى اعتداءات بلجيكا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وإنجلترا، وهناك الآلاف من هذا الشباب المسلم فى أوروبا وأمريكا المنخرط فى تنظيمات السفر إلى العراق وسوريا وليبيا من أجل ممارسة القتل والإرهاب بعد انضمامهم إلى تشكيلات تنظيمات الإرهاب التى يؤسسها تنظيم الإجرام الإخوانى واعتبر ابراهيم ربيع الباحث فى شئون الحركات الإسلامية أن الحقيقة الغائبة والمغيبة عن عمد أن  الفكر المؤسس للإرهاب والعنف هو برمجة عقلية عميقة يخضع لها الإخوانى منذ الصغر، وأن المجتمع وظروفه بريء من هذا الادعاء المضلل ومؤسس تنظيم الإجرام الإخوانى حسن البنا وضع الأسس والمعايير لهذه البرمجة الإرهابية فى مقاله المعنون «صناعة الموت» نشره فى مجلة النذير بتاريخ 26 سبتمبر 1936 عندما كتب قائلا: «أجل.. صناعة الموت؛ فالموت صناعةٌ من الصناعات من الناس من يحسنها فيعرف كيف يموت الموتة الكريمة، وكيف يختار لموتته الميدان الشريف والوقت المناسب، فيبيع القطرة من دمه بأغلى أثمانها، ويربح بها ربحًا أعظم من كل ما يتصوَّر الناس، فيربح سعادة الحياة وثواب الآخرة، ولم تنتقص عن عمره ذرة، ولم يفقد من حياته يومًا واحدًا، ولم يستعجل بذلك أجلاً قد حدَّده الله».

  تدليس  «البنا»

كما يقول البنا فى رسالة التعاليم «وأريد بالجهاد الفريضة الماضية إلى يوم القيامة (من مات ولم يغز ولم ينو الغزو مات ميتة جاهلية) ولا تحيا دعوة إلا بالجهاد وبقدر سمو الدعوة وسعة أفقها تكون عظمة الجهاد فى سبيلها وضخامة الثمن الذى يطلب لتأييدها وجزالة الثواب للعاملين وبذلك تعرف معنى هتافك الدائم الجهاد سبيلنا». 

ويتابع ربيع أن البنا يقول  فى رسالة التعاليم «وأريد بالتضحية بذل النفس والمال والوقت والحياة وكل شيء فى سبيل الغاية وليس فى الدنيا جهاد لا تضحية معه ولا تضيع فى سبيل فكرتنا تضحية وإنما هو الاجر الجزيل والثواب الجميل ومن قعد عن التضحية معنا فهو آثم  ولذلك كان الهتاف الدائم لجماعة الإخوان الإرهابية «الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا».

وأشار إلى أن هناك وثيقة اخرى يقول البنا فى «رسالة المؤتمر الخامس» تحت عنوان «متى تكون خطوتنا تنفيذية»، وفى الوقت الذى يكون فيه منكم معشر الإخوان المسلمين ثلاثمائة كتيبة قد جُهزت كل منها نفسيا وروحياً بالإيمان والعقيدة وفكرياً بالعلم والثقافة وجسمياً بالتدريب والرياضة فى هذا الوقت طالبونى بأن أخوض بكم لحج البحار وأقتحم بكم عنان السماء وأغزو بكم كل عنيد جبار فإنى فاعل إن شاء الله وصدق رسول الله القائل (ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة) إنى أقدر لذلك وقتاً ليس طويلاً...وقد تستطيعون أنتم معشر نواب الإخوان ومندوبيهم أن تقصروا هذا الآجل إذا بذلتم همتكم وضاعفتم جهودكم وقد تهملون فيخطئ هذا الحساب وتختلف النتائج المترتبة عليه فأشعروا أنفسكم العبء وألفوا الكتائب وكونوا الفرق وأقبلوا على الدروس وسارعوا إلى التدريب وانشروا دعوتكم فى الجهات التى لم تصل إليها بعد ولا تضيعوا دقيقة بغير عمل»،

وشدد على أن  الجماعة الارهابية هى من استنت  الاغتيالات والإرهاب فاغتالت الخازندار والنقراشى واحمد ماهر ومحاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر عام  1954م.. بالإضافة الى   ارباك البلد بالاشاعات ونشر الفكر التفكيرى من خلال تنظيم سيد قطب ومحاولة نسف القناطر الخيرية لتدمير الدلتا بالاضافة الى محاولة قلب نظام الحكم فى عملية  الفنية العسكرية ومحاولة إحراق البلاد بأحداث الزاوية الحمرا الطائفية بالإضافة إلى تأسيس شبكة تمويل  دوليه عابره للدول للسيطرة على الأمن الغذائى العالمى والمراكز الإسلامية بأمريكا وأوربا والتوغل فى المؤسسات التعليمية والخيرية والطبية. 

وقال حسام الحداد الباحث فى شئون الحركات الإسلامية لا شك أن دين يثيب المجتهد المخطئ لهو دين ثابت وراسخ ولا يخشى عليه من اجتهاد، ومن هنا تكمن الإشكالية الأساسية فى تشويه الجماعات الإسلامية للدين الإسلامي، بمحاولة وضعهم الدين داخل معلبات من المرويات التى قيلت فى ظروف اجتماعية واقتصادية مختلفة عن واقعنا المعيش، فالقاعدة أن الفتوى متحركة تتغير حسب الزمان والمكان، وبالتالى السياقات الاجتماعية والثقافية، مما أنتج لنا نوعا من الفقه يطلق عليه فقه الأقليات المسلمة، بينما تلك الجماعات تقوم باستيراد الفتاوى التى تم إنتاجها زمن التوترات والحروب وتريد تطبيقها الآن، وإن كانوا يحتكمون لمروياتهم لفهم ابن تيمية وبعض من السلف، فهم يقدمون الرواية على الدراية، ويقدمون المرويات على القرآن، فهم على سبيل المثال لا الحصر يستندون فى عملياتهم المسلحة واغتيال الأبرياء وإرهابهم على نص الحديث الذى يقول: «بعثت بالسيف بين يدى الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقى تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم» صححه الألباني.

وأشار إلى أنه حين يعرض هذا الحديث على القرآن الذى هو الميزان والأحكام نجد الحقائق التالية: أن الله عز وجل بعث سيدنا محمد (ص) رحمة للعالمين: «وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين» الأنبياء 107 أن الله سبحانه وتعالى حدد رسالة رسوله بالدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتى هى أحسن «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن» النحل 125 أن الله تبارك وتعالى ترك للإنسان حرية الاختيار بين الطاعة والمعصية، والإيمان والكفر: «ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها» الشمس 7-8، «وقل الحق من ربكم، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر» الكهف 29، «ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» يونس 99، وغيرها من الآيات الكثيرة  أن القرآن الكريم حدد وظيفة الرسول ضمن إطار الدعوة والإنذار والبلاغ والتذكير: «يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا» الأحزاب 45-46

روايات مضللة

فمن أين جاء السيف والإكراه، ومن أين جاء حديث الذبح ؟!

وتابع إذا عرضت هذه الآيات عليهم ربما لا يصدقونها كما نقل الفخر الرازى وهو بصدد تفسير قوله تعالى فى سورة التوبة: «اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله» عن شيخه خاتم المحققين والمجتهدين: (قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله فى بعض مسائل، وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات، فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها، وبقوا ينظرون إلىَ كالمتعجب، يعنى كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع ان الرواية عن سلفنا وردت على خلافها!»

وهنا تكمن المشكلة فهم يفضلون الروايات المنسوبة للرسول صلى الله عليه وسلم أو منسوبة لسلفهم أو حتى قالوها، يفضلونها ويعظمونها عن قول الله عز وجل فى القرآن، وحينما تقول لهم «قال الله» يقولون لك قال فلان.

واوضح تكاد تكون المشكلة الرئيسية لدينا ليست فى وجود التراث الذى تنهل منه هذه الجماعات ولا القراءات المغرضة المؤدلجة مثل قراءات المودودى وسيد قطب وأبو مصعب السورى وعبد الله عزام وغيرهم، المشكلة الحقيقية هى فى عدم استخدام مناهج البحث الحديثة فى قراءة هذا التراث.

وقال طارق البشبيشى الباحث فى شئون الحركات الإسلامية أن جماعة الإخوان الارهابية تمثل العباءة الكبرى التى خرجت من تحتها كل جماعات العنف والإرهاب خلال ما يقترب من الـ100 عام الفائتة والتى شوهت صورة الإسلام بأعمالها الأرهابية. 

دعوات التكفير

وأضاف تنوعت هذه التنظيمات الإرهابية سواء كانت داخل الجماعة نفسها أو من خارجها ولكنها اعتمدت على أدبيات الجماعة التى تدعو للتكفير والارهاب تحت دعوى نصرة الاسلام والمسلمين  ومنذ اللحظات الأولى لنشاة الجماعة فقد أسس حسن البنا التنظيم الخاص الذى يعد أكبر أساءة للدين الحنيف  ونفس الأمر ينطبق على  تنظيم القاعدة أيضا أسسه أسامة بن لادن  وكان ينتمي، لإخوان السعودية وكان مديرا لمكتب القيادى الإخوانى كمال الهلباوى أثناء تواجده فى، السعودية ونائبه ايمن الظواهري، كان اخوانيا وتأثر بكتب سيد قطب وحسن البنا ولقد اعترفت بذلك أم أسامة بن لادن بعد مقتله على يد القوات الأمريكى ووقتها نعته جماعة الإخوان وتحدث عنه مادحا القيادى الإخوانى عصام العريان  وأشار إلى أنه  بعد 30 يونيو 2013 كونت الجماعة مليشيات مسلحة مثل (لواء الثورة) و(حسم) وحرقوا الكنائس واقسام الشرطة ومديريات الامن ومحولات الكهرباء واغتالوا النائب العام المصرى الشهيد هشام بركات وهو صائما وتنظيم أنصار بيت المقدس  الإرهابى الذى قتل جنودنا في، سيناء في، رمضان وأثناء تناوله طعام الإفطار واضاف تعتمد كل جماعات الارهاب والعنف على افكار الاخوان وأدبياتهم وخاصة رسالة التعليم لحسن البنا وكتب سيد قطب مثل كتاب ظلال القرآن وكتاب معالم فى، الطريق الذى يكفر فيها المجتمع ويتهمه بالجاهلية ويوجب قتاله وتخريبه هذه ادبيات الجماعة التى يعتنقها كل التكفريين فى العالم وتعد أكبر إساءة للإسلام.