الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

لا عزاء.. أنا سيد الهباء لا نافذة لى.. لا باب.. لا سقف لى.. ولا جدران..

 جسدى بيتى الذى لايتسع لى وبيتى يفيض عن أرض الله الواسعة.. هكذا قلت للهاوية أتسعى لى.. وامنحينى خيولك الذهبية.. واتركينى فى العراء.. إنها بضع كلمات بإيقاع متزن اختزلت فى طياتها الفلسفية رحلته الطويلة مع بيوت الشعر ودواوينه العربية واليونانية والفرنسية والأمريكية من بوشكين، ريتسوس، بودلير، كفافيس، رامبو، ويتمان، وآخرون من أعلام الشعر العالمى التى ساقها لأيدينا الشاعر الكبير والمترجم رفعت سلام الذى انطلق فى ترجمة أعمالهم بدافع ذاتى من الشاعر بداخله الذى أراد الاطلاع أكثر على هؤلاء ففتح لنا باباً على عالمهم قبل أن يرحل عن عالمنا الأحد 6 ديسمبر الجارى ويترك لنا إرثا عظيما أضافه للمكتبة العربية رفعت سلام من أبرز شعراء جيل السبعينيات ولد بمدينة منيا القمح فى محافظة الشرقية فى 16 نوفمبر عام 1955 عاد مع أسرته إلى مدينته الأصلية منية شبين فى محافظة القليوبية عام 1955. التحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1969، ودرس الصحافة فيها بسبب حبه للشعر ظناً منه أن الصحافة تعنى الكتابة، والكتابة هى الأقرب إلى الشعر. وبسبب الشعر ، دخل إلى عالم الترجمة، ليطالع الشعر بلغته الأصلية ويقرأ لشعراء العالم الكبار غير المترجمين إلى العربية. واقتصرت ترجمته على الشعر ثم تخرج منها عام 1973. شارك فى تأسيس مجلة «إضاءة 77»، كما أسس مجلة «كتابات» الأدبية، التى نُشرت على صفحاتها للمرة الأولى مصطلح «جيل السبعينيات» وصدر منها ثمانية أعداد، صدر له تسعة دواوين شعرية، وترجم عددا من الأعمال لشعراء عالمين أمثال بوشكين وماياكوفسكى ورامبو وبودلير ووالت ويتمان وكفافيس وريتسوس بداياته فى عالم الترجمة عن بداياته فى عالم الترجمة يقول سلام من بداياتى فى عالم الشعر وأنا أعرف القيمة الشعرية لوالت ويتمان، كصوتٍ فريد مؤسس فى الحداثة الشعرية للعالم، بقيمة بودلير فى الشعر الفرنسى والأوروبى. صوتٌ يحول العادى اليومى الأرضى إلى شعرى وفانتازى بما لم تعرفه أشعار العالم من قبل، بلا ذهنية أو تجريدية. واللغة شبه اليومية هى عماد تجربته الشعرية، والأفق الإنسانى الرحيب هو أفق تجربته المترامية. صوت شعرى شاهق يؤسس لحلم إنسانى بالعدالة والمساواة والإخاء والمحبة، بلا تمييز بين الأفراد وبين الشعوب والأمم، بعرفان عميق لمنجزات وتعاليم الحضارات القديمة، المصرية والصينية والهندية، باعتبارها جذر الحضارة الحديثة، التى كانت تنبنى عليها أمريكا آنذاك. وهو أول مَن فكرت فى ترجمة أعماله الشعرية الكاملة، فى بداية التسعينيات. وقمت بالفعل ببعض الخطوات التمهيدية: محاولة تجميع طبعات مختلفة من «أوراق العشب»، وتصوير «أوراق العشب» على نحو مُكبَّر لتسهيل القراءة والعمل.. لكن الحصول على المصادر- وأنا فى القاهرة، بلا حيلة- كان صعباً وعسيراً؛ فيما تراكمت عندى -بلا مجهود يُذكر- أعمال قسطنطين كفافيس، شاعر الإسكندرية اليونانى، كحصاد لمشاركتى الفعالة فى «مهرجان كفافيس» الدولى السنوى، الذى كان يقام آنذاك. وكانت النتيجة المنطقية أن تراجع مشروع ترجمة «أوراق العشب» لصالح مشروع ترجمة «الأعمال الشعرية الكاملة» لكفافيس. وبعد كفافيس، جاء بودلير، فرامبو.. ثم عدت إلى «أوراق العشب». لقد خُدعت فى «أوراق العشب»، ولم أنتبه إلى الخديعة إلا متأخراً، بعد أن كنت قد قطعت شوطاً فى ترجمته.