السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

السجائر الإلكترونية سرطان وسل وأمراض أخرى

منذ الظهور الأول للسيجارة الإلكترونية ويتم التسويق لها على أنها وسيلة للإقلاع عن التدخين وأنها أخف ضررًا وبين أصوات نادت بالانتظار لحين التأكد من هذه الإدعاءات على المدى البعيد للوصول إلى صورة أوضح؛ تبين أنها بوابة العبور للتدخين التقليدى كما أنها تسبب ضررا بالغا للرئة ومضاعفات عدة تصيب الرئة والفم نتيجة تأثيرها على البكتريا النافعة فى الفم واللعاب. 



فى الأشهر الأخيرة من عام 2019 أعلن مسئولون أمريكيون فى مجال الصحة وجود 805 حالات إصابة مؤكدة ومحتملة بمرض تنفسى غامض مرتبط بالتدخين الإلكترونى كما ارتفع عدد الوفيات بسبب هذا المرض إلى 12، وأبلغت مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) فى الولايات المتحدة عن أكثر من 2500 إصابة رئوية مرتبطة بتدخين السجائر الإلكترونية، ويتعلق معظمها بمنتجات تحتوى على رباعى هيدروكانابينول (THC)؛ وهو ما حذرت منه هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) والتى تعمل على التحقيق فى الحوادث المؤلمة لأمراض الجهاز التنفسى الشديدة المرتبطة باستخدام منتجات السجائر الإلكترونية. 

تستخدم السيجارة الإلكترونية (الفيبينج Vaping) سائلًا يحتوى على النيكوتين بالإضافة إلى تركيبات مختلفة من المنكهات والبروبيلين جليكول والجلسرين النباتى ومكونات أخرى، ويتم تسخين السائل لتكوين رذاذ يستنشقه المستخدم ولا تحتوى على مادة التبغ.

وفقًا لتقرير دولى صادر عن مؤسسة عالم خالٍ من التدخين فى نيويورك، يدخن حوالى مليار شخص حول العالم وهناك أكثر من 7 ملايين شخص يموتون كل عام نتيجة للتدخين. هذا كله بينما بلغت مبيعات منتجات النيكوتين فى عام 2017 785 مليار دولار، 89.1٪ منها سجائر.

ويظهر التقرير أن هناك نموًا واضحًا فى مبيعات السجائر الإلكترونية، حيث بلغت المبيعات المقدرة لمنتجات التدخين الإلكترونية 11.4 مليار دولار، بارتفاع 21٪ مقارنة بالسنوات الثلاث السابقة. فى غضون ذلك، شهدت السجائر القائمة على الحرارة مبيعات بقيمة 6.3 مليار دولار، بزيادة 52٪ عن السنوات الثلاث السابقة، بما فى ذلك 85٪ فى اليابان وحدها.

بحسب ما أظهرته دراسة أجراها باحثون من كلية الطب بجامعة «بيتسبرج» الأمريكية، ونشرتها دورية «أمريكان جورنال أوف ميديسين» أمريكية حديثة، فإن الشباب الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية، من فئة «غير المدخنين»، يكونون أكثر عرضةً بأربعة أضعاف لإدمان سجائر التبغ التقليدية خلال 18 شهرًا، مقارنةً بأقرانهم الذين يتعاطون «الشيشة الإلكترونية».

 

ليست وسيلة للإقلاع

دكتورة فاطمة العوا المستشارة الإقليمية لمبادرة التحرُّر من التبغ بمنظمة الصحة العالمية وأكدت رفضها اعتبار السيجارة الالكترونية وسيلة من وسائل الإقلاع عن التدخين. وعلقت العوا على تجربة منع تدخين الشيشة فى المقاهى بسبب جائحة كورونا قائلة:» أعتقد إنه إذا قيل من المستحيل تطبيق منع التدخين فى الأماكن العامة يكون الرد بأن تفعيل القرار ليس صعبًا، فقد جاءت جائحة كوفيد 19 لتؤكد إمكانية ذلك. لم يكن أحد يتخيل إمكانية منع الشيشة فى المقاهي، وهو ما تم بالفعل منذ شهر مارس الماضي، وهى معجزة، تعنى أن الدولة إذا أرادت إقرار أمر معين سوف تنجح فى ذلك وخاصة مع إدراك الناس بالخطر المحتمل مع استهلاك الشيشة والتبغ، وعندما وصلت المعلومة للناس بالصورة الصحيحة أصبح التطبيق ممكن، ولابد من العمل على تطبيق أفضل للقانون وتطوير السياسات الموجودة، والعمل على إصلاح الفجوات الحالية. 

وعلقت على الأمر دكتورة سحر لبيب مدير إدارة مكافحة التدخين فى وزارة الصحة قائلة: إن التجربة أثبتت قدرة الدولة على تنفيذ القرارات، والشيشة أخطر من السجائر فى قدرتها على نقل العدوى بفيروس كورونا المستجد، وبصفة عامة ضرر الشيشة يوازى ضرر علبتين من السجائر نسبة أول أكسيد الكربون التى تدخل الدم أعلى بكثير، هذا بخلاف خطر انتقال الأمراض عن طريق (اللي) مثل الدرن وأضيف لها فيروس كورونا، ونحاربها من فترة وكان سعرها زهيدا جدًا ورفعنا عليها الضرائب بالتعاون مع وزارة المالية، وبالنسبة للمقاهى يعتبر هامش الربح عاليا فى الشيشة لأن العلبة تباع بسعر قليل مقارنة بمعدل استخدامها، وكل مكان يحرص على تواجدها، ووزارة الصحة لا تملك سلطة منع الشيشة هى مسئولية المحليات، وفيروس كورونا بقدر ما فيه من أضرار لكن يمكن أن نعتبر فائدته الوحيدة وقف تقديم الشيشة فى المقاهي؛ لأنها طريق موثوق فيه لنقل العدوى.

مع وجود التوعية اللازمة للناس وأتمنى يستمر الوضع على هذا الوضع، وهى نفس أزمة تفعيل تطبيق منع التدخين فى الأماكن العامة، وزارة الصحة غير مسئولة عن تطبيق القرار ولذلك يجب أن يكون هناك تعاون مع جهات أخرى منها وزارة الداخلية والمحليات.

 

الدراما تشجع على التدخين

قال دكتور عصام مغازي، استشارى الأمراض الصدرية رئيس جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر بالقاهرة: إن خطوة منع الشيشة فى المقاهى ممتازة لأن المقاهى تضغط كثيرًا لعدم الرضوخ لكن إصرار الحكومة يكشف وعيها، وأضاف قائلًا:»أنا مقتنع بالخطاب الإيجابى فى التوعية بالإقلاع عن التدخين، من منطلق «بشر ولا تنفر»، بالتحفيز أن تعيش حياة صحية وتستفيد بصحتك وأموالك، والتنفس يكون سليما، وهى أمور تحفز الشباب وتجعلهم أكثر تقبلًا للحديث». 

وإعتبر المغازى أن كلَا من الرسائل التحذيرية والرفع المستمر لأسعار السجائر ومنع البيع للقصر وتقديم خدمات مساعدة الإقلاع هى مجموعة متكاملة لمكافحة التدخين لا يمكن التقليل أو التهوين من أى واحدة منها، ولا تملك إحداها وحدها القوة لمكافحة التدخين.

أعلن دكتور عصام المغازى عن أن جمعية مكافحة التدخين والدرن وأمراض الصدر تجهز لإطلاق مرصد الأول من نوعه فى مصر، لرصد نشر أخبار تروج للتدخين أو من خلال الدراما.

تغيير أغلفة علب السجائر

دكتورة دكتورة سحر لبيب مدير إدارة مكافحة التدخين بوزارة الصحة، قالت لروزاليوسف إن التدخين خطوة فى طريق الإدمان. وقد يكون نقطة البداية علاوة على أضرارها على الإنتاج، من المؤكد أن الموظف المدخن يحصل على إجازات مرضية أعلى من غير المدخن لأن حتى دور الإنفلونزا البسيط بالنسبة له يسبب مضاعفات عدة.

أضافت أنه من ضمن نجاحات التشريع الحالى تعديل المواصفات الفنية للسجائر، عبر تحديد نسبة القطران، أيضًا الصور التحذيرية على علب السجائر مع رقم الخط الساخن  16805 للتوقف عن التدخين وهو على جانبى العلبة، ومؤخرًا طالبنا شركات التبغ بتغيير الأغلفة وتم وضع تصاميم جديدة تم تسليمها للشركات فى شهر يونيو الماضي، سوف يتم طرحها فى الأسواق مع بداية عام 2021. 

وقالت مدير إدارة مكافحة التدخين بوزارة الصحة إن التشريعات خاضت مشوارا طويلا وتحتاج إلى التعديل، وأتمنى أن يكون ذلك من أولويات البرلمان القادم، وفيما يتعلق بمنع التدخين فى الأماكن العامة ننوى تفعيل تطبيق هذا القرار فى ديوان عام وزارة الصحة وهو أمر كان مفعلًا من قبل، وذلك حرصًا على صحة العاملين فيه.

ولفتت لبيب إلى أن المطالبات البرلمانية السابقة بإجراء تعديل كان الهدف منها المطالبة بإقرار قانون موحد لمكافحة التدخين لأن لدينا أكثر من تشريع على أن يضم الثغرات السابق ذكرها.

وعن السجائر الإلكترونية قالت دكتورة سحر لبيب إنها ليست سجائر بل هى مواد كيميائية مخلوطة وأخطر ما فيها الجلسرين، لا تندرج تحت مسمى التبغ والمواد المكونة لها غير معروف أثرها على وجه الدقة، وظهر مضاعفات فى أمريكا العام الماضي، وبعد الحادث تم تشكيل هيئة لدراسة الوضع وانتهت إلى استمرار رفض استيرادها.

القانون كان يشمل مصطلح السجائر فقط وتم تعديله عام 2010 وأصبح يستخدم التبغ؛ وذلك لكى يشمل الشيشة وذلك عقب ظهور السجائر الإلكترونية. 

وأوضحت دكتورة سحر لبيب أن الضريبة المفروضة على السجائر جزء منها يعود منها يخصص إلى التأمين الصحى العام والباقى لخزانة الدولة، ونحتاج لتعديل تشريعى يوجه جزء من حصيلة الضرائب لصالح عيادات الإقلاع عن التدخين، وحاولنا فعل ذلك من قبل ونسعى لذلك مع البرلمان الجديد.

 

أدوية الإقلاع عن التدخين 

تحدثت دكتورة سحر لبيب عن أن الأدوية للإقلاع عن التدخين ثقافة غير منتشرة وهو ما نحاول التوعية بخصوصه عبر الخط الساخن المجانى لوزارة الصحة، ولذلك الثقافة نفسها ليست موجودة والفكرة نفسها فى الجولات الميدانية عندما نناقش مع المدخنين يقول أنا أقلع عنها عندما أريد ذلك، ولذلك نناقشهم ليفهموا حول التعود وإدمان النيكوتين، وهو ما يعنى ضرورة تقليل الجرعة بالتدريج لتفادى الأعراض الانسحابية.

وعن إعلانات التوعية قالت: إن القنوات الفضائية هى الأكثر مشاهدة، والقانون لا يجبرها على عرض إعلانات التوعية، وهو ما نأمل تغييره عبر تعديل تشريعي، أيضًا الإعلان غير المباشر يتم منعه بالكامل فى التليفزيون المصرى ونضمن التزامه لأنه تابع للدولة، ولكن القنوات الخاصة تابعة للهيئة العامة للاستثمار ولا تخضع نفس السيطرة، وإن كانت تستجيب فى حالة عرض أى إعلان للتبغ بمجرد مخاطبتهم، والأزمة فى الدراما وما يعرض فيها من مشاهد للتدخين.

 

منع تهريب السيجارة الإلكترونية

مؤخرًا وضع بروتوكول منع تهريب منتجات التبغ مصر بموافقة البرلمان؛ لأنها تحتوى على مواد مجهولة المصدر يحتمل أن تكون مسرطنة وتسبب مشاكل صحية عديدة، ومن أجل الوصول لهذه الخطوة تشكلت اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ من عدة جهات حكومية.

كانت الشئون الصيدلية فى وزارة الصحة ترفض استيراد السيجارة الإلكترونية وكانت تدخل إلى مصر مهربة، ولكن الأمر اختلف الآن  قال إبراهيم الإمبابى رئيس الشعبة العامة للدخان والسجائر فى اتحاد الصناعات، إن اللجنة الوطنية لمكافحة التبغ التى هدفت إلى محاربة عمليات تهريب التبغ قامت بوضع مواصفات قياسية للسجائر الإلكترونية، والحصول على موافقة وزارات الصحة والتجارة والصناعة والمالية، وتم تجريم عملية التهريب؛ والتى يتوقع إمبابى ضعف الإقبال عليها نظرًا لتوفر السجائر فى السوق بعد السماح باستيرادها ووضع مواصفات لها ورقابة الدولة عليها ممثلة فى وزارة التجارة والصناعة، وهو ما يعنى تحصيل ضرائب وجمارك عليها تعود بالنفع على خزينة الدولة، لأن دخولها إلى مصر مهربة وبيعها عبر وسائل التواصل الاجتماعى لم يكن مجرمًا وكانت الدولة لا تحصل عنه ضرائب أو جمارك.

مؤخرًا وضعت الهيئة المصرية العامة للمواصفات والجودة المواصفات القياسية لإنتاج السيجارة الإلكترونية، وبالتواصل مع المهندس أشرف عفيفى رئيس هيئة المواصفات والجودة، قال إن المواصفات الفنية يتم وضعها للسلع والمنتجات المختلفة سواء أنتجت فى مصر أو تم استيرادها من الخارج، وأى سلعة تتواجد فى السوق تضع لها الهيئة المواصفات القياسية طالما أنها تواجدت فى السوق أو عليها طلب، ومن الممكن وضع المواصفات القياسية لسلعة ما ويتم منع استيرادها أو إنتاجها إذا رأت الجهة المختصة أنها مضرة مثلًا».

 

المدخن أكثر تضررًا من كورونا 

قالت دكتورة سحر لبيب إن مخاطر إصابة المدخن بفيروس كورونا أعلى من غيره لأن فرصة خلعه للكمامة كثيرة ومجرد لمس الماسك لابد من رميه مع احتمال التعرض لخطر العدوى، واليد قد تكون ملوثة وقريبة من الفم والأنف، كما أن أى مدخن مناعة الرئة تكون ضعيفة وبالتالى خط الدفاع الأول ضعيف وحتى أدوار الإنفلونزا العادية تسبب تعب مضاعف للمدخن.

أضافت لبيب أن مصر بصفتها دولة نامية إذا قلت أعداد المدخنين سوف يقل الإنفاق على الصحة وتزداد المشاركة فى مشروعات التنمية وفى المقابل تقول شركات التبغ إن عائد الضرائب كبير كما أنها لديها عمالة سوف تفقد مصدر رزقها إذا توقف التدخين، ولكن هنا لا يمكن إغفال أثر التدخين السلبى لأن التدخين تأثيره لا يقتصر على المدخن وحده وتبقى جزئياته عالقة فى الجو لفترة وعلى الأسطح أيضًا وحتى على الأوراق.