الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

نالت اهتمام القارئ

حصاد الكتب 2020

من بين مئات الإصدارات حاولنا أن نجمع فى قائمة  2020 ( عام جائحة كورونا)  للكتب والروايات، وركزنا على أن تكون الاختيارات منوعة ومختلفة، وقادرة على أن تجذب اهتمامات كل شخص، فهناك الرواية الاجتماعية والخيالية، والكتب التى ترصد حالة أو سيرة ذاتية، أو المختصة بوقائع تاريخية محددة.. كما نلحظ زيادة الإصدارات من الكتب والروايات، بعد أن أصبح المجال أوسع أمام الراغبين فى فرصة للوصول إلى قارئ يجذبه ما يكتبون، ولكن تبقى قدرتهم على البقاء،



والاستحواذ على الاهتمام والتقييمات هى الأهم، فمن بين مئات ومئات الأعمال الصادرة فى 2020، اصطفينا ما رأيناه يحمل قدرا كبيرا من احترام القارئ والموهبة القادرة على شد القارئ نحو عالم آخر، وإمتاعه بلغة جميلة ومعلومات قيمة.

فى كتابه «سنوات الجامعة العربية»، يقدم عمرو موسى  شهادته الموثقة عن عشر سنوات صاخبة أمضاها أمينًا عامًّا لجامعة الدول العربية خلال الفترة من عام 2001 إلى 2011؛ حيث يصطحبك إلى الجلسات المغلقة والساخنة فى القمم العربية المختلفة، ويجلسك بين الملوك والرؤساء من خلال محاضر هذه الجلسات، ويدخل اجتماعات وزراء الخارجية العرب فى اللحظات الحرجة التى مرَّت على العالم العربى من حروب وخلافات وانقسامات سياسية؛ لتسمع وتشاهد وتطلع بنفسك على رؤية جميع القادة فى القضايا والأزمات التى عاشها العالم العربى فى عشرية خطيرة ومفصلية من تاريخنا العربى الحديث.

إن ما كشفه موسى فى هذا الكتاب بشجاعة وبصدق عن أحداث لم يكن فقط شاهدًا عليها، بل كان أحد صناعها واللاعبين الأساسيين فى إخراجها؛ فيقودنا إلى مكامن الخطر التى تحيق بالعالم العربى والعمل العربى المشترك؛ ليدقَّ ناقوس الحقيقة والخطر لمن أراد أن يدرس.. ولمن أراد أن يعرف؛ ليبنى مستقبلًا أكثر تفاؤلًا وأملًا أكثر مما فات.

إن القيمة الكبرى المضافة لهذا الكتاب تكمن فى أنه يقدِّم سردية عربية يكتبها الأمين العام بشأن العديد من القضايا العربية الرئيسية خلال سنوات وجوده على رأس العمل العربى المشترك، فى ظل ندرة السرديات أو الروايات العربية التى تنطق برؤية العرب ومنطقهم إزاء هذه القضايا.

كما صدرت رواية «الغميضة» للروائى وليد علاء الدين وهى ترصد حكاية ولد وبنت يَجدان نفسيهما على خشبة مسرح الحياة حيث الفُرجة والانتقاء والمشاركة. الفُرجة تحتاج إلى عينَينْ، والانتقاء يتطلب معرفة، والمشاركة لا تتم بلا مُصارحة ووضوح. شرطها البسيط: أن نتعامل وجهًا لوجه، وإلا تحولت الحياةُ إلى “غُميضة”... الفائز فيها هو القادر على الاختباء والتمويه وإجادة استخدام الأقنعة. فهل يلجأ كلٌّ منهما إلى قناع يختبئ خلفه؟ أم يختار أن اللعب على نظافة، وجهًا لوجه؟

ويستعيد الباحث د.مصطفى جاد فصولاً من السيرة أو عن العلاقة بين المبدع والمتلقي، وهل تستند إلى لغة معينة وطبيعة فنية خاصة، يدور كتاب الروائى والكاتب المصرى هشام علوان “تدوير النص الأدبي... أزمة التلقى والنشر”، وذلك من خلال دراسة عدد من الروايات المصرية والعربية، والبحث عن جماليات مختلفة تقدمها نصوصها للقراء، وهى تشتبك معهم، وتحاول تغيير أفق التوقع لديهم.

.. حزمة إصدارات جديدة أصدرتها  الهيئة العامة لقصور الثقافة بمصر ضمت أكثر من 40 كتاباً تنوعت بين الدواوين الشعرية، والرواية، والمسرحية، والدراسات النقدية، والفلسفية، فضلاً عن الكتب الوثائقية، فعن سلسلة “أصوات أدبية”، صدرت تسعة دواوين شعرية منها “تى شيرت واسع بكل الألوان” للشاعر أمجد ريان، و”عشب الروح” ناجى شعيب، و”منهك كأنه المعجزة” مروة أبو ضيف. ومن الروايات والمجموعات القصصية رواية “الضليل” لأحمد صبرى طرابية، والمجموعة القصصية “حتى لا يرث العماء” لمحمد شاكر إبراهيم، و”الرقصة الأخيرة” لهبة حمدي. وفى آفاق السينما “المأثورات الشعبية فى السينما المصرية دراسة فى بعض أفلام صلاح أبو سيف” للدكتور حسين عبد اللطيف، و”سينما نجيب محفوظ” للناقد نادر عدلي، وصدر ضمن سلسلة الدراسات الشعبية أربعة كتب منها، “النظرة فى المأثور الشعبي” للباحث أسامة الفرماوي.

وفى آفاق عالمية، صدرت رواية “الغثيان” لجان بول سارتر ترجمة فتحى العشري، و”حكايات كانتربري” من روائع الأدب الإنجليزى تأليف جيفرى تشوسر، ترجمة وتقديم الدكتور مجدى وهبة والدكتور عبد الحميد يونس، ويعتبر الكتاب مجموعة قصصية شعرية شعبية، ترسم شخصيات الحجاج لزيارة القديس الشهير توماس بيكت. ومن روائع الأدب الفرنسى رواية “الطاعون” تأليف ألبير كامي، ترجمة الدكتورة كوثر عبد السلام ومراجعة الدكتور محمد القصاص، و”قصائد من كفافيس” ترجمة الدكتور نعيم عطية، و”قصيدة النثر” تأليف سوزان برنار، ترجمة راوية صادق.

وضمن سلسلة ذاكرة الكتابة، صدر كتاب “المسرحيات السياسية”، و”المسرحيات المجهولة” للناقد فؤاد دوارة، ويعتبر الكتابان من الدراسات المهمة فى مسرح توفيق الحكيم، كما صدر للدكتور حسين فوزى “سندباد عصري” و”رحلة السندباد القديم

كما أصدر الروائى اللبنانى المقيم فى باريس أمين معلوف روايته» إخوتنا غير المتوقعين» حيث يحذر من مغبة التغيرات الكونية التى تبدو مبهجة، وتخبئ خلف مباهجها شراً كثيراً، إلا أنه هذه المرة يقدم لنا حكاية الذهاب إلى الجحيم، ويجعلنا نعيش سقوط رمز النظام العالمي، بموافقة ورضوخ رئيس الولايات المتحدة الأميركية؛ المتخيل بطبيعة الحال؛ هاوارد ميلتون، الذى يجد نفسه، رغم انقسامات كبيرة فى الرأي، ومعارضين شرسين له، مضطراً للاستسلام. لكن لمن؟ وفى مواجهة من؟ إنهم ليسوا الصينيين، أو الروس، أو الهنود، أو الإيرانيين هذه المرة، بل قوة غامضة وذات بطش.

هذا هو المفصل الذى يسحب الرواية من واقعيتها، ويدخلها فى متخيل الأعداء الآتين من عالم آخر؛ لهم خصوصيتهم ومنطقهم، وغرائبياتهم التى تشكل أحد عناصر قوتهم الضبابية.

عن دار “أقلام عربية للنشر” بالقاهرة صدر ديوان جديد للشاعر طارق هاشم بعنوان “اختراع هوميروس”، يمثل الديوان نقلة نوعية فى تجربة الشاعر، خصوصاً بعد عدد من الدواوين بالعامية المصرية صدرت له، ويقع فى 133 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 28 نصاً شعرياً تتراوح ما بين نصوص الومضة الشعرية الخاطفة، والنصوص الطويلة.

يتخذ الديوان من أفق قصيدة النثر مداراً للرؤية وطرح الأسئلة، بينما يمثل الشاعر اليونانى هوميروس مؤلف الملحمتين الإغريقيتين الخالدتين الإلياذة والأوديسة الزمن والمثال الهاربين من قصيدة النثر، خصوصاً فى تطورها الراهن.

فى ظل هذا المناخ، يطرح الشاعر همومه الشخصية وعلاقته بواقعة وأفكاره ورؤاه ومشاعره العاطفية، وتتحول قصيدة النثر داخل معظم القصائد إلى موضوع دائم، وحلقة وصل بين العناصر والأشياء، سواء فى حضورها المادى المباشر، أو تخفيها فى صور ورموز شتى خلف العلامات والدلالات والإشارات.

فى كتابه “صاقل الماس”، تناول الإعلامى والروائى الفلسطينى زياد عبد الفتاح، الكثير من أسرار حياة الشاعر الفلسطينى محمود درويش، فى تونس، وقبلها فى بيروت. وقد خصص المؤلف فصلاً كاملاً لمنزله بتونس، الذى كان فيه درويش يتجول كيفما يشاء، يصنع قهوته منتهزاً فرصة انشغال والدة زياد بهموم الحياة اليومية، وحين يعود يجلس إلى جوارها، يتسامران معاً، ويفتشان فى ساعات الأيام الماضية والسنين الخوالى عن شيء يضمدان به جراح غربة طالت.

من هذا الموقع، تبدأ حكايات المؤلف فى الكتاب، إشارات هنا وهناك، وحديث عن رحلات قام بها أوائل الثمانينيات لعدد من العواصم العربية، وعن اتصالات أجراها من أجل الالتقاء بالكتاب والشعراء المقيمين فيها، كان هدفها جميعها تنظيم مؤتمرات فرعية، من أجل التحضير لعقد المؤتمر العام لاتحاد كتاب بلاده الذى كان يرأسه درويش، وتتقاذفه رياح الانشقاقات داخل حركة فتح.

يقدم الباحث المصرى المتخصص فى الأدب الصينى الدكتور حسانين فهمى حسين، من خلال كتابه “عناق النيل واليانجتسي” موجزاً لتاريخ التفاعلات الأدبية بين مصر والصين، راسماً لوحة بانورامية لأبحاث وترجمات الأدب الصينى فى مصر، إلى جانب دراسة تأثير أعمال الكاتبين الصينيين الشهيرين “لو شون” و”لاو شه” فى إبداعات بعض الكتاب المصريين، كما يستقصي، عبر كثير من الدراسات المقارنة لأعمال مختارة من لاو شه ونجيب محفوظ، وتوفيق الحكيم، صورة المرأة فى أدب كل منهم، ويعقد مقارنة بين النماذج النسائية التى ظهرت فى إبداعاتهم الروائية للوقوف على مكانتها، ورؤيتهم لمشكلاتها، وطرائقهم فى تصوير معاناتها فى المجتمع. ويمثل الكتاب الذى صدر حديثاً فى طبعة عربية عن دار صفصافة، إضافة مهمة فى مجال الدراسات المقارنة بين الأدبين الصينى والعربي.

كما صدرت عن دار الرواية العربية رواية “هاربون من كورونا” للكاتب الأردنى مصطفى القرنة. وتتناول الرواية مسار الوباء، عبر التنقل فى فضاءات مختلفة، قاسمها المشترك الخوف من هذا الوباء الجديد الذى اجتاح العالم، متطرقة إلى تجارة الحيوانات البرية، وثقافات الشعوب فيما يخص ذلك، وتتتبع الأوبئة السابقة وطرق انتقالها من الحيوانات إلى الإنسان، كما توضح عوامل الضعف عند الإنسان. ويمتد زمن الرواية خلال شهور الهجمة التى شنها وباء كورونا، وأصاب دول العالم، أما الشخصيات فهى من دول مختلفة تلتقى معاً ليجمعها فضاء مليء بعدم اليقين والخوف بسبب كورونا، وتداعياته فى كل مكان فى العالم.

كما صدرت رواية “إبرة الرعب”، للسورى هيثم حسين. وتزامن نشرها مع صدور الترجمة الفرنسية للرواية عن دار “لارماتان”، فى باريس، بترجمة للمترجم التونسى منصور مهني.

و تتناول الرواية موضوعات عدة، من خلال محاور متداخلة، منها التعرف المغلوط إلى العالم، والرد العنيف على الظلم اللاحق بالشخصية، ومحاولة الشخصية الانتقام لتاريخ مديد، ثم الدخول فى تفاصيل الفساد والتهميش والاتجار بالبشر، والتحول الجنسي، وبعض ممهدات التطرف، ودور بعض السوريين فى الحرب الأهلية اللبنانية؛ وكل ذلك فى سياق روائى يصور عدة أمكنة، ابتداء من قرية نائية فى شمال شرقى سوريا، مروراً بدمشق وريفها، وصولاً إلى بيروت. وقد اعتمد الكاتب فى هذه الرواية تعدد أصوات الرواة، وحاول الخوض فى موضوعات إشكالية خطيرة. فى كتابها “الحديث الأخير مع ناظم” الصادر عن “دار المدى” بترجمة الناقد والسينمائى الأردنى عدنان مدانات، تتوقف فيرا تولياكوفا حكمت، عند أهم المحطات فى حياة زوجها الشاعر التركى ناظم حكمت.

والكتاب ليس ذكريات؛ بل هو حديث حقيقى مع زوج توفي، وبفضل هذا الحديث تعافت فيرا تولياكوفا من حالة الحزن التى عانتها بعد رحيله. فقدت فيرا زوجها وهى على عتبة الثلاثين من عمرها، بينما لا تزال تنتظرها حياة كاملة، مع أن أهم ما فى حياتها كان قد تحقق. لقد انعكس قدرها البهيج المشترك مع زوجها الشهير على مجرى حياتها اللاحقة. وهى فى الكتاب لا تكتفى بإعادة سرد أفكار ناظم حكمت؛ بل هى ترى العالم بعيون.