الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

أبرزها عين كليوباترا بسيوة وبئر مسعود بالإسكندرية

الآبار والعيون المصرية.. أساطير تتناقلها الأجيال

فى فلك الموروث الشعبى تتعاقب الحضارات وتكتنز الأرواح تلك الحكايات والأساطير، حتى تصبح جزءًا من الوعى الجمعى المتوارث. ومن أهم هذه الأساطير ما رٌوى قديمًا عن حكايات وأساطير ترتبط بعيون وآبار وواحات الماء فى مصر، خاصة واحات الداخلة والخارجة وسيوة. معًا سوف نقتفى بعضًا من هذه الحكايات  التى جرت على ألسنة الرواة من الباحثين والمؤرخين والمعاصرين وسكان البلد.



«عين كليوباترا»  أو عين شمس بواحة سيوة

يقول عبدالعزيز الدميرى مدير عام آثار مطروح  عن عين كليوباترا بواحة سيوة أنها قد سميت بالعديد من المسميات قبل أن يؤول اسمها إلى كليوباترا فقد كانت تسمى عين جوبا ثم عين الشمس وعين الحمام ،  وأهم ما يميز «عين كليوباترا»  أن الناس يشعرون بأن درجة حرارة مياهها فى الشتاء دافئة، لدرجة أن مياهها تتبخر فى الصباح كأنها تغلي، أما فى الصيف تشعر بأنها باردة مهما كانت درجة الحرارة. ويظن البعض انها هى العين الحمئة التى ذٌكرت فى سورة الكهف حيث زارها ذو القرنين قديماً.

ومن أبرز الحكايات المتداولة تلك التى ارتبطت بأسطورة إيزيس وأزوريس، فبعدما قام الإله ست بتقطيع جسد أوزوريس إلى أجزاء ووزع هذه الأجزاء على العديد من المناطق، جمعت إيزيس أجزاء جسده من كل الأنحاء بالإضافة لرأسه، وجاءت لعين كليوباترا بواحة سيوة لتغسله فتعود إليه الروح ثانية.

كما تقول الحكاية الأخرى أن الملكة كليوباترا سبحت فيها بنفسها أثناء زيارتها لواحة سيوة كما ذكر عدد من المؤرخين، وكذلك أنها العين التى زارها الإسكندر الأكبر فى رحلته إلى معبد آمون بواحة سيوة فعندما علم كهنة الواحة آنذاك بقدوم وفد يضم الإسكندر الأكبر لتتويجه بمعبد آمون نصحوه بضرورة اغتساله فى العين، ليتطهر من كل آثامه ويستقبل عهداً جديدا يبشر بمولد ملكاً ستظل سيرته خالدة  لحضارات متتالية، فامتثل الإسكندر لنصيحتهم  وقام بالاغتسال قبل تتويجه بالمعبد فى وسط احتفالات مهيبة.

ومن المعروف أن واحة سيوة تعد من أفضل المناطق العلاجية فى الشرق الأوسط لما يتوافر بها من عيون مياه كبريتية طبيعية، ورمال ذات خصائص علاجية، كما أن سيوة تمتلك ثروات من العيون الطبيعية تقدر بـ200 عين كبريتية.

«بئر مسعود» قبلة العاشقين بالإسكندرية

لبئر مسعود بمحافظة الاسكندرية خصوصية وارتباط عاطفى به من قبل زواره، حيث اعتُبر «بئر مسعود»  قبلة للمحبين والعاشقين من كل حدب وصوب، يلقون فيه بعملاتهم المعدنية أو مقتنياتهم الفضية وربما الذهبية بعد أن يحيكوا الأمنيات بقلوبهم راجيين أن تٌستجاب.

هناك العديد من الروايات التى دارت حول البئر، ومنها ما رجحه علماء الآثار بأن تكون بئر مسعود مقبرة قديمة شُيدت فى العصر اليوناني، حيث اشتهر اليونانيون بإقامة مقابرهم بالقرب من البحر، إلا أن هناك العديد من الروايات والشائعات التى تترد حول تسمية «بئر مسعود» بهذا الاسم، ومن بينها وأشهرها أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى الشيخ مسعود، أحد أولياء الله الصالحين، الذى كان يعيش ويتردد بشكل يومى على البئر للتأمل فى ملكوت الله والتضرع له، إلى أن توفى بالقرب منه، وعندما تسببت البئر فى غرق المنطقة المحيطة بها اعتقد البعض أنه غضب من الشيخ مسعود عليهم وأٌطلق اسمه على البئر. وهناك رواية أخرى تعود إلى عهد الدولة الفاطمية، وترجح هذا الاسم نسبة إلى عبد حبشى كان يملكه ثرى عربى فى ذلك الوقت، وكان دائم البطش به وتعذيبه، إلى أن تمكن العبد من الهروب من مالكه قاصداً الإسكندرية وغفا بجانب هذه البئر، وفى اليوم التالى توفى العبد واعتبر أهالى المنطقة أن هذا البئر «مسعود» لأنه أراح العبد من بطش وظلم مالكه.

«واحة  زرزورة» بواحة الداخلة

العديد من كتب الرحالة القديمة، وأوراق وخرائط الباحثين العرب والأجانب تتحدث عن واحة أسطورية تقع فى قلب الصحراء الغربية، تسمى «واحة زرزورة»، حيث زارها مزارعين كانوا على مشارف الصحراء، فإذا بزرزور (طائر) يأتى من ناحية هذه الصحراء الشاسعة، التى لا يٌعتقد بوجود مناطق مأهولة أو مزروعة خلفها، ولما اصطادوا هذا الزرزور ذبحوه، ووجدوا أمعاءه ممتلئة بالحبوب والزيتون، فخمّنوا أن وراء هذه الصحراء واحة عامرة بالخيرات.

فى القرن الخامس قبل الميلاد، حدثت عاصفة رملية ابتلعت جيش قمبيز الفارسي، كما يسجل المؤرخ اليونانى هيرودت، وعندما علم قمبيز  أراد تدمير معبد الإله آمون فى واحة سيوة من شدة غضبه.وتناقل الرحالة والتجار فيما بعد أن رمال الصحراء ابتلعت واحة زرزورة.

كذلك يقول المقريزى أن المدينة التى يسترها الجان لها أشكال متباينة، فقد تظهر بشكل مفاجئ فى الصحراء ليلا أو يدلف إليها التائه عبر بئر مهجور له باب قديم متهالك، بجانبه ثعبان نائم يحرسها. ومن ثم يترسخ المعتقد الشعبى بأنه حيثما كان النشاط الإلهى يتجلى فى إحياء الأرض كان الماء الذى يعطيها الخصوبة ويهب الحياة لسكانها، 

ويشير الباحث عبدالوهاب حنفى فى كتابه «الواحات الداخله.. دراسة فى التاريخ الثقافى والمأثورات الشعبية» إلى أنه مثلما يتطلب دخولها إذنا، يتطلب أيضا الخروج منها إذنا آخر من حارسها وهو كائن غير مؤذٍ ليس بعفريت ولكن جان أو ملاك،هكذا تقول الأسطورة, فالمدينة المسحورة ليست فقط مكاناً للطيبين الذين يحصلون على ما يستحقونه من جنة مفقودة، ولكنه أيضا مكان للأشرار الذين يحصلون على عقابهم من مضاداتهم.