الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

سقوط الديمقراطية الزائفة

ليلة سوداء فى البيت الأبيض

عادت جلسات الكونجرس للانعقاد من جديد عقب إغلاق المبنى، لساعات بسبب اقتحام أنصار الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته دونالد ترامب له. وتم  اتخاذ ذلك القرار بعد مشاورات مع زعماء الكونجرس الآخرين واتصالات مع وزارة الدفاع (البنتاجون) ووزارة العدل ومايك بنس نائب الرئيس.



وصادق الكونجرس الأمريكى، أمس الخميس، على فوز جو بايدن بأكثر من 270 صوتا بالمجمع الانتخابى وهو الحد المطلوب للمرشح للفوز بسباق الرئاسة الأمريكية.

وانتهت عمليات المصادقة على نتائج المجمع الانتخابى حيث يتقدم بايدن بنتيجة 306 أصوات على ترامب الذى نال 232 صوتا.

وانتشرت عشرات من أفراد الحرس الوطنى المزودين بمعدات مكافحة الشغب لإبعاد المحتجين عن مبنى الكونجرس فى واشنطن. 

ارتفع عدد ضحايا أحداث العنف التى شهدها مبنى الكابيتول ليل الأربعاء إلى 4 حالات وفاة، حيث اقتحم أنصار الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب مقر الكونجرس فى العاصمة واشنطن.

ونقل مراسلون القنوات الأمريكية عن مصادر فى شرطة واشنطن، قولها إن الضحايا بينهم امراة قتلت بطلق نارى أثناء الفوضى التى عمت مبنى الكابيتول.

ومن جهة أخرى، قال قائد شرطة واشنطن إن القوات اعتقلت 52 شخصا فيما يتعلق بالأحداث غير المسبوقة.

وأعلنت شرطة المدينة فى وقت سابق أن المرأة أصيبت بالرصاص، ثم توفيت لاحقا متأثرة بجروحها.

وقالت المتحدثة باسم الشرطة ألينا غيرتس إن الجريحة توفيت، وأوضح قائد شرطة العاصمة الفدرالية روبرت كونتى خلال مؤتمر صحفى أن تحقيقا فتح لتحديد ملابسات إصابة المرأة بالرصاص.

ووفقا لوسائل إعلام أمريكية، فإن القتيلة تدعى آشلى بابيت، وهى من عتاة مناصرى ترامب، وأتت إلى واشنطن من سان دييجو فى جنوب كاليفورنيا.

ونقلت قناة «كى يو إس آي» التلفزيونية التى تحدثت مع زوج القتيلة، إن «بابيت خدمت فى الجيش لمدة 14 عاما، وكانت من أشد المؤيدين للرئيس ترامب».

ووفقا للقناة التلفزيونية، فإن زوج القتيلة بقى فى سان دييغو فى حين سافرت زوجته إلى واشنطن للمشاركة فى التظاهرة التى دعا إليها ترامب أنصاره للاحتجاج على هزيمته أمام جو بايدن.

واكتفت شرطة واشنطن بالقول إن الأشخاص الثلاثة الآخرين الذين لقوا حتفهم، توفوا بسبب «طوارئ طبية»، من دون ذكر المزيد من التفاصيل.

وقد أعلنت سلطات مدينة الإسكندرية، الواقعة فى ولاية فرجينيا الأمريكية فرض حظر تجول لمدة 12 ساعة فى المدينة.

وأمر حاكم فيرجينيا، رالف نورثهام، بفرض حظر التجول على المدينة، ومقاطعة أرلينجتون فى ضواحى واشنطن، بسبب أعمال العنف التى اندلعت اليوم فى الكونجرس الأمريكي، وفقًا لشبكة «إن.بي.سي» الأمريكية.

ودخلت العاصمة الأمريكية واشنطن فى حظر تجول لمدة 12 ساعة، وذلك بعد أعمال شغب غير مسبوقة، تم خلالها اقتحام مبنى الكونجرس، الذى يعد أهم هيئة تشريعية فى الولايات المتحدة الأمريكية.

وأفادت شبكة «سي.إن.إن» الأمريكية  بأن النواب الأمريكيين اختبأوا داخل قاعدة عسكرية فى العاصمة واشنطن، عقب اقتحام مبنى الكونجرس اليوم قبيل التصويت على فوز الديمقراطي، جو بايدن، بالانتخابات.

وكتبت صحيفة «نيويورك تايمز» فى العنوان الرئيسي: «الغوغاء اقتحموا الكابيتول بتحريض ترامب».

وقالت الصحيفة العريقة فى افتتاحيتها إن ترامب «هو المسؤول عما جرى فى البرلمان الأميركي»، وأضافت أن الرئيس المنتهية ولايته ومساعديه فى الكونجرس هم الذين حرضوا على الهجوم العنيف، مؤكدة أن «هذا شيئا لا يمكن التسامح معه».

ودعت الصحيفة إلى محاسبة ترامب وحتى عزله عن الحكم، مع أنه لم يتبق له سوى أيام معدودة فى البيت الأبيض، كما حثت على محاكمته جنائيا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أنصاره الذين اقتحموا البرلمان.

واستعلمت صحيفة «واشنطن بوست» نفس المصطلح: «الغوغاء». وكتبت فى عنوانها الرئيسي: «الغوغاء المؤيدون لترامب اقتحموا مبنى الكابيتول».

وذهبت إلى النتيجة نفسها التى خلصت إليها «نيويورك تايمز»، وهى اتهام ترامب بالمسئولية عما حدث، ودعت إلى عزله عن منصبه فورا.

وقالت صحيفة «يو إس إيه توداي» فى افتتاحيتها، إن الذى حدث فى الكونجرس «أمر لا يمكن تصديق حدوثه فى الديمقراطيات الراسخة ولا تلك الوليدة».

وجاءت الافتتاحية بعنوان: «ترامب يتسبب فى المذبحة التى تعهد بوقفها»، ووصفت الصحيفة ما جرى فى مبنى الكابيتول بعد اقتحامه من طرف أنصار ترامب بـ«المشاهدة المرعبة، التى جلب الخزى والإحراج للأمة الأمريكية».

ورأت أنه «فى أمريكا المنقسمة على ذاتها، يفترض أن تؤدى أحداث الكونجرس إلى توحيد الأمريكيين»، وقالت إن الولايات المتحدة «تحولت من منارة للحرية إلى نموذج مروع من الاعتلال الوظيفي».

وأضافت: «مبروك سيد ترامب. لقد جعلت مدينتنا المشرقة رمزا للعار الوطني».

أمام «فوكس نيوز»، القناة التليفزيونية المقربة من ترامب، فقد اتخذت خطا تحريريا أقل حدة من سابقاتها من وسائل الإعلام فى تغطية الحدث، لكنها مع ذلك انتقدت ما حدث فى الكونجرس.

ونددت على لسان المعلق السياسى البارز فيها شان هانيتي، بأعمال العنف التى ارتكبها أنصار الرئيس المنتهية ولايته.وقال هانيتي: «نحن لا ندعم أولئك الذين يرتكبون أعمال عنف».

 

 

 

فى ظل انقسامات شعبية

كيف سيدير «بايدن» الولايات المتحدة؟

 

ستظل مشاهد العنف والتخريب والفوضى التى حدثت الأربعاء أمام الكونجرس الأمريكى عالقة فى أذهان العالم أجمع، ووفقًا لصحيفة لوس أنجلوس تايمز لن ينته الأمر بعد ؛ بل سيؤدى إلى انقسامات واستقطابات واسعة فى هذا المجتمع الذى يعانى من مشكلات فى تركيبته العرقية والحزبية، وإذا ما نظرنا أيضًا إلى أن دعوات التظاهر وعدم الاعتراف بنتائج الانتخابات، كانت مدعومة من قيادات وأعضاء كثيرين من الحزب الجمهورى ؛ بل ومؤسسات كبرى؛ بل لا أبرئ اللوبى اليهودى الذى وجد فى استمرار ترامب ما يحقق مصالحه ومصالح إسرائيل.

وقالت مجلة فورين بوليسى الأمريكية أن هذا اليوم هو تاريخ فاصل فى دولة «الديمقراطية» فهو يوم سقوط الحرية وتمثالها الذى اتخذته واشنطن رمزًا لديمقراطيتها وأبرز معالمها على مر التاريخ.

ورأت أن أحداث العنف ستكون لها تداعياتها وآثارها على مستقبل الولايات المتحدة، بعد أن دهس الأمريكيون حصن الديمقراطية، وحطموا أسطورة الحرية الأمريكية فى غياب التأمين الهش لهذا المبنى التاريخى المهم.

لقد أسست هذه المظاهرات  المتطرفة غير السلمية لمرحلة جديدة فى تاريخ أمريكا سوف تنعكس على سياسة واشنطن، ومن الصعب احتواء تداعياتها فى القريب وربما قادم الأيام.

وقالت سحر خميس أستاذة الإعلام فى جامعة ميريلاند الأمريكية إن دونالد ترامب يترك لخلفه فى الحكم جو بايدن «كعكة مسمومة»، وتحدثت عن «انقسام شعبي» داخل المجتمع الأمريكي.

وأضافت أن الحزب الجمهورى بات أيضًا منقسمًا جراء سياسة ترامب، مشددة على أن نظريات المؤامرة التى روج لها الرئيس المنتهية ولايته جعلت الشعب يفقد الثقة حتى فى وسائل الإعلام.

 

الكونجرس

تاريخ من الاقتحامات والحرائق والتفجيرات

 

لم تكن عملية اقتحام الكابيتول يوم 6 يناير 2021 أول مرة يشهد خلالها المقر الرئيسى للسلطة التشريعية الاتحادية بالولايات المتحدة حالة من العنف والفوضى. فعلى مر تاريخه الذى يمتد لأكثر من قرنين، شهد هذا المبنى عمليات لإحراق وتفجيرات وإطلاق نار أدت لسقوط ضحايا من بين النواب.

 

1814

 

فى يوم 24 أغسطس 1814 دخلت القوات البريطانية العاصمة واشنطن واتجهت لإحراق جانب مهم من معالمها انتقاما لمدينة يورك، بكندا حاليا، التى أحرقها الأمريكيون عام 1813.

وإضافة لمقر الرئيس المعروف حالياً بالبيت الأبيض، أحرق البريطانيون مبنى الكابيتول، والتهمت ألسنة اللهب جناح مجلس الشيوخ واحترق معه جزء مهم من مجموعة الكتب الموجودة بمكتبة الكونجرس.

 

1835

 

يوم 30 يناير 1835، كان الكابيتول على موعد مع محاولة اغتيال فاشلة للرئيس الأمريكى أندرو جاكسون، فأثناء جنازة النائب إرين ديفيس بالكابيتول، حاول الرسام ريتشارد لورانس إطلاق النار على الرئيس. إلا أنه فشل فى إصابته ليقبض عليه ويرسل لاحقاً نحو مصحة عقلية بعد أن أكدت المحكمة على تدهور مداركه العقلية.

 

1954

 

يوم 1 مارس 1954، شهد الكابيتول حادثة إطلاق نار غير مسبوقة بتاريخ الولايات المتحدة حيث أقدم أربعة من القوميين المنحدرين من أرخبيل بورتوريكو على إطلاق نحو 30 رصاصة نحو أعضاء مجلس النواب انطلاقا من شرفة الزوار.

 

1971

 

فى مارس 1971، عمد أعضاء منظمة الطقس تحت الأرض اليسارية المتطرفة لتفجير مبنى الكابيتول باستخدام قنبلة احتجاجا على التدخل العسكرى الأمريكى فى لاوس، وقد أسفر هذا الانفجار عن أضرار جسيمة قدرت بمئات آلاف الدولارات.

 

1983 

 

يوم 7 نوفمبر 1983، هز انفجار مبنى الكابيتول وتسبب حسب الموقع الرسمى لمجلس الشيوخ الأمريكى فى أضرار قدرت قيمتها بنحو 250 ألف دولار، وتبنت هذا التفجير منظمة أطلقت على نفسها اسم «فرقة المقاومة المسلحة» احتجاجاً على التدخل العسكرى الأمريكى بكل من جرينادا ولبنان.

 

صحف العالم: ديمقراطية تحت الحصار

 

سيطرت المشاهد غير العادية والعنيفة التى اجتاحت مبنى الكابيتول الأمريكى يوم الأربعاء الأسود على التغطية الإخبارية لجميع صحف العالم، فيما أفردت الصحف والمواقع والإلكترونية ومحطات التلفزة تغطية حية لحظة بلحظة لمتابعة الحدث، الذى لم يسبق أن وقع فى تاريخ البلاد التى أعلنت استقلالها عام 1776.

عنونت «نيويورك تايمز»: «ترامب يحرض الغوغاء» مع صور مثيرى الشغب وهم يتسلقون جدران مبنى الكابيتول. 

اكتفت «نيويورك ديلى نيوز» وصفت ما حدث بأنه «يوم العار».

وصفت «الديلى تليجراف» الشغب بأنها «ديمقراطية تحت الحصار» وتقول عن الهجوم الفاشل على مبنى الكابيتول «هذا هو الفصل الأخير فى إرث ترامب السام لأمريكا». 

تصدر مشهد مبنى الكابيتول المستدير المليء بحشد من الغوغاء المؤيدين لترامب يلوحون بعلم زعيمهم افتتاحية صحيفة «الجارديان» البريطانية، وفى التفاصيل اقتباس من مقولة الرئيس الأمريكى جو بايدن «ديمقراطيتنا تتعرض للهجوم»

كما يتم أيضًا مشاركة أغلفة من دير شبيجل على نطاق واسع على الإنترنت، وصفت ترامب بأنه «شيطان النار» وذكرت أن «رئيسًا يشعل النار فى بلاده». ووصفت صحيفة لا ريبوبليكا الإيطالية اليوم بأنه «يوم الانقلاب» فى أمريكا.

 

من هى جماعة «براود بويز»؟

 

فاشيون يدعون للعنف وأغلبهم سجناء سابقون

 

قادت جماعة «براود بويز» المتظاهرين لاقتحام الكونجرس، حيث استغلت الجماعة كلام ترامب واتخذته شعارا لها.وخلال كلمات ترامب مساء الأربعاء لأنصاره، قال إنه ينبغى لهم التوجه صوب مبنى الكونجرس للتعبير عن غضبهم بشأن عملية التصويت والضغط على المسئولين المنتخبين لرفض النتائج، وحثهم على «القتال».

وضاعفت هذه الكلمات من مخاوف الأمريكيين، الذين اعتبروه أمر عمليات من الرئيس لـ»براود بويز» لاقتحام مبنى الكونجرس.  

وزحف عناصر الجماعة نحو العاصمة واشنطن، قبل ليلة من تصديق الكونجرس على نتائج الانتخابات التى فاز بها بايدن، فى مشهد لم تره الولايات المتحدة منذ 200 عام.

والمعروف عن جماعة «براود بويز» أنها نشأت عام 2016، وهم يمجدون العرق الأبيض ويتخذون من الفاشية الجديدة سياسة لهم وألد أعدائهم هم المهاجرون واليساريون المتطرفون.

ويتخذ عناصر الجماعة من العنف السياسى ولغة الكراهية نهجا لهم فى مواجهة خصومهم، حيث سجلت الشوارع الأمريكية حوادث كثيرة قاموا بها وحظرت وسائل التواصل حسابات حركتهم مرارا.

وعناصر هذه الجماعة يؤيدون ترامب بشكل جنونى ويرون بأنه يدافع عن معتقداتهم وأفكارهم وشعاراتهم التى تقول «عودة أمريكا العظمى. أغلق الحدود. أعطى الجميع سلاحا. مجدوا رواد الأعمال. والمرأة دورها أن تكون ربة منزل».

والكثير من عناصر «براود بويز» هم سجناء سابقون أو فى سجلهم قضايا عنف وغيرها، إلا أنها تتوسع بشكل كبير وتندمج معها جماعات يمينية متطرفة تشبه توجهاتها.

إلا أن الغريب فى شأن هذه الجماعة أن من يترأس الجماعة إنريكى تايلور، الذى اعتقلته الشرطة قبل يومين، صاحب أصول إفريقية وكوبية.

وأظهرت مقاطع فيديو عددا من أنصار ترامب وهم يفتحون مطافئ حريق باتجاه عناصر الشرطة ويشتبكون معهم داخل مبنى الكونجرس.

وتم إغلاق مبنى الكابيتول والأعضاء بداخله فيما نشبت اشتباكات عنيفة بين أنصار ترامب والشرطة.

وأذيع إعلان بذلك داخل المبنى أثناء اجتماع النواب للتصويت على تأكيد فوز جو بايدن بالرئاسة، وبسبب «تهديد أمنى خارجي» منع دخول أو خروج أى شخص من مجمع الكابيتول، بحسب الإعلان.

وحطم المحتجون حواجز معدنية عند الدرجات السفلى للمبنى، وتصدت لهم الشرطة مرتدية زى مكافحة الشغب، وحاول البعض الاندفاع عبر صف الشرطيين الذين أطلقوا رذاذ الفلفل على الحشد، وهتف البعض وسط الحشد «خونة».