الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

واحة الإبداع ..

الحاوى

الأعمال للفنان: دانيال ماونتفورد



يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات  من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين.  إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق  «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة  بإرسال  مشاركتك  من قصائد أو قصص قصيرة أو خواطر «على ألا تتعدى 550 كلمة» مرفقا بها صورة شخصية على الإيميل التالى:

[email protected]

 

الحاوى

 

قصة قصيرة

 

بقلم: محمد فيض خالد

 

يا رفاعى مدد

بابتسامةٍ واثقة، وعيون تلمع مع ضوءِ النّهار الوليد، يسير مُمسكا بزمامِ حماره،  بهيئتهِ الأنيقة المعروفة، وجلبابه النّظيف المسدول بوجاهةٍ فوقَ جسمه النحيل، يُحدِّق بوجههِ الشّاحب، يمسك  بعصاه الخيزران يُضرب فى اهتياجٍ، واجهات البيوت المنخفضة، ويحكّ  فى حميةٍ الجدران  الطينية التى أجهدتها الرّطوبةِ، وعزائمه وتوسلاته بالأولياءِ لا تنقطع، و نبرات التوبيخ التى يُرسلها، على فتراتٍ لكُلِّ ثعبانٍ لا يَرضخ لطلبهِ .

ومن حولهِ بدت وجوه الناس يكتنفها الفضول، ويملأها الخوف والترقب، وعيون الصبية قد غامت فى سحابةِ كدرٍ، يرتسم الرُّعب فى ملامحهم، وصيحاتهم تملأ الفضاء من حولهِ. وعلى حينِ غرةٍ؛ يتصايح بصوتٍ يتهدّج غضبا، لا يتوقف عن غمغمتهِ، وقد أوجعَ ألواح الأبوابِ بيمناه، وأصوات طرقاته تأخذ بمسامعِ القوم، يتقافز كالبهلوانِ  يحذِّر من حولهِ بلكنةٍ صعيدية فاحشة، يعمّ المكان فى فوضى هو بطلها، لساعاتٍ تجرى مساومات بينه وبين ربّ البيت؛ نظير إخراج الثعبان العتيد، فى النهايةِ يتم الاتفاق وسط ريبةِ أهل الدّار، الذين أتلف الخوف أعصابهم، لتتقدم  سيدة مكتهلة، تملأ حِجرها بكيزانِ الذّرة اليابسة، تفرغها فى جوالهِ، يعاود الضّرب بعصاه، يسبح المكان ثانى فى صيحاتهِ، وقد اكفهرّ وجهه وأظلمت عيناه، ينحرف سريعا فى ركنٍ مُظلمٍ من البيتِ، يعود سريعا يحمل ثعبانه وسط ذهول المتفرجين، يطويه حول ساعده فى استعراضٍ ممجوج، يُطبّقه ثم يدسّه فى جانبِ» الخُرج» يمتطى حماره، ويمضى فى طريقهِ مُسرِعا، تُشيعه عيون النّاس بإعجابٍ مُريب، ومن خلفهِ يتطاير غبار حمار، وتصفيق الصِّغار الذين لحقوا بهِ.