الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى حواره لـ«روزاليوسف».. سامح حسين: الكوميديان لابد أن يكون طيبا حتى يكسب تعاطف الجمهور

الكوميديان المهذب.. هكذا يبدو دائما الفنان سامح حسين سواء فى أعماله الفنية المعتمدة على الكوميديا الراقية البعيدة كل البعد عن الإسفاف أو الابتذال، أو فى حياته الواقعية، فهو رجل شديد التواضع، دمث الخلق، بمزيج من المحبة والخجل يلقى معجبيه دائما، تاركا عباءة النجم الكبير خارج أسوار المسرح القومى، والذى انتهى مؤخرا من تقديم عرض «المتفائل» للمخرج إسلام إمام على خشبته، تربى سامح حسين مسرحيا، تربية شديدة صارمة، تعرض خلالها لكل الأشكال والألوان المرتبطة بصناعة المسرح، وبالتالى كان لها أثر واضح وفارق فى طعم الكوميديا التى يقدمها بالمسرح أو الدراما، عن البدايات ومشواره الفنى قال سامح حسين فى هذا الحوار: 



■ هل كان انطلاقك من مركز الإبداع الفنى؟

- لم يكن مركز الإبداع بالنسبة لى خطوة البداية فى مجال الفن أو المسرح بل كان مرحلة تالية، لأننى فى الأساس خريج كلية حقوق جامعة عين شمس، وكانت نقطة انطلاقى من مسرح الجامعة، كانوا يطلقون على تلك الفترة العصر الذهبى لكلية حقوق جامعة عين شمس لأننا كنا فريقا مميزا، حصلنا فى السنة الأولى على المركز الأول بالجمهورية، ثم استمر نفس المستوى لمدة عامين، كان يخرج عروضنا عادة شادى سرور مدير مسرح الطليعة، وهو من علمنى المسرح فى بداياتى، سافرنا المغرب وتونس مع الجامعة، ثم انتقلت بعدها للعمل بقصور الثقافة والمراكز الثقافية، والفرق المستقلة، وكنت حريصا على تعلم كل شيء له علاقة بالمسرح، لم أكتف بالتمثيل فقط، شاركت فى إعدد نصوص، وكنت مساعد مخرج وعملت بالإدارة المسرحية فى الإضاءة ثم منفذ ديكور وملقن، كل حاجة لها علاقة بفن المسرح، وعلى مستوى الاحتراف كنت مساعد مخرج أملا فى الحصول على دور مع المخرج قاسم محمد فى عرض «رسالة الطير» بمسرح الهناجر، والمخرجة السورية رولا الفتان كان أول تجربة تمثيل لأحمد عز بالهناجر، ثم التحقت بكلية الآداب قسم مسرح، وشاركت فى عروض عديدة كمساعد مخرج مع استاذ خالد جلال قبل الالتحاق بورشة مركز الإبداع حتى أصبحت  الرجل الثانى بعد مدام علا فهمى.

■ لماذا حرصت على اكتساب كل هذه المهارات المسرحية؟

- قررت القيام بمهام أخرى بعيدة عن التمثيل من شدة حبى فى التمثيل كنت أريد دائما أن أفرق عن غيرى، لذلك فكرت فى تعلم خبرات الإخراج ومساعد مخرج لتكون إضافة كبيرة لى كممثل، سعيت لذلك بهدف التميز لذلك أعتقد أننى من الممثلين المريحين لأى مخرج لأننى أعلم واجبات الممثل وحقوقه، فكثيرون يخلطون بين الحقوق والواجبات ويتصرفون من منطلق النجومية.

■ إذن كيف كان التحاقك بمركز الإبداع الفني؟

 - فى بداية إنشاء مركز الإبداع دعانى المخرج خالد جلال لدخول الدفعة الأولى لأنه كان يريد تقديم دفعة قوية، اختارنى مع بيومى فؤاد ، ياسر الطوبجي، محمد على رحمة الله عليه، إيمان السيد، ونضال الشافعى، كانت مجموعة لطيفة للغاية لكن  قبل الإبداع كنا جميعا من مسرح الجامعة فهو فى رأيى أساس المسرح فى مصر، ثم شاركت قطاعا خاصا وعاما حتى قبل التحاقى بالمركز، وكنت قد شاركت مع خالد جلال نفسه فى عرض «تحب تشوف مأساة» على المسرح القومى قبل الورشة، ثم افتتحنا مركز الإبداع قبل فكرة الورشة بعرض «حلم ليلة صيف» لوليم شكسبير قدمناه بعنوان «حلم ليلة فى أغسطس» كنا خمسة أفراد وقتها فتحنا به المركز، بعده بعامين جاءت فكرة ورشة التمثيل.

■ كيف تم تصنيفك ككوميديان؟

- من بداية دخولى مسرح كلية الحقوق، كنت أسهم فى تشكيل النص لغويا لأننى ماهر فى اللغة العربية، بسبب قراءتى للقرآن بشكل مكثف منذ نعومة أظافري، لدىَّ حس لغوى كبير عن طريق السمع، كان أول دور قدمته مجرد جملتين، بدأت مصححح لغة ثم دخلت لأداء الشخصية بالعرض بإحساس جاد، لأنه كان مواطن مطحون كان صوتى «مسرسع وحجمى ضئيل»، وجدت وائل أبوالسعود كان مساعدا لشادى سرور، يضحك بشدة على أدائى للشخصية، فى ذلك اليوم بكيت وحزنت للغاية، وجلست أفكر، لماذا ضحك أثناء تمثيلى رغم صدقى فى الأداء، شعرت بالإهانة لأنه سخر مني، لكن فى اليوم التالى جلس يتحدث معى ويفهمنى بأن ما فعلته كان أداء كوميديا للشخصية، وهو لو أراد تقديمها كوميدية لن يخطر بباله هذا الشكل التلقائى الذى قدمتها عليه، ووقتها تعلمت منهم بأن الكوميديا من الأداء الجاد تخرج أقوى من تعمد إلباسها قالب الضحك بالهزار، من هنا صنفت ككوميديان حتى التحقت بكلية الآداب قسم مسرح، كنت أحصل  فى كل مشاريعى سنويا على تقدير امتياز فى كل السنين بمادة العروض، واخترت أن يكون مشروع تخرجى تراجيديا وقتها اندهش زملائى من اختيارى لأننى كنت مصنف كوميديان جامعة عين شمس، لكننى عادة كنت لا أميل للكوميديا الفارس، لأن الفارس يقدم كثيرا، ونادرا ما يتم تقديمه بشكل صحيح، قد ينقلب إلى استظراف أو استخفاف، وأعتقد إذا لعبت الوانا مختلفة، وتنوعت بين الكوميدى والتراجيدى، سوف يثبت أسلوبى فى الضحك عند الجمهور بشكل أكبر.

■ شخصية رمزى فى «راجل وست ستات» كانت أول انطلاقة لنجومية سامح حسين حدثنا عن كواليس حصولك على هذه الشخصية؟

- كنت أشارك الفنان أشرف عبد الباقى فى مسرحية بالقطاع الخاص مع وفاء عامر وسعيد صالح، وحيد سيف ولطفى لبيب، ثم شاركته فى فيلم «لخمة راس» كان الدور صغير، وبدأنا منحه مساحة أكبر حتى تم وضعه على الأفيش، أثناء العرض الخاص للفيلم بدأ الجمهور يعرفنى ويتصور معي، حقق الفيلم انطلاقة، ثم بعدها قابلت المخرج أسد فولادكار، كان يستعد لتقديم فيلم لمجموعة من الشباب، وجدته يطلب منى قراءة «ديالوج» لورق كان يجرى معى تجربة على الورق حتى أحب أسلوبى وطلب من المنتج أن أكون بطل الفيلم، لكنه رفض فأصر أسد فولادكار لدرجة أنه ترك الفيلم وعاد إلى لبنان ولم يتم المشروع، بعد سنة طلبنى الفنان أشرف عبد الباقى للمشاركة فى ست كوم، لم أتحمس للفكرة لأننى وقتها كنت أرى أن المسرح أهم ولا أفهم الشكل الذى يتم إجراء الست كوم عليه، بأن  يضحك الجمهور فى البلاتوه، رفضت فى البداية لأننى كنت أراه مجرد مسخ للمسرح، بعدها ذهبت للقاء المخرج وكانت المفاجأة أنه أسد فولادكار وجدنى أمامه بعد أن كان يبحث عنى للعب نفس الشخصية التى رشحنى لها أشرف عبد الباقي، بدأت العمل معهم وكانت نقطة انطلاقة حقيقية، خاصة وأننى فى «لخمة راس» كنت حليق الرأس وأحول العينين، فكان من الصعب أن يتذكرنى الجمهور.

 ■ كيف رأيت شخصية رمزى؟

- لعبت الشخصية من أول درس تمثيل تعلمته فى حياتي، أن الجد أقوى طريق لصناعة الضحك، وبالتالى تعاملت مع الجميع بمنتهى الجدية أنهم هم الأغبياء وأنا الأذكى، وهم لا يستطيعون استيعاب هذا الذكاء، كنت أضيف كل شيء على الشخصية مع أشرف عبدالباقى، كانت نتاج ارتجال كبير بيننا، لأن الشخصية فى الأصل كانت ثانوية للغاية، لم تكن رئيسية فى الأحداث رمزى لم يكن له وجود قوى فى الحلقات الأولى، فى البداية مثلا كنت أنادى أشرف عبد الباقى بعادل، ثم فكرت أنه سيكون مثيرا للضحك، إذا أطلقت لقب دلع على من يضربنى ويهنى طوال الوقت، فقررت أن اناديه «دولة» حتى أكسب تعاطف الجمهور، لأن الكوميديان لابد أن يكون طيبا، تذكرى أى كوميديان فى التاريخ، جميعهم كانوا أشخاص طيبون، لا أقصد لعب دور الشرير بينما طبيعة الكوميديان نفسه تكون طيبة ومسالمة، حتى يكون أقرب لقلوب الناس والطيبة تفتح باب القبول، لكن الشرير يحتاج بذل جهد أكبر لصناعة الضحك، بدأت فى إضافة «دولة حبيبي» من الحلقة الثانية والثالثة، ووجدتها أجمل كثيرا ثم صورنا الأجزاء عن طريق البناء الذى بنيته مع أشرف عبد الباقى. 

■ هل اليوم اصبح الكوميديان مطالبا ببذل مزيد من الجهد على الورق لفتح مساحات اكبر للضحك والشخصية؟

- المسلسل وقتها كان لا يزال فى مرحلة الكتابة وكتب منه حوالى 10 حلقات لم يكن لى تواجد يذكر فى الحلقات العشر الأولى، بعد وقت طلب المنتج والمخرج أن يأتى المؤلفون لمشاهدتى وبالتالى بدأوا فى الكتابة على الشخصية وصناعة الضحك بالطعم الذى أقدمه وبدأت أوجههم بنفسى لهذا الطعم، ثم أصبح الكل يبنى على بنائى للشخصية، لأنهم فهموا طعم وشكل الضحك الذى يقدمه «رمزى»، ولا أحد يغضب من الإضافات لأنها كوميديا، كما لابد أن يكون الكوميديان مثقفا ولديه خجل وحياء فيما يفعل، لأن الكوميديا  أصبحت أحيانا تحمل نوعا من الفجاجة، ولا يصح أن نرحب بهذا النوع.

■ هل السوشيال ميديا أثرت سلبا على الكتابة للكوميديا؟

- لابد أن نقدم أعمالا تشتغل عليها السوشيال ميديا، وليس العكس وهذا للأسف لا يحدث وأعتقد أن «راجل وست ستات» لو كان قدم فى عصر السوشيال ميديا كان سيحقق نجاحا أضعاف ما حققه، فمن المفترض أن تقود الأعمال الفنية مواقع التواصل الاجتماعي، بمعنى لا يمكن أن تصبح السوشيال ميديا هى الموجهة للفن، لأن السوشيال ميديا جاهلة وخفيفة مثل ورد النيل، وبالتالى ستأخذنا وتهبط بنا .

■ هل كنت دائما حريصا على عدم الخروج عن النص فى القطاع الخاص؟

- كنت حريصا للغاية فى القطاع الخاص ولو كان هناك أفيه سأصعد به للسماء خارج عن الآداب أو يمس الدين لا يمكن أن أقوله.

■ حتى ولو أصر المنتج؟

- أحب نفسى وأحب الفن واحترمه جدا، واحترامى للفن من احترامى لنفسي، لأننى اصنف نفسى ممثلا بمعنى أننى سفير لهذه المهنة إذا اخطأت أكون أخطأت أيضا فى حق زملائى من يمتهنون نفس المهنة، فؤاد المهندس، ونجيب الريحانى قدما كوميديا بلا إسفاف، وهذا هو الأصعب.

■ لديك تشابه كبير مع الفنان فؤاد المهندس هل يزعجكك التشبه به؟

- أحب فؤاد المهندس للغاية واتمنى أن أكون واحدا على ألف من تاريخه ولا أخجل ممن يقولون أننى أشبهه على العكس أحيانا فى بعض العروض قد المس فى أدائى عليه لأننى أحبه وفى مسرحية «أنا الرئيس» قيل عنى أننى اشبهه.

■ هل من السهل اليوم إعادة هذا العصر الذهبى من الكوميديا؟

- سهل جدا المسألة تحتاج إلى الإجتهاد وإخلاص فى العمل، لأن المسرح أصبح اليوم من أقل الأماكن التى تمنح أجورا للفنانين، عندما أكون ضيفا فى برنامج أحصل على أجر بثلاثة أو أربعة شهور عملى فى المسرح، وأعتقد أننى من أكثر الناس الحريصة على العمل فى المسرح برغم كل الصعوبات.

■ لكن ما عنصر الجذب فى القطاع العام بالنسبة لك برغم عزوف النجوم عنه؟

- أولا حتى نكون صادقين عندما نردد «تحيا مصر» يبقى تحيا مصر بالفعل، وليس مجرد كلام، كم من الناس يرددون هذا الشعار، لكن كم منهم يمارسه بشكل عملي، القطاع العام يشترى النجم، وليس الجمهور، فلا يضع فى اعتباره الإيرادات، ويعتبرنى مكسبا له لكننى أرى العكس، أن العمل فى القطاع العام من المفترض ان يكون مكسبا لى كنجم، على سبيل المثال المسرح القومى مكان عريق لابد أن يجرى لقاءات مع النجوم، حتى يتخير من منهم يستحق الوقوف على خشبته، كما أنه لا يفرض على تركيبة محددة، والقطاع الخاص قد يغلق بسبب شباك التذاكر، القطاع العام سلاح ذو حدين، لكن ما يقدمه فنيا وأدبيا أعلى كثيرا مما يقدمه القطاع الخاص.

■ فى المتفائل كنت حريصا على ضبط الضحك بالمازورة هل تعمدت هذا الأسلوب بسبب المسرح القومى؟ 

- بالتأكيد تعمدت ذلك ولو أعيدت هذه المسرحية على الطليعة ستأخذ طعم مسرح الطليعة، وفى الكوميدى ستكون مختلفة تماما.

■ لماذا يفرض دائما المسرح القومى قدسية على العروض حتى ولو كانت كوميدية؟

 - أعتقد أن الضحك فى المتفائل كان أعلى، والعرض مصنف كوميديا استعراضية، لكن المكان هنا له قدسية وليس رهبة، هناك ثقل ورائحة القومي، توحى بالتوجه الكلاسيكى إلى حد ما وبالتالى من الذكاء والاحتراف أن أتعامل مع كل مكان بطبيعته الخاصة.

■ كيف ترى الحركة المسرحية بالقطاع الخاص اليوم؟

-  ليس هناك قطاع خاص فى رأيى، برغم كل التجارب الحالية والمحاولات، لأنه فى النهاية مسرح للتليفزيون، مجرد مجموعة مسرحيات مصورة، هناك قناة هى المنتجة، وبالتالى ليس هناك منتج يعتمد فى مكسبه ودخله على الجمهور، إذا اختفت القناة لن يكون هناك قطاع خاص، لذلك ليس هناك قطاع خاص بمفهومه الحقيقى.