الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأزمة فى تونس تشتعل

الغنوشى «يصب الزيت على النار» بإهانته رئيس الجمهورية

تزداد الأزمة التونسية اشتعالا، ففى الوقت الذى ينتظر فيه التونسيون حلا للأزمات، بينما النخب السياسية غارقة فى الخلافات.



شهد وسط العاصمة التونسية، احتجاجات طالبت بإسقاط النظام السياسى فى البلاد وحركة النهضة الإخوانية، التى تعد أبرز دعائمه، مما يرفع بشكل واضح لسقف مطالب الاحتجاجات التى اندلعت قبل أيام.

ويتهم كثيرون فى تونس النهضة بمحاولة السيطرة على مفاصل الحكم فى البلاد، عبر التحالف مع رئيس الحكومة هشام المشيشى وإبعاد المقربين من الرئيس قيس سعيّد.

وشهدت تونس احتجاجات فى مناطق عدة فى البلاد، بالتزامن مع الذكرى العاشرة للانتفاضة التى أطاحت حكم زين العابدين بن على.

وتفاقم الجمود السياسى والتراجع الاقتصادى مما دفع كثيرا من التونسيين للتشكيك فى ثمار الثورة.

فيما جاءت التصريحات الجديدة لرئيس البرلمان وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشى لتصب مزيدا من الزيت على نار الأزمة بين مؤسسات الدولة الكبرى.

بحسب تصريحاته، يعتبر الغنوشى دور رئيس الجمهورية رمزيًا لا أكثر.. وتونس، فى حاجة ماسة إلى إقامة نظام برلمانى كامل يمنح مقاليد الحكم إلى الحزب الفائز فى الانتخابات التشريعية.

وفى تصريحاته، اعتبر الغنوشى أيضا أن تعطيل انتخاب المحكمة الدستورية فتح الباب أمام ما وصفه «بتأويل الدستور من قبل رئيس الجمهورية».

وهو ما يعيد إلى الواجهة اتهامات أخرى إلى الغنوشى نفسه بمحاولة الدفع باتجاه محكمة دستورية على مقاس النهضة، وتطويق الرئيس من الناحية القانونية.

فزعيم النهضة اقترح فى وقت سابق خفض النصاب القانونى للمحكمة الدستورية من 145 صوتا إلى 109.

ووفق كل المعطيات، هذه نسبة أصوات بإمكان الحركة تجميعها بسهولة لتمرير أسماء تخضع لإملاءاتها أو تابعة لها.

ويعنى هذا أن الأزمة فى تونس مفتوحة على كل الجهات، انسداد سياسى، وشرخ دستورى، واحتقان شعبى يزداد على وقع كل ذلك.

وفى العام الماضى، ومع تفشى جائحة كورونا، انكمش الاقتصاد التونسى بنسبة أكبر من 8 بالمائة، وزاد العجز المالى إلى ما يزيد على 12 بالمائة من الناتج المحلى الإجمالى، مما دفع الدين العام للارتفاع إلى أكثر من 90 بالمائة من إجمالى الناتج المحلى.

ويرى الخبير فى الشأن الاقتصادى ووزير المالية الأسبق حسين الديماسى أن الوضع فى تونس اليوم سيئ للغاية وكل المؤشرات المتعلقة بنسق النمو وعجز ميزانية الدولة والميزان التجارى كارثية». 

وذكّر الديماسى أنه بالسنوات الأولى بعد الثورة «عندما كنا نسجل نسبة نمو بـ1 بالمائة و2 بالمائة كنا ندق ناقوس الخطر وننبه للتداعيات واليوم نحن نسجل أرقام محبطة تصل إلى -8 بالمائة و-10 بالمائة، لقد ساءت الأمور بشكل عميق».

وفسّر الخبير ما وصلت إليه البلاد من «هبوط مطلق فى الإنتاج والميزان الاقتصادي» بتأثيرات انتشار الوباء على النشاط الاقتصادى وأضاف أن «ما تعيشه البلاد من هزات اجتماعية من حين لآخر جهويا وفئويا وقطاعيا زاد الوضع سوءا».

وأوضح الخبير أن المشهد السياسى «غير المستقر وغير ذى مصداقية وشفافية والتوّتر الدائم بين مختلف السلطات خاصة التشريعية والتنفيذية يبقى من أهم الأسباب مما صدّر صورة سلبية للمستثمرين والدائنين فى الخارج كما فقد التونسيون فى الداخل كل أمل وثقة فى تحسن الوضع فى الآجال القريبة والمتوسطة».

وأكد الديماسى «إننا نعيش وضعا اقتصاديا لم تعرف له البلاد مثيلا حتى فى أحلك الأزمات التى شهدتها فى سنوات الاحتلال الفرنسى وسنوات 1978 و1986» بأزماتها الاقتصادية والاجتماعية.

ويرى المختص فى الشأن الاقتصادى معز الجودى أن الوضع الاقتصادى فى تونس «أصبح كارثيا تماما دون أى مبالغة أو تهويل».

وأضاف «كنا حذرنا مرارا وتكرارا طيلة السنوات الماضية من انهيار الاقتصاد التونسى ومن خطورة غياب سياسات دقيقة ورؤية واضحة وعدم الانطلاق فى الإصلاحات الضرورية».

ورجح معز الجودى أن الوضع سيزداد سوءا لغياب برنامج إنقاذ للاقتصاد التونسي، الذى هو فى حاجة ملحة الآن إلى برنامج إنقاذ عاجل، وفق تقديره.

وأوضح المحلل الاقتصادى أن المديونية العمومية الخارجية تجاوزت 100 بالمائة من الناتج المحلى الخام وكذلك المديونية الداخلية من البنوك التونسية بلغت مستويات قصوى.

وتابع: «تحتاج تونس خلال عام 2021 إلى 18 مليار دينار لسد العجز فى الميزانية بما فيها 16 مليار دينار مديونية خارجية كما أننا أمام نفقات كبيرة لتسديد ديون سابقة تتمثل فى 16 مليار دينار خدمات دين و20 مليار دينار كتلة أجور مقابل ضعف النمو الذى سجلناه فى السنة الفارطة وكان سلبى 8.2- بالمائة وهو رقم لم نسجله منذ الاستقلال».

وأكد الخبير الاقتصادى أن «اقتصاد تونس لم يعد يصنع الثروة والموارد الكافية لمجابهة الحاجيات والتكاليف. نتوقع أن العجز سيتفاقم أكثر فأكثر فى ميزانية الدولة خلال السنة الجارية والذى بلغ 14 فى المائة خلال السنة الماضية وهو ما ينبئ بخطر كبير فى غياب الإصلاحات والاستقرار السياسى».

ومع كل هذه المؤشرات المفزعة ونواقيس الخطر التى يدقها خبراء الاقتصاد فى البلاد، يبدو أن صندوق النقد الدولى يرفض مواصلة تمويل تونس إلا بشروط مجحفة وتمس من السيادة الوطنية وفق منظمات المجتمع المدنى.

وقد ارتكز صندوق النقد الدولى فى مقاربته بأنه بادر بالاستجابة إلى المطالب التونسية منذ 2013 بينما الحكومات المتتالية لم تحترم تعهداتها من ناحية الإصلاحات المتفق حولها.