الكاتبة والإخصائية النفسية راندة حسين: الكتابة تناغم بين العقل والروح والجسد
خالد بيومى
راندة حسين عادل كاتبة وإخصائية نفسية، تخرجت في قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس، وهى فى كتاباتها تربط النص الأدبى بالتفسير النفسى حيث يرتبط التفسير النفسى ارتباطاً وثيقاً ببنية النص الأدبى والروائي، على اعتبار ما يقدمه من تفسير منطقى ومجتمعى لسلوك الشخوص ضمن العمل، والذى يعتمد على مخيلة الكاتب وقدراته التقنية فى الارتقاء بالنص الذى يفسح مجالاً أمام التحليل والتفسير دون أن يفقد قيمته الأدبية الخالصة والإبداعية متكامل الأركان.
صدر لها مؤخرا رواية» زوجة أبي» حيث تعالج قضية التفكك الأسرى وأثره على ترابط المجتمع وتقدمه. هنا حوار معها
■ أنت إخصائية نفسية... ما سر تحولك إلى الكتابة؟
- البداية يوم ان قررت اكمال الدراسات العليا لأنه كان حلما من أحلامى، ذهبت فعلا الى جامعة عين شمس وقدمت أوراقى وعشت الحلم وتخيلت يوم حصولي على الدكتوراة، لكنني فوجئت بقبولهم لعدد قليل، وبطبيعة شخصيتى لدى نوع من المرونة وأبحث عن بدائل، فقررت أن اكتب كتابا أضع فيه كل أفكارى وبدأت اقرا وأحلل وأوصل لنتائج جديدة وأكون آراء مختلفة من خلال النقد والتحليل.
فى نفس الوقت كنت قد نشرت صفحة «نصائح نفسية» علي الفيس بوك، ومن حسن حظى أنه من المتابعين للصفحة رئيس تحرير «جريدة العاصمة» الـذى طلب منى كتابة عدة مقالات حققت نسبة قراءة عالية وبدأت رحلتى مع الكتابة، «كايرو دار» كذلك طالبوا منى كتابا للهواه، ايضا قدمت مقالين حازا على إعجاب مسئولى التحرير فى «اليوم السابع» فطلبوا مقالا اسبوعيا للجريدة الإلكترونية، ثم بدأت أفكر جديا فى تأليف كتاب أعرض من خلاله كل المعلومات اللى اكتسبتها بأسلوب علمى متأدب سهل وسلس يستسيغه القارئ العادى، ٢٠١٦ نشرت أول كتاب «إشراقة أمل لحياة نفسية جديدة» واصلت الرحلة وشاركت برواية «زوجة أبي» فى معرض القاهرة الدولى للكتاب ٢٠٢٠ وكان من ضمن أحلامى منذ بدأت الكتابة وهكذا الرحلة مستمرة بإذن الله.
■ ما العلاقة بين علم النفس والكتابة؟
- علم النفس والكتابة بينهما علاقة وثيقة وفيه نوع من العلاج النفسى «العلاج بالكتابة» كل اللى بيحتاجه ورقة وقلم ومكان هادئ، الكتابة تساعد فى التخلص من الشحنات السلبية، تسمح للشخص ان يعبر عن أفكاره وانفعالاته، تساعده فى ترتيب عواطفه ومشاعره، تجعل عنده مقاومة للضغوط اللى بيتعرض لها، تعطيه الفرصة ان يغوص داخل أعماق نفسه ويكتشف مشاعره الدفينة، تحرره من الضغوط، تساعده أن يتعافى نفسيا لأنها تجعله يشاهد الأحداث من منظور مختلف، بيحصل تداعى للأفكار بشكل تلقائى خاصة الأشخاص اللذين ليس لديهم القدرة أن يعبروا عن ذاتهم، عن مخاوفهم، عن أفكارهم، عن انفعالاتهم، الكتابة تعمل نوع من التناغم بين العقل والروح والجسد.
علم النفس والأدب بينهم علاقة وثيقة مثل علاقة الروح بالجسد، الحالة النفسية للأديب هى مصدر لإنتاجه الأدبى، الأدباء والكتاب يعبرون عن إحساسهم بالشجن والمعاناة وعذاب الحب والألم النفسى من خلال كتاباتهم، «وما أجمل أن يلتقى الأدب بعلم النفس».
■ «زوجة أبى « هى أولى رواياتك... لماذا خصصت رواية كاملة عن زوجة الأب؟
- عقلى من النوع الناقد التحليلى، لفت نظرى انه نادرا لما كنا نسمع عن زوجة الأب وكانت فعلا شخصية قاسية وشريرة، يمكن بسبب الصورة الذهنية اللى تكونت عند أغلبنا فى سن الطفولة من خلال الدراما وأفلام السينما وقصص الأطفال مثل سندريللا وسنوايت، عندما جلست أفكر وأحلل وجدت انه في الماضى كانت من الممكن ان تعبر تلك الصورة عن الواقع لكن الواقع اليوم ومع إرتفاع نسبة الطلاق اصبح هناك مئات الآلاف من زوجات الآباء، وليس من المنطق ولا من العدل أن نعمم الصورة اللتى فى ذهننا على كل زوجات الآباء ونظلم شريحة كبيرة من المجتمع، حاليا زوجة الأب جزء من نسيج المجتمع وكان لابد أن أساهم فى تغيير الصورة اللتى فى أذهان الناس.
■ وصفك للجسد فى الرواية يركز على تألق الجسد وعذاباته المشبعة بالأنين، بالاطمئنان والقلق... فهل الجسد هو مفجر الأحداث فى الرواية؟
- لا شك أن هناك علاقة وثيقة بين النفس والجسد، الجسد هو الوعاء الحاوى لكل المشاعر والأحاسيس النفسية الشعورية واللاشعورية وردود أفعالنا تظهر على لغة الجسد أحيانا من غير أن ننتبه، وهذا شيء مهم وضرورى حفاظا على صحة الإنسان النفسية وينعكس على صحته بشكل عام، طبيعى اننا جميعا نمر فى حياتنا بخبرات سعيدة تنعكس على الجسد بالسعادة وخبرات مؤلمة تنعكس بالألم، أنا مؤمنة أن معظم الأمراض تبدأ بمثير يستفز الشخص يتحول لمثير قهرى يسيطر على عقله سواء الواعى أو الباطن بعدها يتحول لمرض عضوى، الإنسان دوره أن يدرب نفسه كيف يتقبل كل المشاعر اللى يمر بها حتى يصل للتوازن النفسى.
■ هناك احتفاء بالمكان فى الرواية... ما علاقتك بالمكان؟
- طبيعة شخصيتى تجمع ما بين الشخصية الحسية والبصرية والسمعية أتأثر بما أراه وبما أسمعه وبما أحسه، عندى دائما حنين للمكان، عندى ذكريات كتيرة مرتبطة بأماكن وأشخاص، وأنا أكتب أكون متخيلة المكان بتفاصيله كأنى معايشة للأحداث، أرى لون البحر مع السما، أسمع صوت الموج، أحس بملمس الرمل، شكل السمك ورائحته، أهتم بالتفاصيل بشكل عام، فى الرواية كنت متخيلة للمكان، الإضاءة، لون الجدران، ترتيب الفرش، أين تجلس الشخصيات الموجودة، فعلا عندى ارتباط شرطى بالمكان ووصفى للأحداث مرتبط بالمكان ويمثل شيئا أساسيا فى كتاباتى.
■ يغلب على مشاهد الرواية الطابع السينمائى... هل تضعين السينما فى ذهنك أثناء الكتابة؟
- أكيد أى كاتب يتمنى ويحلم أن يتحول عمله الأدبى أو الروائى لعمل سينمائى أو دراما تليفزيونية، ممكن أن تكون تلك الفكرة فى عقلى الباطن، تركيزى كان على الرواية الورقية، كما قلت أن فكرة التخيل تعطينى الفرصة أن أنقل صورة تصل للقارئ "كأنه شايفها قدامه مش مجرد كلام بيقراه على الورق".
■ وسائل التواصل الاجتماعى حاضرة بقوة فى الرواية... كيف أثرت هذه الوسائل على جودة المنتج الأدبى؟
- الروائى عليه أنه يستوعب أدوات عصره علشان المرسل والمستقبل، أن يكونو على نفس التردد، وسائل التواصل الإجتماعى أصبحت جزءا من حياتنا اليومية، من خلالها نعرف أهم وآخر الأخبار فى العالم، نصل لأى أحد فى أى مكان، نعرف أخباره، نعرف مكانه، وهكذا، مهم جدا مواكبة العصر حتى يكون هناك مصداقية ونقل صورة واقعية أستطيع من خلالها أن أصل برسالتى بسهولة خاصة أنها موجهة لمرحلة عمرية أصبح الفيس بوك والانستجرام والواتساب جزءا أساسيا مرتبطا بحياتهم، اعتقد أن تأثيرها كان إيجابى.