السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«كمبوند المقابر الفاخرة».. موضة يرفضها الشرع

تحت اسم «كمبوند المقابر» انتشرت عبر بعض صفحات التواصل الاجتماعى «فيس بوك» اعلانات عن طرح مدافن تشطيب متوسط وفاخر حسب الطلب، والذى يمتد إلى تبطين المدفن من الداخل بأفخر أنواع الرخام، وعمل أى إضافات يطلبها العميل.



وبالتواصل مع إحدى تلك الصفحات لمعرفة المزيد من التفاصيل حول مفهوم «كمبوند المقابر»، وما هى الإضافات الممكن تعديلها على المدفن.. أوضحت لنا المسئولة عن التسويق للصفحة، قائلة إن «الكمباوند» يقع بالقرب من مدينة العبور ويشمل بوابات حديدية ضخمة وموقفا للسيارات وحراسة أمنية، وشوارع داخلية بـ«البلاط» وأماكن للاستراحة.

مسئولة الصفحة أكدت أنه يمكن إضافة أى تعديلات للمدفن المتفق على شرائه والتى تتراوح مساحته بين 28م وحتى 80م، وقد تتجاوز التكلفة النصف مليون جنيه حسب رغبة العميل. لم تكن تلك الصفحة الوحيدة التى استخدمت مصطلح «كمباوند المقابر» للتسويق إلى مدافن «5 نجوم» كما يدعى أصحابها، حتى أن إحدى الصفحات أطلقت على نفسها «مدافن النعيم»، بما يحمل الاسم من إيحاءات ودلائل.

تلك الإعلانات أثارت موجة من التساؤلات حول جدوى شراء المدافن الفارهة بمئات الآلاف، وسعى بعض العائلات لامتلاكها كنوع من الوجاهة الاجتماعية، وحرص البعض على تعديل المدفن من الداخل بإضافة الرخام وغيره من التشطيبات.

علماء الدين اعتبروا ان البهرجة فى تزيين المقابر امر مخالف للشريعة، حيث يوضح الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة والفقه المقارن بجامعة الأزهر، أن التهافت على شراء المقابر الفارهة «سفه وتبذير»، لأنه ينافى خشوع الموت الذى هو خير واعظ للإنسان.

وشدد د.كريمة على حرمانية تزيين القبور أو المبالغة فى تشطيبها، قائلا: «هذا حرام شرعا ولا يجوز، فلينظروا إلى البقيع ومقابر الصحابة والتابعين والصالحين فى جميع أنحاء العالم الإسلامى، وهذه هى عظمة الإسلام».

واستنكر أستاذ الشريعة تبطين المدفن من الداخل بالرخام، وإقامة الاستراحات والتكييف فى بعض المقابر الفارهة، قائلا: «هذا جهل بفقه الجنائز، فالقبر فى الإسلام ما هو إلا حفرة يوضع بداخلها الميت وفوقه الحجارة ثم يُهال عليه التراب، ومن يفعل غير ذلك يقع عليه إثم، بل إن حتى مجرد تبييض القبر بالجير مكروه فى الإسلام، وكل هذه تصرفات محرمة».

أما عن أموال القائمين على بناء «كمباوندات المقابر»، قال د. كريمة: «أموالهم سُحت وحرام»، مطالبا المحليات بتوفير المقابر مجانا للمسلمين فى مصر خارج الحدود السكنية، ومشيرا إلى أن عصابات تسولى على مزادات المحافظات لشراء المقابر وبيعها بثمن باهظ للناس.

ومن جانبه قال الشيخ عبدالحميد الأطرش، رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالجامع الأزهر، إن القبر يعلو عن الأرض بشبر ونصف الشبر كحد أقصى، وما يفعله الناس من تشييد الشواهد والقباب العالية ليس من السنة النبوية فى شىء.

ولفت «الأطرش» إلى نهى النبى -صلى الله عليه وسلم- عن تزيين القبور وتذويقها لأن القبر هو أول منازل الآخرة، ولا ينفع العبد داخله سوى عمله الصالح، مستنكرا ما يقوم به البعض بوضع السيراميك داخل المدافن أو حتى الحجارة بدافع التفاخر أو الوجاهة الاجتماعية.

واختتم رئيس لجنة الفتوى الأسبق: «بدلا من التهافت على شراء المدافن الفارهة فلينظر المسلم إلى عمله وماذا قدم لآخرته، لأن الله سيسأله عن الإسراف الذى قام به لشراء مدفن بآلاف الجنيهات وحرم منها الفقراء والمساكين».

واستنكر الشيخ شوقى عبداللطيف وكيل أول وزارة الأوقاف سابقا ما أسماه بـ»بيزنس المقابر»، حيث أصبح بناء المقابر مجالا للاستثمار وهذا لا يجوز، متابعا: «لست ضد تعيين حراسة على المدافن لأن مشكلة سرقة الجثث وبيعها لطلاب كليات الطب لا تزال قائمة، ولكن من يدرى أصلا أن هؤلاء سيمنعون وقوع تلك الجرائم، فمن منا يفتح القبر لمعاينة جسد الميت بعد دفنه؟، لذا فهى تجارة قبل كل شىء».

وانتقد «عبداللطيف» مظاهر البهرجة التى يقوم بها البعض فى بناء مقابرهم وكأنها مسكن 5 نجوم فيبنون السلالم الرخام القيمة ويضعون الحلى على الشواهد ويكتبون اسم المتوفى على لوح غالى الثمن وقد يصل بهم الأمر فى بعض الأحيان إلى تكييف مكان المدفن فيصل سعره إلى سعر خيالى لا يصدقه عقل.

واختتم وكيل الأوقاف الأسبق: «لا بد أن تلتزم المحافظات ببناء مقابر مجانية لغير القادرين خاصة بعد وصول الأسعار لمبالغ خيالية قد تصل إلى 300 و400 ألف جنيه وأكثر فى بعض الأماكن.