قصة قصيرة
شارع الحمرا
إيهاب القسطاوى
انطلقت من بوابة الاوتيل الرئيسية , الممهورة ببساط احمر وثير ممتد إلى حيث الإسفلت , كنت أبدو وكأنني عصفور للتو لاذ بالفرار من قفصه المحكم بشدة والمكشوف بلا جدران , تنفست عبق رائحة المدينة العتيقة بعمق , حتى حصدت رأسى المشتعلة بالاشتياق , ثمار القطفة الأولى من زخات المطر , فكنت أبدو كعاشق مبتل هرع كالمجنون تحت المطر بدون مظلة , حتى لايهين المطر , كنت على يقين تام بأننى سوف أتعثر بـلقائها, فمشطت شارع الحمرا من بدايته , وظللت أتقفى آثار أقدامها بين خطى العابريـن , و أتابع ظلها كسراب حقيقي !! , يقودني إلى حلم , كانت واجهتى رائحتها , فأنا أعرفها جيدا , وقد أجزم أننى ازفرها فى اليوم آلاف المرات , فقد ظللت أتقفى أثر عطرها في مداخل البيوت الثابتة المطلة على شاطئ الحنين تارة , وتارة أخرى بين ثقوب الطلقات المخلفة من سنوات الحرب اللعينة , كنت اسمع في تجويف ثقوب الرصاص صدى صوتها , وعندما أنهاكني المسار , ارتميت مجهدا على أحد المقاعد , لأنه خيل لى انها جلست هنا منذ عدة أعوام , فإني لم أكن أحبها فقط , لكنى كنت أؤمن بها , مثلما كان يؤمن الفارس القديم بنخب النهاية , فيرتشفه حتى آخر قطرة من حياته , و على الرغم من برودة الشارع وطقوسه الجميلة التي ذهبت ولم تعد ,كانت الوجوه المكتظة السايرة فى أعين ليل الحمرا تزاحم المساء , وعلى الرغم من ازدحمها إلا أنها لم تمنعه من رؤيتها.