الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

صبر وعشرة عمر

تحية من القلب لبريد روزا والقائمين عليه وبعد…



أنا زوجة فى العقد الرابع من العمر حاصلة على دبلوم فنى وزوجى مؤهل عالِ يعمل بالتجارة الحرة، تزوجنا منذ ٢٠ عامًا بعد أن ربطتنا قصة حب وإعجاب بحكم جيرتنا فى نفس المنطقة، هو إنسان طيب على خلق وأنا أُقدر حبه لى وتمسكه بى رغم رفض عائلته لعلاقتنا فى بادئ الأمر قبل تمكنى من الاستحواذ على ثقتهم الكاملة. غيرته الشديدة واشتراطه عدم ذهابى للعمل كانت سببًا مباشرًا فى إنهاء خدمتى بإحدى الشركات لإرضائه، وبعد دخول عش الزوجية لم تتوقف مبالغته فى الغيرة علىَّ، فلازلت أتذكر موقفا كان هو محقًا فيه لكنه بدا غير طبيعى فى رد فعله وقسوته عندما عاقبنى على نسيانى ارتداء غطاء رأسى أثناء توزيعى للغسيل على منشر البلكونة وأتى مسرعًا ليجرنى من شعرى كالمجنون وظل فى خصام معى وهجر طيلة ثلاثة أشهر كاملة، فى المجمل سيدى الفاضل كنا سعداء بحياتنا وبما يحققه زوجى من نجاحات ومكاسب مادية فى تجارته، إلا أنه لم يدخر شيئًا بسبب إنفاقه ببذخ هنا وهناك دون وعى وبصفة خاصة على أبناء أشقائه، بعد مرور عامين من الزواج وتأخر الإنجاب فكرنا فى زيارة الطبيب لمعرفة السبب وإذ بالمفاجأة التى صدمتنا وغيرت مسار حياتنا وهى أنه يعانى من العقم ولن يستطيع الإنجاب، تقبلت الأمر بصدر رحب لكننى طلبت منه أن نعيش حياتنا نشترى شقة وسيارة ونتمتع قدر المستطاع وننسى أى شيء آخر، بالفعل قام بشراء الشقة والسيارة لكنه لم يستطع التخلص من عادة التبذير لادخار بعض الأموال، فى نفس الوقت رفضت اقتراح لأمى بطلب الطلاق لأتزوج برجل آخر من أجل الإنجاب لأننى أحب زوجى ولم أتعود على الغدر – مع العلم بأن عصبيته وغيرته زادت حدة ولم تهدأ بعد صدمته. مرت سنوات وكان مؤخرا فى زيارة للبنك الذى يتعامل معه فسأله صديقه الذى يعمل هناك عن سبب ذهابى المستمر للبنك وهل قام بعمل توكيل لى، فسألنى زوجى عن ذلك فاضطررت أن اعترف له بالحقيقة وهى أننى كنت أدخر بصفة منتظمة دون أن يعرف من أجل تأمين مستقبلنا فى ظل تقلب أحوال تجارته الحرة، ثم ذكرته بالموقف الذى حدث له قبل عام حين ضاقت أحواله وطلب من ابن شقيقه مبلغا فلم يتحرك له ساكنا، مع العلم أنه لم يبخل عنهم يوما ويساعدهم دون حساب ودون انتظار لرد الدين، فما كان من زوجى إلا أن ضربنى واتهمنى بخيانة الأمانة وفضحنى أمام أمى وأشقائى الذين أنصفونى وأخبروه بأنه يجب أن يلتمس لى العذر لسلامة نيتى وتوخى الحذر من تقلبات القدر فى ظل عدم انتظام ظروف عمله، لكنه لم يتقبل كلامهم وطالبنى بضرورة إعادة تلك الأموال التى ادخرتها، وأكد أنه سيبحث عن مشترى للشقة، ما دفعنى للتمسك بتلك الأموال كتعويض عن عملى الذى ضاع بسبب غيرته وتبذيره وكذلك تأمينا لمستقبلى معه، والآن أصبحت أعيش مع والدتى ببيتها وأفكر بقوة فى طلب الطلاق للتخلص من تعنته وتأكيده على بيع الشقة، لكننى ألجأ إليكم فى النهاية لأخذ رأيكم قبل اتخاذ قرارى الأخير، فبماذا تنصحوني!؟ 

إمضاء ه. ف

 

عزيزتى ه. ف تحية طيبة وبعد... 

يتخذ الإنسان طوال حياته العديد من القرارات التى يراها الأصوب والأنسب له، وغالبا ما تكون هى كذلك بالفعل إذا توافقت وتطابقت مع تركيبته وتطلعاته، ومما لا يدع مجالًا للشك أن قرارك بالاستمرار مع زوجك رغم تلاشى فرصه فى الإنجاب كان بدافع حبك له وإيمانك بأن سعادتك لن تكون إلا معه وليس مع أى رجل آخر، الدليل على ما سبق هو أنك عددتِ مميزاته التى أثرت فيكِ وأسرتك طيلة ٢٠ سنة وجاء من بينها الطيبة وحسن الخلق، من جهة أخرى فهو تنطبق عليه نفس الميول والانطباعات تجاهك من حب وتقدير حتى وإن بدا عصبيًا بعض الشيء أو يغار عليكِ بشكل مفرط لتمسكه وعشقه لجوهرته المكنونة التى اختارته وحسب، فبذل كل ما بوسعه لإقناع أهله بأنكِ الإنسانة الوحيدة القادرة على إسعاده، لذا فمن الرائع أن تستمر الحياة بينكما فى هدوء مع حرصكما على تجاوز كل الأزمات والخلافات بعقلانية وتجرد وصبر، وكى يحدث ذلك لابد من لفت نظرك لشيء مهم للغاية والتشديد على ضرورة وضعه فى الاعتبار، وهو الضغط المترتب على إعاقة شريك حياتك قدريًا عن الإنجاب مما يتسبب فى تشوش بوصلة توازنه اجتماعيا وسلوكيا بعض الشيء، وهنا يأتى دورك كزوجة أصيلة تشعر بأنين رفيق دربها حتى وإن ظل هذا الأنين حبيسًا بين ضلوعه للأبد، أو تسلل إليه اليأس والإحباط للدرجة التى أضعفت من هممه تجاه العمل وأبعدته عن تحقيق المزيد والمزيد من المكاسب المادية، لأنها فى مخيلته وقناعاته لن تؤول لأحد بعد انقضاء العمر، وربما هذا ما دفعكِ حقًا لتأمين مستقبلكما دون أن يعرف بادخار بعض من أمواله لعدم ضمان واستقرار تجارته الحرة، هذه الفكرة وإن كان جوهرها هو حسن النية فإن ظاهرها كان خطأً فى التنفيذ، لأنك لو عرضتيها عليه من البداية لربما قبلها وتحمس لها، لكنه فوجئ وسط صراعاته الداخلية بتصرف خارج الصندوق منكِ فاتهمك بعدم الأمانة – وهو بكل تأكيد لا يقصد ذلك الاتهام بعينه بل اتجاه تفكيرك وتنفيذك بشكل فردى للمرة الأولى وعلى غير المعتاد، وعليه فإننى أنصح بأن يقوم أحد الأشخاص القريبين منه بشكل لصيق والقادرين على التأثير فيه بشرح وتوضيح ما قمتِ به لإحداث توازن بين صراعاته وهواجسه وبين الحقيقة التى وراء ما حدث وهى ما تحمل فى طياتها كل الخير والأمل والتفاؤل لتعديل قناعاته تجاه المستقبل، ومن الممكن أن يقوم هذا الوسيط أيضًا بطرح بعض الاقتراحات بعلمك لكن دون أن يبدو هذا اتفاقًا بينكما، كأن تعيدى إليه نصف المبلغ الذى بحوزتك والنصف الآخر أو جزء منه يسمح لك عن طيب خاطر بشراء بعض الحلى الذهبية بقيمته كنوع من التقدير لكِ من جهة وليكون مالًا مجمدًا تستعينون به وقت الضيق، وأنتِ من جهتك لابد أن تُبدين بعض المرونة والتجرد تجاه زوجك لأنه سيظل هو الحصن الحصين لكِ كما عرفتيه وعهدتيه. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائما ه. ف