الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تنبأت بالكارثة مبكرا ..

«الزيادة السكانية» قضية اهتمت بها السينما منذ الستينيات.. وغابت عنها فى القرن الـ21

انتبهت السينما مبكرا لأزمة الزيادة السكانية وتحديد النسل وحرصت على تقديم مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية التى تقدم من خلالها رسالة لتوعية المواطنين بعدم الانسياق وراء ثقافة الإنجاب بشكل كبير حتى تعيش الاجيال المقبلة فى استقرار مادي، وكانت أهم هذه الأعمال التى تنبأت بالأزمة التى نعيشها حاليا أفلام (أم العروسة) ثم الجزء الثانى منه (الحفيد) وفيلم (إمبراطورية ميم) ويعتبر فيلم (أفواه وأرانب) الذى قدمته سيدة الشاشة العربية «فاتن حمامة» من أبرز الأعمال التى تناولت القضية بمفهوم قوى وشديد التأثير.. بينما يعتبر فيلم (عالم عيال عيال) من أبرز الأعمال الكوميدية التى تناولت مشكلة تعدد الأطفال.. وعلى نفس النهج الكوميدى جاءت مجموعة من أفلام السبعينيات والثمانينيات منها: (البعض يذهب للمأذون مرتين) و(انتحار مدرس ثانوى)، وتحدث عدد من النقاد الفنيين عن دور السينما حاليا لمواجهة الأزمة التى تفاقمت.    الناقد الفنى نادر عدلى يرى أن الأعمال السينمائية قدمت الأفكار الكثيرة التى تناولت الزيادة السكانية وتنظيم الاسرة لكنها قدمتها بشكل اجتماعى، بمعنى أنها تعرض الفكرة ولا تعرض الضرر الشديد بسببها، مثل فيلم أفواه وأرانب لسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة فقد عرض الفيلم فكرة الأسرة المفككة بسبب عددهم الكبير ولكن لم يقدم الحل لهذه الأزمة فالفيلم الشهير طرح الوالدين فالأول كان سكير يعمل فى السكة الحديد مهمل لأسرته واﻷم تعانى ثقل الحمل، ولكى يتخلصا من وضعهما المزرى يرى وزوجته أن تقبل نعمة من زواج المعلم البطاوى لكى تصرف عليهما وعلى أولادهما، ولكن المشكلة من أساسها أنهم تعاملوا مع الأمر على أن الأسرة الكبيرة «عزوة» وأن الأولاد  سيكونون سببا فى نعيمهم من خلال عملهم فى الأراضى يزرعون ويحصدون ويحصلون على أجر إلى حين تواجدت الأزمة بالفعل عندما قلت الأرض وظهرت المصانع والأعمال التى تبتعد عن زراعة الأرض أو بمعنى أدق اختفاء حياة الريف وظهور حياة جديدة وهنا ظهر التكدس والبطالة.



ويؤكد عدلى أن المشكلة قائمة بحد ذاتها لأنه لا يوجد متابعة سينمائية تحذر من المخاطر ولأن السينما قاهرية أكثر وكانت تتعامل مع مشكلات المدينة بشكل مكثف، فى حين أن غالبية سكان المدينة كان لديهم وعى كبير وهم لا يفضلون الإنجاب الزائد، بل يفضلون أن ينجبوا من الأبناء اثنين لا أكثر حتى يحسنوا تربيتهما تربية سليمة ويلتحقوا بمدارس مناسبة، ويحظوا بمستوى جيد من المعيشة، من هنا يتضح أن أزمة الكثافة السكانية هى أزمة متعلقة بالريف ومعالجتها تحتاج إلى أعمال فنية عديدة.

 وقال الناقد الفنى محمود قاسم: إن طرح القضية بدأ عندما بدأ الإحساس بالمشكلة مع ارتفاع معدلات الهجرة من أرياف الصعيد والدلتا إلى العاصمة، مما أدى إلى زيادة الكثافة السكانية بالقاهرة، واستمر ذلك إلى التسعينيات، إلى أن توقف الحديث عن القضية على أرض الواقع.

وأضاف قاسم من عام 2000 إلى 2006 كانت الأفلام تدور أحداثها فى المنتجعات، ولم يهتم أحد بطرح المشكلة، وفى عام 2009 عاد الاهتمام بالقضايا المجتمعية، وتم تقديم القضية من خلال عدد من الموضوعات المتعلقة بها فى عدد من الأفلام منها فيلم (حين ميسرة) لخالد يوسف 2007، (الغابة) للمخرج أحمد عاطف 2008، والتى كانت تطرح موضوعات ناتجة عن الزيادة السكانية.

 ويرى قاسم أن هذه الأعمال لم تحقق هدفها المطلوب بسبب وجود منافس أقوى، وهو ثقافة الدعوة للإنجاب التى لا يستطيع أحد مقاومتها حتى السلطة السياسية، وأن الأعمال السينمائية التى طرحت منذ بداية الستينيات والتى تنبأت بالزيادة السكانية وضرورة تنظيم الاسرة لم تقدم على الشاشات بالإضافة إلى أن الحملات التى كانت سببا فى توعية السيدات من مخاطر الانجاب الكثيرة قد توفقت وذلك كان سببا مهما فى زيادة الأزمة.  

أما الناقد محمود عبدالشكور يرى أن الأفلام التى تناولت القضية عددها قليل جدا قياسا بخطورة القضية وفى المجمل فالفن عامل مساعد فى التغيير ولا يمكن أن نحمله دورا أكبر، فتحتاج القضية إلى كاتب سيناريو جيد قادرعلى تقديم عمل يستطيع الاستمرار فترة طويلة، فهذه الفترة هناك ميل إلى عمل الأفلام الخفيفة التى تهدف إلى التسلية وتصنع بكثير من الاستسهال.

وعن طرح القضية على الشاشات قال نعم يؤثر بشكل غير مباشر، وذلك إذا كان العمل الفنى جيدا، بدليل أن الناس ما زالت تذكر الأعمال القديمة التى قدمت بشكل جيد، كما يرى عبدالشكور أن التأثير الأكبر فى حل هذه المشكلة يكون فى الحملات التى تستهدف حث المواطن على تنظيم الأسرة، ويزيد التأثير مع التكرار قائلا :« تعتبر الأعمال الفنية عاملا مساعدا مع الحملات والدراما التليفزيونية بالأخص هى الأنسب لطرح القضية لأن التليفزيون يصل حتى إلى الأماكن العشوائية». 

 وتابع عبدالشكور: إنه تجب الاستعانة بفنانين محبوبين، واستشهد بحملات معالجة الجفاف التى كانت تقدمها الفنانة كريمة مختار، فكانت تنزل إلى الوحدات الصحية بنفسها وتراجع الحملات من ثمانينيات القرن الماضى يرجع إلى انحسار الاهتمام بالقضية، والاهتمام بها على أرض الواقع سيعيد اهتمام الفن بها ومن ثم طرحها فى أعمال فى الفترات المقبلة.