الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أحمد أمين فى حوار لـ«روزاليوسف»: شاركت فى ورشة مسرح الشباب كعازف وخالد جلال دفعنى للتمثيل والارتجال

دائما يوصف الكوميديان بأنه الفنان الأكثر حساسية بالأشياء المحيطة به، وبالتالى يمتلك سرعة البديهة فى التعبير عما بداخله سواء بالسخرية والتهكم أو بالدراما والمأساة، فإذا امتلك الفنان حضورا وموهبة كبيرة فى الكوميديا، قد تجده على نفس مستوى المهارة الفنية فى لعب أدوار التراجيديا، وهذا يرجع إلى ما يمتلكه من حساسية فنية خاصة جدا، تجسد ذلك فى الفنان أحمد أمين الذى اشتهر مؤخرا بكوميديان الأسرة، لما سعى فى تقديمه من محتوى استثنائى لنقد عادات وتقاليد حياتنا اليومية الاعتيادية مما وضعه فى منطقة غير نمطية ميزته عن الجميع، ثم مشاركته مؤخرا فى بطولة مسلسل الرعب الأشهر «ما وراء الطبيعة» للمخرج عمرو سلامة، شرّح أحمد أمين المجتمع المصرى وعاداته من مراقبته الدقيقة وتركيزه فى أدق التفاصيل لحياة المصريين اليومية، ظهر ذلك فى محتوى برامجه «البلاتوه»، و«أمين وشركاه» وسبقهما ببرنامج «30 دقيقة»، حتى أن عروض المسرح بمشروع «أمين وشركاه» سارت على نفس المنوال، لم يكتف أمين بحساسية الكوميديان فقط، بل امتلك مهارة أعلى بالإضافة إلى محتواه الفنى الإستثنائى فى فن الكتابة والتأليف، عن مشواره مع الكوميديا قال أحمد أمين فى هذا الحوار:



■ متى بدأ عهد شغفك بالمسرح؟

- فى سن الثامنة.. أى فى عام 1988 مثلت مع فريق أتيليه المسرح بكلية الفنون الجميلة بدعوة من أخى الأكبر الذى كان طالبا بالكلية.. وقبلها كنت أقوم بالتمثيل والتقليد فى المنزل، لكن بعد مشاركتى فى عرض مسرح جامعى قررت أن يكون التمثيل هو مهنتى.

■ تعرضت لحادث طريف فى البدايات عندما رفضوا منحك جائزة تمثيل وعمرك 15 عاما حدثنا أكثر عن تفاصيل تلك الحادثة وكيف كان شعورك وقتها؟

- فى أحد المهرجانات المحلية تقدمت بعرض من إخراجى وكان عمرى وقتها فعلا خمسة عشر عاما لدرجة أن مجلة كاريكاتير وقتها كتبت موضوعا عنى وعن طرافة أصغر مخرج فى مصر.. تقدم العرض الذى أخرجته حتى ترشح للمركز الأول ولإنهاء إجراءات الجائزة كان على أن أقدم بطاقة شخصية ولأنى لا أحمل واحدة، لأننى لم أصل إلى سن البطاقة بعد، ذهبت الجائزة لمخرج آخر تلقائيا.. وطبعا فى هذه السن المبكرة شعرت بالإحباط.. ولكننى سعيد بما حدث لأنه ترك لى قصة أحكيها ودروسا تعلمتها وقتها من أساتذتى الذين قرروا أن يواسونى بدعم معنوى لن أنساه..

■ حدثنا عن بدايتك الأولى منذ التحاقك بفرقة أتيليه المسرح بكلية الفنون الجميلة ثم ورشة مسرح الشباب مع المخرج خالد جلال؟

- بعد العمل أثناء طفولتى فى فرقة أتيليه المسرح استمر عملى كممثل مسرحى فى عدة جهات منها قطاع الفنون الشعبية والاستعراضية وتحديدا فرقة تحت 18.. ومسرح الثقافة الجماهيرية عملت به كممثل ومخرج.. وعروض مع فرق حرة بالإضافة طبعا إلى المسرح المدرسى حتى التحقت بكلية الفنون الجميلة وشاركت بعروض مسرح الجامعة كمخرج وممثل أيضا وفى السنة الأولى من دراسة الفنون عرفت من أصدقاء أن هناك مخرجا مفعما بالطاقة وفد حديثا من إيطاليا بعد أن درس المسرح هناك ويطلب مواهب جديدة لتقديم عرض على مسرح الطليعة واسم المخرج هو «خالد جلال».. تقدمت كعازف كمان وليس كممثل لأن سنى كانت صغيرة ولم أتوقع أن يتم قبولى كممثل.. رحب بى الأستاذ خالد كعازف.. ودعانى فى إحدى البروفات أن أشترك فى الارتجال مع الممثلين وانفجر من الضحك عندما شاهد أدائى وعرفت بعد ذلك أنه ضحك إيجابى لأنه يرانى ممثلا كوميديا موهوبا وشاركت فى العرض كممثل وعازف وأخذ الأستاذ خالد بإسناد المشاهد لى حتى أصبحت الشخصية الأهم فى العرض بجانب العزف وتوالت الأعمال ونشأت بيننا صداقة أفخر بها واستمرت حتى اليوم.

 ■ توقفت فترة عن التمثيل وذهبت للخارج للعمل بمجال صحافة الطفل، لماذا كان التوقف، وحدثنا عن تفاصيل العودة وكواليس الإعداد لبرنامج 30 ثانية؟

- لم يكن التوقف هدفه هو السفر بل عملت كمدير تحرير مجلة باسم للأطفال بمكتب القاهرة.. وفترات السفر كانت قصيرة.. منذ التحاقى بالجامعة عملت كمصمم جرافيك ومصمم أعمال فنية فى شركة معمار ورسام ثم سيناريست لعديد من مسلسلات الرسوم المتحركة بجانب عملى فى الصحافة الذى وصلنى إلى رئاسة تحرير المجلة والاستمرار بها لعشر سنوات.. وأسست شركة إنتاج فنى أنتجت من خلالها مجموعة من الأفلام الوثائقية والإعلانات والأفلام القصيرة مثلت ببعض هذه الأفلام وأثناء ذلك شعرت أن هذا هو مكانى الطبيعى وعشقى الأصلى ولكنى ضللت طريقى إلى الكتابة.. وبعد صدور قرار بتوقف إصدار المجلة رفضت الاستمرار فى العمل بالصحافة وقررت أن أعلن بأى طريقة أننى أود الوقوف أمام الكاميرا ومن هنا جاءت فكرة فيديوهات 30 ثانية التى كنت أقوم بتصويرها بكاميرا الموبايل من منزلى.

■ متى بدأت انطلاق فكرة البلاتوه وكيف كان الإعداد لها؟

- بعد أن حققت حلقات 30 ثانية ومن بعدها حلقات «البريك» نجاحا لا بأس به على السوشيال ميديا، وصلتنى عروض من عدة قنوات لتقديم برنامج كوميدى.. وكنت أقاوم هذه العروض رغبة منى فى العمل كممثل وليس كمذيع أو إعلامى ساخر.. ولكن وجدت أن البداية ببرنامج به فرصة لتشخيص مجموعة من الشخصيات والقصص القصيرة سيكون فرصة تدريب جيدة وتجريب فى نفس الوقت.. وكنت قد صممت عدم إصدار أى فيديوهات بدون فريق عمل وكونت فريقا من أصدقائى وفكرت أن يكون البرنامج امتداد لبرنامج «البريك» وهو عبارة عن كواليس حياة ممثل يحاول الوصول إلى أى فرصة للعمل فى المجال الفني، وكانت فكرة «البريك» فى الأساس من اقتراح شقيقى الأكبر الفنان محمد خضر.. وذهبت فى رحلة لأيام مع صديقى المنتج محمد جبيلى بعد أن قبلت بعرض قناة النهار ووضعنا اللمسات النهائية لشكل البرنامج وانطلقنا..

■ كيف كانت مراحل بناء رؤيتك وفلسفتك لصناعة نوع مختلف من الكوميديا؟

- أولا أنا لا أعرف إذا كان لى فلسفة أو رؤية خاصة أم لا.. لأن عمرى بالمجال ست سنوات فقط، وهو عمر طالب أولى ابتدائى أى بمعنى أدق (يادوب بفك الخط).. ثانيا.. أنا تجربتى لم تكتمل بعد لازلت أتعلم الكثير وأعيد اكتشاف العجلة مع كل مشروع.. ثالثا أنا صانع محتوى ولا أملك قدرة على التنظير مثل أساتذتي.. كل ما أعرفه هو أننى مهتم بقضايا المجتمع.. وأحب أن ألفت نظر الناس إليها بطريقة تجعلهم يضحكون إذا استطعت.

■ ما الذى دفعك إلى انتهاج هذا الشكل من الكوميديا المعتمدة على نقد الحياة اليومية الاعتيادية؟

 - ببساطة هو أننى لا أهتم سوى بالحياة اليومية.. أحب الفنون وتفاصيل اليوم والعلاقات بين البشر.. وبما انى مصرى وأب وتحملت مسؤولية أسرة امتدت اهتماماتى للتعليم والصحة ومشاكل الزواج والتربية وخلافه.

■ اعتمد مشروع «أمين وشركاه» على تقديم نوع مختلف ونمط آخر من القطاع الخاص وشكلت به حالة جديدة فى هذا المجال لماذا توقف المشروع مسرحيا وكيف جاء الإعداد له من البداية وهل هناك أمل فى إعادته للمسرح مرة أخرى؟

- توقف المشروع لأسباب انتاجية ويبدو أنه لم يحقق الدخل المرجو منه أو ربما كان هناك مقترح لإعادة صياغته مثلا ولكن طبعا بالإضافة إلى الوباء العالمى الذى عطل العروض الحية والمسرحية بشكل كبير.. أحب المسرح.. وأعتبره مدرسة لأن الممثل يقوم بالبحث عن الشخصية مع كل ليلة عرض فكنت محتاجا لهذا الدرس فى هذه المرحلة من حياتى وفعلا تعلمت منه كثيرا وأحب تكرار التجربة ولا شك أنها ستكون أفضل بسنين ضوئية..

 ■ ألم تر أن توقف مسرحيات أمين وشركاه خسرنا منهجا جديدا فى القطاع الخاص؟

- لا أعرف.. ولكن العروض الأسبوعية التى تعد من أجل التصوير التلفزيونى تحد صعب للغاية، ويحتاج إلى وقت وإعداد لا تسمح ظروف إنتاج البرامج التليفزيونية بتقديمه.. أظن أن الإجابة ستكون مؤكدة إذا عدت مرة أخرى إلى المسرح بعمل أكثر انتشارا من ثم نحدد هل لدى شيء جديد أقدمه أم مجرد تجربة عادية مثل غيرها.

■ من هو مثلك الأعلى فى الكوميديا؟

- أحب أن أخطف من كل بستان زهرة فليس لى مثل محدد.. أنا أتابع كل أنواع الإضحاك وكل أنواع التمثيل أيضا وأحاول أن أكسب من كل فنان درس أو تقنية.. حتى وإن لم يكن نوعى المفضل. 

■ فى رأيك هل شكل الضحك تغير تحديدا من بعد 2011؟

- لو المقصود بعام 2011 هو تغير بسبب تغير المناخ السياسى فأنا لا أفهم فى السياسة.. ولكن عموما الضحك يتغير فى مصر بسبب أن الناس أصبحوا أكثر اطلاعا على ما يفد إلينا من الفنون.. ولم يعد هناك مجال واسع للكوميديا التى تأتى مفرغة من القصة المحبوكة.. الناس تبحث عن شخصيات يصدقونها وقصص تلمسهم. 

■ هل أصبح على الكوميديان اليوم عبء الارتجال والإضافة بشكل أكبر بسبب ضعف النصوص المكتوبة؟

- بالتأكيد يلجأ الممثل للارتجال إذا وجد النص خاليا من الضحك.. ويقوم بدور الكاتب قبل التصوير.. وأحيانا يتعاون مع المخرج فى ذلك ومع باقى الزملاء للأسف.. وهذا يدفع الممثل للتشتت.. حلم أى ممثل أن يأتيه نص مكتمل ناضج من حيث الحبكة والحوار ومن ثم جرعة الكوميديا.

■ هل احترافك للكتابة أضاف لعملك بالكوميديا وقد يغنيك عن البحث على نصوص كاملة؟

 - أنا لا أتوقف عن البحث عن نصوص.. لأنى ممثل أكثر منى كاتب.. ولكن عملى بالكتابة لفترة طويلة يجعل لدى قدرة على تقييم النصوص أسرع وأفضل وأحيانا يكون لى رأى مفيد فى الدراما أو مناطق الضحك.. ولكن أبحث عن الحلم دوما كما قلت.. نص مكتمل وناضج وأركز فقط فى العمل كممثل وصناعة شخصية جيدة..

■ فى رأيك هل تغير إيقاع الضحك اليوم أصبح أسرع من إمكانية مواكبته؟

 - تضخم حجم الإنتاج.. وتوفر المحتوى ووجود كاميرا فى جيب معظم البشر بالتأكيد يسرع من الإيقاع.

■ ما الذى يساهم فى تجديد دماء الكوميديان وخروجه عن الأنماط السائدة؟

- أولا القرب من أنماط مختلفة من البشر.. لأن الكوميديان تحديدا يقوم بصناعة المحتوى الذى يقدمه.. لذلك لابد أن يعرف ما الذى يهم مجتمعه ليعرف ما الذى يضحك جمهوره.. ثانيا التعاون مع كتاب ومخرجين مختلفين ومن أجيال مختلفة.. وعدم الجزم بأن رأيه هو الأصوب.. ثالثا وهى الأصعب أن يقوم بتجارب مجنونة بعيدة عن الحسابات.. وصعوبة ذلك تكمن فى خوف النجم من أن يخسر مكانته إذا قام بالتجريب زيادة عن اللزوم أو رفض جمهوره هذه التجربة.

■ البعض يرى أن السوشيال ميديا أفسدت الكتابة للكوميديا، ما رأيك؟

 - يقول كثير من النقاد فى هوليود أن الكوميديا تموت (comedy is dying) وأحد أهم الأسباب ببساطة هو أن السوشيال ميديا تقسم اهتمامات الناس لمجموعات صغيرة.. فى طفولتى كانت مصر تشاهد مسلسلين فقط فى رمضان ونضحك جمعيا ونبكى جميعا من نفس المحتوى.. اليوم ساهمت السوشيال فى تقسيم ذاك الوجدان الجمعى.. فاليوم من الممكن أن تجد جروب فيس بوك به مليون متابع يضحكون على أمور لا يعرفها الباقون من متابعى الجروبات الأخرى.

■ هل بالفعل هناك أزمة حقيقية فى الحصول على ورق جيد بهذا المجال؟

- نعم.. وليس فى مصر فقط.. بل فى العالم كله.

■ فى رأيك هل صناعة الضحك تختلف باختلاف الأجيال؟

 - الأسس واحدة ويمكن استنباط منها وسائل للضحك فى كل العصور ولكن تتغير القضايا والمفاهيم.. وتظهر وسائط جديدة.. إذن نعم اختلاف الأجيال يؤثر على المنتج الفنى..

■ هل كتابة كوميديا للدراما اليوم اصبحت أصعب وأشق من الكتابة للمسرح؟

- من تجربتى المتواضعة.. لا.

■ كيف ترى مستقبل مسرح القطاع الخاص حاليا؟

- لا يستطيع أهم منتجى برودواى الإجابة على هذا السؤال.. دور العرض عموما تمر بأزمة كورونا.. الناس تعشق خروجة المسرح ولقد لمست ذلك بنفسي.. ولكن متى سيمكن للمسارح أن تعود للعمل..؟ لا أحد يعرف.

■ هل إذا عرض عليك العمل بمسرح الدولة ستقبل بسهولة أم لديك شروط محددة للقبول؟

- طبعا وبلا تردد.. مسرح الدولة هو بيتى منذ طفولتى.. وشروطى ستكون نفس شروط العمل بأى مشروع وهى نص جيد.. وفريق عمل يحترم عمله ويضيف إليه.