بريد روزا
خلف حدود الستر
يكتبه أحمد عاطف آدم
تحية من القلب لبريد روزا والقائمين عليه وبعد...
أنا زوجة فى أوائل العقد السادس من العمر أعمل بقطاع التعليم وحاصلة على مؤهل عالِ، بينما زوجى يعمل مهندسًا بمؤسسة شهيرة ولنا ابن وحيد بالمرحلة الجامعية، نعيش بمدينة ساحلية فى بيت عائلة زوجى مع حماتى بالطابق الأرضى وهى سيدة مسنة وكذلك شقيق زوجى الذى يصغره بخمسة عشر سنة بالطابق الأول العلوى وهو متزوج حديثًا ويعمل كيميائيًا. الحياة كانت تسير بشكل طبيعى دون أى ضغوط لأفراد العائلة لأن زوجى حافظ على لُحمتها طيلة سنوات بعد وفاة والده وظل هو الحصن الحصين للجميع بصفة خاصة شقيقه الأصغر والوحيد حتى تزوج واستقر، لكن زوجته لم تكن هى الإنسانة التى تبشر بدوام هذا الاستقرار بسبب شخصيتها المريبة، فهى فى سن ابنى لكنها تعامله وكأنه صديقها وليس ابن شقيق زوجها، تطلب منه فى غياب زوجها أن يُحْضر لها ما تريد من احتياجاتها وهو يفعل دون تردد لأنها زوجة عمه،، فى نفس الوقت فإن زوجها لا يشعر بخطورة تلك العلاقة التى لا يعرف مساراتها المحتملة إلا من أحلكتهم التجربة مثلى ومرت عليهم قصص مشابهه أدت لما لا يحمد عقباه، وأنا من جهتى حاولت أن أنصح ابنى بضرورة الابتعاد عنها وتقليل احتكاكه بها للحفاظ على سمعته بين الناس واحترام الجميع - لكن دون جدوى، أخبرت زوجى وشددت عليه بأن أخيه عصبى جدًا وفى حالة انتباهه أو تركيزه مع الأمر ستحدث مشاكل كبيرة نحن فى غنى عنها، لكنه فاجأنى بسلبيته التى لم أرهُ عليها طيلة حياتى معه - وقال لي: «دى مرات عمه وحتى لو من سنه هو عارف حدوده متكبريش الموضوع»، لكننى لازلتُ أرى عدم استواء تلك العلاقة أو تهذب الفتاة مع ابنى، لأنها فى إحدى المرات أثناء صعوده إلى شقتها لطباعة بعض الأوراق الخاصة بدراسته انتظرت أنا لدقائق ثم تبعته لمراقبة ما يحدث، فوجدتها تقف بالقرب منه وهى ترتدى «شورت» قصير ضيق - عنفتها وحملتها مسئولية دخول ابنى عندها فى غياب عمه وطلبت منها الابتعاد عنه والاستعانة بى إذا ما أرادت شراء أى شيء تريده من خارج البيت وقطع علاقتها بابني، فقالت لي: وهل سأطرده عندما يأتي!؟، نبهت عليه بضرورة الابتعاد عنها وإلا سألفت نظر جدته لهذه التصرفات، فلم يختلط بها بضعة أيام قبل أن تفاجأنى جارتى بسماع ضحكاتهم من مسقط عقارها المجاور لنا، تيقنت بأنه بدأ يعيد الكَرَّة ويذهب إليها،، مما جعلنى مكتئبة لا أعرف ماذا أفعل أستاذ أحمد - هل أزوجه لأعفه وهو مازال طالبًا جامعيًا وليس له خبرات فى الحياة أم ماذا أفعل لإنهاء تلك المهزلة!؟ .
إمضاء ز. ق
عزيزتى ز. ق تحية طيبة وبعد …
أكثر ما لفت نظرى فى مشكلتك هى شخصية الأم اللبيبة والزوجة الواعية عندما تشعر بأنفاس الخطر تلاحق أسرتها فتحرص بشتى الطرق على إبعادها، هذا ما جسده موقفك الرافض لعلاقة ابنك بزوجة عمه. وحتى إن كان ظاهر تلك العلاقة هو منطق تحريمها عليه بدرجة القرابة، إلا أن تقاربهما فى السن واختلائهما بعض الأوقات قد يهيئ للشيطان أجواء الإغواء والوقوع فى الإثم وهو ما يفسر حوادث كثيرة مشابهة فى مجتمعاتنا العربية،، لذا يجب وضع الأمور فى نصابها الصحيح وجعل تلك العلاقة محدودة وعند الضرورة، مع الوضع فى الاعتبار بأن زوجة شقيق زوجك لا تبدو على قدر من المسئولية التى تسمح بالحفاظ على نفسها وعلى ابنك من الفتن. ولكل ما سبق فأنتِ مجبرة لإعادة محاولة تأجيج مشاعر الخوف والرهبة الإيجابية عند زوجك بلفت نظره لتلك الرابطة المبالغ فيها بينهما، ولا تيأسى من ذلك، بل احكى له تجارب سمعتِ عنها، أو من التى يعرف هو بها إن وجدت فى محيطكم ولم يجنِ أصحابها من ورائها خيرًا – بسبب غض الطرف عنها، أخبريه بأن ابنك يتذرع بالأسباب والحجج الواهية للذهاب إليها. وإذا كنتِ لم تبلغيه بكل الأحداث التى ذكرتيها برسالتك أو غيرها فالتوقيت أصبح مثاليًا الآن ليعرف كل شيء حتى يضغط عليه عن قناعة ويقين، وإن لم تفلح تلك المحاولات مع زوجك ولم يتوقف ابنك فأبلغى حماتك وهى سيدة مثلك تفهم مخاوفك وستعمل معكِ على منع هذا التخالط المشبوه. من جهتك كأم يبقى حديثك مع ابنك عن الترتيب المنطقى لمسئولياته فى الحياة هام للغاية – وهى الجامعة ثم العمل ثم الزواج، بل امنحيه أيضا حق إعادة هذا الترتيب لو أراد، على أن يتزوج أولًا إذا اعترف بأن غرائزه هى ما تحركه كرجل - لكن عددى له مسئوليات الزواج المبكر وبأنه سيجد بعد حميمية تلك العلاقة كفالة أسرة كاملة يجب أن يستعد لها جيدًا قبل اتخاذ هذا القرار، وأن سُمعته بين الناس يجب أن تكون على رأس اهتماماته حتى توافق عليه الأسرة التى سيتقدم للزواج من ابنتها وأن يثبت لهم بأنه جديرًا بثقتهم فيه،، اقتربى منه أكثر فأكثر فى هذه الفترة الحرجة التى تتلاشى خلالها آثار المراهقة بصعوبة بالغة عند الشباب، حدثيه عن ضرورة تقربه من الله والحفاظ على صلواته حتى يبارك الله فى زوجته المستقبلية التى كُتبت له، وأخبريه أيضا بأن لحدود الستر قواعد تأسست من القيم الدينية والأصول التى تربينا عليها - وخلف تلك الحدود الحصينة تختبئ أسرار النفس الأمارة بالسوء وأقل ذلاتها الشبهات التى حذرنا منها الرسول الكريم وأوصانا باتقائها – فعن أبى عبدالله النعمان بن بشير رضى الله عنهما، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الحلال بيِّن وإن الحرام بَيِّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس. فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع فى الشبهات وقع فى الحرام، كالراعى يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهى القلب» رواه البخاري، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.. والشيطان يحاول دائما استبدال البراءة من الإثم التى يسعى إليها المرء بدفعه لخسارة دينه وإدانته أمام الله وإذلاله أمام الناس، عن طريق سلاح تبرير المشتبهات من الأمور وجعلها أقرب لوهم الحلال ثم الاستحلال، كأن يقنع ابنك بأن زوجة عمه هى فى مقام أمه ولا غضاضة فى الاختلاء بها ثم هى قريبة من سنه إذًا فهى تفهمه ثم يستحل جمالها بدافع غرائزى غاب عنه الوازع الدينى بمباركة شيطانية، وتتزين المعصية فيقع فى الشرك بسهولة،، وأعيد وأكرر على كل أسرة بأنه لا يجب التهاون أو التنازل بأى حال من الأحوال عن القيم المجتمعية التى تربينا عليها وترسيخ مبادئها فى نفوس وقلوب الأبناء منذ الصغر حتى يتيسر علينا التأثير فيهم والحفاظ عليهم.
دمتِ سعيدة وموفقة دائما ز. ق