الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

«سيريل نون» السفير الألمانى بالقاهرة فى حواره لـ«روزاليوسف»: مصر وألمانيا بينهما رؤى مشتركة تحقق نموًا فى العلاقات الاقتصادية

حوار - محمد زكريا  



أكد سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية بالقاهرة، الدكتور سيريل جان نون، أن العلاقات الاقتصادية الألمانية - المصرية ترتكز على أساس قوى ومتين.

وقال «نون» خلال حواره لـ«روزاليوسف» إنه «فى الوقت الذى هزت جائحة كورونا الاقتصاد والتجارة على مستوى العالم، زادت حجم التجارة الثنائية بين مصر وألمانيا لتصل إلى ما يقرب من 5 مليارات يورو فى عام 2020»

وأوضح السفير الألمانى خلال حواره معنا «إن مصر واجهة سياحية مفضلة وفريدة من نوعها، فلا يوجد أى بلد آخر يمكن مقارنته بها من حيث التنوع الطبيعى والوفرة والثقافة التى تقدمها مشيرا إلى أن استئناف السفر مقترن بزيادة أعداد الحاصلين على اللقاح.

«نون» أكد أن ألمانيا ملتزمة بمكافحة الجائحة على مستوى العالم وشاركت فى تأسيس منصة لتوزيع اللقاح بقيمة إجمالية قدرها ٢.١ مليار يورو.

وتطرقنا خلال الحوار مع السفير إلى العديد من الملفات والقضايا نصها فى هذا الحوار.

■ مما لاشك فيه أن صناعة السياحة والطيران كانت من بين أكثر الصناعات تضررًا من فيروس كورونا، هل هناك خطة مستقبلية لاستئناف حركة الطيران من ألمانيا للوجهات السياحية المختلفة؟ ومن وجهة نظرك هل إعلان شركات طيران ألمانية عن تسيير رحلات من مدن ألمانية إلى الغردقة وشرم الشيخ يعد إشارة إيجابية؟ 

- لقد أصابنا الوباء العالمى جميعا فجأة ودون سابق إنذار، وكان التأثير على حركة السفر والحركة الجوية غير مسبوق، فمن كان يتصور أن عالمنا المترابط والقائم على العولمة سيشهد حالة يتم فيها تعليق رحلات الطيران بين البلدان بل ينتهى الأمر بآلاف المواطنين الذين انقطعت بهم السبل فى الخارج بعيدا عن أوطانهم! هذه الأحداث بالإضافة إلى التأثير المباشر للجائحة على حياتنا الاجتماعية قد تركت بصماتها على الناس وعلى صناعة السفر، فى ذات الوقت فإن المشقة المترتبة على الوضع الطبيعى الجديد تجعل الرغبة فى السفر والاسترخاء ورؤية الأصدقاء الذين لم نتمكن من زيارتهم لفترة طويلة أشد وأقوى أيضا، كما أن العدد  المتزايد من رحلات الطيران يوضح أن هناك اهتماماً باستئناف السفر والسياحة، ولحسن الحظ هناك سبب ملموس جداً يدفعنا للأمل والتفاؤل إذ إن حملات التطعيم التى تتسارع وتيرتها فى جميع انحاء العالم الآن تمثل إشارة إيجابية للغاية علاوة على ذلك، كلما زاد عدد الأشخاص الذين يتم تطعيمهم، أصبحنا جميعا أكثر أماناً واقتراباً من العودة إلى نمط حياتنا السابق على الجائحة، بما فى ذلك السفر، وأنا متأكد من أن مصر، باعتبارها وجهة سياحية مفضلة وعتيدة، ستكون فى ذلك الحين من أوائل الدول التى تشهد عودة السياح الألمان.

■ ما الذى يضفى على مصر خصوصية من منطلق كونها واجهة للسياح الألمان؟

- مصر وجهة سفر رائعة وفريدة من نوعها حقا، فلا يكاد يوجد أى بلد آخر يمكن مقارنته بها من حيث التنوع الطبيعى والوفرة والثقافة التى تقدمها، فهى تذخر بالمدن الحيوية والمناظر الطبيعية البكر والحياة البحرية المزدهرة والآثار الفرعونية المدهشة، فسواء كنت تبحث عن الترفيه على الشاطئ أو المغامرات الرياضية أو رحلة تعليمية إلى الجذور التاريخية، فإن مصر ببساطة هى الوجهة الصحيحة لمختلف الأذواق ولأى فئة عمرية، من وجهة نظرى، فإن هذا المزيج الثرى والتنوع الاستثنائى، بالإضافة إلى كرم ضيافة الشعب المصرى الذى له صيت، يمثل جوهر جاذبية مصر وشهرتها.

لقد قمت بنفسى بخوض هذه التجربة أكثر من مرة، وبغض النظر عن عدد المرات التى تقوم فيها بزيارة مصر فإنك ستجد دائما الجديد والجدير بالاستكشاف، يمكننا أن نرى هذا على عدة مستويات مختلفة، بدءا من المشهد الفنى والموسيقى المفعم بالحيوية إلى المتاحف الجديدة والتطوير الذى يجرى للمعالم التاريخية أحد الأمثلة الحديثة جدا هو المدينة القديمة التى اكتشفها للتو علماء الآثار بالقرب من الأقصر مثل هذه الاكتشافات التاريخية الفريدة تثير دهشتنا وتجعلنا نتساءل عن ماهية المفاجآت الأخرى التى ستتحفنا بها مصر فى المستقبل، فى السنوات التى سبقت الجائحة، شهدنا زيادة مطردة فى عدد السياح الألمان إلى ما يقرب من مليونى زائر فى 2019 وأنا لا يساورنى شك فى أن هذا الاتجاه الواعد سيستمر بمجرد استقرار حالة الوباء أخيرا على المستوى العالمى.

■ فيما يتعلق بالجائحة، كيف ترى الوضع فى أوروبا؟ وما الاستراتيجية الموضوعة لمجابهة التحوّرات الفيروسية المكتشفة فى بعض البلدان؟ وكيف يؤثر ذلك على السفر؟

 - تضررت ألمانيا بشدة من الجائحة، وكما هو الحال فى العديد من البلدان الأخرى، اتخذنا تدابير واسعة النطاق لمكافحة انتشار الفيروس، لقد تم تقليص الحياة الاجتماعية والعامة إلى الحد الأدنى على مدار الأشهر الماضية، بهذه الطريقة تمكنا من الإبقاء على عدد الإصابات فى مستوى يمكننا من السيطرة عليه ومع ذلك لا يزال الوضع متوترا إذ ينطوى الفتح الحذر والمتدرج دائما على خطر انعكاس الاتجاه الإيجابى مرة أخرى. باختصار، السلامة هى أولويتنا، وكما هو الوضع فى الدول الأخرى فنحن بالطبع قلقون بشأن التحويرات الفيروسية الجديدة التى تم اكتشافها فى أجزاء مختلفة من العالم، لكن مع بدء حملات التطعيم فى ألمانيا ودول أخرى فى جميع أنحاء المعمورة هناك سبب وجيه يدفعنا للأمل، ومن خلال التعاون الوثيق مع شركائها الدوليين خاصة الشركاء فى الاتحاد الأوروبى، تلتزم ألمانيا بمكافحة الجائحة على مستوى العالم وبصورة تضامنية، فمنذ البداية ركزنا على البحث وتطوير وسائل التشخيص والعلاجات واللقاحات التى يجب أن تكون متاحة للجميع، معاً فقط، يمكننا تحقيق عودة آمنة إلى الحياة الطبيعية للجميع ومعها العودة السفر والسياحة الدوليين كما كانا قبيل الجائحة.

■ أعلنت ألمانيا عن تخصيص 1.5 مليار يورو إضافية علاوة على 600 مليون يورو أخرى تعهدت بها برلين خلال قمة مجموعة العشرين العام الماضى لدعم آلية «تسريع التطوير والانتاج والوصول العادل إلى اختبارات كورونا المستجد، والعلاجات واللقاحات، المعروف باسم: The Access to COVID-19 Tools(ACT) يتم توجيه الجزء الأكبر من هذا المبلغ إلى برنامج COVAX الذى يهدف إلى ضمان توفير  إمدادات عادلة من لقاحات فيروس كورونا فى جميع انحاء العالم، بينما يتم توجيه الجزء الآخر للتشخيص وتقديم العلاجات ذات الصلة، والسؤال، ما النتائج الملموسة لذلك؟ وما بالضبط دور الحكومة الألمانية؟

- بمجرد أن اتضح حجم الجائحة، أدركنا أنه لا يمكن مواجهة هذا التحدى إلا على المستوى العالمى ومن خلال التعاون الدولى الوثيق، لذلك شاركت ألمانيا فى تأسيس منصة التوزيع ACT A وهى أكبر مانح لها بمبلغ 2.1 مليار يورو، والى جانب التشخيص وبحوث العلاج، تعتبر منصة اللقاحات COVAX حجر الزاوية فى هذا النهج متعدد الأطراف، ففى خطوة أولى، بدأت منصة COVAX فى إمداد 142 دولة، بما فى ذلك 89 دولة أقل تقدماً، بشحنات اللقاح يتم تمويل اللقاحات من جانب المانحين الدوليين وهى تقدم مجانية للبلدان المتلقية لها، بهذه الطريقة، نستطيع دعم الناس فى جميع أنحاء العالم وقد رأينا للتو النتيجة الملموسة لهذا الجهد المشترك هنا على ارض الواقع، فقد وصلت مصر فى نهاية مارس أول دفعة من اللقاح، والتى تقدر بـ854.400 جرعة وهناك المزيد فى الطريق.

إن آلية COVAX هى استجابتنا المتعددة الأطراف والشاملة لفيروس كورونا المستجد، وتوزيع اللقاح لا يتعلق بمنح المزايا السياسية أو الحصول على دعاية جيدة، بل يجب ان يرتبط بالحاجة إليه إذ إن هدفنا هو أن يتمكن كل شخص فى العالم من الوصول إلى اللقاح المطلوب، فلا يوجد أمان لأى منا، إذا تركت دول أخرى لتواجه مصيرها وحدها، إن التضامن الدولى والتعددية هما السبيل الوحيد لكسب المعركة ضد الجائحة العالمية.

■ فى عام 2019 قدر حجم التبادل التجارى بين مصر وألمانيا بنحو 4.5 مليار يورو كيف أثرت الجائحة على التجارة الثنائية بين البلدين؟ وما الذى يتم عمله لتحفيزها؟ 

- تتميز العلاقات التجارية بين مصر وألمانيا بالقوة، وعلى الرغم من ان الجائحة قد هزت الاقتصاد والتجارة على مستوى العالم، فقد زاد حجم التجارة الثنائية بين البلدين ليصل إلى ما يقرب من 5 مليارات يورو فى عام 2020، ويعكس هذا التطور الإيجابى أيضا إمكانات كبيرة أخرى، والأمر الأكثر لفتاً للنظر فى هذا السياق هو ان حجم التجارة الثنائية الألمانية المصرية كان مستقراً بل نما على مدار العامين الماضيين على الرغم من أن الواردات والصادرات المصرية شهدت انخفاضاً طفيفاً فى نفس الفترة، وهذا يثبت بوضوح استمرارية واستقرار علاقتنا التجارية، حتى فى الأوقات المضطربة، فالعلاقات الاقتصادية الألمانية المصرية ترتكز على أساس متين وموثوق للغاية، وهناك اهتمام مشترك برؤية المزيد من النمو فى المستقبل.