الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

من التراث الشعبى

«الخيامية».. زينة رمضان الأبرز والأجمل

تعتبر الخيامية من المظاهر الرمضانية الأساسية فى مصر، فما إن يحل شهر الصيام حتى تزدهر الحركة فى شارع الخيامية استعدادا للطلب على الأقمشة المزينة لاستخدامها فى الخيم الرمضانية وفى سرادقات موائد الرحمن وفى عروض التنورة وفى واجهات المحلات والمطاعم والزينة. معا نحاول رصد واقع وتاريخ هذه الصناعة.



بدقة يتابع الاسطى «حسين» ما تحوكه أيادى الصنايعية بورشته التى تقبع بالقرب من منطقة تحت الربع بجانب باب زويلة، ذلك المكان الذى كان حاضرا وشاهدا على العديد من الحقبات الزمنية التى رغم ازدهارها وخفوتها الا انها لم تستطع أن تمحو هذا الفن القديم «فن صناعة الخيامية» حيث إن فن الخيامية من أول الحرف اليدوية التى تعلمها الإنسان ومارسها وذلك من أجل صناعة مأوى له فى البداية ثم تطور الأمر وأضحى فنًا يستمتع به الفراعنة، وقد تطور فن الخيامية بشكل كبير مع الفتح الإسلامى لمصر وشهد أوج عظمته خلال العهد الفاطمى والعهد المملوكي، حيث سعى الفنان المصرى إلى إدخال البهجة إلى مسكنه، فطور من صناعة خيمته وبدأ يصنعها من أقمشة ذات ألوان زاهية وذلك بالاستعانة بالتصميمات والزخارف العربية والفرعونية القديمة، وبعد ذلك تحول اهتمام الفنان المصرى صوب صناعة خيام الأمراء وبرع فى زخرفتها وحياكتها.

 امتد فن الخيامية ليشمل منتجات أخرى بخلاف الخيام وذلك مثل مفارش الأسرة والمعلقات على الجدران والمخدات الصغيرة، ومن أبرز فنانى الخيامية الذين ساهموا فى تطور واستمرار هذه المهنة فى مصر الحاج “حنفى محمد إبراهيم” والذى تم تلقيبه باسم “شيخ الخيامية”.

فن الخيامية وإن كان يرتكز بالأساس على صناعة الخيام إلا أن الخطوة الأولى فى صناعة الخيامية ترتكز على الرسم؛ رسم التصميم الذى سيتم حياكته على القماش أولًا، وجدير بالذكر أن صناعة الخيامية تتطلب استخدام قماش التيل وذلك لأنه قماش سميك، وبعد أن يتم رسم التصميم يُخرم ويتم وضع بودرة مخصصة من أجل طبع الرسم على قماش التيل حتى يتسنى للفنان القيام بعملية التطريز، وتجدر الإشارة إلى أن الخيامى يقوم بعمل أكثر من وحدة تصميم ثم يشرع فى خياطتها مع بعضها البعض عبر طريقة “اللفقة” وذلك دون أن يظهر أيا من هذه الخياطات فى السطح الخارجى للقماش، ويقوم الخيامى أيضًا بقص وحدات قماش التيل ويطرزها مع بعضها البعض ثم يقوم بما يسمى “التفسير” وهو عبارة عن حكاية خيوط أخرى فوق القماش وإبرازها من أجل عمل الملامح، ومهمة التفسير هى إضافة روح للتصميمات سواء كانت التصاميم على هيئة منظر طبيعى أو كانت تصاميم فرعونية أو إسلامية هذا بالإضافة للآيات القرآنية. وقديمًا كان العرب يحرصون على اختلاف خيمة كل منهم عن الآخر وذلك من خلال الأشكال والرسومات المختلفة، وفى مطلع القرن التاسع عشر قام محمد على بتطوير الصناعات والحرف اليدوية كما قام بتطوير صناعة النسيج وأصبح فن الخيامية يتم بشكل آلى مما وضع الحرفة اليدوية فى صراع مع التطور من أجل البقاء والاستمرار، ولوحات فن الخيامية بعد الاستغناء عن السكن بها بسبب التطور العمرانى أضحت جزءًا هامًا من الديكور التراثى وقد أولت الفنادق والنوادى مؤخرًا اهتمامًا كبيرًا بتعليقها على جدرانهم.