الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رمضان.. شهر الانتصار والصبر

لاشك أن فى الصوم العديد من الغايات والحكم الإلهية لا يظل المسلم يتعلم منها  طوال حياتها، ويعد الصوم من العبادات التى تحمل المعنى الحقيقى لمجاهدة النفس لذا كان الصوم هو اول طريق تعلم الصبر والانتصار على النفس، ولذلك كان رمضان هو شهر الانتصارات.



فمن جانبه يوضح د. أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف أن شهر رمضان هو شهر الانتصارات، ففيه انتصار بدر الذى أعز  الله( عز وجل ) فيه  نبيه (صلى الله عليه وسلم ) المؤمنين، قال تعالى: «وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»، كانت واقعة بدر فى شهر رمضان، وهو شهر التقرب إلى الله (عز وجل) بالصيام وبالقيام وبقراءة القرآن، وفيه فتح مكة، وفيه نصر العاشر من رمضان المجيد. أضاف أنه إذا كان شهر رمضان هو شهر التقرب إلى الله (عز وجل) بالدعاء والتضرع والإنابة والخشية فهو أيضًا شهر الجد والاجتهاد والسعى الدءوب، وأعلى درجات السعى وأعلى درجات العمل أن يلقى المسلمون أعداءهم فى ميدان القتال، فلم يُستثن رمضان أن يكون ظرفًا للحرب التى تدور فى كل زمان ومكان بين الحق والباطل، بين المعتدين وبين من يدفعون العدوان.

ولفت د. حسين إلى  أن أول انتصار للمسلمين كان فى رمضان فى موقعة بدر، والتى كان النصر فيها  حدثٌا فريدا فى تاريخ المسلمين، حيث أيدهم الله (عز وجل) ونصرهم فيه ؛ لأنهم كانوا أذلة متضرعين، وأما المشركون فنرى فيهم نوعًا من السرف والكبر والمفاخرة.

أضاف أن رمضان شهر الاجتهاد، وشهر العمل، كما أنه شهر العبادة، فلا يحول الصيام بيننا وبين أن نباشر أعمالنا، مهما كانت عظيمة وشاقة، فإن الله يعيننا عليها ويبارك لنا فى قوتنا، فليس الصوم موسمًا للقعود ولا لترك العمل، بل هو موسم للجد والاجتهاد يتدرب فيه المؤمن على ألوان متعددة من العبادات، فالصيام يعطى المؤمن قوة يستطيع أن يواجه بها الشدائد، فالإنسان لا يواجه شدائد الحياة بقوته، ولكن يواجهها  بالصوم والقيام  والدعاء فهى من سبل القوة والصلابة التى يواجه بها المؤمن الحياة بكل صعوباتها. الدكتور السيد مسعد مدير مديرية أوقاف الجيزة أوضح كذلك  أن شهر رمضان شهر عظمت فيه انتصارات المسلمين، فكانت غزوة بدر التى تعد حدثا عظيما من أحداث شهر رمضان المعظم، بل حدث فارق فى حياة الأمة الإسلامية، وهو يوم الفرقان - كما سماه القرآن الكريم - الذى تجلى فيه التطبيق العملى لصيام رمضان والقرب من رب العالمين. ولفت إلى أن النصر  يأتى مع  الثبات الذى يتحقق بقوة الإيمان، حيث يقول سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا}، وإذا تحقق الإيمان وثبت فى قلب العبد استجاب لنداء ربه تعالى فأدى ما عليه مطمئنة نفسه ثابتا قلبه قال تعالى: {إِذْ يُوحِى رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّى مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِى فِى قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}، ومنها: ذكر الله تعالى، حيث يقول سبحانه:{وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. واوضح أن ذكر الله تعالى أسمى ما يكون فى هذا الشهر الكريم، فحينما تصفو الروح،

وينتصر الإنسان على شهواته وعلى نفسه فلا يكون هناك تعلق للقلب إلا بالله سبحانه وتعالى، فيترك الحلال الطيب فى نهار رمضان قربا من الحق سبحانه. كما ذكر فضيلته أن طاعة الله تعالى، وطاعة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، والبعد عن التنازع والاختلاف، والإخلاص لله تعالى، واللجوء إليه، والاعتماد عليه سبحانه، والإكثار من الدعاء، والصبر.

وشدد د. السيد  على  أن أهم وأعظم نصر هو انتصار الإنسان على نفسه وشيطانه، وفى شهر رمضان يظهر هذا الانتصار من خلال امتناع الصائم عن الطعام والشراب والجماع وهى أمور حلال له، فالانتصار على النفس والتغلب على المطامع والشهوات هو أعظم نصر يحققه الإنسان فى هذا الشهر الكريم.

واختتم قائلا:  علينا أن نغتنم تلك الفرصة فى هذا الشهر الفضيل وأن نتقرب إلى الله (عز وجل) بالصبر على طاعة الله، والصبر عن المعصية، والصبر على الابتلاءات التى قد تعرض للإنسان فى حياته، فالصبر أساس الانتصارات جميعها، حيث يقول سبحانه: {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} ومعية الله تعالى للصابرين معية نصر وتأييد، وقد قال النبى (صلى الله عليه وسلم): «واعلم أن النصر مع الصبر».