الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

السودان يستعين بالتجربة المصرية فى الإصلاح الاقتصادى

الإصلاح الاقتصادى واحد من مجالات التعاون الأساسية بين القاهرة والخرطوم فى الفترة الحالية، فى ظل الأزمة الاقتصادية التى يشهدها السودان خصوصا على مدى العامين الماضيين، بشكل تواجه فيه الحكومة تحديات أساسية منها نقص السلع الأساسية مثل الخبر والوقود والكهرباء، وارتفاع معدلات التضخم لأكثر من 240% وتراجع قيمة الجنيه السودانى إلى حدود 380 جنيها مقابل الدولار.



الأزمة الاقتصادية بالسودان دفعت الحكومة الانتقالية لدراسة التجربة المصرية فى الإصلاح الاقتصادي، من خلال برنامج وطنى نفذته الدولة المصرية بما ساهم فى تحسين مؤشرات الاقتصاد ومعدلات النمو فى مصر، بل وساهم فى صمود الاقتصاد أمام تداعيات جائحة كورونا، وهو ما أشادت بيه مختلف مؤسسات التصنيف الدولية.

  من هذا المنطلق كان ملف الدعم الاقتصادى حاضرا فى زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى التاريخية للخرطوم فى السادس من مارس الماضي، وأيضا فى مباحثات رئيس وزراء السودان خلال زيارته للقاهرة بعد زيارة الرئيس الرئيس بساعات، حيث أكد الرئيس السيسى على دعم مصر للسودان للحفاظ على أمنه واستقراره.

وبالفعل تبادلت القاهرة والخرطوم خلال الفترة الحالية زيارات وفود اقتصادية ومسئولين من وزارتى المالية بالبلدين للإطلاع على التجربة المصرية فى ملف الاصلاح الاقتصادي، كان أخرها زيارة وزير المالية المصرية الدكتور محمد معيط للخرطوم فى العاشر من إبريل والتى تضمنت لقاءات مع المجموعة الاقتصادية بالحكومة  السودانية.

الهدف المصرى محدد وهو دعم السودان الشقيق فى أزمته الاقتصادية، وأكد عليه وزير المالية محمد معيط بأن مصر جاهزة بكل ما تمتلكه من قدرات وإمكانات وخبرات فى شتى المجالات؛ لتلبية كل مايطلبه أشقاؤنا فى السودان، بما يُساعدهم فى تحقيق أهداف التنمية الشاملة، والمستدامة.

وقال إن عملية الإصلاح فى مصر ارتكزت على عدة محاور تتعلق بالسياسات النقدية والمالية فكان لابد من التخلص من دعم المحروقات والكهرباء وتحول دعم القمح إلى دعم رغيف العيش، وفى نفس الوقت الاهتمام ببرامج الحماية الاجتماعية لمواجهة تداعيات قرارات الاصلاح.

اعتبر وزير المالية السودانية جبريل إبراهيم أن تجربة مصر فى الإصلاح الاقتصادى الأقرب للسودان، وقال إنهم استمعوا لتفاصيل التجربة المصرية، وكيف راعت الحماية الاجتماعية للفئات الاولى بالرعاية، وأيضا كيف ساهمت فى تنمية موارد الدولة، بجانب سبل التنسيق بين البنك المركزى ووزارة المالية وباقى الوزارات.

تعويم الجنيه السودانى

وفى اطار الاصلاح الهيكلى للاقتصاد السوداني، اتخذت الحكومة الانتقالية بالخرطوم قرارات بتعويم جزئى لسعر الصرف المحلى (الجنيه السوداني) مقابل النقد الأجنبي، لمواجهة السوق السوداء وتوحيد نظام سعر الصرف، ذلك أن الاختلال فى سعر الصرف ترتب عليه ارتفاع معدلات التضخم وتعدد أسعار الصرف.

وفى نفس الوقت تعول الحكومة السودانية على مرحلة الانفتاح فى العلاقات مع الغرب بعد رفع اسم السودان من قوائم الإرهاب، بما يساهم فى دعم التعاون السودانى مع المؤسسات الاقتصادية الدولية وعلى رأسها البنك الدولى وصندوق النقد الدولى لدعمه فى هذه الفترة.

وسعت الحكومة الانتقالية فى السودان من خلال موازنة العام الحالى إجراء عدد من الإصلاحات، حيث تستهدف الموازنة خفض معدل التضخم إلى حدود 95% بنهاية العام 2021، عوضا عن 250%، بجانب تحقيق معدلات نمو 1.7% ، وخفض سعر الصرف إلى 55 جنيها.

منطقة صناعية مصرية بالخرطوم

تبادل الخبرات فى ملف الاصلاح الاقتصادى ليس الإجراء الوحيد لدعم الاقتصاد السوداني، ذلك أن هناك محاور مختلفة تستهدف تحقيق شراكة اقتصادية تعود بالنفع على البلدين، ولعل من أبرز تلك المحاور هو مشروع المنطقة الصناعية المصرية فى الخرطوم، والذى تحدثت عنه وزيرة التجارة والصناعة نفين جامع خلال زيارتها للسودان فى يناير الماضى؛ للمشاركة فى معرض الخرطوم الدولي.

وخلال مباحثات الوزيرة مع المجموعة الاقتصادية بالسودان، تم الحديث عن تفاصيل مشروع المنطقة الصناعية بالخرطوم، حيث تم الانتهاء من دراسة الجدوى الخاصة بالمنطقة، حيث تستهدف المنطقة اقامة مشروعات صناعية مشتركة بين رجال القطاع الخاص فى البلدين.

وحسب مسؤل دبلوماسى فى السفارة السودانية بالقاهرة فإن المنطقة الصناعية ستكون على مساحة 2 مليون م2 فى شمال الخرطوم بمنطقة الجيلى وهى منطقة زراعية وغنية بالموارد الطبيعية وخاصة البترول، وبالتالى ستركز على صناعات تحويلية  ومنتجات زراعية يتم تصديرها للسوق الإفريقية.

وفى نفس الوقت تقدم وزارة الصناعة والتجارية المصرية برامج تدريب لعدد من الكوادر السودانية العاملة فى القطاعات الصناعية والصناعات الصغيرة والمتوسطة، وحسب وزيرة الصناعة نفين جامع فإن مجالات التدريب تشمل صناعة ودباغة الجلود والمصنوعات الجلدية فيما يتعلق بتطوير مختلف مراحل الدباغة والمصنوعات اليدوية، وتطوير صناعة المنسوجات من خلال الإستغلال الأمثل للأقطان السودانية المتميزة، فضلا عن التعاون الصناعى فى مجال الدواء.

وعلى الجانب التجارى تسعى القاهرة والخرطوم لتطوير حرة التجارة، خصوصا أن حجم التجارة بين البلدين بلغ العام الماضى نحو 862 مليون دولار، منها 496 مليون دولار صادرات مصرية للسودان، و366 مليون دولار واردات، تضمنت منتجات الكيماويات والمنتجات المصنعة والآلات والمعدات والمواد الغذائية والمنسوجات ووسائل النقل والحيوانات الحية والمنتجات الزراعية.