الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

أوس أوس فى حواره لـ«روزاليوسف»: «صباحية مباركة».. أعادتنا للجمهور.. ونجلس على المقاهى لنتعلم «الإفيهات» الجديدة

لم تكن ظروف مصر السياسية الصعبة التى مرت بها عقب عام 2011 السبب الوحيد وراء نجاح وازدهار فكرة مسرح مصر، لكن كان الإيمان بالفكرة ثم وحدة العمل الجماعى هما أساس نجاح تلك التجربة التى كان أوس أوس أحد ابطالها الرئيسيين، فى هذه التجربة صنعوا شكلا من الكوميديا جاذبا للجمهور فى تلك الفترة من الزمن، بينما تمرد اليوم أصحاب التجربة عليها، وكذلك الجمهور وأصبحوا يبحثون عن شكل آخر فى صناعة الضحك، كانت التجربة الحديثة «صباحية مباركة» إخراج أشرف عبد الباقى على مسرح جراند حياة، والتى ستعيد فتح أبوابها للجمهور خلال ايام عيد الفطر المبارك عن صناعة الضحك فى مسرح مصر وتطوره فيما بعد، قال أوس أوس فى هذا الحوار:



■ كيف كان شكل البداية من مسرح الجامعة؟

- بدأت من مسرح كلية التجارة جامعة القاهرة، وأعتقد أننى كنت من الجيل المحظوظ بالعمل مع المخرج حسين محمود رحمة الله عليه، كان يعلم كيف يوظفنا للعب الكوميديا فى عروض الجامعة، قدمت عروض كوميدى لمدة أربع سنوات متصلة، ثم فى السنة الخامسة كانت السنة الوحيدة التى قدمت فيها عملا دراميا وكانت أول مرة أحصل على جائزة، شاركت فى مسرحية «هاملت» إخراج حسين محمود كنت المتحدث الرسمى باسم البلاط وكنت أخرس، سافرنا بهذا العمل تونس وحصلنا على العديد من الجوائز، ثم شاركنا به بالمهرجان القومى للمسرح، أظن أننا بالجامعة قدمنا كل شىء.

■ ما الفرق بين صناعة الكوميديا فى الجامعة ثم مرحلة مركز الإبداع والسوق فيما بعد؟

- كل زمن له الكوميديا الخاصة به والحدوتة المناسبة له، وفى الجامعة الضحك كان مختلف.

■ ماذا تعنى بالضحك المختلف؟

- لأن الجامعة قد يكون الضحك فيها اقرب للهزار، ضحكها شبه اليوم الذى نعيشه، الموضوع يتطور خاصة وأن الكوميديان لابد أن يكون متطورا مع الشارع، يعلم جيدا شكل الضحك اليوم، وما الذى يضحك الجمهور ويشعره بالبهجة، «الشارع بيضحك على ايه»، أيام الجامعة من خلال خبرتنا البسيطة بها كنا نعلم جيدا أن الطلبة يضحكون على أشياء معينة الطالب جاء مهموما بمشاكل الدراسة والامتحانات لو كسرنا بها فى المسرحية الضحك هنا مضمون، بجانب تقديم كوميديا الموقف خلال المهرجانات والمسابقات، كنا مطالبين بالحفاظ على النص لأننا كنا نقدم نصوصا لكتاب كبار مثل سعد الله ونونس، واسماء كبيرة للغاية، كان لابد أن نحافظ عليها بلا تغيير، كل هذا عشنا فيه ثم التحقنا بورشة مركز الإبداع الفني، الذى أضاف لنا خبرة مختلفة تعلمنا مادة الرقص والشعر والغناء، لأن المخرج خالد جلال كان يحب الفنان الشامل، الذى لديه توافق عضلى عصبى مع جسده لإثقال التمثيل، كان تطورنا فنيا شيء مهم جعلنا لا نكتفى بالاعتماد الهزار فقط، أو الكوميديا اللفظية، لكن من الممكن أن نقدم كوميديا بالرقص والإستعراض وحركة الجسد أو على قصائد شعر كل هذا أضاف لنا.

■ لماذا لم تستكمل الدراسة فى الإبداع؟

- حتى نحصل على التخرج من مركز الإبداع كان لابد أن نشارك فى ثلاثة عروض وبالفعل كنا شاركنا فى العروض الثلاث الرقص، الإلقاء، والغناء وبالتالى لم نحتاج للمشاركة فى التمثيل.

■ كيف كان اللقاء مع الفنان أشرف عبدالباقي؟

- كنت اقدم عرض الرقص «اين اشباحي» مع خالد جلال فى مركز الإبداع والفنان أشرف عبد الباقى جاء لمشاهدة العرض، حصل على رقم هاتفى أنا وربيع وكريم، ولا نعلم السبب وبعدها بشهر تحدث إلينا وطلب أن نلتقى به فى مكتبه والتقينا بباقى المجموعة، ووجدناه يقول أنه سيقدم مسرح، كما ذهب الجامعة ومسرح الدولة شاهد «شيزلونج» إخراج محمد الصغير وأتى بأنور وخاطر وحمدى وأخذ منهم من أعجبوه ثم بدأنا العمل.

■ اشتهرت وزملاءك بامتلاك مهارة الارتجال وسرعة البديهة هل هذه موهبة أم اكتسبتها بالتدريب والتعلم؟

- الاثنان معا، ملكة وثقة وحضور الذهن فى كيفية التحكم بالفكرة للارتجال عليها، فى مركز الإبداع المخرج خالد جلال كان يدربنا جيدا على الارتجال، على سبيل المثال كان يفاجئنا بالتدريب يطلب منا تعريف انفسنا فى مشهد، دون أن نذكر اسماءنا بشكل تقليدى، وبالتالى مطلوب منى تأليف مشهد أعرف نفسى فيه حالا، كل الاختبارات كانت من هذا النوع، كان يقيمنا بهذا الشكل من منا ذهنه حاضر للارتجال، ربيع وقتها عمل نفسه مذيع كرة يعلق على ماتش ويقول فيه.. «مضوا مع مذيع جديد اسمه على ربيع 23سنة» وأنا قدمت مشهد واحد مجنون بيكلم نفسه فى المرايا، كان لابد أن نرتجل على الهوا، هذا ساهم فى أثقال موهبتنا فى مادة الارتجال، لذلك عندما اشتركنا مع اشرف عبدالباقى، وقدمنا 130 مسرحية منهم 120 ارتجالا كنا جاهزين لهذه المغامرة، نعرف الموضوع مثلا مجموعة حرامية وبوليس هيقبض عليهم فى النهاية ونبدأ فى الارتجال على هذه التيمة.

■ يذكر عنكم دائما أنكم أفضل مجموعة عمل لعبت على فن الارتجال معا هناك حالة من الكيمياء والمرونة الشديدة بينكم، ما السبب وراء هذا التلاحم فى العمل وكأنكم رجل واحد؟

- أول مرة التقينا فيها يوم أن جمعنا الفنان أشرف عبد الباقى بمكتبه قبل تقديم البرنامج، فى ذلك اليوم كانت مفاجأة لهم أننا كلنا كان نعرف بعضنا البعض جيدا، ليس عن طريق الصحبة لكننى كنت حريصا على الذهاب لمشاهدة توتا وخاطر وانور فى جامعة عين شمس لأننى كنت أعلم أنهم يقدمون عروضا جيدة، لكننى لا أعرفهم على المستوى الشخصي، لكننا نعلم أنهم أقوى ممثلين بجامعة عين شمس، وهم أيضا كانوا يفعلون نفس الأمر معنا بعروض تجارة القاهرة، دخلت مركز الإبداع التقيت بتوتا وويزو واسراء، لذلك عندما اجتمعنا فى المشروع مع عبد الباقي، كنا نعلم جيدا مهارة كل منا فى الضحك، وكيف يستطيع كل شخص أن يقدم طعمه الخاص، اصبح هناك كيمياء بيننا، وما ساهم بشكل أكبر فى تغذية هذه الكيمياء أننا عشنا معا فى منزل واحد لوقت طويل أنا وأنور وتوتا وحمدى الميرغنى وكريم عفيفى، فى هذه الشقة اخرجنا معظم شغلنا بالعروض، دائما كانت تجمعنا جلسات عمل وصياغة افيهات ومواقف دائمة على الأعمال التى سنقدمها بالمسرح معا، اى شيء قد يحدث فى اليوم نقوم بصياغته وإضافته بالمسرحية، وبالتالى أصبحنا حافظين بعض، كل منا يفهم الآخر من نظرة عينيه اعلم انه هنا سيقول افيه اسكت وانتظر، كل هذا كان يحدث دون اتفاق مسبق بيننا.

■ ألم تكن هناك غيرة بينكم كيف استطعتم التغلب على هذه المشاعر بروح الجماعة؟

- كلنا تقريبا تربية مسرح الجامعة، ولم يكن لدينا هدف أن يكون أحدنا نجم صف أول وأوحد بقدر اجتمعنا على هدف واحد أن نقدم مسرحيات وأعمال «تبسط الجمهور»، كانت لدينا جميعا هذه النية وهذا الشعور، عندما بدأنا الموسم الأول، الناس كانت تتحدث عن ربيع وربيع لا يمكن أن يعمل بمفرده، كلنا كنا نتشاور فى افضل دور كتب على الورق نجده لعلى ربيع نقف جميعا لدعم ربيع، لأن هذا فى النهاية سيعود على مصلحتنا جميعا، عندما يقال أن ربيع جيد والمسرحيات جيدة الناس سترانا بشكل عام وسنكون دعم لبعضنا البعض، تانى موسم كان حمدى الميرغنى نسند حمدى حتى آخر يوم، كنا نعمل بهذا الأسلوب نبحث عن افضل دور فينا ونلغى ادورنا ونساعد الأهم على القاء الإفيهات وصناعة الضحك ندعمه بقوة، وبالتالى هذا ما اسهم فى نجاحنا جميعا.

■ هل كنت تتوقع كل هذا النجاح؟

- عندما قال لنا أننا سنقدم 20 مسرحية خوفنا فى البداية لكن قررنا خوض التجربة كنوع من المغامرة، خاصة وهو رجل له تاريخ وخبرة وكل الناس تحبه كنا نثق به، دخلنا المشروع دون تفكير فى شىء حتى فتحنا المسرحية الأولى، وجاء فى الصالة حوالى 20 فرد منهم او معظمهم اصدقائنا، ثم مسرحية ثانية وثالثة، حتى تمت إذاعتها فى التليفزيون، وجدنا شكلا آخر من الإقبال الجماهيري، اغلقنا اول موسم كنا نعرض فى مسرح جامعة مصر 1500 كرسى كان الجمهور يجلس على السلالم فى الفواصل ما بين الكراسى ثم أعلن اشرف عبد الباقى عن الموسم الثانى كان محجوزا من قبلها لمدة ثلاثة أشهر كاملة «اتخضينا»!

■ هل كان هناك نصوص تعلمون عليها؟

 - جاء كتاب كثيرون فى البروفة الأولى يكون لدينا خمس او ستة مسرحيات نختار الأفضل ثم نبدأ فى الارتجال عليها خاصة عندما تكون مشكلة بأن الحدوتة ليست منضبطة تماما.

■ ماذا تعنى بأن الحدوتة غير منضبطة هل اصبح هناك فجوة بين المؤلف الكوميدى وشكل صناعة الضحك حاليا؟

- الفكرة ليست متماسكة قد نجلس للعمل وبذل جهد مع المؤلف، وهذا ليس عيبا كل النجوم يعملون مع المؤلفين، المسألة تتلخص فى ضرورة أن تكون دماغك متطورة بتطور الزمن، وأن يكون لدينا مؤلف يفهم الشارع جيدا، لأن كله فى النهاية يصب فى مصلحة العمل، وصلنا لمرحلة مع المؤلف أنه أصبح يكتب جملة بين قوسين «ارتجال»، ويكون الارتجال على حسب إما على الهوى بشكل لحظى وإما عن طريق التحضير، نقدم العرض لمدة 8 ايام حتى التصوير، نعتبر هذه الأيام مجرد بروفة اختبار على الجمهور، نرى ما الذى كان له التأثير الأقوى فى الضحك ونحذف الباقى حتى يتم التصوير بأفضل ما وصلنا إليه.

■ هل كان هناك عروض بعينها تطلبت منكم جهدا مضاعفا للعمل عليها؟

- كل المسرحيات كانت صعبة، كل يومين كنا نقدم مسرحية، يومين بروفة، ثم فى اليوم الثالث عرض رقابة وكأنها المسرحية كاملة، وأيام الخميس، الجمعة، والسبت، نعرض للجمهور، واجازتنا الأحد، ثم نعود يومى الإثنين والثلاثاء لتقديم مسرحية جديدة، وهكذا نعمل حوالى سبعة اشهر متصلة بلا انقطاع كانت تجربة مرهقة جدا.

■ ما الذى كان يساهم فى تغذية عقلك حتى يكون حاضرا للعمل بهذه الكثافة؟

- الكوميديان لابد أن يكون هادئ البال، ولديه احتكاك مباشر بالجمهور حتى يستطيع أن يضحكهم، لأننى لا يمكن أن اعيش بعيدا عن الجمهور والشارع، ثم اهزر لمجرد اثارة الضحك كلنا نحرص على البقاء بين الجمهور حتى هذا اليوم، فى كل الأماكن مثلا نحرص على الجلوس بمقهى فى حى فيصل، نجلس مع الناس ونتحدث معهم فى كل شىء، على سبيل المثال فكرة مسلسل جامعى القمامة جاءت من تواجدنا فى الشارع كنت اشاهدهم يستيقظون فى السادسة صباحا قبل الجميع حتى يستطيعوا تجميع القمامة من الشارع، من مشاهدتى وأحاديثى معهم فكرنا فى فكرة المسلسل نستطيع توظيف هموم الناس لتقديمها فى شكل دراما أو شكل كوميدى هذا ما يفرق فى العمل ويقربه من الجمهور.

■ برغم كل هذا النجاح إلا أنكم تعرضتم لهجوم كبير كيف تعاملتم مع هذا الهجوم؟

- لم تكن لدينا أزمة فى الهجوم ليسلأن هناك فئة من الجمهور أحبت هذا الشكل المثير للهجوم من المسرح وهذه الفئة ليست قليلة، إذن هذا النوع له جمهور، الدنيا تتطور ناحية الأحدث والأسرع، كان هناك تليفون منزل اليوم اصبح هناك الموبايل، الأمور أصبحت تتطور بتطور الزمن ولابد أن نتابع هذا التطور ونحاول استيعابه والنظر لحاجة الناس من الضحك، تعاملنا مع الهجوم بكل حب، ليس لدينا أزمة فى النقد الذى يوجهنا للأفضل والفنان اشرف عبدالباقى كان يقول لنا دائما هذه اراء الناس وردنا سيكون عندما تدور الكاميرا وتأتى بالجمهور وهو يجلس ويضحك ومبتهج وكنا لا نريد أكثر من ذلك.

■ هل ترى أن إيقاع الزمن السريع هو سبب النجاح أم الظروف السياسية الصعبة التى عاشتها مصر فى تلك الفترة؟

- بالتأكيد الحالة العامة من الاكتئاب الذى عاشته البلد فى تلك الفترة جعلت الجمهور متعطشا للخروج من هذه الحالة الحزينة، كل القنوات تحولت إلى إخبار وسياسة كان وقتا مهما، ساعد الجمهور فى إخراج فيه شحنة كبيرة بمشاهدة هذا النوع من العروض.    

■ متى شعرتم أن الضحك انتهى من مسرح مصر؟

- المسألة لا تتعلق بانتهاء الضحك، لكننا أصبحنا مهمومين ونريد تقديم أعمال لتاريخنا كل منا كان يهتم أن يقدم شيئًا يبقى فى السينما أو الدراما، لأن المسرحيات مرتبطة بالمشاهدة اللحظية بمجرد خروجها للنور بينما الأفلام تبقى فى المتابعة والمشاهدة، لذلك فكرنا فى الذهاب إلى هذه المنطقة، لأن هذا النوع من العمل كان يتطلب منا التفرغ التام لمدة 7 اشهر، وكنا نتعرض لإرهاق ذهنى كبير.

■ كيف كان قرار العودة بـ»صباحية مباركة»؟

- الفنان أشرف عبدالباقى قال أنه لا يريدنا أن نبتعد عن المسرح وفى نفس الوقت كنت انا وربيع نريد العودة من جديد بشىء مختلف، بعيد عن الإرهاق القديم، قررنا العودة بمسرحية 3 ساعات الشكل التقليدى الذى اعتاد عليه الجمهور فى مسرح القطاع الخاص، نحاول فيه تقديم دراما وكوميديا وإثارة، وجدنا الورق جيدا وساعدنا على تحقيق هدفنا فى تقديم عمل جديد بشكل مريح، ونعود للعرض مرة أخرى خلال أيام عيد الفطر المبارك.

■ هل لديك مانع فى العمل بالقطاع العام مستقبلا؟

- ليس لدى أى مانع ولا يشغلنى الأجر هناك أعمال قدمتها بلا مقابل مادى كل ما يهمنى الفكرة اتمنى العمل بالقطاع العام وليس لدى اى مانع على الإطلاق.