الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«مـاى هيرتج» منصة إلكترونية حائرة بين المشروعية الدينية وتضليل المجتمع

MyHeritage تطبيق جديد اشتهر عبر وسائل التواصل الاجتماعى كأحد التطبيقات المتميزة لتحريك  الصور، حيث  تفيد التقارير إن التطبيق أطلقته شركة أسسها مهندس برمجيات إسرائيلى يُدعى جلعاد جافيت، وهى شركة اختبارات جينية، تركز على تاريخ العائلة والمطابقة النسبية، والتطبيق المطروح لتحريك الصور اسمته الشركة «الحنين العميق»، باعتبارها وسيلة لإعادة القدامى فى الصور، رغم إمكانية استخدامها لأى صورة.



 

ومع تداول التطبيق عبر التواصل الاجتماعى وتزايد الحديث عن مدى مشروعيته سارعت دار الافتاء المصرية بإصدار فتوى حول التطبيق بعيدا عن مصدره «الشركة الإسرائيلى» واعتبرته نوعا من الترفيه إلا انها وضعت شروطًا لاستخدام التطبيق سواء لتحريك صور الأحياء أم الأموات.

وقالت الافتاء فى فتواها: «إن  الشريعة الإسلامية أباحت وسائل الترفيه والترويح عن النفس لكونه من متطلبات الفطرة؛ إلَّا أنَّ هذه الإباحة مُقَيَّدة بأن لا تشتمل على سخريةٍ أو سُوءِ أدبٍ؛ فإذا كان لا مانع شرعًا من استخدام برامج حديثة لتحريك الصور الثابتة، بحيث تصبح بتقنية الفيديو بدلًا من كونها ثابتة كصورة عادية؛ فالأَصْل أنَّ هذا مباحٌ بشرط مراعاة خصوصية مَن أفضى إلى رَبِّه بأن لا يشتمل تحريك صورته على سخرية أو سوء أدب مع الميت، وبشرط أن لا يؤدى ذلك إلى تدليسٍ أو ضررٍ بالغير؛ وذلك كما لو تَرتَّب على صورة المستخدم حقوق أو واجبات تستوجب بيان صورته الحقيقية لا الصورة المعدَّلة».

 من جهتها أبدت د.إلهام شاهين أستاذ العقيدة بجامعة الأزهر والأمين المساعد لشئون الواعظات بمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف رأيا مماثلا لفتوى الافتاء، حيث أوضحت أن حكم استخدام تطبيقات تحريك الصور الثابتة العبرة فيه وفق الأثر المترتب على استخدامها هل الأثر المترتب عليها هل هو نافع أم ضار؟، ولا فرق فى ذلك بين استخدامها للأحياء أو للأموات، وعليه فإذا كان الأثر المترتب على استخدامها ضاراً للمستخدم أو ضاراً للغير يحرم لقوله صلى الله عليه وسلم لا ضرر ولا ضرار، وإذا كان الأثر المترتب على استخدامها نافعاً للمستخدم وللغير يباح استخدامها.

واستطردت قائلة: إذا كان الأثر المترتب على استخدام تطبيق تحريك الصور مثلا ضار للمستخدم أو لغيره بحزن أو اكتئاب أو عزلة عن الناس أو نصب او احتيال أو كذب أو غش أو تدليس أو بهتان فهو حرام، وإذا كان الأثر المترتب على استخدامها نافعاً للمستخدم ولغيره كترحم وشفقة وعطف وتواصل وبر وصلة ورد للحقوق وأمانة وثواب ومنفعة فهو مباح. وأكدت أنه لابد من التقنين لاستخدام هذه التطبيقات ولكن الأهم من التقنين هو معرفة القانون ونشره بين الناس ثم تطبيقه على المخالفين، لأن هناك كثيرا من القوانين ولكن الناس لا تعرف عنها شيئا ولا تطبق.

 

رفض قاطع 

على الجانب الآخر يؤكد د. عباس شومان أستاذ الفقه ووكيل الأزهر السابق أن تطبيقات تحريك الصور الثابتة مسالك شيطانية، ومنصات تضليل، وقال: لقد كثر الحديث عن تطبيق يستغل عاطفة الناس وافتقادهم لأحبتهم الذين انتقلوا إلى الرفيق الأعلى، حيث بإمكان التطبيق إظهار صورة الميت وهو يحرك عضوًا من أعضائها كالعينين أو اليدين أو الرأس وربما الجسد بكامله، ومن هذا تطبيق (ماى هرتج) وهو تطبيق صيهونى يجب النظر إليه بعين الريبة.

أضاف أنه التطبيق لا يقتصر بكل تأكيد على التلاعب بصور الموتى غير الجائز لما فيه من التزييف وانتهاك حرمات الموتى، بل هى البداية التى يروج بها للتطبيق دغدغة لمشاعر الناس وحنينيهم لرؤية موتاهم، وبكل تأكيد لن يتوقف الأمر عند هذا الحد بل يمكن من خلال هذا التطبيق إظهار الموتى فى مواضع وأفعال هم منها براء وتلك جناية أخرى.

واستطرد د.شومان: «إن ما يحدث لصور الموتى عبر هذا التطبيق من الأيسر والأسهل حدوثه لصور الأحياء، حيث يمكن أن يركب على حركة شفاههم كلمات لم ينطقوا بها مستعينين ببرامج التلاعب بالصوت وربما مقتطفات بصورة صاحب الصورة مركبة من عدة مقاطع لا ترابط بينها لتظهر وكأنها كلام واحد، كما يمكن إظهار الصورة وكأنها فى مواضع وأماكن لا علاقة بينها وبين صاحب الصورة، ومنها مسارح الجرائم ليظهر صاحب الصورة وكأنه مشارك فيها، ولذا يحرم التعامل مع هذا التطبيق وأمثاله تحريمًا باتا. 

وأوضح أنه إذا كانت بعض الأفعال الحقيقية لا يجوز نشرها على الناس لما فيها من التشهير بالناس والاعتداء على خصوصياتهم سواء أكانوا على قيد الحياة أم لا، فيكون من الأولى تحريم تزييف الحقائق وإظهار الشيء على غير حقيقته مهما كانت نيّة الفاعل لا فرق فى ذلك بين صور الموتى وصور الأحياء.

 

انتهاك لحرمة الموتى 

كما يؤكد الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقة المقارن بجامعة الأزهر، أن ما يؤدى للحرام فهو حرام، وبالنظر لبدعة تطبيق تحريك صور المتوفين مهما كانت الأهداف والأغراض والدواعى والبواعث فهى ممنوعة ولا تجوز شرعًا؛ لكونها تؤدى لمفاسد.

وأضاف «كريمة»، أن دفع المفاسد مقدم على جلب المصالح، مشددًا على أنه من الأخلاقيات الإسلامية عدم  ذكر المساوئ والنقائص أو أن نتناول الميت والأسير بالسوء؛ لكونه لا يملك الدفاع عن نفسه، فالميت أفضى إلى ما أفضى، والرسول –صلى الله عليه وسلم- نهى عن ذكر نقائص الميت، ولو كان الميت على قيد الحياة قد يرفض ذلك، ولم يأذن بذلك.

ولفت إلى أن تطبيق تحريك صور الموتى يعد انتهاكاً لحرمة الموتي، ويبعث على الفتن المستقبلية، فقد يتطور وينسب لشخص أشياء ويتم ادعاء أنه كان إرهابياً وظالماً، منوهًا إلى الله سبحانه وتعالى يقول: «وَلا تَقفُ ما لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤادَ كُلُّ أُولٰئِكَ كانَ عَنهُ مَسئولً».

وشدد على أن الموت عالم غيبى لا نقترب منه إلا بما أذن به الشرع بالترحم عليهم وسؤال المغفرة لهم، وفعل القروبات المشروعة وإهدائها لهم، موضحا أن هناك فرقا بين فيديوهات كانت مصورة للشخص فى حياته، وأشياء تلصق به بعد مماته، مستدلًا على ذلك بفيديوهات خطب الرئيس الراحل «عبدالناصر» و«السادات» و«مبارك»، والتى تعد تسجيلا لأحداث تاريخية فلا بأس بها، أو إذاعة أفلام قديمة لفنانين متوفين؛ لكونها تم تصويرها فى حياتهم ويعلمون بها.