الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بدأ من أسرة صماء وصولا لـمجلس الوزراء

بيشوى عماد.. حكاية أصغر مترجم للغة الإشارة فى مصر

شاءت الأقدار أن يكون أعظم ابتلاءاته سببًا لشهرته وحصد المناصب وهو ابن العشرين من عمره، فكما يُقال «من قلب المِحن تولد المنح»، وهكذا أراد لنفسه أن تكون محنته هى ذاتها منحته فى الحياة التى وُلد فيها ليجد نفسه ابنًا لأب وأم من الصُم وضعاف السمع.



فى الوقت الذى يبنى فيه الطفل العادى مهاراته الاتصالية عبر قنواته الأولى «الأب والأم»، كان بيشوى عماد يكابد عناءً مضاعفًا، فذلك الطفل ذو البضعة أشهر تعلّم لغة الإشارة قبل أن ينطق لسانه بكلمة واحدة، لكن سرعان ما تدخلت الجدّة بصوتها الحنون لتُلقى على مسامعه أولى الكلمات فى قاموسه الخاص «بابا وماما..»، وبالتوازى يترجمها الأب بلغة الإشارة، ليجد «بيشوي» نفسه حائرًا بين لغتين.

 ظل بيشوى يجمع فى التعلم بين لغتين «لغة الإِشارة واللغة العربية بلهجتها المصرية» حتى عمر السابعة، ليلتحق بعد ذلك بالمدرسة فتكون صدمته الأولى، وعنها يقول: «كنت منبوذا ومعروفا داخل المدرسة، منبوذا لأننى كنت نموذجا غريبا للأطفال، أبويا وأمى من الصُم وده شيء غريب بالنسبة للأطفال».

فى سن الثانية عشرة تعرض بيشوى لواحد من أقسى المواقف التى قد تمر على طفل فى عمره، وهى مشاجرة مع زملائه فى المدرسة تخللها سُباب لأبويه وتنمر على حالهما، وكانت تلك نقطة تحوّل فى حياته، حيث نصحه المدرس بأن يستغل نشأته فى كنف أبوين من الصُم وضعاف السمع ليتعلم لغة الإشارة بشكل احترافي.

بحث بيشوى عن مبادرات ومؤسسات معنية بتعليم لغة الإشارة، لينتقل من مرحلة الهواية إلى مرحلة الاحتراف، حتى أصبح أصغر مترجم للغة الإشارة فى مصر، يمثل الدولة فى مؤتمراتها الرسمية الدولية.

انضم كعضو فى المنظمة العربية لمترجمى لغة الإشارة، وأصبح مترجم معرض القاهرة الدولى للكتاب، ومترجمًا للمجلس القومى لشئون الإعاقة، ومترجمًا للمعهد العالى للفنون المسرحية، وكذلك لإعلانات وزارة التضامن الاجتماعى.

وصل صيته لقناة DMC التى استعانت به فى ترجمة نشرة أخبار كورونا لفئة الصُم وضعاف السمع، وصولًا إلى مجلس الوزراء حيث يعمل مستشارًا مترجمًا لرئيس الوزراء وكذا جميع الوزارات فى مصر.

بيشوى عماد هو أول سفير مصرى للاتحاد الأوروبى لمتحدى الإعاقة لدى المركز الدولى لحقوق الإنسان ICHR، ويعمل حاليًا ضمن مشروع ضخم لم يُعلن بشكل رسمى حتى الآن خاص بدعم الدولة لفئة الصُم وضعاف السمع تحت إشراف وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

9 ملايين أصم وضعيف سمع فى مصر يطمح بيشوى لتسهيل حياتهم وتذليل عقبات تواصلهم مع المجتمع المحيط، بعدما لمس فى تجربته معاناة تلك الفئة، لذا طالب بتدريس لغة الإشارة فى المدارس، وهو القرار الذى صدر بالفعل من الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم  حيث سيتم لأول مرة تدريس لغة الإشارة لجميع طلاب مدارس مصر ضمن نظام التعليم الجديد لكيفية التعامل مع زملائهم.

حينما علم بيشوى عن اختراع عُمر عبدالسلام، الطالب فى قسم الاتصالات والحاسبات بكلية الهندسة فى جامعة المنصورة، لنظارة يمكنها ترجمة الصوت إلى لغة الإشارة والعكس، عرض عليه المشاركة مجانًا لعمل قاموس مُدمج فى النظارة يحمل جميع الكلمات المصرية، وهو ما ستتم دراسته خلال الأيام المقبلة ليخرج الاختراع إلى النور ويغير حياة 9 ملايين أصم فى مصر.