الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«تجربة رائدة» هزمت الخلافات السياسية

رغم أنه كيان سياسى حديث إلا أنه نجح فيما أخفقت فيه كيانات سياسية وحزبية لها باع طويل فى العمل السياسى وعملت فيه لعقود حيث نجحت تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين فى العمل الجماعى وتشكيل كيان موحد يجمع أحزاب وسياسين من اتجاهات فكرية وأيديولوجية مختلفة ومتعارضة فى بعض الأحيان، هذا هو أبلغ توصيف للحالة السياسية التى صنعتها تنسيقية شباب الأحزاب، والتى حددت أهدافا سياسية وطنية بمبادئ ملزمة لجميع المشاركين بها تحت مظلة جامعة، لا مكان فيها للانحيازات الأيديولوجية التى تقود دائما إلى نسف أى عمل سياسى جماعى لأى قوى سياسية وحزبية. 



الحال على الساحة السياسية قبل ثورة ٣٠ يونيو كان سيقود الحياة السياسية فى مصر نحو الانهيار بسبب الشتات من جانب وحالة التخوين التى صنعتها جماعة الإخوان الإرهابية بين مختلف القوى فترة حكمهم من جانب آخر، لتأتى فكرة تدشين التنسيقية لتحرك المياه الراكدة بالشارع السياسى، لتقدم لنا نموذجا فى التعاطى السياسى بين جميع الفرق السياسية باختلاف انتماءاتها وتوجهاتها الفكرية، بوجوه حقيقية لشباب من أرض الواقع كمنصة حوار شبابية، استطاعت التعلم من أخطاء الاخرين، لتكون حاضنة سياسية للشباب وطلائع العمل السياسى، بعيدا عن النخب السياسية المصنعة، وبتمويل ذاتى من الأعضاء المشاركين فى هذا الكيان الجديد.. لتمثل تجربة رائدة فى التوافق السياسى، لتطبق أفكارهم على أرض الواقع كخطوة سياسية ناجعة نحو التحول الديمقراطى المنشود.

ولعل أبرز ما يميز تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين بخلاف كل التجارب الشبابية السابقة أنها أصبحت منصة سياسية تتميز بالاستقلالية وحرية الحركة، وهى قائمة على الحفاظ على التعدد والتنوع السياسى والأيديولوجى بين مكوناتها الحزبية التى تصل إلى 27 حزبًا تمثل أغلب القوى المؤثرة داخل المشهد السياسى، ليس هذا فحسب بينما وضع مؤسسو التنسيقية وثيقة مبادئ للعمل داخل الكيان الجميع ملتزم بها لتحدد شكل العمل وأتخاذ القرار.

ومن آليات العمل داخل التنسيقية أنهم أطلقوا صفحة خاصة باللجان النوعية للتنسيقية، عبر موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، وذلك لنشر مخرجات عمل اللجان النوعية بتنوعاتها، وتضم التنسيقية 12 لجنة تتنوع بين الحماية الاجتماعية، والشئون الاقتصادية، والشئون الخارجية، وحقوق الإنسان، والقوى العاملة والنقل والمواصلات والطيران والسياحة، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والثقافة والآثار، والتعليم والبحث العلمى، والصحة، ولجنة البيئة والطاقة، والشباب والرياضة، والإدارة المحلية، السياسات الأمنية والأمن القومى.

وتختص هذه اللجان بعمل أوراق وتقارير متخصصة فى المجالات المذكورة وذلك لضمان المشاركة الدائمة للموضوعات والتحديات التى تطرح باستمرار.

مصعب أمين المتحدث الرسمى للتنسيقية، شرح فى السطور التالية طريقة تشكيل التنسيقية والهدف منها وكذلك المبادئ حيث أوضح أن التنسيقية منذ تأسيسها ضمن عددًا من الأحزاب من مختلف التوجهات السياسية، بالإضافة لشباب غير حزبيين، وعبرت بداخلها عن مكونات المجتمع المصري، وكان هدفها الأساسى من يومها الأول تنمية الحياة السياسية من خلال التنوع الايديولوجى الموجود داخل الشارع السياسى وأن تتسع لكل وجهات النظر، وكانت وسيلتنا لتحقيق هذا المسعى، محاولة نقل الأحزاب والممارسة السياسية بصورة عامة من حالة الاستقطاب التى تشهدها فى كل القضايا، إلى استثمار المساحات المشتركة بين مختلف التيارات السياسية خلف مشروع وطنى جامع، بصناعة التوافق بينهم،على اعتبار أن المصلحة العامة ركيزة أساسية للعمل العام والسياسى منه، وهى الحالة التى افتقدتها الأوساط السياسية كثيرا فى المراحل السابقة.

ولفت إلى أنهم مثلوا حلقة وصل بين مؤسسات الدولة المختلفة والأحزاب السياسية لترجمة هذا التوافق عمليًا فى تكامل بين كل الأطراف على مختلف الأصعدة من أجل إعلاء مصالح المجتمع ومواطنيه، والاستفادة من رؤى تلك الأحزاب فى قضايا مثل التنمية الاقتصادية ــ المجتمعية، التى تقع فى أولويات أجندة العمل الوطنى حاليًا، للحشد والتعبئة وراء تحقيقها.

كما أسهمت الأنشطة التى قامت بها فى إضافة نخبة جديدة من الشباب للمجتمع السياسى أصحاب كفاءة سياسية ووعى وطنى، يمكننا الاستشراف بهم أن تغدو الحياة السياسية مستقبلا أكثر تطورا بما لديهم من القدرة على العمل معًا.

وبالتزامن مع مساعى رفع الوعى لدى الشباب وتشجيعهم على المشاركة السياسية من خلال عقد الأنشطة التثقيفية وحملات التوعية بحقوقهم وواجباتهم.. ويعد هذا المنحى الأخير أهم ما يميز تجربة التنسيقية من غيرها من المحاولات التى بذلت من قبل، إذ إنها لم تنكفئ على نفسها.

واستطرد المتحدث الرسمى للتنسيقية، قائلا: إن نجاح التجربة ناتج عن إصرار المؤسسين على إنجاح التنسيقية، إضافة إلى انضمام مجموعة من السياسيين والتزامهم بميثاق العمل داخلها، النائب طارق الخولى، النائب البرلمانى وعضو تنسيقية شباب الأحزاب عبر عن حالة وجود التنسيقية على الساحة السياسية فقال: إن فكرة وجود التنسيقية من الأساس هى فكرة براقة فى إمكانية الجمع بين جيل من الشباب من مختلف الأحزاب والتيارات السياسية، وبرغم اختلافهم استطاعوا التغلب على أيديولوجياتهم وتوجهاتهم الفكرية، إلى منطقة وسط يتوافقون فيها على الكثير من القضايا.

وتابع «الخولى» أن التنسيقية نموذج لفكرة التوافق الوطنى على قاعدة رئيسية وطنية، بغض النظر عن أى توجه سياسى أو فكرى، لافتا الى أنها تعد إحدى وسائل التمكين السياسى، لأن هذا التجمع فى حد ذاته نقطة قوة لدفع الشباب للوجود على الساحة السياسية، وفرض نفسه.

وأكد الخولى أنهم استطاعوا صنع مشهدًا مختلفًا عن الأجيال السابقة التى تصارعت وتنازعت، وأدى خلافهم إلى ضعف الحياة الحزبية فى مصر، وبالتالى وهنت البنية السياسية، وهو ما يعول عليه من التنسيقية أنها تستطيع أن تكون نواة لفكرة التوافق السياسى والوطنى، وصناعة مشهد مختلف فيما يتعلق بتدعيم الكوادر السياسية والحزبية، موضحا أن التنسيقية تضم أحزابا من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، وبالتالى نجاحها فى التوافق على أساس وطنى هو مشهد مختلف لم نعتَده فى مصر منذ عقود طويلة.