الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الإخوان هم العقبة الأكبر

أغلب المسلمين فى أوروبا يريدون الاندماج لكن التحديات كثيرة

ترجمة: سعيــد شعيــب



تتنوع مشاكل المهاجرين المسلمين فى أوروبا، ولكن يجمعها جميعاً عوامل مشتركة، أهمها تأثير الإسلام السياسى السلبى على الاندماج. والإسلام السياسى ليس مقصودا به فقط المراكز الإسلامية التى يسيطر على أغلبها الإخوان وحلفاؤهم، ولكن أيضاً المساجد وهى الأكثر تأثيراً. 

 تختلف الجالية المهاجرة من المسلمين عن نظيراتها الأخرى من الجاليات المهاجرة فى بريطانيا، من حيث عدة خصائص ديموغرافية واجتماعية واقتصادية يمكن من حيث المبدأ ربطها بمواقفهم المختلفة الملحوظة تجاه الهوية الدينية والاندماج الدينى، وبالتالى تفسير المقاومة الأقوى للاندماج لدى المهاجرين المسلمين فى المملكة المتحدة. وعلى وجه الخصوص، فإن المهاجرين واللاجئين المسلمين فى المتوسط، أقل تعليما بالمقارنة مع الجاليات الأخرى، مع انخفاض دخل الأسرة المعيشية، واحتمال البطالة أكثر من الضعف. كما تعيش الجالية المسلمة فى مناطق أكثر فصلا عرقيا، حيث ترتفع معدلات البطالة.

 ومن بين حوالى 29,500 لاجئ أعيد توطينهم فى المملكة المتحدة فى الفترة من 1 يناير 2010 إلى 31 ديسمبر 2020 فى إطار خطط إعادة التوطين الأربعة فى البلاد، كان 75٪ منهم من مواطنى بلدان الشرق الأوسط، و18٪ من مواطنى بلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وكان معظمهم من مواطنى سوريا: 68٪. وتتفاوت حصة الطلبات التى تؤدى فى نهاية المطاف إلى منحة اللجوء أو غيرها من الإجازات اختلافا كبيرا حسب الجنسية. على سبيل المثال، عند النظر فى الطلبات الواردة خلال فترة الثلاث سنوات من 2016 إلى 2018، بلغت نسبة المواطنين السوريين الذين حصلوا على منحة لجوء أو إجازة أخرى بحلول مايو 2020 بنسبة 88٪.

أهم مجالس ومراكز الجالية المسلمة فى بريطانيا، المجلس الإسلامى البريطاني: وهو أكبر منظمة للمسلمين فى بريطانيا، ويضم أكثر من 500 عضو، بما فى ذلك المساجد والمدارس والجمعيات الخيرية والشبكات المهنية.

الرابطة الإسلامية فى بريطانيا وتمتلك حوالى 11 فرعًا فى العاصمة لندن ومدن ويلز وميدلاندز وبرمنجهام وإسكتلندا وساوث يوركشاير وويست يوركشاير ومانشستر وليفربول وتينيسايد، وتتركز أعمالها حول الأنشطة الدينية من حيث المحاضرات والبرامج التعليمية والندوات.

 ما يلاحظ على هذه المجالس التى تمثل الجالية المسلمة فى بريطانيا وتستقطب إليها المئات من الأعضاء، أن «عددا معتبرا منها وليس كلها» ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بجماعة الإخوان المسلمين، والتى جعلت من هذه المؤسسات أحد أذرعها الدعائية لدى الجالية المسلمة فى بريطانيا.

النشاط الاجتماعى والمساهمة لا تزال قوية بين الجالية المسلمة، تساهم غالبية المساجد بانتظام كبنوك للطعام، وتشارك أيضا بشكل كبير فى العمل التطوعى مع أو جمع المال لدار العجزة المحلية ومستشفيات شرق لانكشاير. وشملت الأمثلة على المساعى جمع الأموال لشراء آلات السكتة القلبية والتنظيف البيئى، فى محاولة لصالح المجتمع الأوسع، فى مقابل ذلك ، تم تسليط الضوء على المزيد من التحديات داخل المجتمع البريطانى فى مسألة الاندماج، بحيث أن هناك نقصا فى وجود القيادة النسائية المسلمة، وكذلك توفير المساواة فى المساحة وتكافؤ الصوت للمرأة فى المراكز المجتمعية والقرارات المحورية داخل المجتمع البريطاني.

برنامج «الإدماج للجميع» ويتعلق البرنامج بضمان أن تكون جميع السياسات فى متناول الجميع والعمل من أجلهم، بمن فيهم المهاجرون ومواطنو الاتحاد الأوروبى من ذوى الخلفية المهاجرة. وهذا يعنى تكييف السياسات الرئيسية وتحويلها إلى احتياجات مجتمع متنوع، مع مراعاة تحديات واحتياجات محددة لمختلف المجموعات، ولا ينبغى أن تكون الإجراءات الرامية إلى مساعدة المهاجرين على الاندماج على حساب التدابير التى تعود بالنفع على الفئات أو الأقليات الضعيفة أو المحرومة الأخرى. بل على العكس من ذلك، فهى يجب أن تسهم فى جعل السياسات أكثر شمولا.

عملت جماعة الإخوان المسلمين بشتى الطرق والأساليب على خلق مجتمعات موازية داخل أوروبا، بما فيها بريطانيا، بالتأثير على الجاليات المسلمة، والعمل على ضمان ولاءات مجتمعية ومالية وسياسية داخل تلك المجتمعات الموازية بهدف التأثير على مراكز صنع القرار المحلى والوطنى فى بريطانيا. تمثلت مخاطر وتهديدات جماعة الإخوان المسلمين فى أنها كسرت العديد من الأعراف والقواعد القانونية الأوروبية والبريطانية، وعملت على تكثيف جهودها وأنشطتها خارج تلك القواعد الصارمة، بالرغم من الحرص الشديد للأجهزة السياسية والأمنية والاستخباراتية لكبح جماح تمدد هذه الجماعة ومنعها من خلق المزيد من المجتمعات الموازية الموالية للجماعة.

وكانت نتيجة أنشطة تنظيم الإخوان هى التأثير على التركيبة الديمغرافية للمجتمع البريطانى وظهور تهديدات أمنية مجتمعية جديدة فى المملكة، من بينها تزايد حركات اليمين المتطرف كرد فعل على تصاعد وتيرة المجتمعات الموازية، وما أظهرته من انعزال ورفض للقيم المجتمعية والفكرية كقيم العلمانية والحرية والتعايش السلمى المتبادل والديمقراطية، ورفض هذه المجتمعات الموازية لفكرة «الاندماج» داخل المجتمع البريطاني. وقد استطاعت جماعة الإخوان المسلمين من لعب دور الضحية بمعية المجتمعات الموازية التى خلقتها، من خلال اللعب على أوتار الدين واستغلال مصطلح «الإسلاموفوبيا» من أجل التحريض على دوائر صنع القرار فى بريطانيا والضغط عليهم بهدف الحصول على مكاسب سياسية واجتماعية وحتى أمنية.

 أظهرت دراسة للمكتب الاتحادى للهجرة واللاجئين بعنوان «حياة المسلمين فى ألمانيا 2020» فى 28 أبريل 2020 أنه يعيش ما بين (5.3 و5.6) مليون مسلم فى ألمانيا، وهو ما يعادل (6.4 % حتى 6.7 %) من إجمالى السكان. يشكل المسلمون الأتراك أكثر من النصف أو نحو (2.5) مليون نسمة. ويستقر معظم الجاليات المسلمة فى المدن الرئيسية مثل برلين وهامبورغ وكولونيا وفرانكفورت، يقول رئيس المكتب «هانز إيكهارد زومر» فى إطار الهجرة من الدول الإسلامية فى الشرقين الأدنى والأوسط، أصبحت المجموعات السكانية من المسلمين أكثر تنوعا فى السنوات الأخيرة».

وأضاف «وتظهر التحليلات أيضا أن مدى تأثير الدين على الاندماج غالبا ما يكون مبالغا فيه»، موضحا أن جوانب أخرى مثل مدة الإقامة أو أسباب الهجرة أو الوضع الاجتماعى تؤثر فى عملية الاندماج إلى حد أكبر بكثير من الانتماء الدينى.

تمثل مجالس الاندماج فى ألمانيا المهاجرين على مستوى البلديات. وينتخب المهاجرون المجالس كل خمس سنوات. يحق لكل بالغ (ألمانى أو أجنبى) يقيم فى ألمانيا منذ عام واحد على الأقل أن يرشح نفسه لمجلس الاندماج فى بلدية المدينة (أو البلدة) التى تكون محل إقامته الرئيسى شرط أن يكون مسجلاً فيها منذ 3 أشهر على الأقل. 

من أبرز سياسات وبرامج الاندماج فى ألمانيا اللجوء تشجيع الحصول على الجنسية الألمانية: أعلن «فرانك – فالتر شتاينماير» الرئيس الألمانى فى 22 مايو 2021 تشجيع الأجانب المقيمين فى ألمانيا على الاستفادة من حقهم فى الحصول على الجنسية الألمانية عند استيفائهم الشروط. ودعا الرئيس الألمانى المتجنسين إلى المشاركة السياسية . قدم معهد برلين الاقتصادى فى 22 مايو 2021 تقييمًا إيجابيًا بشكل عام، ولكن مع العديد من التحذيرات، كما يأسف لأن النساء اللائى يضطررن فى الكثير من الأحيان إلى رعاية الأطفال الصغار والمهاجرين ذوى المهارات المتدنية مازلن مهمّشات إلى حد كبير.

 ونفّذ صومالى عملية الطعن فى 25 يونيو 2021 بـ«فورتسبورغ» وتسبب فى مقتل ثلاث نساء وأصاب 6 أشخاص وصل منفذ الهجوم إلى ألمانيا فى عام 2015. وأوضح زيهوفر وزير الداخلية الألمانى هورست زيهوفر أن أكثر ما يقلقه بشأن هذه القضية هو السؤال التالى: «كيف يمكن لشاب يبلغ من العمر 24 عامًا ويقيم بشكل قانونى فى ألمانيا منذ ست سنوات أن يعيش فى مأوى للمشردين؟».وتابع السياسى الألمانى المنتمى للتحالف المسيحى: «لا يمكننا أن نقبل بذلك»، وأضاف «يجب على الحكومة الاتحادية وحكومات الولايات التباحث فيما إذا كانت جهود إنجاح الاندماج بحاجة إلى تكثيف».

يحظى ملف اندماج المهاجرين فى فرنسا بأهمية كبيرة مع قدوم مئات الآلاف من مناطق الصراعات. ويبرز هذا الاهتمام من خلال توفير السلطات الفرنسية برامج خاصة لتدريب وتعليم وتأهيل اللاجئين وتوفير السكن والرعاية الصحية ، إضافة إلى توفير الإطار القانونى لاستيعاب اللاجئين داخل المجتمع الفرنسى.

تعد فرنسا من أكبر الدول الأوروبية من حيث حجم الجالية المسلمة، حيث كان يعيش فيها نحو (5.7) ملايين مسلم حتى منتصف 2016، بما يشكّل (8.8% ) من مجموع السكان، فيما تقف هذه النسبة فى مجموع الاتحاد الأوروبى عند حدود (4.9%) مع توقعات بأن ترتفع إلى (11.2%) بحلول عام 2050، وفق إحصاءات مركز الأبحاث الأمريكى «بيو» فى 15 فبراير 2021.

ينظم المكتب الفرنسى للهجرة والاندماج(OFII) دورة الاندماج الإلزامية حيث يقوم بتنظيم (500) ألف دورة مشابهة فى السنة، ويقوم بإجراء عمليات تدقيق ومراجعة بانتظام.

تشريع للاندماج فى فرنسا: أقرت السلطات الفرنسية قانونا فى 10 أغسطس 2019 يلزم اللاجئين السوريين أن يخضعوا لبرنامج لمدة 4 أيام للاندماج فى المجتمع، حيث يتم تعليم اللغة الفرنسية بشكل أفضل، سواء شفهياً أم كتابياً، وتقديم معلومات عن مراحل تأسيس الاتحاد الأوروبى، وعن القوانين الفرنسية ومعلومات تاريخية وجغرافية عن فرنسا، كذلك تقديم أسئلة وإجابات عن كيفية تسجيل الأطفال فى المدارس، ومعلومات متعلقة بالضرائب، والأوراق والإجراءات الإدارية اللازمة للسوريين.

صرح «سيرج ديمون» مدير مديرية «المهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم» فى جمعية «فرنسا أرض اللجوء فى 8 أكتوبر 2020 أن جمعيتهم تعمل على توفير السكن فى شقق مشتركة لهذه الفئة القصرـ من المهاجرين، مع تدريبهم على تدبير الحياة اليومية، بالإضافة إلى مساعدتهم على الاندماج فى التعليم الفرنسى العمومى أو الاستفادة من تكوين مهنى لسنة واحدة فى مختلف المجالات على يد مهنيين، هذا التكوين يحصل من خلاله القاصر الأجنبى على شهادة تخول له دخول سوق الشغل بمجرد إتمامه سن الرشد، مما يسهل حصوله على بطاقة الإقامة.

 مركز استقبال نموذجى (CAIR) تم افتتاح المركز فى الدائرة (12) من العاصمة الفرنسية باريس، يهدف المركز إلى مساعدة اللاجئين على الاندماج فى فرنسا عبر توفير مأوى للاجئين المشردين أو الذين يقيمون فى المخيمات العشوائية فى المنطقة الباريسية.

 دربت جمعية »إسبيرو» فى 10 أغسطس 2019 مجموعة من اللاجئين على تربية النحل لدمجهم فى المجتمع الفرنسى، ومن خلال التدريب يتم توجّيههم إلى تلقى حصص لتعلم اللغة الفرنسية. وتلقى هذا التدريب دعما من المكتب الفرنسى للهجرة والدمج.

 أشار المكتب الفرنسى للهجرة فى 10 أغسطس 2019 إلى أنه جرى إطلاق برنامج خاص لـ(1500) لاجئ بالتعاون مع الوكالة الوطنية الفرنسية للتدريب المهني. حيث يواجه الاندماج المهنى فى فرنسا عثرات فى ظل تراجع الطلب على اليد العاملة من غير ذوى المؤهلات. تعيق «بيروقراطية النظام الإدارى» اللاجئين السوريين من الاندماج داخل المجتمع الفرنسي. وتنامت شكاوى اللاجئين فى 14 مارس 2021 من الانتظار الطويل من أجل الحصول على مساعدات اجتماعية أو إقامة وسكن.

ركز تقرير لـ«وكالة الحقوق الأساسية» FRA التابعة للاتحاد الأوروبى فى 4 ديسمبر 2019 على النجاحات والفشل فى إدماج اللاجئين القصر غير المصحوبين بذويهم فى عدد من الدول الأوروبية من بينها فرنسا. وخلص التقرير إلى أن معوقات الاندماج تتلخص فى تأخير أو إلغاء لم شمل القصر مع عائلاتهم.وقلة الشبكات الداعمة للقصر، والوضع القانونى الغامض. ظروف السكن غير المستقرة، والدعم الاجتماعى المتقطع. والمشاكل النفسية، وصعوبات فى التواصل بسبب اللغة. ومحدودية فرص التعليم والتأهيل المهنى، وتنامى التهديدات الإجرامية.

أشار تقرير برلمانى عُرض على الجمعية الوطنية الفرنسية فى 1 أكتوبر 2020، إلى إمكانية عمل الحكومة بشكل أفضل من حيث دمج اللاجئين وطالبى اللجوء فى فرنسا، حتى لو تم إحراز تقدم كبير فى ذلك الملف منذ عام 2018. وأنه «تم بذل جهد حقيقى ولكن لا يزال يتعين إحراز تقدم»، ووفقا للتقرير فإن وضع اللاجئين أفضل بقليل من طالبى اللجوء، الذين لا يزالون يكافحون من أجل الوصول إلى العمل ودورات اللغة.

فى الختام لاتزال مسألة اندماج المهاجرين فى الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الألمانية هو التحدى الأبرز للحكومة الألمانية، حيث أدت أزمة الهجرة إلى إعادة نظر السلطات الألمانية إلى برامج الاندماج وقامت بإعادة تقييم لجدوى تلك البرامج والبحث عن وسائل تعزيز.

تظهر التحليلات أن اندماج المهاجرين المسلمين فى ألمانيا يسجل «تقدما فعليا» هناك عوامل تؤثر فى عملية الاندماج بألمانيا كمدة الإقامة أو أسباب الهجرة أو الوضع الاجتماعى إلى حد أكبر بكثير من الانتماء الديني. وبالرغم من توفير السلطات الألمانية «دورات الاندمادج» فهناك تراجع مستمر فى عدد المهاجرين الذين ينهون الدورات بنجاح.

نجد أن برامج الاندماج التى وفرتها الحكومة الألمانية للأجانب ساهمت فى تحسين فرصهم فى دخول سوق العمل والذى أدى بدوره إلى خلق فرص عمل جديدة، كما ساهم بتحفيز المهاجرين على دراسة اللغة الألمانية بشكل أسرع ما أعطى المهاجرين أسبابا إضافية للإقدام على الاندماج فى المجتمعات المحيطة.

المركز الأوروبى لدراسات 

مكافحة الإرهاب والاستخبارات.