السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بريد روزا

زوجى والمربع صفر

أنا سيدى الفاضل زوجة شابة من إحدى محافظات القاهرة الكبرى أدرس بسنة البكالوريوس، تزوجت من زميل يكبرنى بثلاثة أعوام دراسية. جذبه إليَّ جمالى وربما ثراء والدى التاجر، كما ساهمت وجاهة والده الطبيب الشهير ووالدته الموظفة بشركة أجنبية فى موافقة والدى رغم أن زوجى لا يعمل، شعرت تجاهه قبل ارتباطنا بالإعجاب الشديد لوسامته ومظهره الأنيق حتى فاجأنى هو الآخر بحبه وعرض التقدم لخطبتى، كانت تلك الفترة رائعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى وأضافت لحبنا الكثير، بعد زواجنا تكفل حمايَّ بكل شىء حتى يجد زوجى ضالته فى عمل مناسب، ظل حالنا هكذا مدة عامين ونصف العام تقريبا، يتكفلنا والدى ووالده من مأكل وملبس وحتى الرحلات الترفيهية، ثم رزقنا الله بطفلين هما كل حياتي، بعد تلك الفترة بدأت أفكر فى حال زوجى العاطل، سألته إلى متى سنظل هكذا ننتظر من أقاربنا معونة المعيشة، فقال إنه لا يجد عملًا مناسبًا لمؤهله الدراسي، علما بأنه حاصل على بكالوريوس إحدى الكليات النظرية، فأخبرته بأنه يجب أن يبدأ حياته العملية بأى عمل - لكننى شعرت بأنه لا يفكر فى الأمر بجدية، مما جعلنى أثور وأنفعل عليه وهو فى المقابل يرد بأبشع الألفاظ والشتائم - وأنا سيدى تربيت على الخلق الحسن ولم أكن أتخيل أن الرجل الذى أحببته سيهيننى يومًا هكذا، أخفيت الكثير من وقائع الظلم والضغط عن أهلى عساه يتغير، لكنه ما زال يفضل التواكل على السعي، عندما اشتكيت لوالده أخبرنى بأنه هو شخصيا لم يقصر فى حق طلباتى حتى يجد ابنه عملا، مع العلم بأن والدى حاول كثيرا مساعدته وإلحاقه بأكثر من عمل لكنه لا يستمر ويشعر بالضيق سريعًا ولا يعرف للصبر طريق، آخر محاولات حمايَّ لإصلاحه كانت مساعدته بمبلغ ٢ مليون جنيه ليبدأ مشروع من اختياره يكون مناسبًا لطموحاته علَّه ينجح - إلا أنه قرر أن يتاجر به مع صديق لا يقل عنه فشلًا يتلخص فشله فى خيانة الأمانة وإجادة فنون النصب حتى على أصدقاءه، أوهمه بأنه سيدشن مشروعا مضمونا بإحدى المدن السياحية عبارة عن شركة «ليموزين» محدودة لنقل السائحين الغير موجودين فى الأساس، وسافر زوجى معه تسبقه دعواتنا، وبالطبع لم تنجح مجازفته المحفوفة بالمخاطر وعاد يجر أذيال الخيبة كعادته، مما أصابنا جميعا بالإحباط - وأصبح لا يبالى بضيقي، مما دفعنى مرارًا وتكرارًا لتذكيره بأن أهلى ينفقون عليه وهو لا يحرك ساكنًا ولا أجد فيه أمل أستاذ أحمد، فهل أطلب الطلاق ربما يشعر بالمسئولية تجاه أطفاله ويتغير، أم ترى بأن ذلك قد يأتى بنتيجة عكسية تدمر بيت بأكمله إذا زاد فى عنده!؟ 



إمضاء ح. ث

عزيزتى ح. ث تحية طيبة وبعد.

الحقيقة أن طريقة تفكيرك فى اختيار شريك الحياة لم تكن صائبة على الإطلاق - لأنك افتقرتِ للموضوعية المطلوبة فى اتخاذ قرار الارتباط وهو من القرارات المصيرية فى حياة كل إنسان، فالوسامة والأناقة التى جذبتك إلى زوجك واخترتينه على أساسها لا تتخطى كونها شكليات ثانوية زائلة، فى حين أن هناك معايير وعناصر أساسية للاختيار يجب أن تكون حاضرة يقينًا مثل قدرته على تحمل المسئولية والاعتماد على النفس، تلك الاستحقاقات يجب أن يؤسس الأهل لزرعها كقيم ثابتة ومتجذرة فى شخصية أبنائهم منذ الصغر، لما يترتب عليها من قرارات ذاتية حاسمة ترسم ملامح مستقبلهم ومستقبل أسرهم فيما بعد، وهذا للأسف ما لم يحدث من حماكِ الذى من المفترض أن تكون قمة العلم التى وصل إليها كطبيب هى بمثابة الدافع القوى لتوطين حافز النجاح والإرادة فى نجله قبل حرصه على زواجه المبكر وتكوين أسرة هشة،، كما ألوم بالتبعية على والدك الذى وافق هو الآخر على هذه الزيجة سواء لعدم استعداد عريس ابنته كرجل مكلف أو حتى توجيهك أنت شخصيًا نحو تصويب الاختيار، ومما لا شك فيه أن للأم دورًا أيضا فى توعية ابنتها بظواهر وبواطن الأمور وإعانتها على حياتها بجعلها قوية ومتمكنة اجتماعيًا، تلك الأدوار غابت وتغيب كثيرا فى زماننا، وهو ناقوس خطر يدق من خلال مشكلتك التى تُستنسخ يوميًا مُخلفة ورائها حالات طلاق لا حصر لها، نتيجة تلك الفجوة الكبيرة ما بين مجرد رغبة الزواج الجوفاء عند الصغار وغياب المسئولية التأسيسية والتوعوية عند الكبار بتجهيز فلذات أكبادهم على الوجه الأكمل لبداية حياة زوجية متوازنة وتربية أطفال أسوياء. لذا فنصيحتى لك أن تكونى أنت جزءًا من الحل وليس العقدة بأن لا تنهى حياة تدب فى كيان أسرتك، بل اصبرى على زوجك وسانديه مهما تعددت محاولاته الفاشلة فى الهروب من المربع صفر الذى يقف عنده، حتى يتزحزح ويجد عملًا يستقر فيه، واعلمى بأن استمرارك فى معايرته كلما ضاقت به السبل سيأتى بنتائج عكسية وغير مستحبة - حاولى فقط أن تدفعيه لمعاودة الكره طالما أن إرادة البحث متوفرة لديه، وهو بكل تأكيد سيؤمن بضرورة السعى لبلوغ هدفه، وأرى بأنه من الجيد أن تكونى جبهة تحالف متوازنة وغير معلنة تتواجدين أنت فيها مع والدك وحماكِ أساسها عدم الإغداق بالمساعدات المادية التى تشعره بالراحة والطمأنينة فى حياته وذلك جنبا إلى جنب مع إعانتك له معنويًا حتى يتحول التواكل المسيطر عليه إلى توكل على الله وحده، كذلك فإن تشجيعك له على آداء الصلوات والتقرب إلى الله بالعبادات يظل هو المفتاح السحرى للتشبث بالأمل والإيمان بقدرته على تجاوز الأزمة. 

دمتِ سعيدة وموفقة دائما ح. ت