الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

بالمستندات «إخوان تونس» تدق المسمار الأخير فى نعشها

حين بدأ مركب إخوان تونس بالغرق، لم يجدوا قشة يتمسكون بها سوى اللجوء إلى لوبى دعائى خارجى فى محاولة للطفو من جديد ورأب جدرانهم المتصدعة.



عقد تداوله إعلام تونسى قال إن «النهضة» وقعته مع شركة دعاية بالولايات المتحدة الأمريكية لتلميع صورتها فى الخارج مقابل 30 ألف دولار، فى خطوة جاءت بتاريخ 29 يوليو الماضي، أى بعد أربعة أيام فقط من قرارات سعيد.

وبالطبع سارعت الحركة -كعادتها- بنفى الخبر، إلا أنه بالتدقيق فى سجل صادر عن وكالة تسجيل مصالح القوى الأجنبية التابعة لوزارة العدل الأمريكية، يمكن الوصول إلى الوثيقة التى يرى مراقبون أنها قد تقود - فى حال تأكيد صحتها - إلى حل الحركة.

هذا العقد يدق المسمار الأخير بنعش تنظيم زلزلته تدابير استثنائية للرئيس قيس سعيد، فى 25 يوليو الماضي، نصت على تجميد عمل البرلمان وتعليق حصانة أعضائه، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.

الاحتجاجات الشعبية العارمة التى سبقت قرارات الرئيس التونسى وما تلاها من تطورات، كشفت جليا تآكل شعبية الإخوان بشكل كبير ونضوب خزانهم الانتخابى متأثرا بأداء حكومى واهن قاد البلاد إلى حافة الانهيار.

كشف حساب فضح الإخوان أمام التونسيين وكتب نهاية فرعهم بالبلاد، لكن يبدو أن التنظيم الذى تقوم أدبياته على الدم مقابل احتكار السلطة لم يحترم قرار الشارع، ووصف إجراءات سعيد بـ«الانقلاب» وكان يعتقد أنه سيكون قادرًا على حشد قواعده لخلق ثقل شعبى ودولى مضاد يجبر سعيد على التراجع.

لكن عزوف القواعد عن النزول إلى الشوارع، والدعم الدولى الكبير الذى حظيت به قرارات سعيد، ضيق الخناق على الإخوان، ويبدو أنه دفعهم للمسالك غير القانونية التى يحذقونها على الدوام وهى الترويج لصورة كاذبة عنهم تبدأ من البيت الأبيض، وتنتهى فى تونس.

وبحسب العقد الجديد، تحاول الحركة الاعتماد على لوبى دعائى خارجى للإيهام بوزنها فى تونس، ما يشجع لاحقًا الدوائر الخارجية على المراهنة عليها، فى هدف أساسى يقوم على التأثير على موقف الإدارة الأمريكية والرأى العام الأمريكى ودفعه نحو تبنى موقف من تطورات تونس على أنها «انقلاب على الديمقراطية» وليس تصحيحا لأخطائها القاتلة.

فى الأثناء، ذكرت تقارير إعلامية تونسية أن النيابة العامة شرعت فى التحرى بشأن صحة الوثيقة قبل اتخاذ القرارات اللازمة حيالها.

الفصل 19 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ فى 24 سبتمبر 2011 والمتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية فى تونى ينص على أنه يحجر على الأحزاب السياسية قبول تمويل مباشر أو غير مباشر نقدى أو عينى صادر عن أى جهة أجنبية، أو تمويل مباشر أو غير مباشر مجهول المصدر.

فيما تنص الفقرة الثالثة من الفصل 28 من ذات المرسوم على أنه يتم حل الحزب وذلك عندما يتمادى فى ارتكاب المخالفة رغم التنبيه عليه»، ما يعنى أن النهضة الإخوانية قد تتلاشى قريبًا بفعل القانون تمامًا كما اضمحلت بحكم الشعب.

وبتداول الوثيقة، استنكر نشطاء سياسيون فى تونس لجوء الإخوان إلى لوبى للدعاية الخارجية، محذرين من أنهم يسعون للتأثير على السياسة الداخلية وصياغة رأى عام مناهض لسعيد، بما قد يقود نحو الفوضى والاقتتال الداخلي.

كما استنكروا المسار غير القانونى للحركة الإخوانية، والذى يفتح أبواب التدخل الخارجى فى شئون تونس. نص قانونى واضح يحجر على الأحزاب تلقى تمويلات أجنبية، ما يفجر التساؤل حول مصدر الأموال التى دفعتها الحركة مقابل عقد الدعاية، وهى التى تدعى أن إيراداتها متأتية من مساهمات أعضائها، فى مبالغ لا يمكن أن تضاهى حجم العقد فى جميع الأحوال.

كما أن العقد الجديد يشير إلى مقر فرع الحركة فى لندن الكائن فى مبنى برج «ماربل أرتش» الذى تقول تقارير إعلامية إنه لمالكين قطريين.

لا يعتبر عقد اللوبينغ الأول من نوعه لإخوان تونس، ما يعزز احتمال حل الحركة هذه المرة باعتبار السوابق المسجلة بحقهم بهذا الصدد.

ففى 2020، كشف تقرير لمحكمة المحاسبات التونسية، أعلى هيئة قضائية رقابية بالبلاد، حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة، أن حركة النهضة تعاقدت مع شركة ضغط أمريكية من أجل تلميع صورتها.

وفى نوفمبرالماضي، قالت المحكمة, إن قيمة العقد الذى أبرمته الحركة الإخوانية بلغ ربع مليون دولار، مشيرة إلى أنه لم يتسن لها معرفة مصادر تلك الأموال.

ولم تبت المحكمة فى هذا الملف لعدة اعتبارات فى مقدمتها سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة قبل 25 يوليو، ما يمنع تقدم أى ملف يهدد وجودهم.

وفى 2012 أيضا، نشر موقع «ميديا بارت» الفرنسى خبرًا مفاده أن الحركة الإخوانية وقعت عقدًا مع شركة ضغط أمريكية لذات الهدف.