الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بريد روزا

إرث يورث وآخر لا

تحية طيبة إلى بريد روزا وبعد... 



أنا زوجة فى العقد الرابع من العمر أعيش بإحدى مدن القاهرة الكبرى، قبل زواجى ووفاة أبى وأمى كنت أنعم بحياة لا ينقصها الألفة فى بيت أغلى الغاليين، حياة لا تعرف إلا البراءة والعطاء والحب، بيت أبينا احتوانا جميعا سيدى الفاضل أنا وشقيقتى التى تكبرنى بأربعة أعوام وشقيقين أصغر منى، تربينا على دفء المشاعر ونكران الذات - فوالدى كان تاجرًا كبيرًا ينتمى للزمن الجميل خلقا وعطاء، ويعيش مسنودًا على بركة أمى الجميلة البشوشة والمحبة للجميع، لا ينكر أهمية وجودها فى حياته ودفعها وتشجيعها له حتى ربحت تجارته ورزقه الله من حيث لا يحتسب، أما نحن فحصلنا على مؤهلات عليا وأنعم الله عليَّ وعلى شقيقتى بوظائف جعلتنا مستقرين لا نشتكى العوز مع أزواجنا وأبنائنا، بينما يعمل شقيقانا بالتدريس كما يدير كل منهما مشروعًا خاصًا به وتزوجا وأنجبا، بعد وفاة والدى سيطر الإحساس بالعزلة على والدتنا رغم رعايتنا لها أنا وشقيقتيَّ وتبادلنا المبيت عندها خصوصا بعد إصابتها بأمراض العصر الضغط والسكر ومضاعفاتهما، خلال تلك الفترة وبينما كنا عندها ذات يوم أنا وشقيقتى أخبرتنا بأنها وضعت ببطاقة الائتمان الخاصة بها مبلغ ٣٠٠ ألف جنية وأعطتها لشقيقنا الأكبر لإدارة احتياجاتها إذا أرادت شيئًا، وبحكم أن حالتنا المادية أنا وشقيقتى ميسورة والحمد لله لم نناقش أخى فى شيء حتى توفى الله والدتنا، وتم تقسيم ميراثها وهو عبارة عن قطعة أرض وبيت باسمها به ثمانى شقق سكنية تم توزيعها بالعدل بيننا، إلا أن المبلغ المالى الذى بالبنك ويمتلك شقيقنا «الفيزا» الخاصة به أنكره تماما عندما واجهناه بالأمر وقال هذا لم يحدث، مما صعقنا أنا وشقيقتى ولم نخبر أزواجنا لكننا عرفنا من أحد المصادر معلومة مؤكدة بأن شقيقنا سحب كل المبلغ وقسمه مع شقيقنا الآخر، بمرور الوقت أصبح قبولهما لهذا الحق المغتصب أمرًا واقعًا لا حيلة لنا فيه بعد شد وجذب لا فائدة منه، لكن هدانا تفكيرنا فى النهاية لرفع قضية خيانة أمانة - علَّهم يتراجعوا أو يعيد القضاء لنا حقوقنا المسلوبة، وعندما ذهبنا لمكتب أحد المحامين وقبل أن نتحدث معه تجسد أمامى وجه أمى وكأنها تعاتبنى فخرجنا قبل أن نبوح بشيء، بل إن شقيقتى بكت عندما أخبرتها بسبب ترددي، وقالت بأنها كانت تتخيل طفولتنا جميعًا وكم كنا نحب أشقاءنا وهما كانا يخافان ويغاران علينا ويدافعان عنا فأين ذهب الوفاء!؟،، مشكلتنا أستاذ أحمد هى أننى وشقيقتى لا نستطيع قبول زياراتهما المتكررة بصدر رحب وإحضارهما هدايا لنا ولأولادنا وتعلق صغارنا بهما، وكيف يحدث هذا وقلوبنا بها غصة وجروح لا تندمل بمرور الزمن، بعد أن تخليا عن دورهما تجاهنا ونحن لازلنا على قيد الحياة ولم نرحل عن الدنيا،، حقيقة أصبحت لا أطيقهما لكننى لجأت إليكم لتنصحونى بما تروه مناسبًا حتى تستريح قلوبنا المعتلة.. فماذا نفعل!؟.

إمضاء ه. ق

عزيزتى ه. ق تحية طيبة وبعد... 

مما لا شك فيه أن الأشقاء وطباعهم كأصابع اليد الواحدة - لا يتشابهون،، بعضهم يرث من أبويه العطاء ونكران الذات والبعض الآخر تتغلب عليه أطماع الدنيا فتغير اتجاهاته ليصبح غريبًا عنهم بأفعاله رافضًا لإرثه من الحق والعدل. لكن فى النهاية يجب أن تبقى صلة الرحم هى الرابط الأقوى بين الأشقاء مهما حدث، ولعل من بين أهم وصايا العزيز الحكيم هو الإحسان إلى ذوى القربى كما جاء بسورة النور، بسم الله الرحمن الرحيم «وَلا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِى الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ» صدق الله العظيم، وهنا الآية الكريمة تعبر عن روح الصبر والعفو التى تميز المؤمنون حتى مع وجود تجاوز أو بعض ذلات الأهل وأقرب المقربين، وهى صفات مقترنة بالغفران والرحمة التى عرَّف الله بها نفسه بالآية ذاتها عندما قال سبحانه «أَلا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ»،، وبرغم نصيحتى السابقة عزيزتى بضرورة حسن معاملتك أنت وشقيقتك لشقيقيكما صلةً للرحم - إلا أننى أطالبكما بالحرص على عدم إغفال المطالبة بحقكما فى المبلغ المستباح من ورثكما، لكن بالحسنى واللين وعلى فترات متباعدة وأوقات ترون أنها مناسبة للسؤال ودون تهديد يورث البغض والكره بين أبنائكم جميعا فيما بعد،، ولا يفوتنى أن أشكركم على روعتكم فى التراجع عن فكرة إقحام زوجيكما فى هذا الصراع وجعله صراعا غير معلن من أجل الحق المشروع، كذلك اسمحولى أن أحييكم على عدم نقل هذا الخلاف إلى المحاكم واختصامهما هناك - لأن هذا من شأنه إضعاف بصيص الأمل فى عودة المياه لمجاريها بين أبناء الرحم الواحد وهى ظاهرة أصبحت مخيفة لن نتخلص منها إلا بإرادة قوية وتجارة مع الله، من جهة أخرى فإن خسارة القضية ستكون خسارة مزدوجة من عودة الحق وكذلك فقد الأمل بآخر فرصة لإمكانية إعادتهما لحساباتهما الداخلية عن طيب خاطر، لذلك دعوهما يفكرا فيما اقترفا طواعيةً وليس كُرها، ومن يدرى فربما هما يشعران بالندم الآن لكن يفصلهما كسب جولة ضد شيطان الطمع المسيطر عليهما وإقرارهما بالذنب وإحقاق الحق، وأنا أثق بأنهما سيعودان إلى أحضانكما الدافئة والمعطاءة مع الصبر وحسن المعاملة. دمتِ سعيدة وموفقة دائمًا ه. ق