الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى ذكرى رحيل صاحب فلاح كفر الهنادوة

مصطفى حسين.. المُبدع الذى جسد بريشته هموم البسطاء

الواد ابن أبو سليم أبو لسان زالف بيقول.. « هكذا كانت بداية كل شكاوى ذلك الريفى الذى يخفى خلف مظهره الساذج لسان زالف لايكف عن الشكوى والحديث عن قضايا الساعة ومعاناة الطبقة الكادحة ولكن بلسان حال آخرين، ثم يوجه انتقاده للعديد من المسئولين.. كل ما يحتاجه هنداوى كلمات مرتبة بقلم الساخر أحمد رجب وجلسة مريحة تحت قدمى المسئول بجلبابه الفلاحى وجسمه النحيل بريشة الرائع مصطفى حسين الذى توافق ذكرى رحيله السابعة السادس عشر من أغسطس الجارى. 



ولد الراحل مصطفى حسين فى 7 مارس 1935، وتخرج فى قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة عام 1959. وبدأ مشواره الصحفى فى دار الهلال عام 1952، وكان يشارك فى تصميم غلاف مجلة «الاثنين».

وانتقل حسين عام 1956 للعمل رساما للكاريكاتير فى صحيفة «المساء» التى ظل بها حتى عام 1963 ليشارك عام 1964 فى تأسيس مجلة «كروان». ثم انتقل للعمل فى صحيفة «أخبار اليوم» ومجلة «آخر ساعة».

والتحق بصحيفة «الأخبار» بدءا من عام 1974، وأنجز العديد من رسوم كتب الأطفال فى مصر والعالم العربى. كما صمم شعار الدورة السادسة والعشرين لمهرجان الإسكندرية السينمائى الدولى.

فلاح كفر الهنادوة

هنداوى أو «فلاح كفر الهنادوة».. كانت بداية التعاون والعمل بين أحمد رجب ومصطفى حسين، عام 1974، عندما رأى مصطفى أمين، مؤسس أخبار اليوم، أن الصحيفة بحاجة إلى الصور والرسوم الكاريكاتيرية.

وللوهلة الأولى جاء إلى مخيلة «أمين» تلميذه أحمد رجب، الذى تنبأ له بمستقبل باهر، وقد تخرج في كلية الحقوق جامعة الإسكندرية، وعمل محررًا بأخبار اليوم بالإسكندرية، ثم محررًا بمجلة الجيل، ثم نائبًا لرئيس تحريرها.

وقد شجع «أمين» أحمد رجب على رسم الكاريكاتير، غير أن الأخير أكد استعداده لإعداد المادة الساخرة فقط، ومن ثم بدأ أمين يفكر فى الاستعانة برسام موهوب يساعد رجب فى تنفيذ أفكاره الساخرة وقد وقع الاختيار على مصطفى حسين.

استوحى الراحل أحمد رجب شخصية هنداوى أو «فلاح كفر الهنادوة»، من شخصية فلاح قابله بمحطة أتوبيس، ووصف الشخصية لصديقه ورفيق دربه الراحل مصطفى حسين، فرسمها وأصبحت أحد أبطال مشوار المبدعين.

وشهدت الغرفة «53» الاجتماع اليومى لرجب وحسين وتخرجت فيها أعظم إبداعات الثنائى، وفى نهاية الشهر الأول من تنفيذ فكرة الرسوم الكاريكاتيرية، زاد توزيع الصحيفة 100 ألف نسخة، وتم صرف 100 جنيه زيادة فى مرتبات رجب وحسين.

الثنائى رجب وحسين

«الموهبة والإخلاص والاهتمام بهموم الغلابة».. كانت هذه العوامل سر تزايد شعبية صاحب مقال «1/2 كلمة» وصديقه حسين على مدار 40 عامًا، فخلال الاجتماعات اليومية، ابتكر «رجب» ما يزيد على 1000 شخصية كاريكاتيرية، وظفها بريشته حسين.

رجب وحسين انتقدا فى رسوماتهما عددًا من القضايا، التى يعانى منها المجتمع المصرى، على رأسها الفساد والروتين الحكومى، والنفاق، وهوس السلطة، عبر شخصياتهم، التى نشروها فى أخبار اليوم.

ومن بين تلك الشخصيات «عبد الروتين»، وهى شخصية تمثل موظف الحكومة الكسول، الذى يعطل مصالح الناس عن طريق الالتزام باللوائح والقوانين، و«كمبورة»، الذى جسد عضو البرلمان الفاسد، الذى يستخدم الحصانة لتحقيق مصالحه وليس لخدمه أهالى دائرته، و«عبده مشتاق»، الطامح للوصول إلى كرسى وزارى، بالإضافة إلى «فلاح كفر الهنادوة»، و«الكحيت» و«الأليت»، و«عباس العرسة».

وعلى مدار تاريخ عمل رجب وحسين، لم يطرأ أى تعديل أو تغيير أو تدخل فى أعمالهما باستثناء مرة واحدة، الأمر الذى دفع أحمد رجب إلى الاعتذار عن عدم الكتابة فى العدد، الذى تلاه.

 

السنوات العجاف 

28 عامًا ارتبط فيها اسم رجب بريشة حسين، لكن عام 2002 حل عليهما ليكتب بداية قصة القطيعة، التى استمرت بينهما لمدة 7 سنوات لأسباب غير معلنة أرجعها البعض إلى تجاهل مصطفى حسين، الحديث عن رجب فى حواره بإحدى البرامج التليفزيونية، الأمر الذى أثار غضب الأخير.

وأصحاب تلك الرؤية دعم موقفهم ما حدث فى عام 2003، حيث فاز مصطفى حسين بجائزة الدولة التقديرية فى الفنون، الأمر، الذى أثار غضب رجب لعدم حصوله عليها مناصفة مع حسين، ورفع دعوى ضد الجهة المانحة للجائزة، والتى أكدت على أن رسام الكاريكاتير مصطفى حسين حصل على الجائزة عن أعماله الفنية وليس للعمل المشترك، الذى جمعه برجب. ونتيجة فشل محاولات الصلح بينهما، نشرت «أخبار اليوم» دعوة تطالب فيها الرأى العام بضرورة التدخل لحل هذا الخلاف، 

رغم المحاولات البائسة للصلح بينهما، إلا أن مرض مصطفى حسين نجح فى التقريب بينهما من جديد، ونهاية الخصام بدأت مع عودة فلاح كفر الهنادوة كل جمعة، نظرًا لأنهم لم يعدا قادرين على المجهود اليومى الشاق وجلسات العمل الطويلة، التى كانا يقومان بها من قبل.

فى 16 أغسطس الماضى، رحل رسام الكاريكاتير، مصطفى حسين، عن عمر ناهز الـ79 عامًا، بعد صراع طويل مع السرطان.