السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

طالبان تحكم بـالأفيون

الأمم المتحدة قلقة من دفع سوق المخدرات العالمى

تعد تجارة المخدرات متجذرة بعمق فى استراتيجيات البقاء لطالبان، والدولة، والميليشيات، والسكان على نطاق أوسع، وسيؤدى هذا للأسف إلى دفع سوق الهيروين العالمى، فضلا عن تغذية مشكلة المخدرات المتزايدة داخل أفغانستان والبلدان المجاورة.



وقد وأكد مسئول غربى رفيع طلب عدم الكشف عن هويته، لوكالة فرانس برس، أن لدى حركة «طالبان» مختبراتها الخاصة بها، واصفًا ولاية هلمند الجنوبية، حيث تتم زراعة حوالى 80 % من الخشخاش الأفغاني، بـ«معمل كبير للمخدرات».

وقد ذكر موقع «صوت أمريكا» أن الدافع وراء ذلك جزئيا يكمن فى عمليات جمع الأموال واسعة النطاق التى مكنت الحركة من جنى الملايين، وربما حتى المليارات، من الدولارات.

ونقل الموقع عن وكالات استخبارات قولها، إنه فى حين من الصعب إجراء تقدير دقيق لحجم الأموال التى تمكنت «طالبان» من جمعها، يبدو أن التركيز الجديد على الاستقلال المالى يؤتى ثماره، حيث تمكنت من جنى ما بين 300 مليون دولار و 1.6 مليار دولار فى العام.

تاريخ طالبان مع المخدرات

وتشكل نبتة الخشخاش زهيدة الثمن وسهلة الزراعة، نصف إجمالى الناتج الزراعى فى أفغانستان.

ويدفع للمزارعين حوالى 163 دولارا للكيلوجرام من العصارة السوداء وهى الأفيون الخام الذى يخرج من غلاف بذور الخشخاش عند قطعها بالسكين.

وعند تحويلها إلى هيروين، تبيعها «طالبان» فى أسواق المنطقة بثمن يتراوح ما بين 2300 و3500 دولار للكيلوجرام الواحد.

وإلى حين وصولها إلى أوروبا، تباع بالجملة بـ45 ألف دولار، بحسب خبير غربى يقدم الاستشارة لقوات مكافحة المخدرات الأفغانية والذى طلب عدم الكشف عن هويته.

وطبقًا لتقرير أممى صادر فى يونيو الماضى، بناء على معلومات استخباراتية للدول الأعضاء، تأتى معظم أموال «طالبان» من الأنشطة الإجرامية مثل: إنتاج الأفيون (مادة مخدرة)، وتهريب المخدرات، وعمليات الخطف مقابل الفدية.

وقالت وكالة استخبارات لم يسمها الموقع، إن تهريب المخدرات وحده ربما وفر للحركة 460 مليون دولار.

وفى عام 2016، صنعت أفغانستان التى تنتج 80% من أفيون العالم نحو 4800 طن من المخدر محققة بذلك عوائد تقدر بثلاثة مليارات دولار.

وأيا كان السيناريو الذى سيحدث فى البلاد، فمن غير المرجح أن يكون هناك تحول فى اقتصاد المخدرات غير المشروع فى أفغانستان فى أى وقت قريب، وتصدر كل من طالبان والحكومة تصريحات حول معالجة المخدرات غير المشروعة، لكن الدوافع الكامنة وراء ذلك تظل قوية للغاية.

ردود الفعل الدولية

وقال مسئولون وخبراء حاليون وسابقون من الولايات المتحدة والأمم المتحدة، فى الوقت الذى تُنهى فيه الولايات المتحدة أطول حرب لها، تظل أفغانستان أكبر مورد غير مشروع للمواد الأفيونية فى العالم، ويبدو أنها ستبقى كذلك لأن طالبان على وشك الاستيلاء على السلطة فى كابول.

وقال مساعد وزير الخارجية الأمريكى لشئون المخدرات وإنفاذ القانون، وليام براونفيلد، للصحفيين فى العاصمة الأفغانية كابول مؤخرا «لدى شعور قوى بأنهم يقومون بمعالجة كل المحصول».

وأضاف: «جميع المحاصيل التى يحصدونها تعالج فى حينها. يحصلون على عائدات أكبر إذا صنعوها قبل إرسالها إلى الخارج».

وتابع: «من الواضح أننا نتعامل مع أرقام فضفاضة للغاية، ولكن عوائد تهريب المخدرات تقدر بمليارات الدولارات كل عام، وتأخذ طالبان نسبة كبيرة منها».

وأدى الدمار واسع النطاق خلال الحرب، واقتلاع الملايين من ديارهم، وخفض المساعدات الخارجية، وخسائر الإنفاق المحلى من قبل القوات الأجنبية التى تقودها الولايات المتحدة إلى تأجيج أزمة اقتصادية وإنسانية من المرجح أن تترك العديد من الأفغان المعوزين يعتمدون على تجارة المخدرات من أجل البقاء على قيد الحياة.

ويهدد هذا الاعتماد بإحداث المزيد من عدم الاستقرار حيث تتنافس حركة طالبان والجماعات المسلحة الأخرى وأمراء الحرب الإثنيون والمسئولون الفاسدون على أرباح المخدرات والسلطة.

ويشعر بعض مسئولى الأمم المتحدة والولايات المتحدة بالقلق من أن انزلاق أفغانستان إلى الفوضى يخلق ظروفا لزيادة إنتاج الأفيون غير المشروع، وهو «نعمة» محتملة لطالبان.

وقال سيزار جودس رئيس مكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة فى كابول لوكالة «رويترز»: «طالبان تعتمد على تجارة الأفيون الأفغانية كأحد مصادر دخلها الرئيسية. المزيد من الإنتاج يجلب المخدرات بسعر أرخص وأكثر جاذبية، وبالتالى سهولة الوصول إليها على نطاق أوسع».

وبحسب الخبراء، حظرت طالبان زراعة الخشخاش فى عام 2000 سعيًا وراء الشرعية الدولية، لكنها واجهت ردة فعل شعبية عنيفة وغيرت موقفها فى الغالب فى وقت لاحق.

لذلك، يقول الخبراء إنه من غير المرجح أن تحظر طالبان زراعة الخشخاش فى حالة وصولهم إلى السلطة.

وقال ديفيد مانسفيلد، الباحث البارز فى تجارة المخدرات غير المشروعة فى أفغانستان: «الحكومة المستقبلية سوف تحتاج إلى أن تخطو بحذر لتجنب تنفير جمهورها الريفى وإثارة المقاومة والتمرد العنيف».

وعندما تؤخذ قيمة المخدرات للتصدير والاستهلاك المحلى فى الاعتبار، إلى جانب المواد الكيميائية السليفة المستوردة، قدّر مكتب الأمم المتحدة المعنى بالمخدرات والجريمة الاقتصاد الأفيونى غير المشروع الإجمالى للبلد فى ذلك العام بما يصل إلى 6.6 مليار دولار.

وقال الخبراء إن طالبان والمسئولين الحكوميين متورطون منذ فترة طويلة فى تجارة المخدرات، على الرغم من أن البعض يشكك فى مدى دور المتمردين وأرباحهم.

وتؤكد الأمم المتحدة وواشنطن أن طالبان متورطة فى جميع الجوانب، من زراعة الخشخاش واستخراج الأفيون والاتجار إلى فرض «ضرائب» من المزارعين ومختبرات المخدرات إلى فرض رسوم للمهربين على الشحنات المتجهة إلى إفريقيا وأوروبا وكندا وروسيا ودول أخرى.

ويوضح مانسفيلد أن دراساته الميدانية تظهر أن أقصى ما يمكن أن تكسبه طالبان من المواد الأفيونية غير المشروعة هو نحو 40 مليون دولار سنويا، معظمها من الرسوم المفروضة على إنتاج الأفيون ومختبرات الهيروين وشحنات المخدرات.

وعلى الرغم من أن الجفاف أدى إلى انخفاض فى الإنتاج منذ عام 2018، وأسعار المواد الأفيونية العالمية متغيرة للغاية، من ذروة تقدر بـ 6.6 مليار دولار أمريكى فى عام 2017، انخفضت الإيرادات إلى أقل من 2.2 مليار دولار فى عام 2018، أصبحت تجارة المخدرات العمود الفقرى الحقيقى للاقتصاد الأفغانى.