الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

صالون روزاليوسف السياسى ينـــــــــــــــــــــــــاقش خطر الانفجار السكانى

د.محمــد معيـــط وزيــر الماليـــة: نحتاج 3 أضعاف النمو الاقتصادى و2 مليــــــــــــــــــــــــون وظيفة سنويًا لمواجهة زيادة السكان

الكاتب الصحفى

أحمـد بـاشـا

رئيس التحرير

بمشاركة:

محــمــد صـــــلاح 



 

إسلام عبدالرسول

رضا داود

نيفين صبرى

أحمد زغلول

هانى الروبى

ناهد إمام

ناهد سعد

سمر العربى

تصوير:

مايسة عزت

أعدها للنشر:

السيد الشورى وحنان عليوة

 

استكمالا للحوار المجتمعى الذى انطلق لمناقشة واحدة من أخطر المشكلات المجتمعية تأثيرا على كل مقدرات الدولة ومواردها وقراراتها خاصة الاقتصادية وهى الزيادة السكانية استضاف الصالون السياسى لـ«روزاليوسف» د.محمد معيط وزير المالية لاستعراض الآثار الاقتصادية لخطر الانفجار السكانى وكيف يؤثر ذلك على محدودية الموارد الموجهة للتنمية وآفاق المستقبل الرامية لرفع مستويات المعيشة وتحسين نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى والخدمات من صحة وتعليم وغيرها. الوضع الاقتصادى لمصر يتحسن بلا شك ولكن يستحق المصريون المزيد من التحسن فى الانفاق العام على تحسين شبكة الطرق والكبارى وخدمات التنقل والتعليم والصحة وزيادة معدل الرفاهية من خلال خفض معدلات الفقر والعوز.

■ ما حجم المشكلة التى نواجهها وكيف يؤثر النمو السكانى المتسارع على نصيب الفرد من الدخل القومى وخطط التنمية؟

مشكلة الزيادة السكانية هى خطر كبير ينبغى مواجهته بشتى الطرق من خلال خلق حوارات مجتمعية هادفة مثل تلك التى نشهدها اليوم «من خلال الصالون السياسى لمؤسسة روزاليوسف» ولعلكم تشاركوننى الرأى، فى أن التحدى الأكبر الذى يواجه أية دولة، هو قضية تنمية الوعى الفكرى، من أجل بناء ثقافة سليمة تتخذ الدروس والعبر من أحداث الماضى، وتستشرف المستقبل بمراعاة ما يدور من حولنا، بعين ناقدة لما نعيشه فى الواقع، وإن أردنا إصلاحًا حقيقيًا؛ فليبدأ كل منا بنفسه، مؤديًا لدوره؛ من أجل وطنه؛ أملاً فى غد أفضل للأجيال الحالية، والأجيال القادمة.

ولا أُبالغ عندما أقول: إن الدولة تبذل قصارى جهدها، وقد حققت إنجازات غير مسبوقة، يشهدها القاصى والدانى، واستطاعت حل مشاكل مستعصية، بل اتخذت من تحديات نقص الطاقة، وتدهور البنية التحتية، والعشوائيات، وغيرها فرصًا واعدة للتنمية، فأصبح لدينا فوائض للتصدير فى الكهرباء والغاز الطبيعى، ونجحنا فى إقامة أكبر محطة للطاقة الشمسية بالعالم فى بنبان، وإنشاء أكبر مشروع قومى للإسكان الاجتماعى، وإنشاء وتطوير أكبر شبكة قومية للطرق ومحاور مرورية تبعث الحياة هنا، وهناك، على نحو يتسق مع جهود التوسع العمرانى والتنموى بالمدن الجديدة

■ ولكن طموحات التنمية أعلى فهل تقف زيادة معدلات الإنجاب حجر عثرة فى طريق خطط الدولة؟

بالطبع، إننا نحتاج إلى مواجهة مجتمعية، ترتكز على بنيان ثقافى سليم، يدرك جيدًا أن الخير للوطن والمواطن فى أن يتناسب معدل النمو السكانى مع قدرة الدولة، بل والفرد أيضًا على توفير حياة كريمة لأبنائنا ترتكز على فرص جيدة فى الرعاية الصحية، والتعليمية، والسكن الكريم، والعمل، بحيث يكونون قيمة مضافة لوطنهم، وعلامات مضيئة، فى مسيرة البناء والتنمية؛ باعتبارهم بناة حضارة.. فكلما قل عدد السكان وانخفضت معدلات النمو السكانى، تمكنت موارد الدولة من الوفاء بالاحتياجات التنموية لهذه الثروة البشرية من حيث الإنفاق على الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية.

وبلغة الأرقام، نستعرض معًا مسار النمو السكانى فى مصر طوال العقود الماضية، الذى يرتبط حتمًا بحجم المصروفات المطلوبة، مما استطاعت الخزانة العامة للدولة تدبيره من إيرادات عامة؛ وذلك لندرك حجم التحول الضخم الذى حدث خلال السنوات الأخيرة، والذى لو استمر على هذا النحو؛ لكان الأمر فى غاية الصعوبة.

فى ٥٠ سنة من عام ١٩٠٠ إلى عام ١٩٥٠ ارتفع عدد سكان مصر ١٠ ملايين نسمة فقط، وكانت قدرات الدولة آنذاك تستوعب هذا العدد، وشهد الميزان التجارى فائضًا، انعكس فى قوة الجنيه المصرى الذى اقترب من قيمة الجنيه الذهب. 

فى عام ١٩٥٠ كان عدد المواليد السنوى بمصر يُضاهى إيطاليا، وفى عام ١٩٧٧ أصبح معدل النمو السكانى بمصر يُعادل عدد كل سكان إيطاليا وفرنسا معًا، وفى عام ٢٠١٩، أصبح عدد سكان مصر يُعادل عدد سكان ٦ دول أوروبية مجتمعة.

فى عام ١٩٠٠ بلغت الإيرادات العامة بالموازنة ١٠ ملايين جنيه، وكانت المصروفات ١٠ ملايين جنيه أيضًا، أى أنه لم يكن هناك عجز بالموازنة، ومن ثم لم يكن هناك حاجة إلى الاقتراض؛ لتلبية الاحتياجات الأساسية للدولة.

وفى عام ١٩٥٠ وصلت إيرادات الدولة إلى ١٨٠ مليون جنيه، وبلغ حجم المصروفات ٢٠٠ مليون جنيه، بما يعنى أنه كان هناك عجز فى الموازنة ٢٠ مليون جنيه؛ على نحو يعكس الارتباط الوثيق بين عدد السكان، وحجم المصروفات، وسيتضح ذلك بصورة أكبر فى السنوات التالية لهذه الحقبة الزمنية، التى شهدت قفزات نوعية.

ففى عام ٢٠٠٠ وصلت الإيرادات العامة للدولة إلى ٩٧ مليار جنيه، بينما بلغ الإنفاق  العام ١١٢ مليارًا، وفى موازنة العام المالى الحالى بلغت الإيرادات المتوقعة ١,٣ تريليون جنيه، ولكن احتياجاتنا أصبحت تقترب من ١,٨ تريليون جنيه، بخلاف المنح وسداد الفوائد والقروض.

و إذا تذكرنا سويًا أن الزيادة السكانية بمصر بين عامى ٢٠٠٠ و٢٠٢٠، بلغت ٣٥ مليون نسمة، مما اضطر الدولة لرفع حجم الدعم الموجه للمواطنين من ١٥ مليار جنيه عام ٢٠٠٠ إلى ٣٢١ مليارًا فى العام المالى الحالى لتغطية الاحتياجات الأساسية للمواطنين، رغم أنه لا يغطى المستوى الذى ننشده لأهالينا من الاحتياجات، وأصبح نصيب الفرد من الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية بصفة عامة يبلغ ٣٢٣٠ جنيهًا حاليًا، بعد أن كان ٢٢٧ جنيهًا فقط فى عام ٢٠٠٠، كما ارتفع متوسط نصيب الفرد من الإنفاق العام من ١٧٠٠ جنيه فى عام ٢٠٠٠، ليصبح ٢٢ ألفًا و٧٠٠ جنيه.

فى عام ٢٠٠٠، كانت مصر تنفق ٣,٨ مليار جنيه على القطاع الصحى، وتزايد هذا الرقم؛ ارتباطًا بمعدل النمو السكانى إلى أن وصلنا فى موازنة العام المالى الحالى إلى مخصصات تفوق نسب الاستحقاق الدستورى لتبلغ ٢٧٥,٦ مليار جنيه؛ تنفيذًا لتوجيهات فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى يعطى أولوية قصوى لتوفير الرعاية الصحية لكل المصريين؛ أخذًا فى الاعتبار أننا تجاوزنا ١٠٠ مليون نسمة. 

وفى عام ٢٠٠٠، أيضًا كنا ننفق على التعليم الجامعى وقبل الجامعى ٢٠,٤ مليار جنيه، ووصلنا فى موازنة العام المالى الحالى إلى مخصصات تفوق نسب الاستحقاق الدستورى، تبلغ ٣٨٨,١ مليار جنيه، تنفيذًا للمبادرة الرئاسية ببناء الإنسان المصرى، التى ترتكز على التعليم باعتباره دعامة رئيسية فى بناء وتقدم أية دولة.

إن مصر حققت فى العام المالى ٢٠١٨/ ٢٠١٩ معدل نمو اقتصادى أعلى من بعض الدول، بنحو ٥,٦٪ من الناتج المحلى الإجمالى، ولكن نتيجة للزيادة الكبيرة  فى عدد السكان، كان متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلى يعادل ٣ آلاف جنيه، بينما فى الدول الأخرى التى يتلاءم حجم اقتصادها مع عدد سكانها ورغم نسب النمو الأقل، كان نصيب الفرد رقمًا كبيرًا جدًا، يصل فى كوريا الجنوبية مثلًا التى كانت دولة نامية فى وقت ما مثل مصر إلى ٢٩ ألف جنيه، أى ما يعادل عشرة أمثال نصيب الفرد فى مصر، رغم أن معدل النمو فى كوريا ٢٪، بينما فى مصر كما ذكرت استطعنا نتيجة للمشروعات التنموية غير المسبوقة التى تبناها فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى أن نصل بمعدل النمو خلال الفترة الماضية إلى ٥,٦٪

لقد بلغ حجم الزيادة السكانية ٢,٥ مليون نسمة سنويًا حتى عام ٢٠١٧/ ٢٠١٨، وإذا نجحنا فى رفع درجة الوعى بحجم التحدى السكانى، وتم خفض معدل النمو السكانى إلى ٨٠٠ ألف نسمة سنويًا، فإن عدد السكان عام ٢٠٣٠ سيصل إلى ١٠٨ملايين نسمة، بما يوفر نحو ٦٧٠ مليار جنيه، يتم إعادة ضخها فى إتاحة الخدمات الأساسية التى تلبى المتطلبات التنموية للمواطنين، ويعطى الدولة الفرصة خلال العشر سنوات المقبلة، للتعامل بشكل أفضل مع الفجوات المتراكمة على مدار الأعوام الماضية.

 ■ ومع كل تلك المتطلبات ما أهم التحديات والصعوبات التى تواجهنا كل سنة أثناء إعداد الموازنة العامة بوزارة المالية.. فى ظل قضية الانفجار السكانى؟ 

بالطبع نواجه أزمة كبيرة بسبب موضوع الانفجار السكاني، من الناحية الاقتصادية فإن لازم يكون فى تناسب بين النمو السكانى والنمو الاقتصادى بمعنى أن معدل النمو الاقتصادى على الاقل ثلاث أضعاف النمو السكانى نجد وجود توزان ، ولعمل توازن اقتصادى نحتاج معدل النمولا يقل عن 7.5%، كل مولود له احتياجاته من السكن والصحة والتعليم وجميع الخدمات التى تقدم من الدولة للمواطن، وإذا لم توفر الدولة ذلك يحدث أزمات من مشاكل توفير الغذاء والصحة، والدولة التى يوجد بها تسارع فى معدلات النمو الغذائى تبدأ الطلب على الغذاء يزيد والعرض يقل وتبدأ الأسعار ترتفع

■ هل يعنى ذلك أننا نورث الفقر للأجيال المقبلة؟ 

بالطبع إن الانفجار السكانى يؤدى لزيادة معدلات الفقر، حيث لا تستطيع الدولة توفير حياة كريمة من سكن ملائم وخدمات صحية وتعليم ومرافق وفرصة عمل مناسبة.

■ كوزير مالية .. كيف تواجه تنامى طلبات الانفاق ومساعى الدولة من أجل التنمية ؟

الدولة المصرية تشهد حاليا بفعل جرأة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى إنجازات غير مسبوقة فى شتى مناحى الحياة، وهذا ما يضيف عبئًا كبيرًا على الموازنة العامة للدولة على ضوء زيادة معدلات النمو السكانى، حيث نجد طلبات أكثر من الميزانية، ويوجد حتميات مثل الأجور والمعاشات والدعم وخدمة الدين والصرف على الأمن القومى للدولة، فمثلا يوجد حوالى 362 مليارجنيه اجور و باب الدعم يستحوذ على حوالى 321 مليارجنيه و باب الفوائد 579 مليار جنيه و مستلزمات السلع الخدمية لتشغيل الدولة حوالى 110 مليارات جنيه و باب الاستثمارات حوالى 210 مليارات جنيه، والباب الخامس الخاص بالمصروفات الأخرى للدولة يضع حوالى 120 مليارجنيه  تقريبا، ونجد أمامنا احتياجات ملحة تقدر بإجمالى حوالى 1.3 تريليون جنيه.

وعلى الرغم من كل ذلك وبسبب تزايد أعداد المواليد يوجد حالة من عدم التوازن، حيث يحتاج المواطن إلى سكن كريم وطرق ممهدة وخدمة صحية جيدة من خلال المستشفيات والموارد لا تكفى للوفاء بهذه المتطلبات.

ويوجد تحديات تواجه الدولة مثلا كان سعر طن القمح 190 دولارًا أصبح 320 دولارًا،   كما أن من حق أى مواطن توفير شقة بسعر معقول ولما توقفت الدولة عن ذلك فى الماضى سكن المواطنون فى أماكن عشوائية وأماكن خطرة.

وعلى الرغم من ذلك نجح الرئيس السيسى فى إطلاق أكبر حراك تنموى لتغيير وجه الحياة على أرض مصر، وتحسين معيشة المواطنين والارتقاء بالخدمات المقدمة إليهم، ولعل ما يشهده المصريون حولهم فى كل مكان من مشروعات كبرى وغير مسبوقة، وهو ما يعد دليلًا قاطعًا على أننا نمضى بقوة على طريق التنمية؛ لبناء الجمهورية الجديدة فى مصر.

■ فى رأيكم كيف نواجه الواقع الحالى بشأن تلك الظاهرة؟

استقراء ما يفرضه الواقع من تحديات جسيمة، تتطلب تضافر كل الجهود المخلصة: أفرادًا، ومؤسسات من منظور المسئولية التاريخية؛ لنتكامل جميعًا فى صف واحد، بقيادة سياسية حكيمة، ونسعى معًا: حكومة وشعبًا؛ لتحقيق الحلم فى استعادة الريادة المصرية، والارتقاء لمصاف الدول المتقدمة، من خلال اقتصاد قوى ومتنوع، ونمو حقيقى غنى بالوظائف، يكون أكثر قدرة على تلبية تطلعات المصريين، ويُسهم بشكل مستدام فى إرساء دعائم حياة كريمة لكل المواطنين على حد سواء.. وكما يقول فخامة السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى: «الأحلام لا تسقط بالتقادم».

اتجهت الدولة للتوسعات العمرانية والتنموية  لحل أزمة الانفجار السكانى ولو لم نقم بذلك  لأصبحت مشكلة الازمة السكانية اعمق وأغلب مشكلاتنا بسبب تجاهلها لعشرات السنين وهو ما يجعل العلاج مكلفًا الآن.