السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

كيف أدار المشير طنطاوى مصر خلال 18 شهرا

محارب من الجنوب

من رحم الأزمات يخرج الأبطال، مقدمين أرواحهم فداءً لوطنهم، يتمتعون بالحكمة ويتحركون بصبر، لإنقاذ أوطانهم، ففى لحظة فارقة من تاريخ مصر، وجد المشير محمد حسين طنطاوى، بلده فى خطر محدق، تتكالب عليها قوى الشر من الخارج، لإسقاطها فى مستنقع الفوضى، وفى الداخل تتآمر عليها جماعة الإخوان الإرهابية والتى  دستورها الإرهاب،



وعقيدتها القتل، استباحت دماء المصريين، وسعوا لتقسيم مصر، وإشعال حرب أهلية، منتظرين فرصة لتحقيق مخططاتهم، لكن المشير طنطاوى، حمل أمانة الوطن عقب تنحى الرئيس الأسبق مبارك، وتولى إدارة البلاد فى فبراير 2011، وظل فى سدة الحكم ما يقارب العام ونصف العام يواجه المؤامرات، لكنه اتخذ قرارا خلال تلك الفترة الحرجة بتكليف رئيس وزراء جديد، وإصدار إعلان دستوري تضمن عدة بنود، أهمها حل مجلسى الشعب والشورى، وتعطيل العمل بأحكام الدستور، وتشكيل لجنة لتعديل بعض مواد الدستور، وفتح المستشفيات العسكرية لعلاج المصابين من المدنيين وأفراد الشرطة، وتم فتح مستشفى ميدانى لتقديم التأمين الطبى للمصابين «عسكريين ومدنيين» بميدان التحرير وتأمين 100 مستشفى «19مستشفى جامعيًا 81 مستشفى تابعًا لوزارة الصحة »، بمحافظات الجمهورية بأفراد من الشرطة العسكرية، بالتعاون مع بعض رجال الشرطة خاصة مع تزايد أعمال البلطجة ضد المستشفيات خلال تلك الفترة.

 وفى محاولة لإنقاذ الموقف تحركت القوات المسلحة بأقصى سرعة لتأمين معسكرات الأمن المركزى والسجون المدنية ومديريات الأمن والتجمعات السكنية والتجارية والمخازن الأثرية والمدن الجديدة نتيجة انهيار وزارة الداخلية، وفقد السيطرة وهروب أعداد كبيرة من المساجين والاستيلاء على الأسلحة والذخائر.

وخلال تلك الفترة التى كان للشعب دور كبير فى المساهمة فى حفظ الأمن، تحركت القوات المسلحة بقرار من المشير طنطاوى، لتأمين نقل وتوزيع الأموال من البنك المركزى إلى البنوك الفرعية بالمحافظات والمدن «برًا - جوًا» بإجمالى 356 بنكًا، ومن مكاتب البريد الرئيسية إلى المكاتب الفرعية بتنفيذ 22 طلعة جوية على مرحلتين وتأمينها بعدد 109 دوريات شرطة عسكرية أثناء نقلها إلى البنوك الفرعية بجميع المحافظات.

وفى إطار سعى  المشير طنطاوى ورفاقه الأوفياء من قادة الجيش  فى عدم توقف الحياة  قرر بمعاونة القطاع المدنى فى نقل السلع التموينية والمواد الغذائية بإجمالى «1.782.771» طنًا لتغطية احتياجات المواطنين بالتعاون مع الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ووزارة التضامن الاجتماعى ووزارة التجارة.

كما كانت أوامر قيادة الجيش حازمة فى التأكد من انتظام عمل القطاعات والمنشآت الخدمية مثل محطات الكهرباء والمخابز والمستشفيات ومحطات المياه ساعية للعمل على عدم توقفها وهذا يفسر عدم انقطاع تلك الخدمات خلال هذه الفترة الحرجة.

التشريع للمساهمة فى الاستقرار

خلال تلك الفترة الحرجة ومع مساندة الجيش لشعبه وتنحى مبارك، أدار المشير طنطاوى المجلس الأعلى للقوات المسلحة شئون البلاد فى كل المجالات سعيًا للاستقرار فقام بتعديل مواد الدستور وأصدر الإعلان الدستورى وتنظيم عملية الاستفتاء وتأمين المقار بجميع أنحاء الجمهورية بعدد «8866» مقرًا مع تنفيذ نقل جوى بإمكانيات القوات الجوية لضمان وصول القضاة «المتأخرين» إلى مقار الاقتراع واستكمال عملية الاستفتاء لضمان سير العملية بشفافية دون مؤثرات خارجية وإعلان نتيجة الاستفتاء يوم 20 مارس والتى وصلت نسبة الموافقة عليها إلى 77.2% وهذا كان مؤشرًا مهمًا، يؤكد ثقة المصريين فى قرارات المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير سعيًا للاستقرار.

التعامل مع الضغوط والمطالب الفئوية 

قامت القوات المسلحة بقيادة المشير طنطاوى خلال تلك الفترة بالاستجابة إلى مطالب العديد من القطاعات المختلفة بالدولة، ومنها منح العاملين بالدولة، علاوة خاصة وزيادة المعاشات المدنية والعسكرية.

كما دعم المجلس الأعلى للقوات المسلحة صندوق رعاية أسر شهداء ومصابى ثورة 25 يناير،مع توفير وظائف من خلال الصندوق وتوفير الرعاية والدعم لهم. 

وقام المجلس خلال تلك الفترة بالتصدى لمن يسعى لإيقاع فتنة طائفية بين المسلمين والمسيحيين باستغلال مواقف شخصية وقامت القوات المسلحة بإعادة بناء الكنائس ولم يتوقف دور الجيش على حماية المصريين فى الداخل فقط، بل قام بحماية وتأمين عودة المصريين من ليبيا اعتبارًا من 19 فبراير واتخاذ كل إجراءات العودة للمصريين وإقامة معسكرات إيواء على الحدود الغربية بطاقة 1500 فرد، وفتح مستشفيين لاستقبال القادمين من ليبيا لتوفير الرعاية الصحية لهم وتوفير وسائل لنقلهم لمحافظاتهم وقد تم إجلاء 267330 مصريًا من خلال منفذ السلوم وتم خلال تلك الفترة 417 رحلة طيران و15 رحلة بحرية.

التأمين الداخلى والاستقرار 

فى تلك الفترة ومع تزايد الأعمال التخريبية فقد تم تأمين 59 مقرًا لجهاز مباحث أمن الدولة بجميع المحافظات ونقل الوثائق على جهات أخرى، كما تم تأمين 21 سفارة وقنصلية أجنبية وعربية. وفى تلك الفترة كان للجيش دور بارز ساهم بشكل كبير فى عدم انهيار الدولة، وذلك بمجابهة أعمال الخروج عن القانون وأعمال التخريب والنهب على مستوى كل المحافظات مع محاكمة المتهمين بأعمال بلطجة وترويع المواطنين بالمحاكم العسكرية لضمان سرعة الردع.

واستمرت القوات فى تكثيف إجراءات التأمين لجميع الأهداف الحيوية والحدودية وإجراءات تأمين المجرى الملاحى لقناة السويس. 

وقامت القوات المسلحة بمعاونة الشرطة فى إزالة التعديات المختلفة على أراضى الدولة والأراضى الزراعية بتنظيم حملات مشتركة بالتعاون مع أجهزة المحافظات بعدد 9084 تعديًا، كما تم تكوين لجنة تحقيق للوقوف على الأسباب التى أدت لاستشهاد الجنود المصريين على الحدود بسيناء يوم 20/8/2011 وقد قامت إسرائيل بتقديم اعتذار رسمى للحكومة المصرية فى سابقة لم تحدث من قبل.

وأيضا تم التعامل مع الوقفات الاحتجاجية وقطع الطرق وخطوط السكك الحديدية وتأمين نقل الدقيق إلى محافظات جنوب الوادى على إثر إضراب عمال المطاحن بقنا وسوهاج والأقصر وأسوان باجمالى 5048 طنًا بعدد 107 عربات.

كما قامت قوات حرس الحدود بالقبض على مهربى السلاح والمخدرات، وقيام القوات البحرية بالتعاون مع قوات حرس الحدود والمنطقة الشمالية العسكرية بالتصدى للعديد من محاولات الهجرة غير الشرعية.

كما ساهمت القوات المسلحة فى دعم الأوضاع الاقتصادية والمالية فى أغلب أجهزة الدولة بمساهمات نقدية لمساندة موازنة الدولة.

التواصل مع الإعلام والشباب 

تواصل المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير طنطاوى  مع المجتمع المدنى بإنشاء صفحة للمجلس على فيس بوك للتصدى للانفلات الإعلامى مع قيام بعض قيادات المجلس بحوارات تليفزيونية ولقاءات الدورية مع شباب الثورة.

كما تحملت القوات المسلحة جميع تكاليف النشر فى الصحف لإشهار وتأسيس الأحزاب الشبابية الجديدة مع توفير جميع التسهيلات الإدارية للشباب مما يمكنهم من خوض الانتخابات البرلمانية والمشاركة فى الحياة السياسية لبناء مستقبل مصر.

خلال تلك الفترة كان المشير طنطاوى وأعضاء المجلس يسعون لتسليم السلطة إلى جهة منتخبة كما ائتمنه الشعب.

وقامت القوات المسلحة بتنفيذ المخطط الزمنى للتحول الديمقراطى من خلال تنظيم إجراء الانتخابات التشريعية والتى تتم من خلال 3 مراحل تبدأ بانتخاب مجلسى الشعب والشورى وانتخاب الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور، وصولًا إلى انتخابات الرئاسة من خلال عقد العديد من المؤتمرات للإعداد والتجهيز لمجابهة التهديدات والمخاطر المحتملة خلال سير العملية الانتخابية، وأسلوب التصرف حيالها واتخاذ إجراءات التأمين اللازمة من قبل القوات المسلحة ووزارة الداخلية ودور الأجهزة الإعلامية وتوعية الناخبين بحقوقهم ومسئوليتهم فالقوات المسلحة كانت تتحرك فى كل الاتجاهات لتسير البلاد للوصول بها لبر الأمان. كان المشير  يقول: «أنا امسك جمرة من نار ولا أستطيع أن أرميها لحماية بلدى وكلنا.. نتحرك لمصلحة وكرامة بلادنا فقط»، وهو ما نجح فيه بالفعل حتى سلم السلطة..هذا وغيره الكثير من المواقف والقرارات التى حافظت على استقرار مصر، وجعلت  الرئيس عبد الفتاح السيسي، أثناء توليه منصب وزير الدفاع والقائد العام للقوات المسلحة، يقول عن دور المشير طنطاوي، «كان أكثرنا تفهمًا، وأكثرنا حرصًا على بلده، ربنا يجازيه عنَّا خير الجزاء؛ حيث تحمَّل ما لا تتحمله الجبال».