السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

تحت رعاية قرينة الرئيس السيسى

«ديارنا 70» المحافظات تــــــــــــــــــلتقى تحت شعار «قريبين ولو بعاد»

تحت شعار «قريبين ولو بعاد» يتجمع عارضون من مختلف المحافظات من سيوة والوادى الجديد إلى الإسكندرية لعرض منتجاتهم التراثية والحرفية بمعرض ديارنا الـ 70 الذى يقام «بمول مصر بمنطقة ٦ أكتوبر بمحافظة الجيزة



تحت رعاية السيدة انتصار السيسى حرم رئيس الجمهورية، افتتحت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعى معرض «ديارنا» للحرف اليدوية والتراثية الذى يقام تحت شعار «قريبين ولو بعاد» بمول مصر بمنطقة ٦ أكتوبر بمحافظة الجيزة، وتحل دولة ليبيا الشقيقة ضيف شرف المعرض فى دورته الـ70، حيث بدأت الوزارة معارض الأسر المنتجة منذ عام 1964.

وشارك فى الافتتاح وفاء أبوبكر الكيلانى وزيرة الشئون الاجتماعية الليبية ودكتور أسامة الغويل وزير الدولة الليبى للشئون الاقتصادية، واللواء أحمد راشد محافظ الجيزة، كما شهد مشاركة وفد من أعضاء تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين ولفيف من الإعلاميين.

ويستمر المعرض، الذى يمتد على مساحة ٣ آلاف متر، حتى الأول من أكتوبر المقبل، ويشارك فيه ٣٨٠ عارضًا يمثلون ١٣ محافظة على مستوى محافظات الجمهورية، بالإضافة إلى جناح يضم مجموعة من العارضين الليبيين للحرف اليدوية والتراثية التى تعكس التراث والثقافة الليبية.

المعرض هو التاسع بمدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، وشهدت هذه المعارض مشاركة ما يقرب من 810 عارضين بمنتجات حوالى 5120 أسرة منتجة، وتقوم الوزارة بدعم مشاركة العارضين بجزء كبير ويتحمل العارضون فقط جزء بسيط من التكلفة، ومن المقرر إقامة معارض «ديارنا» للمعروضات اليدوية بالخارج، خلال الأشهر المقبلة قبل انتهاء عام 2021 فى الرياض ودبى وإيطاليا، مشيرة إلى أن أول معرض خارجى سيكون بالسعودية.

وأوضحت نيفين القباج وزيرة أنه تنفيذًا لتوجيهات الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء تم مضاعفة إقامة المعارض على مستوى محافظات الجمهورية خلال الفترة المقبلة، وزيادة عدد العارضين المشاركين فيها، لافتة إلى أنه خلال عام 2021، نظمت الوزارة ثمانية معارض لـ«ديارنا» بمختلف المحافظات، مثل أسوان، والأقصر، وأسيوط، والمنيا، والجيزة، والقاهرة، والإسكندرية، والساحل الشمالي.

وقالت: إنها سعيدة بتواجد دولة ليبيا الشقيقة ضيف شرف المعرض، مشيرة إلى أن هناك تعاونا بين وزارتى التضامن الاجتماعى ونظيرتها فى ليبيا فى عدد من المجالات ومنها التعاون الإنتاجى والتسويقي، وتواجد الوزراء الليبيون فى افتتاح المعرض اليوم توثيق لذلك التعاون.

 وأشارت إلى أن الهدف الأساسى لـمعارض

ديارنا، هو التسويق والترويج للمنتجات المصرية الحرفية والتراثية الصديقة للبيئة، ودعم الصناعات المكملة لهذه الحرف، مشددة على أن شعار المعرض فى هذه الدورة «قريبين ولو بعاد» ويحمل فى مضمونه رسالة أنه مهما بعدت المسافات فالجميع متواجد، والمعرض يدعم ويشجع صغار المنتجين والعمالة غير المنتظمة لسوق العمل ويدعم المشروعات متناهية الصغر، كما يساعد على تسويق المنتجات الصغيرة والحرفية، تنفيذًا لأهداف برنامج الأسر المنتجة «ديارنا»، ومراكز التكوين المهنى التى تقوم على تدريب صغار الصناع.

ويتم اختيار العارضين وفقا لعدة اشتراطات عقب تقدم الآلاف للمشاركة فى معارض «ديارنا»، لافتة إلى حرص الوزارة على تقديم مختلف أوجه الدعم مثل الانتقالات، موضحة أن أى عارض بمعرض ديارنا لابد وأن يبدأ بتسجيل استمارة رغبة المشاركة على الموقع الإلكترونى للوزارة، ثم يسجل من خلالها الاسم والمنتج الذى يقدمه، إذا كان العارض غير مسجل بقاعدة البيانات، يجرى تسجيله ويخضع المنتج الخاص به لاختبارات معينة؛ للتأكد من جودة المنتج قبل المشاركة، مشيرة إلى أنه يتم مراعاة أن يكون هناك عدالة فى توزيع وتسويق المنتجين المختلفين من المحافظات.

وتتضمن المعروضات المنتجات الحرفية اليدوية والتراثية الخاصة بأصحاب المشروعات من الجمعيات والأسر المنتجة والتى تضم المنسوجات والمفروشات الأرابيسك والاكسسوارات المنزلية والكوروشيه والنحاس والفضة والألاباستر.

 

«أنيشراح» و«ترقعت» لـ «عروسة سيوة»

لفتت الفتيات السيويات بأزيائهن التراثية نظر الكثير من رواد معرض ديارنا، بالعرض الفنى الذى قدمنه، أمام وزيرة التضامن الاجتماعى نيفين القباج ومحافظ الجيزة اللواء أحمد راشد، خاصة وأن سيوة من ضيوف شرف المعرض.  أما أجنحة المعروضات السيوية من المشغولات اليدوية والملابس التراثية والمنتجات الزراعية كالبلح والزيتون والكركدية والملح الصخرى والكليم، فلاقت أقبالا كبيرا من الزائرين.

ستعرف أجنحة سيوة من بعيد، من تطريز الفستان المعلق على أول الأجنحة، على الصدر أزرار مطرزة على هيئة أشعة الشمس، وعلى الجانبين مربعات مزخرفة بالأزرار على هيئة خمسة وخميسة، وأسفل البنطلون أو السروال زخارف ملونة تشبه الأشعة الخضراء.

هذا أول ما يلفت نظرك قبل أن تصل إلى جناح جمعية سيوة للحفاظ على البيئة وتنمية المجتمع المحلي، التى تسعى كما يشرح عبدالله يوسف، المشرف على الجناح بمعرض ديارنا، إلى تنمية الصناعات والحرف اليدوية فى سيوة كلها، على امتداد قراها التى تتناثر فى مساحة 60 كلم من الشرق إلى الغرب عند حدود ليبيا، أى من بداية قرية «عين الصافى» المشهورة بصناعة السجاد اليدوى السيوى، وإلى باقى القرى التى تتميز بالتطريز والمنتجات الزراعية.

الجناح يعرض الحقائب وحافظات النقود أو الأقلام المطرزة بالغرزة السيوية، والكليم اليدوى السيوى وفستان العروسة المكون من فستان وشال أو طرحة و بنطلون، وتتكلف الأجزاء الثلاثة ما يقرب من 6 آلاف جنيه، ولا يقوم بالتطريز المعتمد على أنواع وأشكال من الخرز والأزرار إلا سيدات متخصصات فى هذا النوع من التطريز، أما الفتيات الصغيرات فيطرزن الفساتين العادية والبلوزات والمحافظ وغيرها من المنتجات الحديثة، بموتيفات الغرزة السيوية الشهيرة. 

فستان العروسة أو «أنيشراح» باللغة الأمازيغية التى يتحدثها أهل سيوة وأجزاء من دول شمال إفريقيا من ليبيا وحتى المغرب، عبارة عن ثلاثة أجزاء، الفستان، من القطن أو الجبير الأسود أو الأبيض اللون المطرز بالأزرار الملونة على شكل أشعة الشمس، فى إشارة إلى معنى «الصدر المضىء « وعلى جانبى الصدر مربعات مزخرفة بأزرار على شكل «خمسة وخميسة» درءًا للحسد، إلى جانب التطريز بخيوط الصوف التى تتدلى من الفستان، الذى يصل فقط إلى ما بعد الركبة بقليل، ومن تحته ترتدى العروس البنطلون أو سروال من القطن الأبيض، ينتهى بزخارف ملونة تشبه الأشعة الخضراء، استبشارًا بالخير للفتاة، وأنها أينما وضعت ساقيها ينبعث من تحتهما الخير والنماء.

القطعة الثالثة لفستان العروس هو الشال العروسة أو «الترقعت» الذى تغطى به شعرها، وهو عبارة عن طرحة سوداء مطرزة بالحرير الأحمر لموتيفات «التعروست ينسيوان» أى العروسة السيوية، ومطرز أيضا بالخرز وخرج النجف الأبيض، وله شراشيب من خيوط الصوف بألوانها المبهجة.

«الأجزاء الثلاثة بحوالى 6 آلاف جنيه، والخرز كله يأتى من الإسكندرية، وتقوم بتطريزه سيدات محترفات لأن مش أى حد يعرف يعمل الشغل التراثى ده، الأنشيراح يتكلف وحده 2500 جنيه، والبنطلون 1500 جنيه، ويمكن أن تحضر به العروس مناسبات أخرى بعد ذلك».

وتقوم بعض الفتيات بأعمال الخياطة والمشغولات اليدوية السيوية داخل منازلهن، للحفاظ على الهوية السيوية، مثل الشنط وتطريز الشال القطن والشال الصوف والشيلان الحرير، بخيوط الصوف، ويصل سعر الشال المطرز إلى 750 جنيهًا.

«التطيز أغلى من شغل الخرز، لأن الخرز أسهل وأسرع من التطريز، وأهم حاجة الحفاظ على موتيفات الغرزة السيوية التراثية،«تجلوست» أو شكل العنكبوت و«تعروست»أو العروسة، وموتيفه الثلاثة فناجين التى تعلو بعضها، «سمكيت» السمكة، «الجاردير» الجردل ذى اليدان، النخلة وغيرها، وكلها بألوان التطريز السيوية المعروفة الأحمر والأخضر والبرتقالى والأصفر وأحيانا الأبيض والأسود».

أسعار الأكياس القماش الصغيرة المطرزة«بوك» تبدأ من 20 جنيهًا وحتى 40 جنيهًا، والشنط القماش المطرزة والمطعمة بالكروشيه، تتراوح أسعارها بين 80- 120 جنيهًا، «العائد قليل، فيستغرق تطريز البوك يومًا من الفتاة وتحصل الفتاة على 15 جنيهًا أجرتها، ويباع ب30 جنيهًا لزائرى سيوة أو فى المعارض».

فى جناح جمعية سيوة للحفاظ على البيئة وتنمية المجتمع المحلي، أيضا الكليم اليدوى التراثى السيوى، الذى تشتهر به قرية عين صافى بألوانه الأخضر والبرتقالى والأحمر والبنى.

يشير عبد الله إلى ألوان الكليم: هذه الألوان هى ألواننا التراثية، المشتقة من ألوان البلح منذ ظهور بشائره وحتى اكتمال نضجه، وما يفرق كليمنا عن كليم فوة كفر الشيخ ليس الألوان فقط، بل والخامة أيضًا، فنحن نستخدم أصواف أغنام سيوة الطبيعية، ونولنا الذى نغزل عليه يوضع على الأرض، بخلاف نول فوة الأفقى المرتفع عن الأرض، والآن نستخدم الصبغات الصناعية لتلوين الصوف».

زيت زيتون وأعشاب أورجانك

إبراهيم يونس، صديق صاحب مزرعة «توازن» كان يقف فى جناح منتجات المزرعة السيوية من زيت الزيتون والأعشاب الطبيعية، المزروعة بطريقة عضوية دون استخدام مواد كميائية.

«صاحب المزرعة عبد الله فتحى، صديقى منذ سنوات، ونقوم معا بتسويق منتجات مزرعته، وزيت الزيتون هنا يصل سعر اللتر إلى 140 جنيهًا، لأنه من مزرعة لا تستخدم المواد الكميائية ومعصور فى معصرة أيضا لا تقوم إلا بعصر هذه النوعية من الزيتون، الغش فى زيت الزيتون ليس فقط فى كونه من زيتون أورجانك «دون كيماويات»، بل هناك من يغش الزيت بزيوت أو مواد أخرى، وتكون نسبة زيت الزيتون فيه لا تتعدى نسبة قليلة من العبوة، عشان كده بنعتمد فى التسويق على الناس الذين استخدموا منتجاتنا وتوصيتهم لغيرهم بأن يستخدموها».

منتجات مزرعة توازن من الأعشاب، هي«الحبق» من أنواع النعناع، والنعناع العادي، الريحان،والليمون جلاس، المستخدم فى الطبخ الآسيوى، البردقوش ذى الرائحة النفاذة، الملوخية الناشفة، الكركدية، وكلها فى عبوات الثمن والربع والنصف كيلو. 

إبراهيم يتلقى أيضا طلبات أونلاين لمنتجات المزرعة، ولدى المزرعة الآن مكان لحفظ العبوات فى القاهرة، لسهولة التوزيع أونلاين، إلى جانب البيع فى سيوة، ومعرض ديارنا.

طبق تسالى من خوص الوادى الجديد

من الوادى الجديد، جاء الشاب العشرينى، عبد الحميد محمد محمود وأخوه، لتسويق منتجات أسرتهم المنتجة من الخوص، التى اختاروا أن يكون الاسم التجارى لها «أم جنة سنوسي».

شنط للبحر من الخوص، مقاطف لحفظ الفواكة أو البصل والثوم فى المطبخ، أو لعب الأطفال فى غرف الأطفال أو للغسيل، صوانى من عرجون النخل، أطباق للتسالى والفواكه، برنيطة خوص، ومنتجات كثيرة أخرى، تملأ الجناح. . «الواحات مشهورة بالنخل وكلها من بيئتنا، احنا والفيوم بس اللى بننتج المنتجات الخوص، وبنحاول نستخدم كل حاجة فى النخلة، العرجون بنعمل منه الصوانى وأطباق التسالى والفواكه ومفارش العيش، والليف بنعمل منها إيد المقاطف، وتزيين الملقم المغطى، الذى يحفظ الخبز لأيام دون أن يفسد، ويزين الملقم أيضًا ببقايا الأقمشة التى تغزل مع الخوص بأشكال تراثية».

يعمل مع أسرة عبد الحميد نحو 30 -40 سيدة لإنتاج منتجات الخوص، الشنطة تستغرق يوم عمل ونصف، والبرنيطة تحتاج ليوم أو أقل، وتباع ب 60 جنيهًا، والأطباق الصغير ب 30 جنيهًا، والمقطف المتوسط الحجم 250 جنيهًا، وسلة الهدوم الكبير 450 جنيهًا. 

«أباجوارات» من الملح

نحت الدكك والمقاعد بحكايات البيوت

بجناح كبير فى مدخل معرض ديارنا بمول مصر، يشارك محمود بغدادي، ابن مدينة الأقصر، بقطع أثاث خشبية من تراث بيئة الأقصر الشعبية، فى قالب حديث، بتابلوهات مرسومة وأثاث عملي كالمقاعد والطاولات والدواليب والدكك وغيرها، لتجمع بين الجمال والوظيفة معًا.

مشاهد من بيوت وموتيفات من بيئة الأقصر الغنية بتراثها الشعبي، برج الحمام والمركب والجرة، والزير، والمثلث والنخلة، بعضها مرسوم بألوان الزيت، وبعضها محفور يدويا على الخشب.

ربط محمود بين حبه للعمارة والديكور وبين دراسته فى كلية التربية الفنية، فكانت دراسته للماجستير عن «الرسوم الجدارية على منازل الأقصر وكيفية استخدامها فى عمل لوحات زخرفية جديدة».

وثّق محمود تلك الرسوم التى وجدها على بيوت أهالى الأقصر، وصورها بكاميرته، «بعض هذه البيوت تهدّم ولم تعد موجودة، مما يجعل من الصور التى صورتها لهذه البيوت وثيقة فنية شعبية تاريخية، وقد أعدّت صياغة هذه الرسوم فى لوحات فنية رسمتها على الخشب، وأخرى بالحفر، فى مزاوجة بين الفنون وتطويرها».

«بيوت النوبة تتميز باللون الأبيض والقبة البيضاء، لعكس حرارة الشمس، ثم تتزين بزخارف بألوان النوبة المميزة الأخضر والبرتقالى والأحمر والأصفر، أما بيوت الأقصر، فلكل بيت لون مختلف، تطلى به كل واجهاته، فهناك البيت الأزرق والبيت الأحمر، والأصفر وهكذا، ثم ترسم الزخارف بأسلوب الرسم الفرعونى القديم، الذى يتميز بالتسطيح وليس العمق، أى تقسيم اللوحة لمجموعة لوحات أو مشاهد، فيقسم جدار البيت لمجموعة لوحات بجانب بعضها، وكأنها تحكى حكاية».

الرسوم الجدارية التى وثّقها محمود لبيوت الأقصر، توضح كيف كان الفنان الشعبى الأقصرى يوثق لحياته، بمشاهد متسلسلة حول نفس الحدث، فاذا أراد أن يحكى عن أن صاحب البيت سيتزوج قريبًا، فيرسم على جدار البيت مظاهر الفرح، من رقصة التحطيب، والعزف بالمزمار والدكة والراقصة، وهكذا فى تصوير الكثير من الاحتفالات والعادات والتقاليد.

يستخدم محمود الموتيفات ذات الدلالات والرموز الشعبية، مثل الكف والعين لدرء الحسد، لمبة الجاز، القطة، النخلة رمز الخير، الشمس، الجمل، الغزالة رمزالرشاقة والجمال والسرعة، والأسد رمز القوة والشجاعة لتخويف من يفكر فى إلحاق الشر بأهل البيت.

يعمل مع محمود فى ورشته«آرت هوم» 30 فتاة، و7 شباب، كلهم دون الثلاثين، ويستخدم الحفر البارز والغائر للنقوش والرسومات على الخشب، وهو الفن الذى يعدمن أقدم الفنون فى التاريخ، وموجود على المعابد الفرعونية والرومانية والإغريقية والسومرية.