الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

رغم العوائق.. العراقيون يدلون بأصواتهم فى الانتخابات البرلمانية

افتتحت مراكز الاقتراع العراقية أبوابها أمس فى تمام الساعة السابعة بتوقيت بغداد فى أول انتخابات برلمانية مبكرة تشهدها البلاد منذ العام 2003.  وبلغ عدد مراكز الاقتراع فى التصويت العام 8273 مركزا بواقع أكثر من 55 ألف محطة،  ويشارك 1249 مراقبا دوليا فى مراقبة الاقتراع العام فيما يبلغ عدد الإعلاميين الدوليين الذين يشاركون فى تغطية الاقتراع العام 510 إعلاميين دوليين، أما المراقبون المحليون فبلغ عددهم 147152 مراقبا. كما بلغ عدد المرشحين الإجمالى 3227 مرشحا منهم 951 امرأة، ويتنافس فى الانتخابات 21 تحالفا و109 أحزاب ساسية. وحث رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى المواطنين على المشاركة فى الاقتراع، وكتب عبر «تويتر»: «صوتك مستقبلك، اليوم كنت أول من شارك فى التصويت فى الانتخابات التى وعدنا شعبنا وأوفينا.. يا شعبنا العزيز نساء ورجالا وشبابا شاركوا وارسموا مستقبلكم بأيديكم ». وكان العراق قد أجرى يوم الجمعة عملية التصويت الخاص فى عموم البلاد، والتى شملت منتسبى الأجهزة الأمنية (باستثناء الحشد الشعبي)، والنزلاء والنازحين، ضمن الانتخابات البرلمانية المبكرة. صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية كتبت أن العراق يشهد انتخابات نيابية فى وقت يسعى لاستعادة سيادته فى مواجهة واشنطن والميليشيات التابعة لإيران، بعدما تراجع دوره كثيراً بسبب الإهمال الدولي، لاسيما خلال حقبة سيطرة تنظيم «داعش»، كما حدث فى الموصل. وفى تحقيق لها من الموصل، قالت الصحيفة إن العراق يشهد عودة عدد من الأثرياء من أجل إعمار المنطقة وإعادة إصلاح منازلهم فى البلاد، بعد تحريرها من قبضة التنظيم. وفى منطقة ميدان فى الموصل، ما يزال ممكناً العثور على بقايا جثث تحت الأرض، بالإضافة إلى جزء من «الكنز الخفى» للتنظيم، إذ عثرت الشرطة على 1.4 مليون دولار. وهى مسألة تثير أطماع سكان الموصل التى تتباطأ فيها عملية إعادة الإعمار وعودة النازحين. مع ذلك يظل عدد كبير من العراقيين مرتبطين بمدينتهم، حسب سيريل روسيل، الباحث فى المركز الوطنى للبحث العلمى ومقره أربيل. وتتطلع فرنسا إلى إعادة بناء المطار، وهو ما تعارضه تركيا، وكذلك الأكراد فى أربيل، بوابة شمال العراق على بعد 90 كيلومتراً، والتى سيشهد مطارها فى حال إحيار مطار الموصل، تراجعاً فى حركة المرور. فى نهاية شهر ديسمبر المقبل، ستنهى الولايات المتحدة «مهمتها القتالية»، ومن المتوقع أن تخفف وجودها العسكرى فى العراق (2500 جندى). وهو قرار يلقى ترحيب بعض العراقيين، فيما يتخوف آخرون من تداعياتها، وأن تغرق البلاد فى الفوضى كما حدث مع أفغانستان. لكن الإشكال المطروح، بحسب «لوفيغارو» هو أن العراق يواجه خطر التحول إلى ساحة مواجهة بين واشنطن وطهران، التى تحرك جماعات مسلحة شيعية شبه عسكرية مرتبطة بها، وهدفها هو محاربة بقايا تنظيم «داعش»، لكنها تقاتل أيضاً آخر الجنود الأمريكيين  فى العراق. وعند مغادرة الموصل شمالاً، تنتشر المئات من صور قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» الذى قُتل عام 2020 فى بغداد بأوامر من الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب، وصور بعض المرشحين للانتخابات النيابية على طريق تل عفار. وهاجمت تركيا منطقة سنجار ثلاث مرات هذا الصيف، مما أسفر عن مقتل 13 شخصاً، بينهم اثنان قتلا بطائرات مسيرة، ربما أطلقت من إحدى القواعد العسكرية التركية فى شمال العراق. لكن بغداد تعجز عن الرد على أنقرة لأن حجم المبادلات التجارية بين البلدين تبلغ 20 مليار دولار. ويدعم تركيا فى هجومها فى سنجار «حزب الحزب الديمقراطي» الكردستانى فى أربيل. وتقول «لوفيغارو» إن هذا القصف التركي، ووجود الميليشيات الموالية لإيران، بجوار الأكراد الساعين إلى الحكم الذاتى يجعل من جبل سنجار بمثابة مفترق طرق استراتيجى».



وتلفت الصحيفة إلى أن رئيس الوزراء العراقى مصطفى الكاظمى الذين يراهن على الانتخابات العامة هذا الأحد، تمكن من إقناع الميليشيات الموالية لإيران بوقف هجماتها على القواعد العراقية، التى لا تزال تؤوى جنودًا أمريكيين، حتى 31 ديسمبر المقبل. ولكن ستكتفى هذه الميليشيات الشيعية بخروج القوات الأمريكية؟.

وتنسب الصحيفة إلى محلل عراقى قوله إنه لا يجب التفاؤل كثيراً بانسحاب القوات الأمريكية، إذ إن الجيش الأمريكى سيحتفظ بالسيطرة على الأجواء العراقية، وسيترك وراءه أيضاً  قوات خاصة، غير موجودة رسمياً، لكن قوامها يصل إلى حوالى ألف عنصر، يعملون بشكل أساسى فى سوريا وينتقلون إلى شمال العراق بالقرب من أربيل، حيث تمتلك الولايات المتحدة قاعدة كبيرة، وتعرضوا خلال الصيف لهجمات من الميليشيات الموالية لإيران.

وبالتالى، فإن مستقبل العراق بعد الخروج الأمريكى يظل غير مؤكد. وإذا فشلت الولايات المتحدة، كما هو الحال فى أفغانستان، فى بناء جيش قادر على القتال، مع السماح للفساد بضرب الإدارات، فإن عراق 2022 لن يكون أفغانستان طالبان. ومع ذلك، فإنه سيبقى منقسماً وتحت سيطرة القوات الموالية لإيران. فى نفس الوقت، لا تبدى الولايات المتحدة استعداداً لقبول الممر الشيعى كنقطة انطلاق لشن هجمات على إسرائيل أو الخليج. كما يرغب العديد من العراقيين، لاسميا السنة، فى الحفاظ على الوجود الأمريكي.

فإلى أى مدى سيذهب الموالون لإيران فى مواجهة ما تبقى من الوجود الأمريكى فى العراق؟ الجواب فى طهران، تقول «لوفيغارو»، معتبرة أن ذلك سيعتمد على تقدم المفاوضات بين إيران والغرب حول الطاقة النووية، والتى من المتوقع أن تستأنف قريباً فى فيينا.