السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

حضارة ضد الخزعبلات 9

استخدام الزئبق الأحمر فى تحنيط المومياوات.. روجها محترفو النصب

قال الدكتور مدين حامد عالم الآثار ومدرس ترميم وصيانة المخطوطات والوثائق بكلية الآثار جامعة الفيوم: إن قصة الزئبق الملون قصة واهية مزيفة أبطالها محترفو النصب والتربح غير الشرعى اعتمادا على سذاجة البسطاء وقلة درايتهم فى هذا المنحى ورغبة الكثير منهم فى الثراء السريع من خلال الشرعية التى أضفاها هؤلاء المزورون المحتالون بوجود ذلك المعدن السائل والضار بالإنسان صحبة مومياوات المصريين القدماء أو فى بعض من مكوناتها.



وهو أمر لم يرد فى هذا الصدد على الإطلاق، ولم تحو أية مقبرة قد اكتشفت حتى اللحظة على أى من مرادفاته أو مركباته، وأن ما آثار تلك القضية العثور على قارورة تحوى سائلا بنيا لزجا بمقبرة «آمون تف. نخت» من الأسرة 27 التى اكتشفت فى تابوته المغلق فى أربعينيات القرن الماضى واحتفظ بها فى متحف التحنيط بالأقصر.

ولم يكن السائل إلا خليطا من ملح النطرون والراتنجات وبقايا راشح تحنيط جسد المتوفى من الدم مع مواد عضوية رخوة أخرى، وهى التى تعرضت لمحاولات فاشلة من السرقة... وكلها تكون السائل المتخلف عن عملية التحنيط Mumification، وهو التفسير الصحيح والدقيق، وأن اللون الأحمر القانى مرده إلى الدم الذى خضب ذلك السائل.

وتعقيبا على ما ورد أنه فى الظروف العادية يختلط الزئبق بأية مادة ملونة ليأخذ لونها بشكل فيزيائى لا يرقى للتفاعل الكيميائى، حتى أنه عند غسله يفقد لونه الجديد عائدا إلى لونه الفضى الحقيقى ثانية، وهو أمر لا جدال فيه.

 غير أنه وتحت ظروف كيميائية خاصة من الضغط والتحفيز يتفاعل الزئبق كيميائيا مع عدد من الملونات ليأخذ لونها الأحمر، الأخضر والأسود مثلا فى عملية كيميائية وتفاعل يعرف بالملغمة Amalgamation ليعطى مملغما Amalgam يختلف فى صفته الكيميائية عن الزئبق الخالص وهى المستخدمة فى عمليات التعدين.

 فضلا عن دخوله فى تفاعلات معطية مركبات كيميائية تحويه لا تعبر عن صفته الخالصة المنشودة من قبل هؤلاء ككبريتيد الزئبق والزئبقيك والمستخدمة فى إنتاج العديد من الملونات وهى سامة قطعا.

ونهاية لا يؤسس كل ما تقدم وما ورد لدفع البعض بفرضية العثور عليه بمقابر المصريين القدماء أو مومياواتهم أو شيوعه وانتشاره فى العصور الإسلامية استنادا إلى تلك القصة التى حيكت بشأن استخدامه وسيلة لمساعدة خمارويه بن أحمد بن طولون على النوم عند وضع مرتبة فوق سطحه وموثوقة إلى زوايا الحمام الأربع بأربطة من خيوط الحرير لينام عليها بمساعدة الاهتزازات البسيطة الرقيقة التى يوفرها قوامه وتدبقه، وطيفه اللونى المبهج والمريح للنفس عند سقوط ضوء القمر عليه فى لياليه القمرية.

هذا، ولم يستخدم الزئبق هذا للتحنيط إلا بحلول منتصف القرن ١٧ الميلادى فى أوروبا من خلال حقن Injection الجسم بسائله، أن من خلال إضافة مسحوق مركباته السامة من الكلوريدات.