الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

«الصِّفر» الأهم فى التاريخ

لم تعد أزمة التغير المناخى مجرد مشكلة عابرة أو أزمة يمكن التغافل عنها، بل تحولت إلى مشكلة تؤرق دول العالم سواء المتقدمة أو النامية.



لن ينجو أحد من تبعات التغير المناخى، فالعالم قد يتغير كليا، والكوارث لن تفرق بين شمال العالم وجنوبه، وهو ما يستوجب وقوف البشرية صفا واحدا فى مواجهة هذا الخطر الكبير.

8  أيام تفصلنا عن انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، فى دورته الـ26، الذى تستضيفه مدينة جلاسكو الأسكتلندية، وسط جهود دولية حثيثة لمواجهة الاحتباس الحرارى، أملا فى الوصول للصفر الأهم والأغلى بتاريخ العالم «صفر انبعاثات».

فى شبه تكتل عالمى من أجل حلم الصفر الأهم، تعقد قمة المناخ (COP26) فى جلاسكو، فى الفترة من 31 أكتوبر حتى 12 نوفمبر المقبل، ضمن سقف توقعات عالٍ بالتعامل مع مشكلات التغير المناخى، التى تضرب الكوكب، برعاية الأمم المتحدة

وأكد أكثر من 120 قائدا عالميا حضورهم للقمة، وهو ما يوضح بشكل جلى مدى الاهتمام العالمى بالحدث، كونه يمثل الخطر الأكبر الذى يهدد البشرية.

و«COP 26» هى اختصار للكلمات التى تعنى «المؤتمر السادس والعشرين للأطراف فى الاتفاقية الإطارية بشأن التغير المناخى».

يحظى «كوب 26» باهتمام عالمى منقطع النظير، ليس فقط من قبل الدول المتقدمة ولكن من دول العالم الثالث أيضا، التى بدأت ترصد ميزانيات مالية من أجل صفر انبعاثات.

بجانب الشركات والمدن والمؤسسات المالية، فإن 131 دولة حددت الآن أو تفكر فى وضع هدف خفض الانبعاثات إلى صافى صفرى بحلول منتصف القرن، وفقاً لموقع الأمم المتحدة.

وفى حين أن الصافى الصفرى هو هدفٌ حاسمٌ طويل الأجل، فإن التخفيضات الحادة للانبعاثات -خاصةً من قبل أكبر مصادر انبعاثات غازات الدفيئة- ضروريةٌ فى السنوات الخمس إلى العشر المقبلة من أجل الحفاظ على الاحترار العالمى عند 1.5 درجة مئوية وحماية مناخٍ صالحٍ للعيش.

ومن بين 191 طرفًا فى اتفاقية باريس قدمت أكثر من 80 دولة حتى الآن خطة عملٍ وطنية جديدة أو محدثة؛ تسمى المساهمات المحددة وطنيًا (NDCs)، كما هو مطلوب بموجب الاتفاقية.

ولا تزال التخفيضات المجمعة للانبعاثات المخطط لها بحلول عام 2030 أقل بكثير من مستوى الطموح المطلوب لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.

تساهم 10 دول فقط بالعالم فى انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بنسبة تتجاوز ثلثى الانبعاثات العالمية.

على رأس هذه الدول الصين والولايات المتحدة، يليهم الاتحاد الأوروبى، الهند، روسيا، اليابان، البرازيل، إندونيسيا، إيران، وكندا، وفقا لمعهد الموارد العالمية.

وأول ثلاثة فى القائمة، تعتبر الأكثر مساهمة فى تصدير انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بنسبة 46% عالميا، بمعدل يفوق 16 مرة الـ100 دولة الأقل تصديرا للانبعاثات، وتسهم المائة دولة فقط بنسبة 3% فى تصدير الانبعاثات.

فى تجمع باريس «مؤتمر الأطراف المشاركة فى الاتفاقية الإطارية 21» تم تحديد الأهداف الرئيسية للجميع تفاديًا لكارثة تغير المناخ، وتعهد جميع الموقعين بما يلى:

1-  تخفيض انبعاث الغازات الدفيئة

2-  زيادة إنتاج الطاقة المتجددة

 3- الحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من 2 درجة مئوية (3.6  فهرنهايت) مع وضع هدف إيصالها إلى 1.5 درجة مئوية (2.7 فهرنهايت)

4-  الالتزام بضخ مليارات الدولارات لمساعدة البلدان الفقيرة على التعامل مع تأثير تغير المناخ.

وتم الاتفاق على إجراء مراجعة للتقدم المحرز كل خمس سنوات، وكانت المراجعة الأولى لمؤتمر الأطراف مقررة فى عام 2020، ولكن بسبب تفشى فيروس كورونا، أُجلت إلى العام الجارى 2021 فى جلاسكو.

أمام ضعف تحقيق الأهداف الموضوعة فى قمة باريس، أصبحت زيادة الطموح حاجة ملحة من أجل الوصول إلى الهدف الأبرز وهو صفر انبعاثات.

فنسبة انخفاض انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى بحلول عام 2030 كما هو محدد فى المساهمات المحددة وطنيًا الحالية، ستكون 12% فقط.

ونسبة انخفاض الانبعاثات المطلوب تحقيقها بحلول عام 2030 للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة إلى ما لا يزيد على 1.5 درجة مئوية هى 45%.

تفصل 100 مليار دولار بين الدول الغنية والفقيرة، فى الطريق لتحقيق صفر انبعاثات، وتمثل هذه الأموال تهديداً للآمال المعقودة على إمكانية التوصل لصفقة هامة خلال قمة المناخ «كوب 26» المقرر انعقادها فى اسكتلندا، بعد أيام قليلة.

ويمثل هذا المبلغ قيمة المساهمات السنوية التى وعدت الدول المتقدمة قبل عقد من الزمان بتخصيصها لمساعدة الدول الأقل ثراءً حتى تستطيع الأخيرة خفض انبعاثاتها والتكيف مع التغيرات المناخية.

وبهذا الشأن، قال لارى فينك، الرئيس التنفيذى لشركة «بلاك روك»، أكبر مجموعة لإدارة الأصول فى العالم، فى حديث لصحيفة نيويورك تايمز: إن الاستثمارات مكلفة جدًا لكنها ضرورية لتجنب كارثة عالمية.

وأضاف «سوف يتطلب تحقيق هدف انعدام الانبعاثات استثمارات بقيمة تريليون دولار سنويًا فى البلدان الفقيرة.

وأوضح أن هذه الدول تحتاج إلى 100 مليار دولار من المساعدات السنوية لتكون قابلة للاستمرار. 

وأكد أنه «يجب على الدول الغنية تخصيص قدر أكبر من أموال دافعى الضرائب لضمان الانتقال فى الخارج إلى انبعاثات كربونية معدومة».

فيما ارتفعت استثمارات المناخ منذ مطلع 2020 وفقا لصندوق النقد الدولي، بينما يوفر المستثمرون المستدامون والشركات «الخضراء» فوائد الاستقرار المالى لأنهم يميلون إلى أن يكونوا أقل حساسية للعائدات قصيرة الأجل وفقا لتقرير صندوق النقد الدولى.

تشير البيانات الصادرة إلى أن نسبة الأموال المستدامة موجهة بالفعل نحو صندوق المناخ على وجه الخصوص 3.6% فقط، مع تخصيص 96.3% المتبقية للحد من الانبعاثات والوصول إلى مؤشرات أقل للانبعاثات الكربونية وغيرها من مشاريع الحد من التلوث البيئى.

يظل حجم «الاستثمارات المستدامة» المخصصة للتعامل مع تغير المناخ صغيرا وفقا للتقرير، حيث سجل نحو 3.6 تريليون دولار من الأصول الخاضعة للإدارة فى نهاية عام 2020، بينما تمثل الاستثمارات المخصصة للمناخ نحو 130 مليار دولار فقط.

ويمكن للقطاع المالى العالمى وقطاع صناديق الاستثمار أن يلعبا دورا حاسما فى تحفيز الاستثمار الخاص لتسريع الانتقال إلى اقتصاد مستدام، وبمعدلات انبعاثات كربون أقل والمساهمة فى مواكبة تغيرات المناخ وفقًا للتقرير.

كما يشير التقرير إلى أهمية نشر الوعى بين المستثمرين بخصوص تداعيات الأحداث الكارثية التى تتصاعد وتيرتها فى أعقاب التغير المناخى، بالإضافة إلى أهمية تدفق الاستثمارات «بشكل مستدام».

ذكر تقرير البنك الدولى أن الزراعة هى أكبر مستخدم للأراضى ومستهلك للمياه، بينما يمثل الإنتاج الغذائى والزراعى «المصادر الرئيسية» من أجل إطعام سكان العالم المتوقع أن يبلغ عددهم نحو 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050.

ويشير التقرير إلى أهمية الاستثمار فى هذه القطاعات، ولكن فى الوقت نفسه تنتج الزراعة وتغيير استخدام الأراضى نحو 25% من انبعاثات الغازات الدفيئة وتساهم بشكل ملحوظ فى ارتفاع معدلات الكربون.

وبلغت التكلفة البيئية والصحية «الخفية» نحو 12 تريليون دولار سنويًا وفقًا لتقرير البنك الدولى.

وذكر التقرير أن أكبر مصادر الانبعاثات المرتبطة بالزراعة هى تحويل الأراضي، مثل تطهير الغابات من الأراضى الزراعية، بالإضافة إلى انبعاثات غاز الميثان من الماشية وزراعة الأرز وتصنيع أكسيد النايتروس من أجل إنتاج الأسمدة الصناعية.

وفقا لتقرير صادر عن المخابرات الأمريكية، تم تحديد 11 دولة اعتبرتها المخابرات دولًا معرضة للخطر بشكل خاص، وهى أفغانستان وبورما والهند وباكستان وكوريا الشمالية وجواتيمالا وهايتى وهندوراس ونيكاراجوا وكولومبيا والعراق.

قالت الاستخبارات: إن هذه الدول ضعيفة إلى أقصى حد «أمام التاثيرات المادية لتغير المناخ»، وأشارت إلى أن هذه الدول لا تمتلك القدرة على التكيف مع الأوضاع.

وتضمن التقرير ملخص تحقيقات أجهزة الأمن الأمريكية، التى تشير إلى أن ذوبان الجليد فى القطب الشمالى «يزيد المنافسة الاستراتيجية للوصول إلى موارده الطبيعية».

وصف التقرير الوضع فى أماكن متعددة، وأكد أنه مع ارتفاع درجات الحرارة وتزايد حالات تقلب الطقس تتزايد مخاطر «حدوث نزاعات على المياه» والهجرة بحلول عام 2030.