الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

فى الجمهورية الجديدة لا مكان للطوارئ

مصر واحة الأمن والاستقرار والحريات

لعقود ممتدة كان الحديث عن قانون الطوارئ وجبة دسمة تتناولها ألسنة أطياف المعارضة السياسية، واتخذوا منها شماعة لتعليق فشلهم أحيانًا أو ابتزاز الأنظمة أحيانًا أخرى، إلى أن ظهر الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس من خلال تغريدة رئاسية، معلنًا إلغاء حالة الطوارئ فى جميع أنحاء البلاد، لم يكن هذا الإعلان الإلكترونى إلا بعد أن اطمأنت القيادة الراشدة لرسوخ الاستقرار على أرض مصر.



  الإعلان الذى صدر مطمئنًا دليل دامغ على صلابة القيادة التى تمتلك طوال الوقت ثباتًا انفعاليًا رئاسيًا بات سمة واضحة من سماتها، برغم ما تعرض له هذا الوطن من حرب ضروس شارك بها منتخب الإرهاب العالمى مدعومًا بفرق فنية وتدفقات مالية من أعتى الأجهزة والأنظمة التى مارست الفجور السياسى سرًا وعلانية.

منذ سنوات وصف السيسى فترة حكمه الأولى، بأنها كانت مرحلة لتثبيت أركان ومؤسسات الدولة، والآن قد استقرت الدولة بعد أن روت دماء الشهداء تقريبًا كامل ربوعها، لقد كانت المسئولية فادحة ودفُعت أثمان غالية، لكن الإرادة المصرية حملت الأمانة فى لحظة توحد مؤسسى عبقرية، وواجهت قدرها ملتمسة عون الله، فعبرت الدولة نفقًا مظلمًا كاد أن يعصف بأقدم دولة عرفتها الإنسانية. 

 لقد استقبلت مجموعات سياسية هذا القرار برغبة ونية لإخراجه من سياقه الأمنى لفرض سياقات سياسية تهدف لتفريغ القرار من قيمة الإرادة الوطنية التى أنتجته، وبهدف احتلال ذهنية الرأى العام سريعًا للإيحاء بأن إملاءات خارجية قد فرضت نفسها وأدت لإفراز القرار، لكنها حالة خارج منطقة إرادة دولة ٣٠ يونيو التى فرضتها جموع الشعب المصرى، كما أنها تجافى واقع الضرورة الذى تفرضه ثوابت الأمن القومى المصرى، التى لا يمكن أن تكون عرضة لابتزازات ستؤدى الاستجابة لها لإخلال جسيم بسلامة وأمن الدولة المصرية، هنا يقول المنطق إن مصر قدمت خياراتها فى توقيتاتها المناسبة، بعد أن تأكدت أن قرارها قد استند لإنجاز أمنى وعمرانى على أرض الواقع، وليس لنداءات سياسية تغلبها المراهقة الشعبوية أو التربصات الدولية.

حالة الطوارئ، قد فُرضت فى شهر إبريل عام ٢٠١٧، أى ما يزيد على أربع سنوات، فهل كانت التدخلات الغربية فى غفلة عن مصر طوال هذه المدة؟! أم أن صلابة الدولة المصرية قد استطاعت الصمود أمام هذه الضغوطات طوال تلك الفترة إن وجدت ؟!!.

وبرغم سلامة المنطق المصرى، فإن استقبال القرار بإلغاء حالة الطوارئ تجنب عن عمد الحديث عن أسباب فرضها، يبدو أن التجاهل المتعمد لا يزال يخشى أرواح الشهداء الذين مازالت أصواتهم قادرة على أن تزعج المرجفين فى المدينة ممن تخلفوا يوم الزحف.

 يبدو أن تغريدة الرئيس كانت عصية على فهم مجموعات التنظير السياسى التى راحت تستقبلها بحالة احتفاء على استحياء، ليس احتفاءً بقيمتها بل تحفزًا لممارسات فوضوية كانت دولة ٣٠ يونيو قد نجحت فى القضاء عليها.

الصدمة هنا جاءت من قدرة الدولة المصرية على فرض خياراتها الأمنية والسياسية، وبالتالى فإن هذا القرار قد وضع بعض المجموعات السياسية أمام أمر واقع، لتجد نفسها أمام سؤال عام.. ماذا سنفعل بعد إلغاء الطوارئ وفى أى اتجاه ستكون الحركة؟ بمعنى أدق ما الذى كانت تمنعه أو تعيقه حركة الطوارئ أو تحجبه عن تلك المجموعات والآن أصبح بمقدورها ممارسته؟!!

هنا يفرض السؤال المحورى نفسه هل لدى تلك المجموعات مشروع سياسى بناء كانت حالة الطوارئ تعيقه؟ أم أن القرار قد وضعها أمام حالة تفوق إمكانياتها؟!

 الحقيقة أن دولة ٣٠ يونيو ليست فى حالة مكايدة مع أشخاص أو مجموعات، وبالتالى فإن القرار قد صدر من منطلقات المصلحة المصرية العامة المرتكزة أساسًا على قدرة ممنهجة لفرض الأمن والاستقرار، ومن غير المنطقى أن يتم التعامل مع حالة الطوارئ السابق فرضها كإجراء غير قانونى قد تراجعت عنه الدولة، ذلك لأن تلك الحالة قد فرضت استنادًا لمرجعيتها الدستورية، ولازالت متاحة للدولة المصرية كى تستدعيها من مستودعها الدستورى إذا ما دعت الحاجة لذلك، وإن عدتم عدنا.

لقد كان القرار الرئاسى مرتكزًا على وضعية قانونية ودستورية، استهدفت إعلان رسائل محددة، جاءت فى صدارتها المعانى التالية:

 - مصر بلد آمنة للاستثمار. 

- مصر قبلة سياحية مطمئنة. 

- فى مصر قيادة تخضع لقيود ومعايير دستورية وقانونية.

- فى مصر مؤسسة قضائية شامخة ومستقلة لا تتأثر حركتها بوجود حالة الطوارئ أو تعطيلها.

- الشعب المصرى هو صانع الإرادة الحقيقية والمحدد الوحيد لخيارات تلك الإرادة.

 إن القراءة الواعية لمغزى القرار تستوجب إدراك ظاهرة القائل بإلغاء حالة الطوارئ بزوال أسباب كانت قد دعت لفرضها، لكن المسوغ القانونى لإتاحة الاستخدام لازال راسخًا فى البنيان القانونى الدستورى.

لقد عادت الطوارئ إلى ثكناتها بأمر الشعب المصرى الذى جرى على لسان رئيسه، بعد أن أكدت الإرادة الشعبية أنها مناط التكليف الوحيد لحركة القيادة.