الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

الأمن المائى بمصر

الفقر المائى.. التحدى الطارئ للدولة والمواطن فى مصر

على مدى حوالى شهر، كان الوضع المائى فى مصر، وفى المنطقة العربية محور نقاش موسعا فى فعاليات ثلاثة مؤتمرات دولية، استضافتها القاهرة ومدينة دبي، فى ظل مجموعة من التحديات التى تواجه الأمن المائى لعدد من الدول العربية، وخصوصا فى مصر والسودان، إلى جانب البحث عن حلول ومصادر جديدة للموارد المائية.



أحدث هذه المؤتمرات، كان انعقاد الدورة الرابعة لأسبوع القاهرة للمياه الذى عقد بمشاركة أكثر من 1800 مشارك ومشاركة 50 من شركاء التنمية والمنظمات الدولية، وهو ما يعد أكبر حدث مائى محليا ودوليا، وسبق ذلك مؤتمران على المستوى العربي، الأول كان المنتدى العربى الخامس للمياه فى دبى نهاية سبتمبر بمشاركة نحو 700 من خبراء المياه والمسئولين، أما المؤتمر الثانى كان مؤتمر مجلس الوحدة الاقتصادية العربية بالتعاون مع المجلس العربى للمياه فى القاهرة عن «الأمن المائى العربى فى ظل ندرة المياه ..التحديات والفرص».

هذه المؤتمرات ناقشت قضايا المياه وتحدياتها، وعلى رأسها الوضع المائى فى مصر، واشتركت نقاشات وأوراق عمل هذه المؤتمرات حول 3 محاور رئيسية، الأول كان تحدى الفقر المائى أو ندرة المياه ومصادرها، والثانى تحدى دول المصب التى تشترك فى أنهار دولية بسبب إجراءات أحادية من بعض دول المنابع، كما هو الحال فى قضية سد النهضة، أما المحور الثالث فكان الحلول المقترحة وفرص تعظيم مصادر المياه فى ظل تحديات أصعب تتمثل فى النمو السكانى والتغيرات المناخية.. تفاصيل المحاور الثلاثة فى السطور التالية..

تحدى ندرة المياه أو الفقر المائى، أولى القضايا التى ناقشتها أوراق المؤتمرات الدولية للمياه، خلال الفترة الأخيرة، فى ظل مجموعة من المتغيرات التى تشهدها الدول العربية وعلى رأسها مصر، أبرزها الزيادة السكانية المستمرة والتغيرات المناخية.

وتعرف ندرة المياه عالميا عندما يكون نصيب الفرد أقل من 1000م3 سنويا من المياه، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، لكن فى مصر يبلغ نصيب الفرد من المياه سنويا 560م3 مما يضع مصر فى مصاف الدول التى تواجه ندرة مائية أو فى مرتبة الفقر المائى.

هذا الأمر كان حاضرا فى كلمات المسئولين عن الدولة المصرية، وأشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسى فى افتتاحية أسبوع القاهرة للمياه فى دورته الرابعة، حيث أشار الرئيس إلى أن أزمة المياه من أبرز التحديات الدولية الملحة بسبب الزيادة المطردة فى عدد سكان العالم مع ثبات مصادر المياه العذبة، فضلاً عن التدهور البيئى، وتغير المناخ، والسلوك البشرى غير الرشيد من خلال إنشاء مشروعات مائية غير مدروسة بدون مراعاة لأهمية الحفاظ على سلامة واستدامة الموارد المائية الدولية.

وأشار الرئيس السيسى إلى أن مصر تواجه تحديات جمة ومركبة، خصوصا أن نصيب الفرد من المياه فى مصر لا يتجاوز 560 متر مكعب سنوياً فى الوقت الذى عَرفت الأمم المتحدة الفقر المائى على أنه 1000 متر مكعب من المياه للفرد فى السنة، كما أن مصر هى أكثر الدول جفافاً فى العالم بأقل معدل لهطول الأمطار بين سائر الدول، مما يؤدى للاعتماد بشكل شبه حصرى على مياه نهر النيل التى تأتى من خارج الحدود، لذا تضع هذه المعادلة المائية الصعبة حالة مصر كنموذج مبكر لما يمكن أن يُصبح عليه الوضع فى العديد من بلدان العالم خلال المستقبل القريب، مع استمرار تحديات الندرة المائية.

تحديات الموارد المائية

نفس الشىء أشار إليه وزير الرى د. محمد عبد العاطى، حيث أوضح أن 97% من احتياجات مصر المائية من مياه نهر النيل، أى حصتها المائية التى تأتى من الخارج، فى ظل تحديات كثيرة منها النمو السكانى والتغيرات المناخية، التى أشارت الأمم المتحدة إلى أن التكاليف السنوية المقدرة للتكيف مع التغيرات المناخية فى الدول النامية تتراوح بين 140 و 300 مليار دولار سنويا بحلول 2030.

وأشار إلى أن الدولة المصرية فى سبيل مواجهة هذه التحديات اعتمدت خطة قومية لتعظيم مواردها المائية حتى 2037، بتنفيذ العديد من المشروعات القومية الكبرى فى إطار تنفيذ خطتها القومية للموارد المائية فى مجالات تحسين نوعية المياه وترشيد استخدامات المياه وتنمية الموارد المائية وتهيئة البيئة المناسبة، وتصل تكلفة تلك الخطة ما بين 50 و100 مليار دولار.

مصر الأكثر جفافاً

حديث الأرقام كان حاضرا خلال فعاليات المؤتمرات الدولية الثلاثة، خصوصا حول الوضع المائى فى مصر، والتى تعكس التحديات المائية التى تواجهها الدولة المصرية، حيث تعتبر مصر من أكثر الدول جفافا فى إفريقيا وعلى مستوى العالم، وتعتبر مصادر المياه محدودة جدا فى مصر، معظمها يأتى من خارج البلاد، فضلا عن التغيرات المناخية والبيئية.

ويقدر إجمالى موارد مصر المائية المتجددة نحو 56.8 مليار م 3 سنويا، 97.7% منها من مياه النيل، وتصل احتياجات مصر المائية للزراعة تقدر بما يقرب من 61 مليار متر مكعب سنويا، وفى المقابل يصل إجمالى الاحتياجات المائية فى مصر لحوالى 114 مليار متر مكعب سنويًا من المياه (حسب تصريح وزير الموارد المائية فى 28 مارس 2021)، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية فى الوادى والدلتا، بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنويًا من المياه.

وتمثل المحافظة على نوعية المياه أحد أهم التحديات التى تواجه قطاع المياه وخاصة مع اعتماد مصر بشكل أساسى على إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى لسد الفجوة بين الموارد المائية والاحتياجات.

وتعتبر تحلية مياه البحر من مصادر المياه غير التقليدية والتى تقدر بـ0.35 مليار متر مكعب/عام ، وحاليا تخطط الحكومة لتوسيع نطاق تحلية المياه من أجل سد النقص الحالى فى المياه حيث تبنت الدولة برنامجا طموحا لمضاعفة كميات المياه المحلاة لاستخدامها فى قطاع مياه الشرب باستثمارات تبلغ 135 مليار جنيه حتى عام 2020 – 2030.

تحدى النمو السكانى 

من التحديات الخاصة بالأمن المائى المصرى هو تحدى الزيادة السكانية، حيث زاد عدد السكان فى مصر من 22 مليون نسمة فى 1950، إلى أكثر من 100 مليون حاليا، ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد إلى 170 مليونا بحلول عام 2050، وبالتالى سيصاحبه ارتفاع احتياجات الفرد السنوية من المياه.

النمو السكانى أحد الأسباب الرئيسية لوصول الفرد لمستوى الفقر المائى فى مصر، وهو أقل من ألف متر مكعب سنويا، حيث وصل نصيب الفرد حاليا 560 م3 سنويا، ومن المتوقع بحلول 2025 الوصول لمستوى الشح المائى وهو 500 م3 سنويا للفرد.