السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

5 سنوات على تحرير سعر الصرف

500 مليار دولار تدفقات و22 مليار دولار ارتفاعًا فى الاحتياطى

تحّل يوم الأربعاء المقبل الموافق 3 نوفمبر ذكرى مرور 5 سنوات على تحرير سعر صرف الجنيه، ذلك القرار الذى أحدث تغيرًا جوهريًا فى الاقتصاد المصري، وكان بمثابة الانطلاقة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي، الذى فتح الأبواب نحو ارتفاع معدل النمو وتعزيز الثقة فى الاقتصاد بشكل غير مسبوق.



ولاقى قرار تحرير سعر الصرف الكثير من الإشادات الدولية، وعزز من ثقة المجتمع الدولى ومؤسسات التصنيف الائتمانى فى الاقتصاد المصرى، وضمن أهم المؤشرات القوية المترتبة على تحرير سعر الصرف، ارتفاع تدفقات النقد الأجنبى للبلاد خلال السنوات الخمس الماضية إلى ما يربو على 500 مليار دولار لأول مرة. 

تدفقات النقد الأجنبى

قال طارق عامر، محافظ البنك المركزي، فى تصريحات قبل أيام: إن تدفقات النقد الأجنبى على مصر، تجاوزت 500 مليار دولار خلال آخر 5 سنوات عقب قرار تحرير سعر الصرف وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى.

وأضاف عامر أن حجم التدفقات النقدية لم تكن تحدث إذا لم يتخذ الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارات الإصلاح الاقتصادى الجريئة فى 2016 بشجاعة وهى ما أدت إلى تحويل مسار الاقتصاد المصرى من مسار صعب لا نستطيع تحمله إلى مستقر حاليا.

وقد أسهم القرار فى ارتفاع تدفقات النقد الأجنبى إلى البنوك، بعد أن كانت السوق السوداء هى المسيطرة على التعاملات، لاسيما فيما يتعلق ببند تحويلات العاملين بالخارج، والذى كان يتحكم فيه بقوة أباطرة السوق السوداء داخل وخارج مصر، كذلك أسهم بقوة فى ارتفاع الاستثمارات الأجنبية فى الأوراق المالية وكذلك الاستثمارات المباشرة، إلى جانب أنه عزز قدرة البلاد على الحصول على تمويلات من مؤسسات التمويل الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي.

وأظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزى فى الأيام الماضية أن أداء معاملات الاقتصاد المصرى مع العالم الخارجى شهد تحسنًا خلال العام المالى الماضي.

وحقق ميزان المدفوعات فائضا كليًا نحو 1.9 مليار دولار مقارنة بعجز بلغ نحو 8.6 مليار دولار خلال العام المالى السابق 2019-2020 تأثرا بجائحة كورونا، بحسب بيانات المركزي.

وقال البنك المركزي بشأن أداء ميزان المدفوعات، إن هذا التحسن يثبت قدرة الاقتصاد المصرى على التعافى السريع من الأزمات التى قد تواجه الاقتصاد العالمي.

ارتفاع الاحتياطى النقدي

وترتب على تحرير سعر الصرف ارتفاع الاحتياطى النقدى للبلاد بشكل كبير، وخلال السنوات الخمس الماضية زاد الاحتياطى بما يقارب 22 مليار دولار ليسجل 40.8 مليار دولارًا بنهاية سبتمبر الماضى مقابل 19.04 مليار دولار فى نهاية اكتوبر 2016. 

وطبقًا لتصريحات محافظ البنك المركزي، فإنه قبل تحرير سعر الصرف وصل احتياطى النقد الأجنبى إلى 800 مليون دولار، باستثناء رصيد الذهب وبعض القروض فى الاحتياطى .

وأضاف أن 800 مليون دولار يتم صرفها فى أسبوع واحد، لأن احتياجاتنا من استيراد مواد خام بترولية تصل إلى 1.3 مليار دولار شهريًا، بجانب استيراد فاتورة بقيمة مليار دولار لحوم ومليار دولار دواجن ومليارى دولار قمح فضلا عن الذرة والأدوية.

أداء الجنيه أمام الدولار

ورغم أن قرار تحرير سعر الصرف قد أحدث حالة من الاضطراب للعملة خلال الشهور الأولى بعد القرار، إلا أن النتائج المترتبة على تحرير العملة ممثلة فى ارتفاع تدفقات النقد الأجنبى أسهمت فى تحسن واستقرار العملة عند حدود مقبولة، بل وإدراج الجنيه ضمن أفضل العملات أداءً أمام الدولار.

ولفت مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مؤخرًا إلى توقعات مؤسسة «فيتش سولوشنز» باستمرار تداول الجنيه المصرى ضمن نطاق ضيق على الأجل القصير، متوقعة أن تتراوح قيمة تداول الجنيه المصرى بين (15.50-15.80) جنيه على المدى القصير خلال 2021.

جاء ذلك فى الإنفوجرافيك الذى نشره مركز المعلومات اليوم حول توقعات «فيتش سولوشنز»، الصادرة فى أغسطس الجاري، حول أداء الجنيه المصري؛ تحت عنوان توقعات فيتش باستقرار قيمة الجنيه المصرى فى 2021».

وأشادت«فيتش» بنجاح البنك المركزى المصرى فى تكوين احتياطيات من العملات الأجنبية، والحفاظ على استقرار سعر الصرف؛ بما يعكس فعالية التدخلات الاستباقية للبنك.

كما توقعت فيتش أن يُسهم كلٌّ من: تحويلات العاملين بالخارج، والانتعاش التدريجى فى السياحة، وقروض صندوق النقد الدولى فى توفير الدعم اللازم للجنيه المصري؛ حيث شهدت تدفقات تحويلات العاملين بالخارج زيادة مستمرة بنسبة 10% طوال فترة تفشى كورونا فى 2021/2020.

وجاء فى التقرير أن الجنيه المصرى أفضل عملات الأسواق الناشئة أداءً أمام الدولار خلال الفترة من 30/6/2017 وحتى 28/7/2021 بنسبة تحسن بلغت 13.1%، كما تحسن الدولار التايوانى الجديد بنسبة 8 %، والكرونة التشيكية بنسبة 5.6%، واليوان الصينى بنسبة 4.3%، والبات التايلندى بنسبة 3.3%.

أهم خطوات الإصلاح الاقتصادي

وذكرت دراسة اقتصادية حديثة أن قرار تحرير سعر الصرف الذى اتخذه البنك المركزى فى نوفمبر 2016 ، يمثل أهم خطوة فى خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى طبقته مصر منذ ذلك الحين وفى السنوات التالية، والذى كان نقطة الانطلاق للاقتصاد المصرى نحو النهوض والتعافى وأيضًا التصدى للأزمات التى واجهها الاقتصاد العالمى وآخرها أزمة تفشى فيروس كورونا.

وقالت الدراسة التى أعدها الخبير المصرفى أحمد شوقى: إن الهدف الرئيس من قرار تحرير سعر الصرف فى الثالث من نوفمبر 2016 كان ضبط منظومة أسعار صرف الجنيه، والتى تمثل أحد أهم إجراءات عمليات الإصلاح الاقتصادى وعصب برنامج الإصلاح، والتى أسهمت فى تحقيق العديد من المكاسب والإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري، وأهمها المساهمة الحقيقية فى القضاء على عمليات المتاجرة فى العملات الأجنبية خارج القطاع المصرفى بالسوق الموازي، وكبح جماح الآثار السلبية للسوق السوداء، التى أثرت بشكل ملموس على القطاعات الاقتصادية كافة.

وأضافت أن قرار تحرير سعر الصرف مهد الطريق أمام تقديم البنك المركزى للمزيد من التيسيرات النقدية للاقتصاد، ومنها إجراءات خفض الفائدة المتتالى ومبادرات دعم الاقتصاد التى عززت الانتاج المحلى والتصدير وأسهمت فى زيادة تدفقات النقد الأجنبى إلى مصر، ما أسهم أيضًا فى خفض معدلات التضخم من مستويات مرتفعة بعد قرار التحرير وصلت إلى قرب 35% إلى مستويات منخفضة جدا بنهاية الربع الثالث من 2020 لا تتجاوز 4 فى المائة.

ورصدت الدراسة تطور حركة الجنيه المصرى منذ تحرير سعر الصرف فى خمس مراحل، أولها مرحلة الاضطراب (2016)، إذ شهد الشهرين المتبقيين من عام 2016 اضطرابًا شديدًا ما بين ارتفاع وانخفاض، إذ قفز سعر الدولار أمام الجنيه المصرى يوم قرار التعويم بنسبة 52% ليصل سعر الدولار شراء 13.53 جنيه مصرى مقابل 8.85 جنيه مصري، وارتفع سعر الدولار ليصل إلى 17.76 جنيه بنهاية شهر نوفمبر 2016 مسجلاً ارتفاعًا قدره 100% عن السعر المعلن بالبنك المركزى المصرى فى 3/11/2020، ثم ارتفع سعر الدولار الأمريكى مرة أخرى فى 20 ديسمبر 2016 ليصل لأعلى سعر له مسجلاً 19.13 جنيه مصري.

وأشارت إلى أن المرحلة الثانية تمثلت فى مرحلة التحسن التدريجى (2017)، إذ بدأ سعر الجنيه المصرى فى التحسن التدريجى منذ أواخر عام 2016 ومع بداية العام 2017 حتى وصل سعر الدولار (شراء) 17.68 أمام الجنيه المصرى مقارنة بأعلى نقطة 19.13 جنيه فى عام 2016 وبنسبة تحسن 7.6% وبقيمة انخفاض فى سعر الدولار أمام الجنيه قدرها 1.45 جنيه.

فيما شهدت المرحلة الثالثة، خلال عام 2018 استقرارًا نسبيًا لسعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكى مع ارتفاع نسبى بسيط ليصل سعر الدولار أمام الجنيه المصرى بنهاية عام 2018 إلى 17.86 جنيه مصرى وبزيادة قدرها 18 قرشًا وبنسبة قدرها نحو 1.5%، لتأتى بعد ذلك المرحلة الرابعة وهى مرحلة التعافي(2019).

حيث شهد بدء تعافى الاقتصاد المصرى والتحول الحقيقى نحو النمو، حيث حقق الاقتصاد المصرى فائضًا أوليًا لأول مرة يصل إلى 2% من الناتج المحلى الإجمالى فى العام 2018/2019، وفائضًا مبدئيًا بالعام المالى 2019/2020 والذى يعد من أعلى معدلات النمو بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مقارنة بالأعوام السابقة، والتى كانت تمثل أغلبها عجزًا بمتوسط قدرة -3.5%. وتحسن أداء الجنيه المصرى أمام الدولار بنسبة 10.5% بقيمة قدرها 1.88 جنيه ليصل سعر الدولار الأمريكى بنهاية العام 2019 عند 15.99 جنيه مصرى للشراء.

وتعد المرحلة الخامسة 2020 مرحلة الاختبار الحقيقى, حيث استمر تحسن أداء الجنيه المصرى أمام الدولار الأمريكى خلال أول شهرين استكمالاً لمرحلة جنى ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادى وبنسبة تحسن تصل إلى 3% وبقيمة قدرها 45 قرشًا، ليصل سعر الدولار للشراء إلى 15.54 جنيه مصري، ومع بدء انتشار أزمة فيروس كورونا فى مارس 2020، والتى أصابت أسواق العملات الناشئة بتدهور حاد مع توقع بحالة من الركود للاقتصاد العالمى من قبل صندوق النقد الدولي، إلا أن أداء الجنيه المصرى تأثر بنسبة طفيفة جدًا، إذ ارتفع سعر الدولار أمام الجنيه بقيمة قدرها 15 قرشًا وبنسبة لم تصل إلى 1%.

وأوضحت الدراسة أنه مع بدء تطبيق الإجراءات الاحترازية من البنك المركزى فى 15 مارس 2020 استقر سعر الدولار (للشراء) لمدة شهرين كاملين عند 15.69 جنيه مصري، ثم شهد حالة من الارتفاع والانخفاض بمتوسط قدره 15 قرشًا خلال الفترة من 15 مايو حتى الآن، ليصل سعر الدولار الأمريكى إلى  15.65 جنيه مصرى متراجعًا مرة أخرى عن السعر السارى قبل بدء تطبيق الإجراءات الاحترازية من البنك المركزى المصرى فى 15 مارس، والتى كانت 15.69 جنيه مصرى فى حينه.