السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

فى الذكرى الــ 123 لميلاده

«ناجى».. شاعر الأطلال وطبيب الفقراء

تمر بنا هذه الأيام ذكرى ميلاد الشاعر الدكتور إبراهيم ناجى صاحب القصيدة الخالدة للسيدة أم كلثوم «الاطلال»، والذى ولد فى حى شبرا بالقاهرة فى اليوم الحادى والثلاثين من شهر ديسمبر فى عام 1898، وكان والده مثقفًا مما أثر كثيرًا فى تنمية موهبته وصقل ثقافته، وقد تخرج الشاعر من مدرسة الطب فى عام 1922، وعين حين تخرجه طبيبًا فى وزارة المواصلات، ثم فى وزارة الصحة، ثم مراقبًا عامًا للقسم الطبى فى وزارة الأوقاف. - وقد نهل من الثقافة العربية القديمة فدرس العروض والقوافى وقرأ دواوين المتنبى وابن الرومى وأبى نواس وغيرهم من فحول الشعر العربى، كما نـهل من الثقافة الغربية فقرأ قصائد شيلى وبيرون وآخرين من رومانسيى الشعر الغربى. بدأ حياته الشعرية حوالى عام 1926 عندما بدأ يترجم بعض أشعار الفريد دى موسييه وتوماس مور شعرًا وينشرها فى السياسة الأسبوعية، وانضم إلى جماعة أبولو عام 1932م التى أفرزت نخبة من الشعراء المصريين والعرب استطاعوا تحرير القصيدة العربية الحديثة من الأغلال الكلاسيكية والخيالات والإيقاعات المتوارثة. - وقد تأثر ناجى فى شعره بالاتجاه الرومانسى كما اشتهر بشعره الوجدانى، وكان وكيلًا لمدرسة أبوللو الشعرية ورئيسًا لرابطة الأدباء فى مصر فى الأربعينيات من القرن العشرين. وقد قام ناجى بترجمة بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان أزهار الشر، وترجم عن الإنكليزية رواية الجريمة والعقاب لديستوفسكى، وعن الإيطالية رواية الموت فى إجازة، كما نشر دراسة عن شكسبير، وقام بإصدار مجلة حكيم البيت، وألّف بعض الكتب الأدبية مثل مدينة الأحلام وعالم الأسرة وغيرهما. - واجه نقدًا عنيفًا عند صدور ديوانه الأول من العقاد وطه حسين معًا، ويرجع هذا إلى ارتباطه بجماعة أبولو، وقد وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى الخلاء فيأخذه البرد من جوانبه، وقد أزعجه هذا النقد فسافر إلى لندن وهناك دهمته سيارة عابرة فنقل إلى مستشفى سان جورج وقد عاشت هذه المحنة فى أعماقه فترة طويلة حتى توفى فى الرابع والعشرين من شهر مارس فى عام 1953. ولد عام 1898م، وذلك فى حى شبرا فى القاهرة، وكان يطيب لناجى التريض فى حقول شبرا التى ترويها الترعة البولاقية، كان والد إبراهيم ناجى مثقفًا، مما ساعده على نجاحه فى عالم الشعر والأدب، وقد تخصص الشاعر فى مجال الطب ومن بعدها عيّن مراقبًا للقسم الطبى فى وزارة الأوقاف. وتوفى عام 1953، فى عيادته فى شارع ابن الفرات بشبرا، عن 55 عامًا.



 

حياته العلمية

 

عام 1922 تخرج فى مدرسة الطب السلطانية، وعين فى القسم الطبى لمصلحة السكك الحديدية بمدينة سوهاج بصعيد مصر، وافتتح أيضا عيادة هناك، واشتهر بأنه كان يعالج مرضاه الفقراء بالمجان. ونقل من سوهاج إلى المنيا وافتتن بهذه المديرية التى عاش فيها «إخناتون» فترة من الزمن، ومنها صدرت دعوته إلى التوحيد قبل الأديان بزمان، ومن المنيا نقلوه إلى مدينة الصبا والجمال «المنصورة» فى دلتا مصر عام 1927، وهناك التقى الشعراء الأربعة الذين انضموا فيما بعد إلى جماعة «أبولو» «على محمود طه وعبد المعطى الهمشرى وصالح جودت وإبراهيم ناجى»، كان الشعراء الأربعة يلتقون فى موقع بين النيل والجزيرة الرملية أطلقوا عليه «صخرة الملتقى»، ومنها أرسل على محمود طه إلى جريدة «السياسة الأسبوعية» التى كان يرأس تحريرها «د.محمد حسين هيكل»، ويشرف على التحـرير «د.طه حسين»، ونشرت الجريدة قصيدة على محمود طه، ثم نشرت قصيدة لإبراهيم ناجى فى 6 أغسطس عام 1927 بعنوان «صخرة الملتقى»، ونقل إلى القاهرة ليهمل بالمستشفى التابع لوزارة الأوقاف، وعين رئيسًا للقسم الطبى بوزارة الصحة، ووضعوا على باب مكتبه جنود الحراسة، وذات يوم ذهب لزيارته ناظر مدرسته القديمة، فمنعه الجندى الواقف على الباب، وكتب الناظر بسرعة ورقة وافق الجندى أن يسملها لحضرة الحكيمباشى «ناجى»، ولم يكن الجندى يعرف القراءة، وكان الناظر قد كتب فى الورقة البيت التالي: صد ببابك يا أهل الوفا وقفا قد عاقه عند «نطع»، ووقف «قفا»، فأغرق «ناجي» بالضحك، وخرج يستقبل الناظر وأغرق الإثنان فى الضحك.

 

الجانب الوطنى

 

على الرغم من المساحة العاطفية الواسعة التى احتلت غالبية قصائد ناجى، وعلى الرغم من أن ملهمته قد احتلت قسمًا كبيرًا من شعره العاطفى، وقد بدأه معها وهو فى الخامسة عشرة من عمره. كلانا عليل فلا تجزعى ودمعك تسبقه أدمعى وإن كان بين ضلوعك نار فنار المحبة فى أضلعى ودارت الأيام والتقى بملهمته فى كهولته، وكان كل منهما قد صار فى طريق فأنشد وكان ذا مقدرة فائقة فى إرتجال الشعر: ذهب الشاب فجئت بعد ذهابه وتتركين ما أطفأته بيديك ما تلتقى عينى بعينك لحظة لا رأيت صباى فى عينيك، وعلى الرغم مما قاله «نعمان عاشور»، وكان قد اتصل بإبراهيم ناجى فى أعقاب الحرب العالمية الثانية: «كان ناجى كلما رأى امرأة وقع فى حبها.. فالحب عنده كان كما يقول «كامل الشناوى» مثل قزقزة اللب، وكان الشناوى كذلك»، على الرغم من هذا كله فقد كان «إبراهيم ناجى» شاعرًا وطنيًا: يا أمة نبتت فيها البطولات لا مصر عانت ولا الأبطال وكتب «ناجى» قصيدة «بطل الأبطال» بمناسبة استشهاد «عبدالحيكم الجراحى وعبدالمجيد مرسى» فى مظاهرات 1935، ووصف مظاهرات فبراير 1946 ويوم 21 فبراير، وكتب قصيدتى «أعاصير مصرية» و«تحية لمصر». وأخيرًا مات الشاعر لاعب الشطرنج الماهر «الدكتور إبراهيم ناجي»، وقال عنه الكثيرون: «أبرز وألمع شعرائنا المحدثين وأستاذهم جيمعًا»، «وعلمنا أن الفنان العظيم ينبغى أن يكون إنسانًا عظيمًا».