الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

مصر والجزائر تحالف استراتيجى يعزز وحدة الصف العربى والإفريقى

استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، بقصر الاتحادية الرئيس عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية، حيث أجريت مراسم الاستقبال الرسمى، وتم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف.



وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية، إن الرئيس عقد جلسة مباحثات ثنائية مع نظيره الجزائرى، أعقبتها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدى البلدين، حيث رحب الرئيس بزيارة أخيه الرئيس تبون ضيفًا عزيزًا على مصر، لا سيما فى ظل هذا التوقيت الدقيق الذى تشهد فيه المنطقة العديد من التطورات المتلاحقة، معربًا عن التقدير والمودة التى تكنها مصر قيادةً وشعبًا للأواصر التاريخية الوثيقة التى تجمع بين البلدين الشقيقين.

كما أكد الرئيس، أهمية استمرار وتيرة التشاور والتنسيق الدورى والمكثف بين مصر والجزائر حول القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك على أعلى مستوى، بما يعكس التزام البلدين بتعميق التحالف الاستراتيجى الراسخ بينهما، ويعزز من وحدة الصف العربى والإفريقى المشترك فى مواجهة مختلف التحديات التى تتعرض لها المنطقة فى الوقت الراهن.

من جانبه؛ أعرب الرئيس الجزائرى عن تقديره لحفاوة الاستقبال، مؤكداً أن زيارته الحالية لمصر تأتى استمراراً لمسيرة العلاقات المتميزة التى تربط البلدين الشقيقين وما يجمعهما من مصير مشترك ومستقبل واحد، ودعمًا لأطر التعاون الثنائى على مختلف الأصعدة، موضحًا تطلعه لأن تضيف هذه الزيارة زخمًا إلى الروابط المتينة والممتدة التى تجمع بين الدولتين على المستويين الرسمى والشعبى.

وذكر المتحدث الرسمى أن المباحثات، تطرقت إلى سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين على كل الأصعدة، حيث تم الإعراب عن الارتياح لمستوى التعاون والتنسيق القائم بين الدولتين، مع تأكيد أهمية دعمه لصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وذلك بالاستغلال الأمثل لجميع الفرص المتاحة لتعزيز التكامل بينهما، فضلاً عن البناء على ما يتحقق من نتائج إيجابية خلال الزيارات المتبادلة بين كبار المسئولين بالدولتين، وكذا الاستعداد لعقد الدورة المقبلة للجنة العليا المشتركة على مستوى رئيسى الوزراء بالبلدين فى أقرب وقت، خاصةً وأن الدورة الأخيرة كانت قد عقدت عام ٢٠١٤ فى القاهرة.

وشهدت المباحثات تبادل الرؤى بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث توافقت رؤى الجانبين بشأن ضرورة تعزيز الجهود المشتركة والتنسيق الحثيث بين البلدين الشقيقين تجاه التطورات المتلاحقة التى يشهدها حالياً محيطهما الجغرافى، وذلك كدعامة أساسية لحماية الأمن القومى العربى والأفريقي،علاوة على التأكيد على الشراكة الاستراتيجية بين مصر والجزائر فى إطار جهود مكافحة الإرهاب وكافة أشكال الجريمة المنظمة على المستوى الإقليمى، خاصةً عن طريق التعاون والتنسيق العسكرى والمعلوماتى فى منطقة الساحل، وذلك فى ضوء أن مصر والجزائر يواجهان نفس التحديات ويتشاركان نفس الرؤية فى هذا الصدد، والتى تقوم على أهمية العمل على توفير الأمن والتنمية الاقتصادية فى المنطقة، فضلاً عن تضافر جهود المجتمع الدولى من أجل التوصل إلى تسويات سياسية للأزمات التى تشهدها بعض دول المنطقة، بما يحافظ على وحدة أراضى تلك الدول ويصون سيادتها ومقدرات شعوبها.

وتم فى هذا الإطار التطرق إلى آخر تطورات الملف الليبي، حيث توافق الرئيسان على تكثيف تنسيق الرؤى والمواقف إزاء آليات حلحلة الأزمة الليبية، لاسيما مع حساسية الوقت الراهن، أخذاً فى الاعتبار أهمية الاستمرار فى دعم كافة الجهود الرامية لاستقرار ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، مع التأكيد فى هذا الإطار على ضرورة العمل على تثبيت وقف إطلاق النار، وإخراج كل القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضى الليبية، خاصةً مع ما يمثله ذلك الأمر من تأثير مباشر على الأمن القومى المصرى والجزائرى، فضلاً عن الدفع نحو إنهاء المرحلة الانتقالية وعدم السماح بإفشال تطلعات الشعب الليبى الشقيق فى هذا الصدد، من خلال إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

كما تم أيضًا تناول موضوع مياه النيل، وآخر المستجدات فيما يتعلق بمفاوضات سد النهضة، حيث تم التوافق حول أهمية التوصل إلى اتفاق قانونى عادل ومتوازن وملزم حول ملء وتشغيل السد، بما يحقق مصالح الدول الثلاث، ويحافظ على الاستقرار الإقليمى، مع التأكيد على ضرورة إبراز حسن النية والإرادة السياسية اللازمة من كافة الأطراف فى المفاوضات.

وخلال اللقاء تم التباحث بشأن مستجدات القضية الفلسطينية، حيث ثمن رئيس الجزائر الجهود المصرية فى هذا الإطار، خاصةً ما يتعلق بتثبيت وقف إطلاق النار بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، بينما أكد الرئيس أن جهود مصر تنبع من مسئولية مصر الإقليمية والتاريخية تجاه القضية الفلسطينية، وتم التوافق بين الرئيسين على أهمية الانخراط فى مسار التسوية السياسية للوصول إلى حل عادل شامل ودائم للقضية وفقاً للمرجعيات الدولية.

وعقب القمة عقد الرئيسان، مؤتمرًا صحفياً مشتركاً، حيث رحب الرئيس السيسى، فى كلمته، بأخيه عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية الجزائرية، قائلاً: «إنه لمن دواعى سرورى أن أرحب بالرئيس عبدالمجيد تبون فى أول زيارة رسمية له إلى بلده الثانى مصر، متمنيًا له إقامة طيبة وسعيدة، وأغتنم هذه المناسبة لأعرب عن تقدير مصر البالغ للروابط التاريخية العميقة التى تجمعها مع الجزائر فى ظل علاقات الأخوة بين الشعبين الشقيقين ووحدة مصيرهما وأهدافهما المشتركة».

وأضاف:» لقد أجريت مع الرئيس تبون مباحثات مكثفة وبناءة تناولنا خلالها مختلف الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية ذات الاهتمام المتبادل بين البلدين، وقد عكست المشاورات إرادتنا السياسية المشتركة نحو تعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين والارتقاء بها فى مختلف المجالات إلى آفاق أرحب، وذلك من خلال تفعيل أطر التعاون وآليات التشاور والتنسيق على كل المستويات، أخذاً فى الاعتبار التحديات المشتركة التى تواجه مصر والجزائر ومنها تحقيق التنمية الشاملة، ومواجهة التدخلات الخارجية فى المنطقة، ومكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، وصون مفهوم الدولة ودور مؤسساتها الوطنية».

وتابع السيسى: «وفى هذا السياق، فقد توافقنا على ما يلى: أولاً.. تطوير التعاون فى المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية، وتذليل أية عقبات فى هذا الخصوص، بما يحقق أهداف التنمية الشاملة فى البلدين ويعظم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين، علاوة على توجيه الأجهزة المعنية فى البلدين بسرعة بدء إجراءات الإعداد لعقد الدورة المقبلة لكلٍ من اللجنة العليا المشتركة وآلية التشاور السياسي، بما يخدم جهود دعم العلاقات وتعميق الشراكة الثنائية بين البلدين، وتعزيز أطر التعاون والتنسيق إزاء كل القضايا ذات الاهتمام المشترك».

واستطرد:» كما توافقنا على استمرار التعاون المكثف فى مجال مكافحة الإرهاب بكافة أشكاله وصوره وضرورة تبنى المجتمع الدولى لمقاربة شاملة للتصدى للإرهاب بمفهومه الشامل ومختلف أبعاده الأمنية، والاقتصادية، والاجتماعية، والفكرية، إلى جانب مواصلة مواجهة جميع التنظيمات الإرهابية بدون استثناء أو تفرقة، وتكثيف الجهود لتقويض قدراتها على استقطاب أو تجنيد عناصر جديدة، وتجفيف منابع تمويلها، وقد ثمنت فى هذا السياق جهود الجزائر فى مكافحة الإرهاب فى منطقة الساحل والصحراء فى ظل التحديات بتلك المنطقة».

وأردف السيسى: «على جانب آخر، تناولنا آخر المستجدات المطروحة على الساحة العربية، حيث توافقنا فى الرؤى على أهمية دفع آليات العمل العربى المشترك بما يهدف إلى صون الأمن القومى العربى، وحماية وحدة وسيادة مقدرات الدول العربية، ولا يفوتنى فى هذا الصدد أن أعرب عن خالص تمنيات مصر للجزائر الشقيق بالتوفيق والنجاح فى رئاسة القمة العربية المقبلة»، متابعًا:» وقد بحثنا آخر تطورات القضية الفلسطينية والجهود المبذولة لحفظ حقوق الشعب الفلسطينى الشقيق وتحقيق تطلعاته فى دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، كما تناولنا مستجدات الأزمة الليبية حيث توافقنا فى الرؤى على ضرورة عقد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن، وخروج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب بدون استثناء وفى مدى زمنى محدد تنفيذًا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومخرجات مسارى باريس وبرلين، وبما يعيد ليبيا إلى الليبيين ويحقق وحدتها وسيادتها واستقرارها».

واستطرد الرئيس: «من ناحية أخرى، فقد تناولنا قضية الأمن المائى المصرى كونه جزءاً من الأمن القومى العربي، وتوافقنا على ضرورة الحفاظ على الحقوق المائية لمصر باعتبارها قضية مصيرية، وقد ثمن الرئيس تبون من جانبه الجهود التى تبذلها مصر للتوصل إلى اتفاق شامل ومنصف بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة»، موضحًا: «كما اتفقنا على تعزيز جهودنا على الساحة الإفريقية فى ظل الدور المهم الذى تضطلع به كل من مصر والجزائر فى هذا الشأن، واستمرار التنسيق والتعاون فى إطار الاتحاد الإفريقى، ومواصلة جهود دعم بنية السلم والأمن والتنمية فى القارة الإفريقية بما يمكنها من تجاوز أى تحديات تواجهها، وتحقيق الرخاء والاستقرار لسائر أبناء قارتنا الإفريقية».

وفى ختام كلمته قال: «الرئيس عبدالمجيد تبون لقد أسعدنى لقاؤكم، وإننى لأتطلع إلى المزيد من التعاون الوثيق بين بلدينا بما يحقق مصالح شعبينا الشقيقين ويلبى تطلعاتهما، متمنيًا للجزائر كل الخير والاستقرار والرفاهية تحت قيادتكم الحكيمة، وأجدد ترحيبى بكم فى بلدكم الثانى مصر».