الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد

ياسر رزق.. مؤرخ اللحظات الحرجة فى تاريخ مصر

«الجورنالجى» من يكتب.. لا يموت

المبدعون يرحلون سريعًا، إذ يحملون على عاتقهم هموم الوطن، فتتأثر قلوبهم، تاركين كلماتهم وإبداعاتهم لتخلد ذكراهم إلى الأبد، وهذا ما حدث مع الكاتب الصحفى الكبير ياسر رزق رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم السابق، الذى غيبه الموت صباح أمس عن عمر يناهز الـ58عامًا إثر تعرضه لأزمة قلبية مفاجئة ألمت به فى الساعات الأولى من صباح اليوم، وذلك بعد مسيرة مميزة من العمل الصحفى، حيث كان شاهدًا على أحداث 25 يناير وثورة 30 يونيو، وهو ما سجله فى كتابه الصادر حديثًا «رياح الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص»، ليكون مرجعية للأجيال الحالية والقادمة لمعرفة كواليس ما حدث خلال هذه الفترة بدقة بالغة لا تخلو من الموضوعية.



محطات فى حياة الراحل

ولد ياسر رزق فى محافظة الإسماعيلية عام 1965، وتخرج فى كلية الإعلام جامعة القاهرة عام 1986، وبدأ عمله الصحفى فى مؤسسة أخبار اليوم لمدة 30 عامًا، وذلك منذ أن كان طالبًا فى السنة الأولى بكلية الإعلام، إذ تنقل بين أقسام متعددة لصحيفة «الأخبار»، قبل أن يعمل محررًا عسكريًا وكان أصغر محرر عسكرى فى ذلك الوقت، ثم عمل مندوبًا للصحيفة فى رئاسة الجمهورية حتى 2005، وهو العام الذى شهد توليه، ولأول مرة، منصب رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون الحكومية أيضًا.

بعد 6 سنوات قضاها فى إدارة شئون المجلة الصادرة عن «ماسبيرو»، عاد «رزق» إلى مؤسسة أخبار اليوم مرة أخرى، لكن كرئيس لتحرير صحيفتها اليومية، وذلك فى 18 يناير 2011، أى قبل نحو أسبوع من أحدث «25 يناير»، واستمر فى قيادة العمل بها بنجاح تمكن خلاله من رفع توزيعها، حتى تمت «الإطاحة» به من رئاسة تحريرها، على يد المجلس الأعلى للصحافة، الذى كان له صبغة «إخوانية»، آنذاك.

للمرة الأولى بعيدًا عن كنف الصحافة الحكومية، انتقل ياسر رزق إلى الصحافة الخاصة والمستقلة، بعد اختياره من قِبل مجلس أمناء مؤسسة «المصرى اليوم» فى 22 أغسطس 2012، رئيسًا لتحرير صحيفتها اليومية، ليستمر على مقعد رئاسة تحريرها لمدة سنة و3 أشهر، حتى عاد «رزق»، لبيته مرة أخرى، لكن هذه المرة رئيسًا لمجلس إدارة «أخبار اليوم».

 كتاب سنوات الخماسين

وصدر حديثًا له كتاب «سنوات الخماسين.. بين يناير الغضب ويونيو الخلاص»، والذى تضمن رصدًا دقيقًا وموضوعيًا لأحداث حقبة هى الأصعب فى تاريخ مصر الحديث، والذى يتناول فيه الفترة منذ أحداث يناير 2011 يناير وحتى يونيو 2013 ويعد هذا الكتاب جزءًا أول من ثلاثية عن «الجمهورية الثانية»، وقدم الكاتب الصحفى ياسر رزق إهداءً فى أول أوراق الكتاب إلى الشعب المصرى، وقال: «إلى شعب عظيم لا يرضخ لظلم، ولا ينحنى لعاصفة، ولا يركع إلا لرب العباد».

يناير الغضب ويونيو الخلاص 

منذ اندلاع أحداث 25 يناير 2011 وحتى ثورة 30 يونيو 2013، ومعلومات ومواقف يُكشف عنها للمرة الأولى يروى الكاتب الراحل من موقع الشاهد بحكم عمله الصحفى وقربه وصلاته الوثيقة بدوائر صناعة القرار إبان تلك الفترة الحرجة من تاريخ البلاد، إذ عرض فى مؤلفه الذى يمثل الجزء الأول من ثلاثية عن «الجمهورية الثانية»، يعكف على وضعها والانتهاء منها، لمقدمات ومجريات أحداث يناير، معتبرًا أنها أسقطت «الجمهورية الأولى» التى قامت فى يونيو 1952 إثر زوال الحكم الملكى لأسرة محمد على.

الراحل ياسر رزق رصد وقائع مرحلة الانتقال الأولى، حين تولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة الدولة التى كانت تترنح فى ذلك الوقت بفعل ثورة ومتغيرات إقليمية ومخططات قوى كبرى أرادت تغيير خريطة منطقة الشرق الأوسط بحراب أبنائها.

وانتقل الكاتب - فى مؤلفه الذى يؤكد أنه ليس محاولة لكتابة تاريخ وإنما لقراءة حاضر - من لحظة التنحى ليعرض إرهاصات الحراك الشعبى الذى دفع الرئيس الراحل حسنى مبارك إلى التخلى عن الحكم، والتى يلخصها فى تفاقم الأزمات المعيشية، إلى جانب رفض الشعب والمؤسسة العسكرية لمشروع توريث الحكم من الأب الرئيس إلى ابنه الأصغر جمال، والذى كان يتم الإعداد له وفق سياق ممنهج. 

الوصية الأخيرة 

كشف كاتب صحفى مقرب من ياسر رزق، عن التفاصيل الأخيرة فى حياة الراحل ووصيته الأخيرة، وقال الكاتب الصحفى شريف عارف، إن الكاتب الصحفى ياسر رزق توفى فى المستشفى الذى كان يعالج فيه، قبل أن يتم نقل جثمانه إلى منزله، مؤكدًا أن وصيته الأخيرة قبل وفاته هى دفنه وتشييع جثمانه بمسقط رأسه محافظة الإسماعيلية بجوار والده.

ويقام عزاء الراحل الأحد القادم من مسجد المشير طنطاوى، فيما تقام صلاة الجنازة اليوم الخميس عقب صلاة الظهر بمسجد المشير.