الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
احمد باشا

بريد روزا

من حكم فى ماله فما ظلم

تحية وتقدير من القلب لبريد روزا وبعد..



أنا رجل تخطيتُ الستين من عمري، حاصل على مؤهل عالٍ، خضتُ رحلة طويلة من الكفاح مع زوجتى رحمها الله، من أجل توفير حياة كريمة لابنينا التوأم،، رُزقنا بهما بعد صبر وزيارات عديدة للأطباء، حياتى تنقسم لشقين، الأول عندما اضطررتُ للسفر من أجل العمل بإحدى دول الخليج، والعودة كل عام لمدة شهر واحد يراودنى خلاله الأمل فى تحقيق أغلى أمنية يتمناها كل زوجين من الدنيا وهى البنون، أما المال فلم يكن فى حساباتي، إلا من أجل توفير نفقات الأدوية باهظة الثمن التى وُصِفَتْ لشريكة حياتى بشكل دورى ومنتظم، عدتُ بعد خمس سنوات من الغربة لضرورة البقاء بمصر فترة أطول لحدوث المراد وهو حمل زوجتي، بعد استقرارى وتوكلى على الله بدأتُ فى تدشين مشروعًا تجاريًّا كان فاتحة خير علينا، رزقنى الله بأبنائى وقرة عينى وربحتْ تجارتى وتوسعتْ - لكن بعد مرور ٧ سنوات أتتْ الرياح بما لا تشتهى السفن وماتت زوجتي، قبل أن تفرح بابنيها، قررتُ عدم الزواج والاستمرار فى رحلتى وحيدًا من أجلهما، ركزتُ فى تجارتى وكسبتُ ثقة كل من حولي، لم أبالِ بكل الأصوات التى تطالبنى بالزواج بعد رحيل شريكة عمري، مرت السنين وكبر أبنائى وتخرج الأول من كلية الصيدلة، وعمل بإحدى الشركات الكبرى، أما الابن الثانِ فهو يعمل محاسبًا ويدير شركتنا التجارية التى ترتفع أسهمها فى السوق يومًا بعد يوم، شيدتُ منزلًا يجمعنى بأبنائي، ولكلا منهما طابقٌ يعيش فيه مع زوجته وأسرته،، مشكلتى الآن هى مَنْ تمثل الشق الثانِ المؤرق فى حياتي، بسبب زوجة ابنى الذى يعمل معي، كانت زميلته بالجامعة وطلب أن يتزوجها ولم أمانع، رغم مبالغة والدها فى طلباته لإتمام تلك الزيجة اللعينة، إنسانة صعبة لا تساعدنى فى شيء عن طيب خاطر، وتدفعنى بقسمات وجهها القاسية وتذمرها فى توفير بعض احتياجاتى البسيطة، مثل شراء الدواء أو إعداد نوعًا معينًا من الطعام يتناسب مع ظروفى الصحية، وما إلى ذلك، عكس زوجة ابنى الآخر التى تتقرب منى وتشعرنى بأنها ابنتى التى لم أنجبها، لا تتوانى فى خدمتى بأصالة الزوجة المصرية وعطائها المشهود به فى كل الاتجاهات، وأنا أعرف تمامًا بأن كلاهما غير مُطَالب بخدمتى - لكن هناك فرقًا بين أن تشعر بأنك تعيش فى بيتك وسط أهلك، وبين أن تكون مغتربًا بمشاعرك الحبيسة، عندما تضيق قلوب بعضهم ولا تتسع لاحتوائك. وجدتُ نفسى لا إراديًا أحبذ تقدير من أحسنتْ لى وهى زوجة ابنى الصيدلي، فأصبحتُ أهاديها بالحلى وبعض الملابس بروح الأب العاشق لعطاء ابنته البارة، أما الأخرى فأتركها لزوجها يقدرها كيفما يشاء، بعد أن تسرب لى شعورٌ بالإحباط من فشله فى تغيير أخلاقها، وتيقنى من ذلك بمشاهدة ردود أفعالها وتمعضها فى تأدية أبسط الخدمات لى - فقط يكتفى بمحاولة تلطيف الأجواء، منذ عدة أيام وبينما كنت عائدًا من خارج البيت مع زوجة ابنى الطيبة المعطاءة وأحفادي، وقد اشتريت لهم بعض الملابس، قابلتنا الأخرى بالشارع ورمقتنى بنظرة حادة بها تعالٍ وبُغض لا يوصف، ثم ذهبتْ لزوجها واشتكتْ له تفضيلى أبناء شقيقه وزوجته عليها، وعلمها بأننى أهاديها وأقدرها وحدها، فاعترفتُ لابنى بذلك، وأخبرته بأنها لا تستحق مبادلة جفائها معى بحب وألفة، لكننى وجدت ابنى يتحول فى التعامل معى وكأن زوجته نقلتْ له عدوتها السامة، يوما بعد يوم يتأفف فى العمل ويتعالى علىَّ ويرد الكلمة بكلمة، وأنا مريض ضغط عالٍ، لا أتحمل هذا التحول البغيض، وأخشى خروجه من قلبى للأبد بعد أن حاربتُ لأراه فى هذه الدنيا ابنًا بارًّا محسنًا، وسافرتُ أعانى وحشة الغربة راجيًا قدومه بفارغ الصبر، أصبحتُ الآن لا أجيد التعامل معه، وهو ذراعى الأيمن، ولا أملك رفاهية طرده من العمل – لأنه ليس عاملا بالأجرة، بل جزء من كياني،،، أرجوك أستاذ أحمد بماذا تنصحنى كى لا أخسره للأبد وأخسر كل شيء، بسبب تلك الحية الرقطاء التى تبث سمومها فى حياة أسرة بأكملها.

إمضاء ح. ي

 

عزيزى ح. ى تحية طيبة وبعد…

بعض المراحل التى نمر بها فى حياتنا تأخذ شكلًا نمطيًا لا دخل لنا فيه، مثل تدرجنا فى العمر منذ ولادتنا وحتى المشيب، مرورًا بأحداث كثيرة كتبها القدر بحكمة الخالق عز وجل، وأخرى يكون لنا حرية الاختيار فى فرضها على أنفسنا عند الضرورة المُلحة، كقرار الزواج بعد رحيل شريك العمر واحتياجنا للاستقرار الوجداني،،  ولا غضاضة على الإطلاق فى توفيق أوضاعنا حسب الحاجة، أما التضحية بحميمية ودفء الحياة الزوجية التى لا ضرر واقع من ورائها على أعز الناس وهم أبنائنا - تعد بطولة وهمية لا طائل منها إلا مزيدًا من الوحدة والمعاناة غير المبررة، لذا أنصحك بأن تفكر فى الزواج الآن وقبل أى وقت مضى، هذا القرار هو الأنسب والحل الأمثل للتخلص من الحاجة إلى مساعدة الآخرين، يكفل لك أيضًا العيش فى هناء مع زوجة صالحة تسعدك، وإن شاء الله ستوفق فى الوصول إليها آجلًا أم عاجلًا، لتكون سندًا وعوضًا عن زوجتك رحمها الله، أما زوجة ابنك التى لا تطيعك بطيب خاطر فى قضاء بعض احتياجاتك الضرورية، فأنصحك بعدم وضعها فى بؤرة اهتمامك - سواءً بعداء أو احتواء، بل تعاملْ معها بشكل متوازن دون انتقاد أو إطراء، لوقف الاحتقان بينك وبين ابنك أو بينها وبينه، وعلك تتفق معى بأنها لن تتغير بسبب تركيبتها المفتقرة لرغبة العطاء المتجرد، حسب وصفك لشخصيتها، كما لا يجب أن تشحذ حقك الإنسانى منها، ومما لا شك فيه أنك حر تمامًا فى تقدير زوجة ابنك الصيدلى كيفما تشاء، لكن حاول أن تفعل ذلك فى الخفاء، حتى لا تشعل نار الغيرة بين الزوجتين، وانقل الصورة لابنك الذى يساعدك فى العمل بودٍّ، كى يتفهم وجهة نظرك واتجاهاتك العادلة، ضعه يتأمل نفسه وكأنه أصبح مكانك وقد تقدم به العمر..  ثم اسأله - هل يقبل بأن تعامله زوجة ابنه مثلما تعاملك زوجته بلامبالاة، وأكد على أنك لا تطلب منه أن يرغمها على التودد إليك، لأنه ليس من حق أى أحد إجبارها على خدمتك،، كما أن الأمر بالمثل إذا تعلق بتقديرك أنت لزوجة أخيه بعد إحسانها إليك ومعاملتك كأب، وعليه أن يتقبل ذلك بصدر رحب دون تذمر، لأن من حكم فى ماله فما ظلم،،، أخيرا ربما وجب علىَّ توجيه كلمة إلى كل زوجة تنتزع من قلبها الرحمة والتراحم تجاه من كانوا سببًا فى وجود زوجها بالحياة وهم والديه،، أقول لها: اعلمى بأن الجزاء من جنس العمل مهما طال الأمد، كما أن حُكم الله فى الزوجة التى تعين زوجها على قطع رحمه ونقل سموم قلبها الجاحد إلى قلبه، هى شريكة وقاطعة للرحم بشكل مباشر، وهذا الذنب يُعَجِّلُ الله بعقوبته فى الدنيا، كما أدعوها للتأمل فى الآية الكريمة من سورة محمد - بسم الله الرحمن الرحيم «﴿فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم* أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم﴾، صدق الله العظيم، تلك الآية الحكيمة، جاء فيها ذكر قاطع الرحم ووصفه بأنه من بين الملعونين بلعنة الصمم والعمى عن طاعة الله ومن ثَمَّ الخروج الأبدى من رحمته.

دمت سعيدًا وموفقًا دائمًا ح. ي