حدود التفتيش فى هواتف الأزواج

أثار فيلم «أصحاب ولا أعز» المقتبس من فيلم perfect strangers جدلًا واسعًا فور طرحه على شبكة «ننفليكس»، كما واجه أبطال العمل انتقادات كبيرة بسبب محتواه، وتدور أحداثه حول سبعة أصدقاء يجتمعون على العشاء، ويقررون أن يلعبوا لعبة، حيث يضعون هواتفهم المحمولة على طاولة العشاء، بشرط أن تكون كل الرسائل أو المكالمات الجديدة على مرأى ومسمع من الجميع، وسرعان ما تتحول اللعبة التى كانت فى البداية ممتعة وشيقة إلى وابل من الفضائح.

من الأمور التى تسببت فى مشكلات أسرية كبيرة بالفترة الأخيرة هى تفتيش الزوجين فى هواتف بعضهما, ونسينا أن ذلك الأمر يدخل ضمن الأمور المنهى عنها لأن ذلك من التجسس، ويقول تعالى: وَلَا تَجَسَّسُوا {الحجرات:12}، وهذا الأمر أكدته دار الإفتاء المصرية حيث وجهت وذكرت: «ليس من حق الزوجة أو الزوج التفتيش فى موبايل الآخر، لأن ذلك من الأمور الشخصية والأمر بين الزوج والزوجة مبنى على الثقة، طالما أن الزوج جيد والزوجة خلوقة لماذا التفتيش، ولكن لو هناك خطأ بسيط نقوم ونصلح».

ومن الناحية القانونية فى بعض الدول العربية وعلى سبيل المثال المملكة العربية السعودية هذا الأمر يعاقب عليه القانون، حيث جاء تفتيش جوال الزوج أو الزوجة فى المادة الثالثة من نظام الجرائم المعلوماتية، والتى نصت على أن التنصت على أجهزة الحاسب الآلى والأجهزة الذكية ممنوع ومجرم نظامًا، لافتًا إلى أن العقوبة تتضمن الحبس لمدة لا تزيد على سنة وغرامة لا تزيد على 500 ألف ريال فى حال ثبوت الجرم.

أما من الناحية الاجتماعية والأسرية يرى دكتور مصطفى محمود الاستشارى الاجتماعى أن الحياة الأسرية تقوم على مبادئ أهمها: الثقة والاحترام والخصوصية بين الزوجين، فنحن يأمن بعضنا البعض على حياته ويكشف لشريك حياته ما لا يستطيع أن يكشفه لوالديه ومهما بلغت درجة القرب والحب بين الزوجين يجب عليهما أن يحترم كل منهما لخصوصية الآخر سواء كان ذلك يخص وسائل التواصل الاجتماعى أو الصور والمحادثات وغيرها.

ولفت إلى أن البحث فى خصوصية الزوجين لبعضهما البعض لن يجلب إلا المشاكل وسيركز الطرف الذى يبحث وينقب على المشكلات والمساوئ وينسى تمام الأشياء الجميلة التى يتمتع بها شريك حياته، فكلنا إلا ما رحم ربى لديه ثغرات أو هفوات ونحن لسنا أنبياء أو ملائكة وللجميع الحق فى إخفاء ما لا يظهر.

ولا ننسى أيضًا حديث النبى صلى الله عليه وسلم: ((مِن حُسن إسلام المرء تركُه ما لا يَعنيه))؛ رواه الترمذيُّ، فالعلاقة بين الزوجين تقوم على المودة وتدوم تلك المودة باحترام المسافات والخصوصيات بين الزوجين كى لا تسبب فى ظهور مشاكل كبيرة مثل الغيرة والشك الزائد عن الحد. واعتبر الاستشارى الاجتماعى أن هذه دعوة إلى احترام الخصوصية وأن نعزز ثقتنا بشريك حياتنا طالما أنه لا توجد مشاكل بين الزوجين, فلا نخلق مدخلًا لظهور مشاكل أسرية محتملة ولنحمى أسرنا من المشكلات المتوقعة.

واختتم حديثه قائلًا:» الترابط والمودة والرحمة والتلاحم الأسرى يزيد من ثقة الزوجين فى بعضهما، وأنصح الزوجين ألا يهتم كل طرف بمعرفة كلمة السر الخاصة بموبايل شريك حياته، فإذا بحثت عن المشكلات وركزت عليها ستجدها وأيضًا من يبحث عن الإيجابيات والأشياء الجميلة سيجدها».